قصيد للشاعرة العربية "نجاة بشارة" وتحليل في قمة الإبداع للشاعر مصطفى ضية....
هذا القصيد وأسفله التحليل:
********
في غرفتي يبدو الهدوءُ معاوِلاً
والوقتُ يصبحُ ساعةً رمليّةْ
وأنا الوحيدةُ والحنينُ يلفني
أما المسافةُ عشبةٌ بريّةْ
عُلَبُ السجائرِ والظلام على يدي
قيلولةٌ في شعلةٍ فكريّةْ
ودمي معاركُ والقصيدُ غبارُها
ثارت وشوقي صعقةٌ ضوئيّةْ
يا أنت يالمنسابُ من نَزَقي ومن
أرَقي ومن أضلاعِ أخيلتي الشهيّةْ
لليلِ رائحةُ البنفسجِ إن أنا
استحضرتُ وجهكَ حُزمةً شمعيّةْ
شكراً لأنك في الحقيقةِ شاعري
شكراً لتلك الطلةِ الملكيّةْ
يا أجملَ الشعراءَ كيف أنا بهِ
أصبحت في نهجِ الحروفِ بغيّةْ
إذ كلُّ شيئٍ فيكَ أصبح ممكناً
بل رغبةً توّاقةً فوريّةْ
أحبيب قلبي لستُ إلا طفلةً
رقصت على موجٍ بغيرِ رويّةْ
إني لحنتُ فكيف فيك صياغتي
إن الحروفَ على الشفاهِ عصيّةْ
نجاة بشارة
********
القراءة التحليلية:
وأنا وحيدة والحنين يلفني
أما المسافة عشبة برية
ودمي معارك والقصيد غبارها
ثارت وشوقي صعقة ضوءية
شكرا لأنك في الحقيقة شاعري
شكرا لتلك الطلة الملكية
يا أجمل الشعراء كيف أنا به
أصبحت في نهج الخروف بغية
إني لحنت فكيف فيك صياغتي
إن الحروف على الشفاه عصية.
وحيدة هي، تفترش الفراغ ويلفها الحنين، تشعر بالبرد، ما أقسى أن تشتو إمرأة مثلك في اللا مكان!
بينها وبين حلمها مسافة عشب يقطعها الندى في ثانية،فكيف لها أن تعبر ذلك وهي شقيقة الندى،أتدوس علي العشب؟ كلا...هي تكحل عينيها، ليست ككل النساء،بالخضرة،لون الطبيعة في فصل الربيع بعد أن كاد يجمدها البرد لولا الحنين عباءة من شوق جارف.دم يغلي،يخوض معارك ضارية،أوردة في حالة إستنفار ونياط قلب تتسابق مع الزمن.المسافة عشبة تتحول اءلى مهرة عربية سليلة اءفراس يسرجها للغبار الطريق..حرب اوردة سيفها الدم الهادر، والقصيد تماهى مع الخيول والخيول تماهت مع الغبار فطارت.صورة بديعة تذكرني بحصان بيقازpegazeفي الميثيولوجيا الإغريقية,له جناحان،يطير ليحمل الشعراء إلى أعلى،إلى ينابيع الإلهام والوحي.هذه نتيجة الإنزياح في الشعر الحقيقي،صور ساحرة لم يأت بها غيرها صور بديعة كما قلنا تؤصل الإبداع في كتابات هذه الشاعرة المتمبزة في الكتابة وأكاد أجزم إنها كذلك في الحياة،حياتها اليومية عملا بقول الكاتب الفرنسي الكبير ميشال دي منتانيmichel de Montaigne،الذي عاش في عصر النهضة الأروبية وصاحب القول المأثور"كتابي هو أنا"mon livre c'est moi"(كتابه بعنوان"محاولاتles essais,وهو مقسم إلى ثلاثة أجزاء. كتاب حكمي حصيلة تجارب عاشها هذا الكاتب الرحالةun écrivain,essayiste ).يذكرنا الغبار،في القصيدة،بالتصادم،في الجو بين الكتل الباردة والحارة وما ينتج عنها من برق.أليست"الصعقة الضوءية"وفعل "ثار" الذي هو في علاقة بالغبار يؤكد ما ذهبنا إليه في الفهم؟.صعقة ضوئية تشي بنزول المطر،لتهدأ المعارك، معارك القلب مع الشرايين والنياط والأوردة والشوق الذي يذكيها.يالها من صور بديعة!
