القلماوي (سهير ـ)
(1331 ـ 1417هـ/1911 ـ 1997م)
سهير بنت محمد القلماوي، كاتبة ومفكرة من مصر، وهي أول فتاة مصرية تدخل الجامعة للدراسة. كان لها دور بارز في حياة مصر السياسية والثقافية والاجتماعية، وقد خاضت معارك فكرية وأدبية من أجل حرية الفكر وكرامة المرأة.
ولدت في مدينة طنطا في مصر، لأب كردي يعمل طبيباً جراحاً، وأم شركسية. كان والدها مثقفاً منفتح العقل، وكانت أمها عنيدة الطبع ومحدودة الثقافة. وقد حاولت منع سهير من متابعة دراستها؛ لأن الفتاة في رأيها، خلقت للزواج والإنجاب، وتعليمها يجب ألا يتعدى حدود القراءة والكتابة.
وبعد أخذ ورد، وافقت الأم مرغمة على التحاق سهير بكلية البنات الأمريكية لتتعلم اللغات وتصبح في المستقبل (ست بيت) عصرية.
تابعت سهير دراستها بشغف وإصرار، وحصلت على الشهادة الثانوية (البكالوريا) بتفوق. وكان لديها رغبة في دراسة الطب، لتكون طبيبة مثل والدها. لكن رغبتها لم تتحقق؛ لأن الجامعة رفضت قبول فتاة في كلية الطب.
وكان لها قريب على صلة بطه حسين عميد كلية الآداب، فاصطحبها لمقابلته وطلب مساعدته، فطمأنها إلى أن مستقبلها في كلية الآداب قسم اللغة العربية لن يقل عن مستقبلها في كلية الطب التي كانت ترغب في الانتساب إليها. وهكذا تمكنت سهير بمساعدة طه حسين من الالتحاق بقسم اللغة العربية، لتصبح واحدة من رائدات الدراسة في الجامعة.
مضت سهير في دراستها بهمة ونشاط، وفي عام 1932 حصلت على درجة الليسانس، وكانت الأولى على دفعتها، وفي عام 1937 حصلت على درجة الماجستير في الأدب عن رسالة موضوعها «أدب الخوارج في العصر الأموي»، فكانت بذلك أول فتاة مصرية تنال هذه الدرجة. بعد ذلك سافرت إلى فرنسا لاستكمال دراستها في جامعة السوربون وحصلت عام 1941 على درجة الدكتوراه في الأدب عن رسالة موضوعها «ألف ليلة وليلة». وكان طه حسين أصر عليها أن تسافر إلى أوربا، فقال: «أبيت إلا أن تسافر إلى أوربا لتلقى جماعة من المستشرقين الذين يعنون بهذه الدراسات، فتسمع منهم وتتحدث إليهم، وتستعينهم على مهمتها الشاقة. ومنذ ذلك الوقت اختارت من الأدب الشعبي جزءاً من أدق أجزائه وأشقها وأشدها عسراً على الباحث، وهو كتاب ألف ليلة وليلة».
وبعد أن أفاضت القلماوي في مقدمة بحثها عن أهمية كتاب «ألف ليلة وليلة» في الشرق والغرب وما صدر منه من ترجمات، بحثت في تاريخ تأليف الكتاب وكيف وصل إلى العرب في وضعه الحالي. ثم أتت إلى بحث عدد من الموضوعات المهمة التي لفتتها في الكتاب، مثل الخوارق في ألف ليلة وليلة، والدين والأخلاق والحيوان والحياة الاجتماعية والتاريخ والتعليم والمرأة.
بعد تخرجها في السوربون، اتجهت سهير القلماوي إلى التخصص في موضوع النقد الأدبي، فبرزت فيه وأوفت على أموره وأسبابه. وكانت محاضراتها في الأدب المعاصر والنقد الحديث التي تلقيها أمام الطلاب في الجامعة تكشف عن موقف نقدي يشجع التجديد في الأدب، ويدعو إلى الدراسة الفنية له؛ لذا فإنها ناصرت الشعر الحر الذي ظهر في تلك الفترة، وكان لها موقف من آراء أدباء كبار من أمثال عباس محمود العقاد وزكي نجيب محمود الذين رفضوا هذا النوع من الشعر.
ابتعدت سهير في كتاباتها النقدية عن الإساءة والتجريح وعن إعطاء آراء مبرمة. فمهمة الناقد في رأيها تنحصر في درس الأثر الأدبي وفهمه وتحليله، لا في إعطاء حكم يقول إنه جيد أو رديء. وفي اعتقادها أن أحكام النقاد العرب القدماء كانت شاملة صارمة، خلاف ما هو عليه النقد الحديث، وهذا هو عنوان التقدم في هذا المجال.
