الطب الشعبي في صيدنايا ودمشق وريفها
-----------------------------------------------------
الطبابة والطب كما في كل بلد وحضارة لم تلد وتنشأ دفعة واحدة بين يوم واّخر فلقد مرت بمراحل ومتعرجات وتراكم معرفي .. فشل وأخطاء وصواب وما زالت تتقدم يوماً بعد اّخر بفضل العلم والتكنولوجيا والإختبارات وأصبحت تسمى ( الطب البديل ) .
.
خلق الإنسان وخلق معه طعامه فما عليه إلا أن يكتشف ويلاحظ ويتعلم ويجرّب ويختبر وهكذا كان ..
.
لقد اّمن بعض السكان في المدينة القديمة بالمعتقدات والخرافات الشعبية والأساطير القديمة المتوارثة مثلهم مثل بقية سكان الوطن العربي وشعوب الشرق عامة , بل شعوب العالم قاطبة :
بالأرواح الشريرة , صيبة العين , الخرزة الزرقاء , الرَقوة , الرِقية , الحِجاب , الكتيبة , الكبسة , القرينة , التبصير , التنجيم , الجن , التبخير , والكحل وغير ذلك ... من معتقدات تلاشت اليوم أمام العلم والواقع والوعي الصحي الفردي والجماعي ..
.
يُحكى أن ..؟
◘ يحكى أن كان هناك تقليد قديم وفريد في طقوسه في بلدة صيدنايا وهي : عادة إنزال الطفل إلى البئر وهو مُمسك باليدين من قبل الأهل أو كاهن البلدة من أطرافه العلوية , وذلك لاعتقادهم المتوارث لكي يعيش بعده الأطفال - خاصة الذكور - حيث كانت الأمراض تحصد الكثير من الأطفال في تلك الحقبة البعيدة - بداية القرن الماضي - وكان يلازمها تلاوة هذه الترنيمة : " يا راس يا راس يربى ورائي راس ويحرم عليّ اّكل لحم الراس حتى يربى ورائي راس "
لا أدري من أين وكيف أتت هذه التقاليد البالية المخيفة والمرعبة للطفل في مثل هذا المشهد والموقف !؟ حظّ الطفل أنه لم يكن يدرك ويعي جيداً ذلك الموقف وهو في أعوامه الأولى !!
.
◘ أيضاً , هناك تقليد وحكايات شعبية عن العقم لدى النساء إذا تأخرت بالحمل , فينصحها الأقارب بالذهاب هي وزوجها إلى بحر بيروت ويسمح لها بغطس أرجلها بالماء أو يجولوا في قارب صغير , فاذا ما ارتعبت تفك الرعبة فتحمل ..!
.
◘ عندما تلتهب اللوزات عند الطفلة, تضعها الطبيبة الشعبية (في صيدنايا) في حضنها أرضاً وتبدأ بتمسيد رقبتها بيديها بعد أن تمسحهم بالزيت وهي تردد هذه الترنيمة : " ياستنا مريم يا بنت عمران يا ستنا مريم بنت عمران عليك أشرف السلام بجاه الشمس اللي ارتفعت على الحيطان ترفعي وتشفي بنتنا مريم بنات الذنان ...." !؟
ومن ثم تأتي بمقص وتلف عليه قطعة من القطن وتغمسها ب ( الميكركروم ) اللون البنفسجي أو الأحمر , وتمسح بها اللوزات من داخل الفم , وتدوم هذه العملية على فترة ثلاثة أيام حتى تطيب وتذهب الحرارة والألم .
.
هكذا كان التداوي قديماً إيمانياً ..وبأشياء أخرى .. وبأدوية بسيطة يتوارثها ويتعلمها الناس أبا عن جدّ .
.
ان مداواة الأمراض والأوجاع البسيطة الخفيفة والطب الشعبي , هو نتيجة خبرات وملاحظات فردية وجماعية .
.