"شكرا لأنك في الحقيقة شاعري
شكرا لتلك الطلة الملكية"
كل شاعر حقيقي يقرأ هذا المكتوب يحس أنه معني بهذا القول دون غيره الشاعرة تتوحه إليه وحده وما هذا القول إلا إعلان حب،من جانب واحد...إمراة ليست ككل النساء تنتصر على كبريائها،في مجتمع ذكوري،وتعلن عليك الحب من الوريد إلى الوريد،كما تقول الرواءية اللبنانية غادة السمان.
شاعرة ملكة في عرش الشعر والكلمات؛ خيول تنصب من أحبت ملكا حين أطل بمعنى طلع "فعل يستعمل عادة للشمس وللبدر. هذا التماهي يذكرنا كذلك بقصيدة رائعة،في الأدب الفرنسي وعنوانها "الشمس عشيقة الأرض"le soleil est amoureux de la terre".ما القاسم المشترك بينهما؟ الشمس,في الغة الفرنسية،اسم مذكر،والاءرض اءسم مؤنث.الزواح هنا طبيعي يحصل مجازا بين حنسين مختلفين شكلا ومتعانقين مضمونا.
تتغزل به، هو "أجمل"،صيغة التفضيل ترفعه إلى مقام يليق به. هي أصيلة تحفظ المقامات وتقدر الناس حق قدرهم. الشعراء معادن، ذهب وفضة ونحاس.
ياله من اكرام تنصب شاعرنا المفضل ملكا على عرش قليها ثم تتساءل والشراب إنكاري"كيف أنابه"ٱختارت كيف تعامله وهي اللطف عينه !.ها هي تتسكع في نهج الحروف الخالي من المترو والرقباء.منذ متى كان للحروف نهجا،في مدن الضياع؟!.صورة أخرى بديعة تطفو على سطح الكتابة الشعرية.هي "لحنت"من اللحن,هي اللحن عينه والموسيقى،هي سنفونية هذا الوجود،هي موسيقى القصائد المغناة وتتساءل مرة أخرى بتواضع "كيف فيك صياغتي"كيف أصوغك لحنا وشعرا،سؤال آخر ٱنكاري،يضارع جملة تقريرية ويعبر عن تمزق وٱنشطار لا مثيل لهما.!!.
بعد كل هذا الخلق تعترف بعجز اللغة"إن الحروف على الشفاه عصية".عصية كالدمع في الماقي.كلما بلغ العشق منتهاه تجمدت اللغة،هذا معجم صوفي صرف،كلما كانت هناك فواجع تجمد الدمع.:قياس مشروع،فبالمنطق.شاعرتنا،حسب فهمنا المتواضع خالفت هذا الشرع: كيف ذلك؟هي لم تخنها اللغة،الحروف تتزاحم في اللسان،تتجمع لتقف عند بوابة الشفاه!ماالذي يمنعهامن الخروج؟لاشيء غير الحياء,حياء أنثى ،حياء الكبرياء النساءي،حياء تخاف أن يرتد عليها البوح رصاصا كرجع الموج عن الصخر،كما يقول الروائي التونسي الكبير محمود المسعدي ،في روايته" السد،".
مدخل القصيدة مثير للدهشة بصوره الخلاقة والبديعة:
في غرفتي يبدو الهدوء معاولا
والوقت يصبح ساعة رملية"
غرفتي":رسم للٱطار المكاني،غرفة قد تتسع ولكنها تبقى غرفة،والغرفة،تعريفا،ضيقة مهما اءتسعت.غرفة،لا أقول يسودها الهدوء،وإنما تعج بالهدوء حتى يبدو للناظر والمستمع العادي سلاما.ولكنه غير ذلك عند الشاعرة:هو هدوء صاخب.في هذا للإطار كتبنا قصيدة مطلعها:
"الصمت في غرفتي يعطي نصاءحه
والقلب في صخب يتلو مواجعه" (من ديوان بعنوان "للشعر أزمنة وللهوى وطن "للشاعر مصطفى ضية،تونس 2004).
تناص ليس بالصدفة،المبدعون يلتقون،برغم االمسافات.هدوء صاخب يبدو معاولا،لما لهذه الآلات من قوة تدميرية وبناءة،في نفس الوقت.
"والوقت":هذا ٱطار زماني ،ليس كالزمن الدنيوي ولا بالمقدس.هو زمن العشق والشعر،زمنان في زمن واحد.وقت،بمعجزة يصبح"ساعة رملية".صورة في منتهى الروعة.لماذا؟لأنها تعيدتا اءلى زمن الطفولة والبراءة،عندما كما نلعب على الشاطىء،نرسم قصورا وساعات ثم ياءتي الموج ويمحوها،فنغدو خارج الزمن الذي صنعناه!!
