الصراع التركي اليوناني منذ اشتعاله حتي انتهاءه
سنتحدث اليوم عن الصراع التركي اليوناني المرير الذي خلق اليونان الحديثة وتركيا، ويبدأ كل هذا منذ سقوط القسطنطينية إلى الأتراك العثمانيين في عام 1453، وكان حلم اليونانيين وقتها هو استعادة جميع الأراضي اليونانية المأهولة التي يسيطر عليها الأتراك، اليونان الأوروبي، جزر بحر إيجة، والغرب وشمال الأناضول، وحتى القسطنطينية نفسها .
بدء الصراع التركي اليوناني :
بعد حرب الاستقلال في اليونان بين عامي 1821 و 288، ضاعفت البلاد حجمها من خلال استعادة الأراضي اليونانية من العثمانيين، وأصبح هذا التجمع في الأراضي اليونانية يعرف باسم "الفكرة العظيمة".
وكان كل هذا الحماس فكرة السياسي البارز إلفثيريوس فينيزيلوس ، الذي قاد اليونان إلى الانتصارات في حروب البلقان، ورأى الحرب العالمية الأولى بمثابة فرصة ذهبية وضغط من أجل اليونان لدخول الحرب على جانب الحلفاء، وحتى أن البريطانيين عرضوا قبرص كحافز ووعدوا بمساعدة اليونان في الاستيلاء على جزر بحر إيجه وجنوب غرب الأناضول .
لكن الملك اليوناني قسطنطين الأول فينيزيلوس عارض، وعلى الرغم من أنه كان يرغب في إضافة أراضي، إلا أن قسطنطين كان يكره الدخول في تحالف محفوف بالمخاطر، لا سيما التحالف ضد أقاربه الألمان.
وفي هذه الأثناء، كان العثمانيون يطهرون عرقًا غرب الأناضول من الإغريق، وتم إخلاء القرى والبلدات بالقوة، وتمت صياغة العديد من الرجال اليونانيين في كتائب عمالية وعملوا حتى الموت، وكان هذا الاضطهاد مثل اضطهاد الأتراك العثمانيين لليونانيين وتكرر نفس ما حدث في الإبادة الجماعية للأرمن عام 1915 التي صممت لتخليص الأناضول من سكانها المسيحيين غير الأتراك.
وفي عام 1917، أجبر الحلفاء الملك قسطنطين علي التنازل، واستبدال عرشه مع ابنه ألكسندر، وانضمت اليونان إلى الحلفاء، ولكن الأحداث التخريبية سممت السياسة الداخلية اليونانية، وتم تقسيم البلاد بين الملكيين وفينيزيليين، وفي مؤتمر فرساي 1919 للسلام، قام فينيزيلوس بالحصول على الدعم البريطاني للمطالبات اليونانية في جزر بحر إيجه وغرب الأناضول، وخاصة سميرنا (أزمير اليوم)،والتي كانت مدينة يونانية منذ العصور القديمة ولكن كانت تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية منذ 1330 ميلاديا.
احتلت القوات اليونانية سميرنا في مايو 1919، بعد أن شجع علي ذلك رئيس الوزراء البريطاني لويد جورج، ودفع اليونانيون في عام 1920 إلى داخل الأناضول لإضفاء عمق استراتيجي على احتلالهم، وفي أكتوبر توفي الملك الكسندر فجأة من تعفن الدم من أثر عضة قرد وكان هذا الحادث غير عادي غير في التاريخ اليوناني، ودعا فينزيلوس بشكل متهور إلى الانتخابات، وتم التخلي عنه بشكل حاسم من قبل الناخبين اليونانيين الذين عانوا من الحرب على نحو متزايد، وتم تعيين ديمتريوس غوناريس رئيسا للوزراء.
علم تركيا
والإهانات التي تعرض لها الحلفاء والغزو الإغريقي حرضت الأتراك على المقاومة الوطنية، وسرعان ما ارتفع أفضل جنرالات الإمبراطورية العثمانية، مصطفى كمال، ليقود جيشًا تركيًا من جديد والذي كان يأمل في إدخال تركيا إلى المعسكر الاشتراكي، وذلك بصب الأسلحة والإمدادات والذهب في أيدي القوميين الأتراك .
المرير أن اليونان قد استولت على سميرنا (التي ادعت إيطاليا)، وبدأت أيضا في تزويد الأتراك، وفي ديسمبر 1920، وسع اليونانيون منطقة احتلالهم بالهجوم من سميرنا وجيب شمال غرب الأناضول، و في العام التالي، هاجموا مرة أخرى تحت قيادة الجنرال أناستاسيوس بابولاس، لكنهم عانوا من انتكاسات في معركتي إينونو (يناير ومارس 1921) .
