الحوادث المفاجئة :
الصحفي الذي يذهب للتحقيق في حادث مفاجيء كصدام أو حريق أو انفجار أو اختطاف أو سرقة أو انتحار أو غرق الخ يدرك أن مهمته الاولى هي جمع حقائق واضحة بارزة راسخة ملموسة عما ذهب لأجله . ولذا فهو لا يؤخذ عند وصوله مكان الحادث بما يسمع من ضجيج واشاعات ومبالغات وتخمينات ، بل يتخطى كل تلك العقبات ويحتفظ بتوازن تفكيره ويسأل كثيراً ليميز بين الحقيقة والكذب ويصل الى الاشخاص الذين يدلون بالحق لاسيما المسؤولين في الوظائف العامة ، حتى ولو كان وصوله متأخراً عن وقت الحادث فلن يعدم وجود الشخص الذي يرويه له كاملا . وحينئذ فقط يبدأ بنقل أخباره الى الصحيفة هاتفياً دون ابطاء ، ملاحظة أن فقد روح انسانية حادث لـه أسبقية على غيره . وكلما ارتفع عدد الضحايا ازدادت أهمية القصة وتغيرت صيغة العنوان . فقصة فيها شخص معرض للخطر تكتب في سطور وفي ركن غير بارز من الصحيفة. أما قصة فيها قتيل وجريح فتكتب في ربع عمود . وقصة يرتفع فيها عدد الضحايا الى عشرين تقفز الى الصفحة الأولى . وحين يرتفع الرقم الى مئة يصبح للقصة دوي عالمي. وأول ما المخبر الى معرفته في الحوادث هو القتلى والجرحى ، ثم أسباب الحادث وطريقته وزمانه ومكانه . وهذا ما . يحتم عليه أن يسجل بدقة وفي أقصر مدة ممكنة . الاسماء والعناوين والوظائف ، ويأتي بعد ذلك في الاهمية العوامل الانسانية الاخرى كوصف العناية بالجرحى ، والخطر على الارواح والممتلكات ، ومصير الموتى والناجين ، ووصف اعمال الاغاثة واعمال البطولة ، وسرد آراء الذين شهدوا الحادث ووصف حالهم حين وقوعه . فاذا ما انتهى مـــن معالجة الجانب الانساني من القصة انتقل للاجابة على الاسئلة التالية : ما هو سبب الكارثة ؟ وعلى من تقع المسؤولية ? ومن هو الذي اكتشف الحادث ؟ وما هي الخسائر المادية ؟ وهل هناك تأمين ؟ وهل سيكون وهل ينتظر القبض على أحد ؟ وهل ترفع قضية أن يجب يسعى جميع هناك تحقيق رسمي للمطالبة بتعويض ?
تلك هي الحقائق التي تكون عناصر القصة . فاذا عالجها المخبر مع وصف دقيق للحادث ذاته فقد قدم لقرائه مادة تشفي غليلهم . وله اذا وجد أن قائمة الضحايا طويلة جدا أن يفصلها عن الموضوع ويسردها في عمود آخر بجانب القصة مباشرة ، أو أن يدخلها في صلب القصة . وعندئذ يجب الا تزيد المقدمة على فقرة أو فقرتين تتضمنان الاجابة على الاسئلة ( الخمسة الخالدة ) . ولن يجد صعوبة في صياغتها اذا كان هناك قتلى أو جرحى . فأكثر القصص التي من هذا النوع تبدأ برواية ما حدث لرجل أو امرأة أو طفل ، ثم يلي ذلك قائمة الضحايا ، ثم رواية الحادث بالتفصيل مع بيان سببه ونتيجة التحقيق وأعمال الاغاثة ورواية شهود العيان وهكذا حسب أهمية كل جزء . وفي بعض الاحيان تتغير الحقائق ولكن الصياغة تأخذ نفس الشكل . وفي حوادث الانتحار يمكن ان تتناول المقدمة الدافع أو الطريقة .
وفي جميع الاحوال الاحوال يجب على الصحفي أن يتوخى الحذر الشديد في رواية تلك الحوادث فلا يخترع سبباً من عنده اذا لم يعثر على السبب . ويجب أن يترك مجالاً للشك اذا لم يقتنع تماماً بما يروى له . وعليه أن يتجنب المبالغة ، واستعمال التعبيرات الرنانة في الوصف، وهذا ما يقتضي أن تتوفر لديه جميع الملكات الصحفية والفنية والعلم والثقافة. وفي ذلك كتب ايلي ريشارد وكان رئيساً لتحرير جريدة ( سوسوار ) الفرنسية : « الحقيقة ان المقرر الصحفي ثمرة من ثمار هذا القرن الذي نعيش فيه . انه المندوب الذي يذهب من قبلك - أيها القارىء - لرؤية الحادث والكشف عن أسبابه بدقة تامة . انه ليس أديباً متجولا ، ولكنه في الواقع بصرنا الذي نبصر به وسمعنا الذي نسمع به وحواسنا التي نحس . بها . وهو يعرف جيداً أن عليه أن ينقل الينا جميع الاحاسيس فور شعوره بها وادراكه لها . أما التأملات والايحاءات فمتروكة لنا وحدنا بعد كل ذلك » .
تعليق