العري في الأفلام وقضايا أخرى
هادي ياسين
حتى في أكثر المجتمعات انفتاحا في العالم، لو شاهد المرء شخصا عاريا في الشارع لأصيب بصدمة.
هذه مسألة طبيعية تماما لأن الإنسان اعتاد ارتداء الملابس ما أن يولد وعبر كل العصور وبالتالي من الصعب أن يُطرح الأمر للنقاش تحت مسمى الحرية.
ينطبق الأمر نفسه على لحظات حميمية تجمع بين رجل وامرأة. فحتى في أكثر المجتمعات انفتاحا أيضا لا يمكن أن ترى شخصين في وضع حميمي بالطريقة التي نراها في الأفلام.
أين الخطأ إذن؟ ولماذا أصبحت مشاهدة فيلم دون مشاهد عري وعلاقة حميمية أمرا صعبا للغاية؟ حتى أضحت الأسر غير قادرة على متابعة فيلم كامل دون الإحساس بنوع من الحرج.
ما القصة؟
لو عدنا إلى تاريخ السينما منذ بداياتها لوجدنا أن هوليوود كانت رائدة في إنتاج أفلام ملتزمة أخلاقيا وفقا لقواعد وضوابط صارمة ورد أغلبها في قانون هيز الذي فرض قيودا على مشاهد العنف والجريمة واحتساء المشروبات الكحولية والتطرق إلى الطلاق وعرض مشاهد عري وعلاقات حميمية. بلغ عدد الممنوعات في هذا القانون 11 إلى جانب 26 نقطة أخرى تدعو إلى توخي الحذر في التعامل مع قضايا معينة.
ومع ذلك ورغم متابعات قانونية شديدة لم تتمكن السلطات من السيطرة تماما على كل النتاجات السينمائية ثم ما لبثت أن ضعفت هذه الضوابط بعد الحرب العالمية الثانية وظلت تنكمش وتتضاءل حتى بدايات القرن الحادي والعشرين عندما ظهر تيار واضح للغاية يتعاطى مع العري ومشاهد الجنس على أنها أمور عادية جدا ولا بد منها في الأفلام.
ومع الانفتاح الذي بدأ في فرنسا في خمسينات القرن الماضي لاحظ المنتجون أن هذه المشاهد تجلب مكاسب مادية مهمة ولذا بدأنا نراها حتى في أكثر الأفلام جدية بغض النظر عن المستوى الفني للفيلم نفسه. والمال عنصر لا يمكن التنازل عنه بالتأكيد.
وبذا تحول الفن إلى غطاء بشكل أو بآخر رغم أن أفلاما عديدة لا تتضمن مثل هذه المشاهد حققت نجاحات عالية أيضا ومكاسب مادية كبيرة ومنها حديثا "آفاتار: طريق المياه" الذي حقق أكثر من ملياري دولار من الأرباح بعد عرضه في جميع أنحاء العالم ليتجاوز فيلم تايتانك في هذا المجال. وهناك أمثلة أخرى عديدة تؤكد هذا الكلام.
موقف الممثلين
من المعروف أن من يتعرى أمام الكاميرا هن النساء بطلب من مسؤولي الإنتاج بالطبع إذ تُظهر تحليلات أن الغالبية العظمى من الممثلين والممثلات لا يرغبون على الإطلاق في الظهور عراة أو نصف عراة على الشاشة ولكن للضرورة أحكام. أبسط الأمثلة على ذلك أن مجال التمثيل يقوم على تنافس هائل وبالتالي من الضروري للمتنافسين أن يظهروا استعدادهم لأداء كل شئ كي تكون فرصهم أكبر في أن يتم اختيارهم. مثلا، على هؤلاء أن يوضحوا مدى استعدادهم للتمثيل في ظروف معينة مثل أحوال جوية سيئة أو تحت الماء أو في أماكن مرتفعة أو حتى في سراديب تحت الأرض. وضمن هذه المعلومات عليهم أن يقولوا أيضا إن كانوا مستعدين للظهور عراة لو تطلبت المشاهد ذلك. وبالطبع، من الصعب على ممثل حديث العهد أن يفرض رغبته انطلاقا من اخلاقه الخاصة وأن يقول لا، لأن ذلك سيقلل من فرص اختياره للدور. أما بالنسبة للممثلين الكبار فأغلبهم يصل إلى مرحلة تجعله لا يهتم بمثل هذه الأمور.