كانت الأمثال على لسانهم دوماً : إسمع مجرّب ولا تسمع حكيم . الحمية ثلثين الشفاء - درهم وقاية خير من قنطار علاج - هضم النباتات أسهل من هضم اللحوم - الغذاء النباتي يزيد القوة ويساعد على إطالة العمر -
- كول دبس وزيت وانطح الحيط - البرد أساس كل علّة - خبز الحاف بعرّض الاكتاف - نم بكير وفيق بكير وشوف الصحة كيف بتصير - نم بالبرية ولا تنام أمام طاقة مهوية - البرغل مسامير الركب - إذا فاتك الضان عليك بالحمصاني - المعدة أصل الداء - إلى اّخره ...
-
استخدم العامة :
• زيت الزيتون لوجع البطن للأطفال والكبار ( بتسخين ملعقة صغيرة على النار ودهن البطن ووراء الاّذان والأنف والصدر به ) .
• ( نبات الاّس مع الزيت ) بتدهين جسم الطفل حديث الولادة به لفترة أسبوع - كمطهّر ومقوي ومغذي للجسم
• المرهم الأسود , ( اليود ) ودهن النسر , ودهن الريشة , والكافور , ولصقات وكمادات ولبخات بذر اليقطوني أو بذر الكتّان - لأوجاع وجروح لم تندمل او الخراجات , والدمامل -
كان يقال بالعامية : إصبعه مدوحيس , أي محمر وملتهب - و " طفرة سخونة " تظهر على الشفاه - نتيجة عفونة بالمعدة أو لفحة برد دافع الجسم عنه - و" عرِق الأنسر " وهو الم في أعصاب الرجل حتى الظهر
• وقد استخدموا ( اللصقات الأميركية ) الشهيرة لوجع وألم الظهر - كانت تباع في محلات ودكاكين أهل البلدة -
• كما تداوى السكان قديماً بالكيّ , لأوجاع عديدة كما يقال في أمثالنا : واّخر الدواء الكيّ " .
.
• عرفوا وأستعملوا الحجامة وتشطيب الأطراف السفلية مكان العضلات من الخلف - والأذان , لإخراج الدم الفائض والزائد في أيام الربيع عند وجع الرأس أو عند ارتفاع ضغط الدم , أو الصوم عدة أيام دون طعام .
.
• وعرف أهل البلدة مداواة السعال والنزلات الصدرية والرشوحات ( الأنفلونزا والكريب ) ب ( كاسات الهواء ) الزجاجية بحرق قطعة من الورق ووضعها داخل الكأس ولصقها على صدر وظهر المريض لكي تسحب الرطوبة ,, بعدها يتناول المريض كوب من الشاي الحار أو النعناع , أو الزهورات مثل ( البيلسان , الميرمية , الزيزفون , الورد , شباشيل الذرة , الخطمية . البابونج , التين والعسل .. والدبس والزبيب ... الخ )
.
• أو كان يتناول المريض بمجرد شعوره بالقشعريرة في جسمه والبرودة أو الحرارة ( بحبة إلإسبرين ) ويغسل وجهه وقدميه حتى الركب ويديه " بمغطس " ماء الحار والنعناع .. وينام فوراً بعدها في سريره حتى يعرق وتذهب الحرارة أو الرطوبة من جسمه .. مع أكل اللوز والزبيب .
.
• وقد استخُدمت المناشف المبللة بالماء الحار ( كمادات ) ووضعها على الرقبة موضع الحنجرة واللوزات الملتهبة عدة مرات , أو على الجبين لتخفيض الحرارة . قبل اكتشاف البنسلين والأنتيبيوتيك والمضادات ضد الإلتهابات ..
.
• أمّا شرحات حبات البندورة فكانت تستخدم لإلتهاب العين والرمد .. وغسلهما بماء الورد أو الشاي .
.
• ولعقصة النحل والزلاقط والعقرب , كان يفرك مكان اللسعة بسن الثوم أو الليمون بعد تقشيره وأخذ شريحة منه , أما العقرب فيجرح مكان العقص ومص الدم وبصقه وشرب الحليب او اللبن .
.
• كان الطفل الذي تصيبه الحصبة أي ( الحميرَة ) يجلس في سريره مع الدفء جيداً .. ويتناول شراب دبس العنبي أي العنب , وليس دبس الزبيب .
.
• أما غذاؤهم في ليالي الشتاء الكانونية الباردة فقد اعتمدوا على الجوز واللوز والتين والقضامة والزبيب والشاي والكعك الشامي أو رشفات من النبيذ صنع محلي يدوي للدفء والصحة
.