هذا القصيد وأسفله التحليل:
********
في غرفتي يبدو الهدوءُ معاوِلاً
والوقتُ يصبحُ ساعةً رمليّةْ
وأنا الوحيدةُ والحنينُ يلفني
أما المسافةُ عشبةٌ بريّةْ
عُلَبُ السجائرِ والظلام على يدي
قيلولةٌ في شعلةٍ فكريّةْ
ودمي معاركُ والقصيدُ غبارُها
ثارت وشوقي صعقةٌ ضوئيّةْ
يا أنت يالمنسابُ من نَزَقي ومن
أرَقي ومن أضلاعِ أخيلتي الشهيّةْ
لليلِ رائحةُ البنفسجِ إن أنا
استحضرتُ وجهكَ حُزمةً شمعيّةْ
شكراً لأنك في الحقيقةِ شاعري
شكراً لتلك الطلةِ الملكيّةْ
يا أجملَ الشعراءَ كيف أنا بهِ
أصبحت في نهجِ الحروفِ بغيّةْ
إذ كلُّ شيئٍ فيكَ أصبح ممكناً
بل رغبةً توّاقةً فوريّةْ
أحبيب قلبي لستُ إلا طفلةً
رقصت على موجٍ بغيرِ رويّةْ
إني لحنتُ فكيف فيك صياغتي
إن الحروفَ على الشفاهِ عصيّةْ
نجاة بشارة
********
القراءة التحليلية:
وأنا وحيدة والحنين يلفني
أما المسافة عشبة برية
ودمي معارك والقصيد غبارها
ثارت وشوقي صعقة ضوءية
شكرا لأنك في الحقيقة شاعري
شكرا لتلك الطلة الملكية
يا أجمل الشعراء كيف أنا به
أصبحت في نهج الخروف بغية
إني لحنت فكيف فيك صياغتي
إن الحروف على الشفاه عصية.
وحيدة هي، تفترش الفراغ ويلفها الحنين، تشعر بالبرد، ما أقسى أن تشتو إمرأة مثلك في اللا مكان!
بينها وبين حلمها مسافة عشب يقطعها الندى في ثانية،فكيف لها أن تعبر ذلك وهي شقيقة الندى،أتدوس علي العشب؟ كلا...هي تكحل عينيها، ليست ككل النساء،بالخضرة،لون الطبيعة في فصل الربيع بعد أن كاد يجمدها البرد لولا الحنين عباءة من شوق جارف.دم يغلي،يخوض معارك ضارية،أوردة في حالة إستنفار ونياط قلب تتسابق مع الزمن.المسافة عشبة تتحول اءلى مهرة عربية سليلة اءفراس يسرجها للغبار الطريق..حرب اوردة سيفها الدم الهادر، والقصيد تماهى مع الخيول والخيول تماهت مع الغبار فطارت.صورة بديعة تذكرني بحصان بيقازpegazeفي الميثيولوجيا الإغريقية,له جناحان،يطير ليحمل الشعراء إلى أعلى،إلى ينابيع الإلهام والوحي.هذه نتيجة الإنزياح في الشعر الحقيقي،صور ساحرة لم يأت بها غيرها صور بديعة كما قلنا تؤصل الإبداع في كتابات هذه الشاعرة المتمبزة في الكتابة وأكاد أجزم إنها كذلك في الحياة،حياتها اليومية عملا بقول الكاتب الفرنسي الكبير ميشال دي منتانيmichel de Montaigne،الذي عاش في عصر النهضة الأروبية وصاحب القول المأثور"كتابي هو أنا"mon livre c'est moi"(كتابه بعنوان"محاولاتles essais,وهو مقسم إلى ثلاثة أجزاء. كتاب حكمي حصيلة تجارب عاشها هذا الكاتب الرحالةun écrivain,essayiste ).يذكرنا الغبار،في القصيدة،بالتصادم،في الجو بين الكتل الباردة والحارة وما ينتج عنها من برق.أليست"الصعقة الضوءية"وفعل "ثار" الذي هو في علاقة بالغبار يؤكد ما ذهبنا إليه في الفهم؟.صعقة ضوئية تشي بنزول المطر،لتهدأ المعارك، معارك القلب مع الشرايين والنياط والأوردة والشوق الذي يذكيها.يالها من صور بديعة!