في صيف عام 1921، استأنف اليونانيون هجومهم لقطع تركيا عن طريق قطع روابط السكك الحديدية بين الساحل والجزء الداخلي، ونجد ايضا الجيش اليوناني المكون من تسعة أقسام فاز بشكل حاسم على الأتراك تحت قيادة الجنرال مصطفى عصمت إينونو (عصمت باشا) في معركة كوتاهيا لكنه فشل في الضغط على الأتراك وكان هذا خطأ فادح.
فبدلا من ذلك، جادل الملك قسنطينة ووزرائه وجنرالاته حول ما يجب القيام به بعد ذلك، وقد اختاروا أن يضغطوا على أنقرة، العاصمة التركية الجديدة، من أجل مواجهة نهائية.
وبدأت الحملة بالهزيمة الحاسمة للأتراك في معركة استمرت من 16 إلى 17 يوليو، وأراد عصمت باشا المحاربة، ولكن مصطفى كمال نصح بحذر بالانسحاب إلى نهر سقاريا (سانغاريس)، الذي يبعد 50 ميلاً غرب أنقرة.
كان الإغريق في ذلك الوقت في وضع سئ للغاية، لكن قادة الجيش لم يستطيعوا مقاومة محاولة الضربة القاضية مما وضع ضغطاً هائلاً على الخدمات اللوجستية والروح المعنوية، وفي 21 أغسطس، خاضوا معركة لمدة ثلاثة أسابيع على سكاريا وواجههم الجنرال التركي مصطفى فيزازي تشاك ماك، حيث تولى كمال المسؤولية الكاملة، وانتهت معركة الأرجوحة هذه بسحب تكتيكي .
على الرغم من أن اليونانيين تسببوا في خسائر 38461 لتركيًا ضد خسائر يونانية بلغت 23،067 الا ان افترض كمال القيادة الشخصية وحاول تحويل الجناح اليوناني، وهذه المناورة أثارت قلق الملك قسطنطين لدرجة أنه طالب بوقف المعركة فأطاعه الجنرال بابولاس وأمر بالانسحاب ولكن لم يترك وراءه سوى الأرض المحروقة.
علم اليونان
في عام 1922، كان كمال مستعدًا لشن هجومه الكبير، وكانت المعنويات اليونانية تتعثر، فقد تخلى الحلفاء عن اليونانيين وكان القتال يبدو بلا نهاية، وقد تم طرد بابولاس واستبداله بجورجوس هاتزيانيسيس، وهو غير ذي كفاءة أكبر.
هاجم كمال في 26 أغسطس وكسر اليونانيين في معركة دوملوبينار، مما تسبب في خسائر تقدر بنحو 50000 بتكلفة تقل عن 15000، وتابع الأتراك تراجع اليونانيين إلى سميرنا، حيث تم إجلاء آخر الناجين من الجيش اليوناني في 16 سبتمبر.
وكان مصير سميرنا على أيدي الأتراك شبيهاً بالاغتصاب الياباني الشهير نانجينغ عام 1937، وقد تم ذبح الكثيرين من 100،000 من السكان اليونانيين والأرمن في سميرنا، وتم حرق جزء كبير من المدينة على الأرض، وقام الاتراك بتمزيق رئيس أساقفة الروم الأورثدوكس في سميرنا إلى أشلاء .
كانت سفن الحلفاء المتحالفة في ميناء سميرنا قد أصدرت بأوامر بعدم تقديم أي مساعدة لحشود اللاجئين المدنيين المذعورين الذين حشوا الأرصفة، وقام الأتراك بذبح المدنيين المذعورين.
انتهاء الصراع التركي اليوناني :
أطاح الجيش اليوناني بالحكومة، وحاول هؤلاء المسؤولين ان يصبحوا معروفين في التاريخ اليوناني، وفي يوليو 1923، قام رئيس الوزراء السابق فينيزيلوس ومصطفى كمال (الذي تم الترحيب به آنذاك باسم أتاتورك ) بتوقيع معاهدة لوزان .
