الاعلان
مفتاح الربح والشهرة
لما كان الاعلان يشغل مكانة عالية في الصحافة ، بل يعد الدعامة الاولى لماليتها كما بينا آنفاً لم يكن لنا بد من ا بعضهم بأنه ( عبارة عن النشر بالوسائل المختلفة لالفات نظر الجمهور الى سلعة معينة أو الى عمل من الاعمال ) . فهو ضروري جدا لكل من التاجر والصانع النشيطين اللذين يحاولان أن يكتسبا صداقة أكبر عدد من الناس عن طريق تعريفهم بمنتجاتهما ومزاياها حتى يقبلوا على اقتنائها ، فيزداد انتاجهم وتتكاثر أرباحهم . والسبيل الوحيد الى ذلك الاعلان ، لا سيما في هذا الوقت الذي اشتدت فيه المزاحمة الصناعية والمنافسة التجارية . مما حمل رجال الاعمال على أن يقيموا له في بيوتهم قسماً خاصاً ، له رئيس ضخم المرتب يسمى مدير قسم الاعلانات والنشر . وهو أيضاً يفيد المستهلك بين البائعين ، وبما يحدثه من التقريب بين المستهلك والمنتج فيستغني كل منهما عن الوسطاء ، وبما يعود به من التخفيض في نفقات الانتاج نتيجة زيادة التوزيع والبيع . ثم بالاضافة الى كل ذلك يساعد على ترقية الصناعات ، لان نجاح الاعلان يقاس بمقدار اقبال الجمهور على شراء السلعة المعلن عنها . وبواسطته يمكن أن يحس المعلن مقدار اعجاب الناس بالتحسينات التي يدخلها باستمرار على بضاعته حتى توافق ميولهم . وكثيرا ما كان الاعلان واسطة لتعليم الجمهور أشياء كثيرة يجهلها ، فيزيد في معلوماته عن الحياة العامة ومقتضياتها بدون كلفة أو مجهود .
لقد غدا بامكاننا القول ان الاعلان أصبح في هذه الحياة الحديثة بمثابة الشريان الحي لكل عمل أو مشروع يتوخى منه الربح . ففائدته لا تقتصر على ترويج السلع المستهلكة والمنتجات المعروضة للبيع فحسب، بل لقد شملت كل شيء فيه تبادل . في المنفعة . فالفنادق والمسارح ودور اللهو والسينما وعيادات الاطباء وخطوط المواصلات والاماكن المعروضة للتأجير والمطاعم وحمامات السباحة . كل هذه المرافق وغيرها كثير لا تستغني عن الاعلان اذا كانت تحرص على ازدياد أرباحها وتكاثر زبائنها ، وتعاظم شهرتها . وما من أحد يشك في هذا العصر وبعد التجارب الكثيرة بصدق ذلك المثل : ( الدعاية بدولار واحد تأتي بعشرة دولارات الى بابك » أن ب. بارنوم صاحب المتحف الامريكي لما وصل الى انجلترا أدلى بحديث الى مراسل احدى الصحف الانجليزية قال فيه : انه حضر لانجلترا كي يشتري المنزل الذي كان يقيم فيه شكسبير ليفك أجزاءه ويرقمها ثم ينقلها هي والاثاث الى نيويورك حيث يعيد بناء البيت داخل المتحف ثم تمثل فيه روايات الشاعر العظيم . وعلى أثر نشر هذا الحديث قامت قيامة الصحافة الانجليزية فنددت بتصرف بارنوم ودعت الى جمع التبرعات طبقات الامة لشراء المنزل وعضدها الخطباء من كل جانب . وعرف الجمهور الانجليزي بمجموعه نبأ وصول هذا الامريكي مع فرقة ستقدم روايات شكسبير على مسارحها ، فامتلأ المسرح بالمتفرجين وحجزت التذاكر لمدة ثلاثة أشهر مقدماً ، ليروا من هو هذا الذي يريد أن يشتري بیت شاعرهم الكبير . وبعد نجاح بارنوم في دعايته التي لم غير هذا الحديث صرح بعد عودته الى أمريكا بأنه لم يكن ينوي شراء البيت لاستحالة ذلك وانما قصد انجاح فرقته بهذا الشكل الذي لم يسبق له مثيل .
وقد ربح صاحب فرقة استعراضية نصف مليون جنيه خلال ثلاث سنوات من وراء عرضه قزماً لا يزيد طوله على قدمين ووزنه على خمسة عشر رطلا ، حيث انه دفع رشوة لمحرر صحيفة انجليزية لينشر خبراً مفاده ان احدى سيدات المجتمع الانجليزي الراقي قد تدلهت في حب هذا القزم وعزمت على اختطافه فحاصر البوليس الفندق الذي يقيم فيه حفاظاً عليه . وعلمت الجماهير بالنبأ فتهافتت على المسرح الذي يعرض فيه القزم العابه .
وأراد رجل أن يعلن عن استعداده لتأجير شقق خالية من بيته فأوعز الى جريدة ( صان ) الامريكية لتنشر الاعلان التالي : « انتزع الموت مني زوجتي في الوقت الذي كانت تضع فيه مولوداً أبحث له عن مربية ، حتى يرزقني الله رفيقة شابة جميلة تملك عشرين الف دولار لتساعدني في مشروع تجاري جديد بدلاً من تجارة الصوف ، لأني سأبيع كل ما لدي منه بأقل . سعر ممكن ، قبل أن انتقل الى المنزل الذي انتهيت من بنائه في رقم ١٧٤ بالطريق الثاني عشر وتوجد به شقق خالية » •
تعليق