میدان الاعمال والمال :
لقد غدت في هذا العصر الصحف ذاتها عبارة عــن تجارية تنطبق عليها قوانين الصناعة والشراء والبيع ، بينما كانت في الماضي كلها مقالات في السياسة والادب والخيال . وأصبح كل انسان يهتم بتطور الحالة المادية في الميدان الذي يعمل فيه ، ويعني بالمشاكل التي يلقاها غيره في الميادين الاخرى ليستفيد منها العبرة والتجربة . ولذا رأت الصحف نفسها مضطرة الى أن تنشر أكبر قدر ممكن من أخبار الاعمال المالية والماشية والحبوب والتأمينات والزراعة والصناعات الكبيرة ، وما شاكل ذلك في ميادين الاعمال والمال وعينت لهذا الباب مخبرين مختصين لهم المام بالمبادىء العامة التي تساعدهم على معالجة موضوعات الاقتصاد ، والربط بين السبب والنتيجة ، وتوضيح العلاقة بين العرض والطلب ، وتقدير الظروف الخارجية التي تؤثر في الصناعة المحلية ، ثم معرفة أحوال الاسواق والشؤون المالية كالافلاس ، والميزانية ورأس المال والتأمين والتصفية والرهن الخ وفيما يعلو على ذلك يستشيرون الخبراء المسؤولين ، ويراجعون الكتب الخاصة التي تزودهم بالثقافة اللازمة ليستطيعوا الخوض في أي موضوع من المواضيع التالية : تجديد سياسة المؤسسة وتوسيع نطاق أعمالها ، تغيير أشخاص الشركة أو تغيير قوانين التجارة ، القرارات الخاصة بظروف وساعات العمل وأجور العمال واسعار المنافع والخدمات العامة ، الآراء الجديدة التي تدخل تحسينات على الآلات والانتاج والنظم التي تتبعها المؤسسة ، وضع خطط المشروعات العامة والبناء وتمويل وتنفيذ المشروعات الحكومية ، المؤتمرات المالية والمعارض ، اللوائح المالية والضرائب التي تصدرها الحكومة .
و نوع المقالة وما تتضمنه من معلومات واصطلاحات فنية في هذا الميدان يخضع كثيراً للظروف المالية والصناعية والتجارية السائدة والبارزة في المنطقة التي تصدر فيها الجريدة . والميزة الأولى التي ينبغي أن تتسم بها كتابة الموضوعات المالية هي الدقة الشديدة وخاصة في الارقام والتفسيرات ، ولو اقتضى ذلك الالحاح في الرجوع مراراً الى من لديهم الحقائق والبيانات من الموثوقين . وعلى الصحفي قبل أن يدفع بمقاله الى الطباعة أن يراجع ثلاث مرات على الاقل ما لديه من قرارات واحصاءات وبيانات ، وأن يكتبه حين يكتبه بحذر شديد لا كناقد بل كحافظ أمين على ما يحفظ . وعليه أن يعرض مالديه من معلومات تهم الرأي العام بدقة ووضوح وتجرد مطلق ، وبشيء من الحيوية والتلوين ليزيل ما في طبيعة هذه الموضوعات من جفاف . وليذكر دائماً ان قانون القذف له بالمرصاد ، وأنه يحرم عليه نشر تعليقات تعرض مركز رجل أو مؤسسة لخسارة مالية . كما يجبره على أن يلتزم جانب التريث في التحدث عن أي شيء من هذا القبيل حتى لا يثير الذعر والتشاؤم في النفوس . غير أنه في حال وجود غش أو فضائح مالية لا يجوز له السكوت وعدم الاعتراف بما يجري في الخفاء . وفي أي موضوع يتعلق بالمال يجب أن يبسط بدقة ما يحصل عليه من أحصاءات مع الاقتصاد في ذكر الارقام دون تجاهل أي شيء هام فيها ، وان ينظم ما يحصل عليه من معلومات بشكل جداول تسهل على القارىء استيعابها بنظرة شاملة .
تعليق