تم أكمال شروط التطهير العرقي في تركيا التي بدأت خلال الحرب العالمية الأولى من خلال تبادل المسيحيين الأرثوذكس اليونانيين الذين بقوا على قيد الحياة في تركيا للمسلمين الذين يعيشون في اليونان
أصبح هناك ما يقرب من 1.5 مليون يوناني ونصف مليون تركي أصبحوا لاجئين، وأنهت المعاهدة الوجود اليوناني في آسيا الصغرى التي بدأت في حرب طروادة القديمة وتركت كلا البلدين متجانسة مع السكان إلى حد كبير، ولم تكن هناك بعدها المزيد من الحروب.
سنتحدث اليوم عن الصراع التركي اليوناني المرير الذي خلق اليونان الحديثة وتركيا، ويبدأ كل هذا منذ سقوط القسطنطينية إلى الأتراك العثمانيين في عام 1453، وكان حلم اليونانيين وقتها هو استعادة جميع الأراضي اليونانية المأهولة التي يسيطر عليها الأتراك، اليونان الأوروبي، جزر بحر إيجة، والغرب وشمال الأناضول، وحتى القسطنطينية نفسها .
بدء الصراع التركي اليوناني :
بعد حرب الاستقلال في اليونان بين عامي 1821 و 288، ضاعفت البلاد حجمها من خلال استعادة الأراضي اليونانية من العثمانيين، وأصبح هذا التجمع في الأراضي اليونانية يعرف باسم "الفكرة العظيمة".
وكان كل هذا الحماس فكرة السياسي البارز إلفثيريوس فينيزيلوس ، الذي قاد اليونان إلى الانتصارات في حروب البلقان، ورأى الحرب العالمية الأولى بمثابة فرصة ذهبية وضغط من أجل اليونان لدخول الحرب على جانب الحلفاء، وحتى أن البريطانيين عرضوا قبرص كحافز ووعدوا بمساعدة اليونان في الاستيلاء على جزر بحر إيجه وجنوب غرب الأناضول .
لكن الملك اليوناني قسطنطين الأول فينيزيلوس عارض، وعلى الرغم من أنه كان يرغب في إضافة أراضي، إلا أن قسطنطين كان يكره الدخول في تحالف محفوف بالمخاطر، لا سيما التحالف ضد أقاربه الألمان.
وفي هذه الأثناء، كان العثمانيون يطهرون عرقًا غرب الأناضول من الإغريق، وتم إخلاء القرى والبلدات بالقوة، وتمت صياغة العديد من الرجال اليونانيين في كتائب عمالية وعملوا حتى الموت، وكان هذا الاضطهاد مثل اضطهاد الأتراك العثمانيين لليونانيين وتكرر نفس ما حدث في الإبادة الجماعية للأرمن عام 1915 التي صممت لتخليص الأناضول من سكانها المسيحيين غير الأتراك.
وفي عام 1917، أجبر الحلفاء الملك قسطنطين علي التنازل، واستبدال عرشه مع ابنه ألكسندر، وانضمت اليونان إلى الحلفاء، ولكن الأحداث التخريبية سممت السياسة الداخلية اليونانية، وتم تقسيم البلاد بين الملكيين وفينيزيليين، وفي مؤتمر فرساي 1919 للسلام، قام فينيزيلوس بالحصول على الدعم البريطاني للمطالبات اليونانية في جزر بحر إيجه وغرب الأناضول، وخاصة سميرنا (أزمير اليوم)،والتي كانت مدينة يونانية منذ العصور القديمة ولكن كانت تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية منذ 1330 ميلاديا.
احتلت القوات اليونانية سميرنا في مايو 1919، بعد أن شجع علي ذلك رئيس الوزراء البريطاني لويد جورج، ودفع اليونانيون في عام 1920 إلى داخل الأناضول لإضفاء عمق استراتيجي على احتلالهم، وفي أكتوبر توفي الملك الكسندر فجأة من تعفن الدم من أثر عضة قرد وكان هذا الحادث غير عادي غير في التاريخ اليوناني، ودعا فينزيلوس بشكل متهور إلى الانتخابات، وتم التخلي عنه بشكل حاسم من قبل الناخبين اليونانيين الذين عانوا من الحرب على نحو متزايد، وتم تعيين ديمتريوس غوناريس رئيسا للوزراء.
علم تركيا
والإهانات التي تعرض لها الحلفاء والغزو الإغريقي حرضت الأتراك على المقاومة الوطنية، وسرعان ما ارتفع أفضل جنرالات الإمبراطورية العثمانية، مصطفى كمال، ليقود جيشًا تركيًا من جديد والذي كان يأمل في إدخال تركيا إلى المعسكر الاشتراكي، وذلك بصب الأسلحة والإمدادات والذهب في أيدي القوميين الأتراك .