تولت سهير منصب أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب عام 1956، ثم منصب رئيس قسم اللغة العربية مدة تسع سنوات من (1958ـ1967). كما تولت الإشراف على دار الكتاب العربي، ومن بعده على مؤسسة التأليف والنشر، وأسهمت في إقامة أول معرض دولي للكتاب بالقاهرة عام 1969.
وكتبت عدداً لايحصى من المقالات في الصحف والمجلات، والبحوث النقدية والأدبية، وألَّفت عدداً وافياً من الكتب الدراسية القيمة لأن الكتاب في رأيها هو عماد التفكير عند الإنسان، وحاضرت في الندوات، وألقت أحاديث متنوعة في الإذاعة والتلفزيون. ومن مؤلفاتها: «أحاديث جدتي» عام 1935، و«أدب الخوارج» عام 1945، و«ألف ليلة وليلة» عام 1950، و«النقد الأدبي» عام 1955، و«الشياطين تلهو» عام 1964م، و«ثم غربت الشمس» عام 1965. ومن أشهر أبحاثها: «المرأة عند الطهطاوي»، و«أزمة الشعر». كما ترجمت عدداً من الكتب والقصص والمسرحيات، مثل: «رسالة أبون لأفلاطون»، و«قصص صينية»، و«عزيزتي اللويتا»، وعشر مسرحيات لشكسبير.
احتلت سهير القلماوي مكانة مرموقة في الأوساط الأدبية والاجتماعية والسياسية بفضل جهدها وعطائها وتميز فكرها وأدبها. وقد كرمتها الحكومة المصرية فمنحتها جائزة الدولة التقديرية، تقديراً لجهودها الثقافية الأدبية والفكرية.
وفي عام 1979 أصبحت عضواً بمجلس الشعب عن دائرة حلوان.
كما شاركت في عضوية مجلس اتحاد الكتاب، واختيرت عضواً بالمجالس المصرية المتخصصة ومثلت مصر في العديد من المؤتمرات الثقافية الدولية، وأشرفت على مئات الرسائل الجامعية لطلاب الدراسات العليا.
عاشت سهير القلماوي حياة طويلة عنوانها جد ومثابرة، وثمارها فيض إبداع وعطاء. وقد توفيت بالفاهرة متأثرة بضمور في عضلات ساقها وبعض أمراض الشيخوخة.
جمانة طه
(1331 ـ 1417هـ/1911 ـ 1997م)
سهير بنت محمد القلماوي، كاتبة ومفكرة من مصر، وهي أول فتاة مصرية تدخل الجامعة للدراسة. كان لها دور بارز في حياة مصر السياسية والثقافية والاجتماعية، وقد خاضت معارك فكرية وأدبية من أجل حرية الفكر وكرامة المرأة.
ولدت في مدينة طنطا في مصر، لأب كردي يعمل طبيباً جراحاً، وأم شركسية. كان والدها مثقفاً منفتح العقل، وكانت أمها عنيدة الطبع ومحدودة الثقافة. وقد حاولت منع سهير من متابعة دراستها؛ لأن الفتاة في رأيها، خلقت للزواج والإنجاب، وتعليمها يجب ألا يتعدى حدود القراءة والكتابة.
وبعد أخذ ورد، وافقت الأم مرغمة على التحاق سهير بكلية البنات الأمريكية لتتعلم اللغات وتصبح في المستقبل (ست بيت) عصرية.
تابعت سهير دراستها بشغف وإصرار، وحصلت على الشهادة الثانوية (البكالوريا) بتفوق. وكان لديها رغبة في دراسة الطب، لتكون طبيبة مثل والدها. لكن رغبتها لم تتحقق؛ لأن الجامعة رفضت قبول فتاة في كلية الطب.
وكان لها قريب على صلة بطه حسين عميد كلية الآداب، فاصطحبها لمقابلته وطلب مساعدته، فطمأنها إلى أن مستقبلها في كلية الآداب قسم اللغة العربية لن يقل عن مستقبلها في كلية الطب التي كانت ترغب في الانتساب إليها. وهكذا تمكنت سهير بمساعدة طه حسين من الالتحاق بقسم اللغة العربية، لتصبح واحدة من رائدات الدراسة في الجامعة.