يملك اهل صيدنايا رصيد دوائي لا ينضب من الاعشاب والنباتات البرية ..
فقد استخدموا : جذور نبات العسلج .. والزلوع .. والزعتر.. والميرمية .. والروميران , المستحضر من منطقة الجرد لكثير من الأمراض الشعبية البسيطة والصناعات الغذائية ..
.
وجمعت النساء الزوفى والبيلسان والزيزفون والخطمية والبابونج والشُمرة وشباشيل الذرة وبراعم الورد وغيرها , لإستعمالها كالشاي للصحة أو السعال , ولوجع البطن النعناع أواليانسون , والقرفة..
.
• وايضاً .. استعملوا المضمضة بالكحول وكبش القرنفل لألم الأسنان والماء والملح لإلتهاب الفم واللثة .... وهكذا دون أن يحتاجوا إلى الطبيب إلا في الحالات القصوى - فالحاجة أم الإختراع " ... وهذه هي العبقرية الشعبية !
.
وهكذا ... كانت أجسام الأجيال الماضية أمتن وأقوى وأسنانهم أمضى وأثبت والمناعة لديهم أروع رغم انهم لم يكن قد تعرفوا بعد على البنسلين أو السلفات أو التيتراسيكلين المضادات ضد الجراثيم والإلتهابات .... ولم تكن بعد هموم العالم فوق رؤوسهم وانشغالهم "" بالنِت "" وفضاء بحرها اللامتناهي !
--------------
لقد كان أبناء صيدنايا سباقين وطموحين في مجال الطب والعلم والإختصاص والثقافة والسياسة .. نظراً للظروف أعلاه ,, اكثرهم تخرج من كلية الطب من جامعة دمشق في الأربعينيات من القرن الماضي ,أو من فرنسا , في الوقت الذي كان أبناء قرى المنطقة المحيطة في صيدنايا تفتقر إلى المدارس والتعليم وحملة الشهادات .
.................................................. ........................
مريم نجمة
منقوووول من القلمون_جيوغرافيك (بتصرف)
=AZXuo8MMuxbYzl11Z6XfG6gaXG2FhLI6JIgp9Oyi4TzyHrPrn 43FDkI13EPmTkUkNKv0xMz5lSTnZ5ykx1UfjCTB1IUXl-wjvGKYlsjE7xKPYe09P-p4apl2gZeqRm_FCvp1EO0QH4veczYY0mShYLGY0yGN1X2qyDEj l-zK9NkdQha7A3yfqx161XdxKNJ1ydE&__tn__=*bH-R]
=AZXuo8MMuxbYzl11Z6XfG6gaXG2FhLI6JIgp9Oyi4TzyHrPrn 43FDkI13EPmTkUkNKv0xMz5lSTnZ5ykx1UfjCTB1IUXl-wjvGKYlsjE7xKPYe09P-p4apl2gZeqRm_FCvp1EO0QH4veczYY0mShYLGY0yGN1X2qyDEj l-zK9NkdQha7A3yfqx161XdxKNJ1ydE&__tn__=*bH-R]
=AZXuo8MMuxbYzl11Z6XfG6gaXG2FhLI6JIgp9Oyi4TzyHrPrn 43FDkI13EPmTkUkNKv0xMz5lSTnZ5ykx1UfjCTB1IUXl-wjvGKYlsjE7xKPYe09P-p4apl2gZeqRm_FCvp1EO0QH4veczYY0mShYLGY0yGN1X2qyDEj l-zK9NkdQha7A3yfqx161XdxKNJ1ydE&__tn__=*bH-R]
=AZXuo8MMuxbYzl11Z6XfG6gaXG2FhLI6JIgp9Oyi4TzyHrPrn 43FDkI13EPmTkUkNKv0xMz5lSTnZ5ykx1UfjCTB1IUXl-wjvGKYlsjE7xKPYe09P-p4apl2gZeqRm_FCvp1EO0QH4veczYY0mShYLGY0yGN1X2qyDEj l-zK9NkdQha7A3yfqx161XdxKNJ1ydE&__tn__=*bH-R]