ومع ذلك، أكثر مشاهد العري تتعلق بالنساء لا بالرجال وإذا ما ظهر الذكور عراة فلأسباب محددة منها مشاهد كوميدية أو باعتبارهم طرفا في علاقة حميمية أو لإبراز عضلاتهم وقدراتهم الجسدية.
على أية حال، موضوع مشاهد العري والعلاقات شائك للغاية وهناك عدد كبير من المشاهدين لا يتقبلونها على الإطلاق ولذا قام المسؤولون عن صناعة السينما بمحاولة حل الإشكال من خلال وضع ما يُدعى بنظام تصنيفات الأفلام الذي يمكن للأسر العودة إليه لمعرفة مستوى الفيلم الذي ينوون مشاهدته وهل هو صالح لأعمار معينة وما الذي يحتويه من مشاهد. وقد صدرت هذه الضوابط في عام 1968. إضافة إلى ذلك، هناك ممثلون بدلاء يقومون بأداء أدوار التعري وما شابه في إطار حل الإشكاليات مع الممثلين والممثلات. على أية حال، هذا الموضوع ما يزال قائما ولا حلول واضحة له حاليا بإمكانها إرضاء الجميع.
أقترح عليكم مشاهدة فيلم حقق نجاحا كبيرا عند صدوره في عام 1957 وعنوانه "12 رجلا غاضبا - 12 Angry Men" وهو فيلم خال من أي مشاهد عري وما شابه. البطولة لعدد من الممثلين المهمين ومنهم هنري فوندا. طول الفيلم ساعة و 36 دقيقة.
هادي ياسين
حتى في أكثر المجتمعات انفتاحا في العالم، لو شاهد المرء شخصا عاريا في الشارع لأصيب بصدمة.
هذه مسألة طبيعية تماما لأن الإنسان اعتاد ارتداء الملابس ما أن يولد وعبر كل العصور وبالتالي من الصعب أن يُطرح الأمر للنقاش تحت مسمى الحرية.
ينطبق الأمر نفسه على لحظات حميمية تجمع بين رجل وامرأة. فحتى في أكثر المجتمعات انفتاحا أيضا لا يمكن أن ترى شخصين في وضع حميمي بالطريقة التي نراها في الأفلام.
أين الخطأ إذن؟ ولماذا أصبحت مشاهدة فيلم دون مشاهد عري وعلاقة حميمية أمرا صعبا للغاية؟ حتى أضحت الأسر غير قادرة على متابعة فيلم كامل دون الإحساس بنوع من الحرج.
ما القصة؟
لو عدنا إلى تاريخ السينما منذ بداياتها لوجدنا أن هوليوود كانت رائدة في إنتاج أفلام ملتزمة أخلاقيا وفقا لقواعد وضوابط صارمة ورد أغلبها في قانون هيز الذي فرض قيودا على مشاهد العنف والجريمة واحتساء المشروبات الكحولية والتطرق إلى الطلاق وعرض مشاهد عري وعلاقات حميمية. بلغ عدد الممنوعات في هذا القانون 11 إلى جانب 26 نقطة أخرى تدعو إلى توخي الحذر في التعامل مع قضايا معينة.
ومع ذلك ورغم متابعات قانونية شديدة لم تتمكن السلطات من السيطرة تماما على كل النتاجات السينمائية ثم ما لبثت أن ضعفت هذه الضوابط بعد الحرب العالمية الثانية وظلت تنكمش وتتضاءل حتى بدايات القرن الحادي والعشرين عندما ظهر تيار واضح للغاية يتعاطى مع العري ومشاهد الجنس على أنها أمور عادية جدا ولا بد منها في الأفلام.