"شكرا لأنك في الحقيقة شاعري
شكرا لتلك الطلة الملكية"
كل شاعر حقيقي يقرأ هذا المكتوب يحس أنه معني بهذا القول دون غيره الشاعرة تتوحه إليه وحده وما هذا القول إلا إعلان حب،من جانب واحد...إمراة ليست ككل النساء تنتصر على كبريائها،في مجتمع ذكوري،وتعلن عليك الحب من الوريد إلى الوريد،كما تقول الرواءية اللبنانية غادة السمان.
شاعرة ملكة في عرش الشعر والكلمات؛ خيول تنصب من أحبت ملكا حين أطل بمعنى طلع "فعل يستعمل عادة للشمس وللبدر. هذا التماهي يذكرنا كذلك بقصيدة رائعة،في الأدب الفرنسي وعنوانها "الشمس عشيقة الأرض"le soleil est amoureux de la terre".ما القاسم المشترك بينهما؟ الشمس,في الغة الفرنسية،اسم مذكر،والاءرض اءسم مؤنث.الزواح هنا طبيعي يحصل مجازا بين حنسين مختلفين شكلا ومتعانقين مضمونا.
تتغزل به، هو "أجمل"،صيغة التفضيل ترفعه إلى مقام يليق به. هي أصيلة تحفظ المقامات وتقدر الناس حق قدرهم. الشعراء معادن، ذهب وفضة ونحاس.
ياله من اكرام تنصب شاعرنا المفضل ملكا على عرش قليها ثم تتساءل والشراب إنكاري"كيف أنابه"ٱختارت كيف تعامله وهي اللطف عينه !.ها هي تتسكع في نهج الحروف الخالي من المترو والرقباء.منذ متى كان للحروف نهجا،في مدن الضياع؟!.صورة أخرى بديعة تطفو على سطح الكتابة الشعرية.هي "لحنت"من اللحن,هي اللحن عينه والموسيقى،هي سنفونية هذا الوجود،هي موسيقى القصائد المغناة وتتساءل مرة أخرى بتواضع "كيف فيك صياغتي"كيف أصوغك لحنا وشعرا،سؤال آخر ٱنكاري،يضارع جملة تقريرية ويعبر عن تمزق وٱنشطار لا مثيل لهما.!!.
بعد كل هذا الخلق تعترف بعجز اللغة"إن الحروف على الشفاه عصية".عصية كالدمع في الماقي.كلما بلغ العشق منتهاه تجمدت اللغة،هذا معجم صوفي صرف،كلما كانت هناك فواجع تجمد الدمع.:قياس مشروع،فبالمنطق.شاعرتنا،حسب فهمنا المتواضع خالفت هذا الشرع: كيف ذلك؟هي لم تخنها اللغة،الحروف تتزاحم في اللسان،تتجمع لتقف عند بوابة الشفاه!ماالذي يمنعهامن الخروج؟لاشيء غير الحياء,حياء أنثى ،حياء الكبرياء النساءي،حياء تخاف أن يرتد عليها البوح رصاصا كرجع الموج عن الصخر،كما يقول الروائي التونسي الكبير محمود المسعدي ،في روايته" السد،".
مدخل القصيدة مثير للدهشة بصوره الخلاقة والبديعة:
في غرفتي يبدو الهدوء معاولا
والوقت يصبح ساعة رملية"
غرفتي":رسم للٱطار المكاني،غرفة قد تتسع ولكنها تبقى غرفة،والغرفة،تعريفا،ضيقة مهما اءتسعت.غرفة،لا أقول يسودها الهدوء،وإنما تعج بالهدوء حتى يبدو للناظر والمستمع العادي سلاما.ولكنه غير ذلك عند الشاعرة:هو هدوء صاخب.في هذا للإطار كتبنا قصيدة مطلعها:
"الصمت في غرفتي يعطي نصاءحه
والقلب في صخب يتلو مواجعه" (من ديوان بعنوان "للشعر أزمنة وللهوى وطن "للشاعر مصطفى ضية،تونس 2004).
تناص ليس بالصدفة،المبدعون يلتقون،برغم االمسافات.هدوء صاخب يبدو معاولا،لما لهذه الآلات من قوة تدميرية وبناءة،في نفس الوقت.
"والوقت":هذا ٱطار زماني ،ليس كالزمن الدنيوي ولا بالمقدس.هو زمن العشق والشعر،زمنان في زمن واحد.وقت،بمعجزة يصبح"ساعة رملية".صورة في منتهى الروعة.لماذا؟لأنها تعيدتا اءلى زمن الطفولة والبراءة،عندما كما نلعب على الشاطىء،نرسم قصورا وساعات ثم ياءتي الموج ويمحوها،فنغدو خارج الزمن الذي صنعناه!!