تويت
ليس الفراغ العاطفي حالة عابرة يمر بها الإنسان لأيام أو أشهر ثم يتحرر منها، ولكنها حالة نفسية واجتماعية قد تؤدي إلى أمراض كثيرة أدناها مرتبة، الاكتئاب والعزلة الاجتماعية.
والنساء بشكل خاص، وبسبب تركيبتهن البيولوجية والنفسية وظروفهن الاجتماعية، أكثر عرضة لسلبيات الفراغ العاطفي، ونتيجة لما يصيبهن من اكتئاب، صرن يجدن دواءهن، ولو بالوهم، على مواقع التواصل التي تزود بأصناف مختلفة من العلاجات غالباً ما تزيد الوضع سوءاً.
وتختلف آثار الفراغ العاطفي من شخص إلى آخر، ومن امرأة إلى أخرى، وذلك حسب قواعد بناء الشخصية وطرق التعبير عن المعاناة، والقدرة على كبت المشاعر أو اللجوء إلى الكذب لتغيير واقع مؤلم.
عوارض الفراغ العاطفي
يتمثل النقص العاطفي بإحساس مؤلم بفراغ داخلي قد يدفع إلى اللجوء لإدمان أي شيء يشكل وسيلة للهروب من الواقع. ولقد أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي بمساعدة من يشتكين من الفراغ العاطفي على المضي في طريق الاكتئاب والحزن، أو على إفراغ شحناتهن العاطفية من خلال منشورات يمثلن فيها السعادة المفقودة، أو بإظهار اللامبالاة والقدرة على مواصلة الحياة بدون شريك. الأمر الذي قد يزيد من درجة الألم والمعاناة ولا يعالج المشكلة.
وفي كل الأحوال، على كل من يشكو من الفراغ العاطفي أن يعلم أن هذه الحالة ليست طبيعية، وأنها مثل أي مرض ممكن أن تعالج وتشفى.
أسباب الفراغ العاطفي ونتائجه
وكي نتمكن من التوصل إلى علاج للمشكلة، لا بد وأن نعرف من أي فراغ عاطفي نشكو، وهل يعود سبب ذلك إلى جروح قديمة في القلب لم تندمل، أم إلى حالات طلاق وانفصال، أم إلى تعنيف ونقص عاطفي في مرحلة الطفولة.. وقد يكون السبب حباً في مرحلة المراهقة أصاب النفس بالخيبة وعدم الثقة بالآخرين.
ويسبب الفراغ العاطفي الناتج عن الصدمات والخيبات اضطرابات في العلاقات سببها إما الخوف من الارتباط ثانية والدخول في علاقة جديدة، أو تعلق شديد بالطرف الآخر والتمسك به بشكل مرضي كي لا يبتعد، وأحياناً يكون هناك ميل إلى نكران الذات والتضحية بالاحتياجات الخاصة للحفاظ على العلاقة من الانهيار. وقد تؤدي هذه الاضطرابات لدى الأشخاص المعنيين إلى عدم القدرة على الاعتماد على أنفسهم في القيام بالمهمات اليومية، أو التفكير واتخاذ القرارات بشكل مستقل.
وينعكس اضطراب الشخصية بسبب الفراغ العاطفي على كل العلاقات في دائرة الشخص الحياتية، العائلية، العاطفية، علاقات الصداقة والعمل.
استخدام مواقع التواصل لعرض وحل المشكلات العاطفية
لقد دلت التحليلات الاجتماعية والعاطفية، على أن النساء غالبا يستخدمن مواقع التواصل إما لعرض مكامن الجمال والثقافة فيهن للفت الأنظار إليهن، بسبب عدم وجود شريك يشبعهن عاطفياً، أو بسبب عدم تفهم الشريك لمتطلباتهن.
ومن تتبع لأخبار الآخرين والسماح للآخرين بتتبع أخبارهن، تشعر النساء اللاتي يعانين من الفراغ العاطفي بنوع من الإشباع والرضا اللذين لا يجدنهما في الواقع، فكم من امرأة نشرت صورة لها أو فيديو وهي تقوم بعمل ربما كان تافها، لتلفت إليها الأنظار وتحصل عل إعجابات وتعليقات ترضي غرورها، وتجعلها تنتقل إلى عالم وهمي رويدا رويدا قد يودي بها إلى اضطرابات نفسية ويزيد مشكلتها العاطفية تأزماً؟ وكم من امرأة، ظهرت على مواقع التواصل وهي تبكي بحرقة تشكو زوجاً ظالماً، أو حبيباً هاجراً، فتدخل في دائرة تحظى فيها بالدعم والمواساة وتقديم النصائح؟ وكم من امرأة ظلت تتابع على مواقع التواصل المنشورات التي تدعم المرأة وتضخ فيها القوة لاتخاذ القرار بالانفصال عن حبيب أو خطيب أو زوج لا يقدر قيمتها؟
نساء كثيرات وقعن في فخ مواقع التواصل الاجتماعي وجذبن إليهن الاهتمام، التعاطف والعاطفة بحثاً عن إفراغ شحنات في نفس تتعطش لذلك.
عوارض الإدمان على مواقع التواصل
وفي الخاتمة، يرى علماء النفس أن التعلق الزائد بمواقع التواصل الاجتماعي بهدف الترويح عن النفس وإخراجها من سجن الفراغ العاطفي، قد يؤدي إلى عكس المقصود. ونذكر أهم عوارض الإدمان على مواقع التواصل التي تهدف إلى حل المشكلات العاطفية:
تحول هذه المواقع إلى محور لشخصية المرأة.
تساهل المرأة في إفراغ شحنات الغضب والتوتر.
عدم السيطرة على العواطف.
عدم القدرة على التخلي عن عرض المشكلات.
فقدان الاهتمام بأنشطة أخرى في الحياة.
هذا عدا الشعور بالضيق والصعوبات من النواحي النفسية، العائلية، المهنية، الاجتماعية والعاطفية، إلى جانب الأمراض الجسدية.