ومع الانفتاح الذي بدأ في فرنسا في خمسينات القرن الماضي لاحظ المنتجون أن هذه المشاهد تجلب مكاسب مادية مهمة ولذا بدأنا نراها حتى في أكثر الأفلام جدية بغض النظر عن المستوى الفني للفيلم نفسه. والمال عنصر لا يمكن التنازل عنه بالتأكيد.
وبذا تحول الفن إلى غطاء بشكل أو بآخر رغم أن أفلاما عديدة لا تتضمن مثل هذه المشاهد حققت نجاحات عالية أيضا ومكاسب مادية كبيرة ومنها حديثا "آفاتار: طريق المياه" الذي حقق أكثر من ملياري دولار من الأرباح بعد عرضه في جميع أنحاء العالم ليتجاوز فيلم تايتانك في هذا المجال. وهناك أمثلة أخرى عديدة تؤكد هذا الكلام.
موقف الممثلين
من المعروف أن من يتعرى أمام الكاميرا هن النساء بطلب من مسؤولي الإنتاج بالطبع إذ تُظهر تحليلات أن الغالبية العظمى من الممثلين والممثلات لا يرغبون على الإطلاق في الظهور عراة أو نصف عراة على الشاشة ولكن للضرورة أحكام. أبسط الأمثلة على ذلك أن مجال التمثيل يقوم على تنافس هائل وبالتالي من الضروري للمتنافسين أن يظهروا استعدادهم لأداء كل شئ كي تكون فرصهم أكبر في أن يتم اختيارهم. مثلا، على هؤلاء أن يوضحوا مدى استعدادهم للتمثيل في ظروف معينة مثل أحوال جوية سيئة أو تحت الماء أو في أماكن مرتفعة أو حتى في سراديب تحت الأرض. وضمن هذه المعلومات عليهم أن يقولوا أيضا إن كانوا مستعدين للظهور عراة لو تطلبت المشاهد ذلك. وبالطبع، من الصعب على ممثل حديث العهد أن يفرض رغبته انطلاقا من اخلاقه الخاصة وأن يقول لا، لأن ذلك سيقلل من فرص اختياره للدور. أما بالنسبة للممثلين الكبار فأغلبهم يصل إلى مرحلة تجعله لا يهتم بمثل هذه الأمور.
ومع ذلك، أكثر مشاهد العري تتعلق بالنساء لا بالرجال وإذا ما ظهر الذكور عراة فلأسباب محددة منها مشاهد كوميدية أو باعتبارهم طرفا في علاقة حميمية أو لإبراز عضلاتهم وقدراتهم الجسدية.
على أية حال، موضوع مشاهد العري والعلاقات شائك للغاية وهناك عدد كبير من المشاهدين لا يتقبلونها على الإطلاق ولذا قام المسؤولون عن صناعة السينما بمحاولة حل الإشكال من خلال وضع ما يُدعى بنظام تصنيفات الأفلام الذي يمكن للأسر العودة إليه لمعرفة مستوى الفيلم الذي ينوون مشاهدته وهل هو صالح لأعمار معينة وما الذي يحتويه من مشاهد. وقد صدرت هذه الضوابط في عام 1968. إضافة إلى ذلك، هناك ممثلون بدلاء يقومون بأداء أدوار التعري وما شابه في إطار حل الإشكاليات مع الممثلين والممثلات. على أية حال، هذا الموضوع ما يزال قائما ولا حلول واضحة له حاليا بإمكانها إرضاء الجميع.
أقترح عليكم مشاهدة فيلم حقق نجاحا كبيرا عند صدوره في عام 1957 وعنوانه "12 رجلا غاضبا - 12 Angry Men" وهو فيلم خال من أي مشاهد عري وما شابه. البطولة لعدد من الممثلين المهمين ومنهم هنري فوندا. طول الفيلم ساعة و 36 دقيقة.