مضت سهير في دراستها بهمة ونشاط، وفي عام 1932 حصلت على درجة الليسانس، وكانت الأولى على دفعتها، وفي عام 1937 حصلت على درجة الماجستير في الأدب عن رسالة موضوعها «أدب الخوارج في العصر الأموي»، فكانت بذلك أول فتاة مصرية تنال هذه الدرجة. بعد ذلك سافرت إلى فرنسا لاستكمال دراستها في جامعة السوربون وحصلت عام 1941 على درجة الدكتوراه في الأدب عن رسالة موضوعها «ألف ليلة وليلة». وكان طه حسين أصر عليها أن تسافر إلى أوربا، فقال: «أبيت إلا أن تسافر إلى أوربا لتلقى جماعة من المستشرقين الذين يعنون بهذه الدراسات، فتسمع منهم وتتحدث إليهم، وتستعينهم على مهمتها الشاقة. ومنذ ذلك الوقت اختارت من الأدب الشعبي جزءاً من أدق أجزائه وأشقها وأشدها عسراً على الباحث، وهو كتاب ألف ليلة وليلة».
وبعد أن أفاضت القلماوي في مقدمة بحثها عن أهمية كتاب «ألف ليلة وليلة» في الشرق والغرب وما صدر منه من ترجمات، بحثت في تاريخ تأليف الكتاب وكيف وصل إلى العرب في وضعه الحالي. ثم أتت إلى بحث عدد من الموضوعات المهمة التي لفتتها في الكتاب، مثل الخوارق في ألف ليلة وليلة، والدين والأخلاق والحيوان والحياة الاجتماعية والتاريخ والتعليم والمرأة.
بعد تخرجها في السوربون، اتجهت سهير القلماوي إلى التخصص في موضوع النقد الأدبي، فبرزت فيه وأوفت على أموره وأسبابه. وكانت محاضراتها في الأدب المعاصر والنقد الحديث التي تلقيها أمام الطلاب في الجامعة تكشف عن موقف نقدي يشجع التجديد في الأدب، ويدعو إلى الدراسة الفنية له؛ لذا فإنها ناصرت الشعر الحر الذي ظهر في تلك الفترة، وكان لها موقف من آراء أدباء كبار من أمثال عباس محمود العقاد وزكي نجيب محمود الذين رفضوا هذا النوع من الشعر.
ابتعدت سهير في كتاباتها النقدية عن الإساءة والتجريح وعن إعطاء آراء مبرمة. فمهمة الناقد في رأيها تنحصر في درس الأثر الأدبي وفهمه وتحليله، لا في إعطاء حكم يقول إنه جيد أو رديء. وفي اعتقادها أن أحكام النقاد العرب القدماء كانت شاملة صارمة، خلاف ما هو عليه النقد الحديث، وهذا هو عنوان التقدم في هذا المجال.
تولت سهير منصب أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب عام 1956، ثم منصب رئيس قسم اللغة العربية مدة تسع سنوات من (1958ـ1967). كما تولت الإشراف على دار الكتاب العربي، ومن بعده على مؤسسة التأليف والنشر، وأسهمت في إقامة أول معرض دولي للكتاب بالقاهرة عام 1969.
وكتبت عدداً لايحصى من المقالات في الصحف والمجلات، والبحوث النقدية والأدبية، وألَّفت عدداً وافياً من الكتب الدراسية القيمة لأن الكتاب في رأيها هو عماد التفكير عند الإنسان، وحاضرت في الندوات، وألقت أحاديث متنوعة في الإذاعة والتلفزيون. ومن مؤلفاتها: «أحاديث جدتي» عام 1935، و«أدب الخوارج» عام 1945، و«ألف ليلة وليلة» عام 1950، و«النقد الأدبي» عام 1955، و«الشياطين تلهو» عام 1964م، و«ثم غربت الشمس» عام 1965. ومن أشهر أبحاثها: «المرأة عند الطهطاوي»، و«أزمة الشعر». كما ترجمت عدداً من الكتب والقصص والمسرحيات، مثل: «رسالة أبون لأفلاطون»، و«قصص صينية»، و«عزيزتي اللويتا»، وعشر مسرحيات لشكسبير.
احتلت سهير القلماوي مكانة مرموقة في الأوساط الأدبية والاجتماعية والسياسية بفضل جهدها وعطائها وتميز فكرها وأدبها. وقد كرمتها الحكومة المصرية فمنحتها جائزة الدولة التقديرية، تقديراً لجهودها الثقافية الأدبية والفكرية.
وفي عام 1979 أصبحت عضواً بمجلس الشعب عن دائرة حلوان.
كما شاركت في عضوية مجلس اتحاد الكتاب، واختيرت عضواً بالمجالس المصرية المتخصصة ومثلت مصر في العديد من المؤتمرات الثقافية الدولية، وأشرفت على مئات الرسائل الجامعية لطلاب الدراسات العليا.
عاشت سهير القلماوي حياة طويلة عنوانها جد ومثابرة، وثمارها فيض إبداع وعطاء. وقد توفيت بالفاهرة متأثرة بضمور في عضلات ساقها وبعض أمراض الشيخوخة.
جمانة طه