المحاكم :
السلطات في الدولة ثلاث : تنفيذية وتشريعية وقضائية ، والاخيرة هي التي تتعامل بشكل أشد مع الشعب مباشرة وتعالج المشاكل المختلفة بين افراده . فالى المحاكم ترفع المظالم وفيها تقام العدالة بين الناس وترد الحقوق الى أصحابها . والصحف ملزمة بنقل كل ما يصدر من قرارات تهم الناس ، ليتعرفوا على كيفية تطبيق القانون في بلادهم . والمتردد الى المحكمة يجد كل عناصر الاخبار تنجسم أمامه من صراع ودراما وجدة وبروز وجنس . كما يجد كل ما تتوق اليـــه نفسه من أنباء ، كالقضايا الجنائية التي تثير مشاعر كافة الناس ومنها قضايا الوصايا والتركات وما شاكلها . ولذا فهي تجتذب دائماً رجال الصحافة فينتقلون كل يوم من مكتب الى آخر ، ويتحدثون الى القضاة والمحامين والموظفين ويقلبون بين حين وآخر ما تصل اليه أيديهم من وثائق ومراجع واضبارات ، حتى اذا ظفر الواحد منهم بصيد من القضايا الهامة جلس الى مكتبه ليدون مذكراته وعقله لا يغفل عن ا الحذر من التعرض لقانون القذف - فيما لو أهان المحكمة أو القاضي بتعقيباته - مستعينا بكل ما اكتسبه من خبرة قانونية عن طريق الدراسة الشخصية والتجربة . واذا كان الصيد قضية جنائية مثيرة تعقبها منذ البداية ثم رافقها في شكل قصة مستمرة ، ليصف باسهاب جو الجلسة وظروفها والحالة النفسية للمدعي والمدعى عليه وشهودهما ، ولينقل كل ما يدور فيها من مناقشات بعبارات سهلة سريعة لا تعوق سرد الموضوع . حتى اذا وصلت المحاكمة الى مرحلة الشهود أخذ يعرض على قرائه النقط البارزة التي قد توجه القضية وجهة جديدة . كل ما يمر من لحظات حرجة وفكاهات لذيذة . ثم عليه أن يعرض ملخصاً لاقوال الشهود في قاعة المحكمة ، وينقل العبارات الهامة منها بالحرف كما جرت أثناء المناقشة ولو اضطره ذلك للرجوع الى محضر المحكمة لاستكمال مافاته أثناء الاستماع . مراعياً في مراعياً في ذلك الدقة والحياد وحسن التوفيق بين أمرين متعارضين هما : رغبة القارىء في معرفة التفاصيل الدقيقة ، واضطرار الصحيفة للاكتفاء بالمكان الضيق المحدد للموضوع ما لم تكن القضية تستحق أكثر من هذا التحديد .
ولعل أحرج ظرف يمر به المخبر عندما تقترب قضية جنائية من نهايتها وعلى مراحل متلاحقة ليقول الاتهام والدفاع كلمتهما الاخيرة ، ويعلـــن القاضي تعليماته ، وينسحب المحلفون للمداولة ، ويصدرون قرارهم ويقرر المتهم الاستئناف أو يطلب محاكمة جديدة ، ويصدر القرار في هذا الطلب . فهذه المراحل تكون مادة اما لقصص منفصلة وطريقة صوغها معوف ، أو لقصة مركبة ذات مقدمة تحتوي على آخر التطورات: من قرار المحلفين ، وحكم المحكمة ، ووصف أثر الحكم على المتهم ، والمشهد الختامي في القصة ، ثم تفصيل هذه التطورات . ثم عرض الحوادث السابقة على تلك المرحلة حسب أهميتها : مداولات المحلفين ، تعليمات القاضي ، الاقوال الاخيرة للدفاع والاتهام ، ثم ملخص للقضية اذا كان هناك متسع ، ويختتم الموضوع بعد كل هذا بذكر التطورات المحتملة غداً أو بعد أيام . وقد تتوالى تلك المراحل بسرعة فائقة حتى انها تعالج في شكل القصة الجارية ، ويرسل الموضوع الى الصحيفة أولاً فأول ، وتكتب له مقدمات جديدة واضافات وزيادات .
تعليق