المرير أن اليونان قد استولت على سميرنا (التي ادعت إيطاليا)، وبدأت أيضا في تزويد الأتراك، وفي ديسمبر 1920، وسع اليونانيون منطقة احتلالهم بالهجوم من سميرنا وجيب شمال غرب الأناضول، و في العام التالي، هاجموا مرة أخرى تحت قيادة الجنرال أناستاسيوس بابولاس، لكنهم عانوا من انتكاسات في معركتي إينونو (يناير ومارس 1921) .
في صيف عام 1921، استأنف اليونانيون هجومهم لقطع تركيا عن طريق قطع روابط السكك الحديدية بين الساحل والجزء الداخلي، ونجد ايضا الجيش اليوناني المكون من تسعة أقسام فاز بشكل حاسم على الأتراك تحت قيادة الجنرال مصطفى عصمت إينونو (عصمت باشا) في معركة كوتاهيا لكنه فشل في الضغط على الأتراك وكان هذا خطأ فادح.
فبدلا من ذلك، جادل الملك قسنطينة ووزرائه وجنرالاته حول ما يجب القيام به بعد ذلك، وقد اختاروا أن يضغطوا على أنقرة، العاصمة التركية الجديدة، من أجل مواجهة نهائية.
وبدأت الحملة بالهزيمة الحاسمة للأتراك في معركة استمرت من 16 إلى 17 يوليو، وأراد عصمت باشا المحاربة، ولكن مصطفى كمال نصح بحذر بالانسحاب إلى نهر سقاريا (سانغاريس)، الذي يبعد 50 ميلاً غرب أنقرة.
كان الإغريق في ذلك الوقت في وضع سئ للغاية، لكن قادة الجيش لم يستطيعوا مقاومة محاولة الضربة القاضية مما وضع ضغطاً هائلاً على الخدمات اللوجستية والروح المعنوية، وفي 21 أغسطس، خاضوا معركة لمدة ثلاثة أسابيع على سكاريا وواجههم الجنرال التركي مصطفى فيزازي تشاك ماك، حيث تولى كمال المسؤولية الكاملة، وانتهت معركة الأرجوحة هذه بسحب تكتيكي .
على الرغم من أن اليونانيين تسببوا في خسائر 38461 لتركيًا ضد خسائر يونانية بلغت 23،067 الا ان افترض كمال القيادة الشخصية وحاول تحويل الجناح اليوناني، وهذه المناورة أثارت قلق الملك قسطنطين لدرجة أنه طالب بوقف المعركة فأطاعه الجنرال بابولاس وأمر بالانسحاب ولكن لم يترك وراءه سوى الأرض المحروقة.
علم اليونان
في عام 1922، كان كمال مستعدًا لشن هجومه الكبير، وكانت المعنويات اليونانية تتعثر، فقد تخلى الحلفاء عن اليونانيين وكان القتال يبدو بلا نهاية، وقد تم طرد بابولاس واستبداله بجورجوس هاتزيانيسيس، وهو غير ذي كفاءة أكبر.
هاجم كمال في 26 أغسطس وكسر اليونانيين في معركة دوملوبينار، مما تسبب في خسائر تقدر بنحو 50000 بتكلفة تقل عن 15000، وتابع الأتراك تراجع اليونانيين إلى سميرنا، حيث تم إجلاء آخر الناجين من الجيش اليوناني في 16 سبتمبر.
وكان مصير سميرنا على أيدي الأتراك شبيهاً بالاغتصاب الياباني الشهير نانجينغ عام 1937، وقد تم ذبح الكثيرين من 100،000 من السكان اليونانيين والأرمن في سميرنا، وتم حرق جزء كبير من المدينة على الأرض، وقام الاتراك بتمزيق رئيس أساقفة الروم الأورثدوكس في سميرنا إلى أشلاء .
كانت سفن الحلفاء المتحالفة في ميناء سميرنا قد أصدرت بأوامر بعدم تقديم أي مساعدة لحشود اللاجئين المدنيين المذعورين الذين حشوا الأرصفة، وقام الأتراك بذبح المدنيين المذعورين.
انتهاء الصراع التركي اليوناني :
أطاح الجيش اليوناني بالحكومة، وحاول هؤلاء المسؤولين ان يصبحوا معروفين في التاريخ اليوناني، وفي يوليو 1923، قام رئيس الوزراء السابق فينيزيلوس ومصطفى كمال (الذي تم الترحيب به آنذاك باسم أتاتورك ) بتوقيع معاهدة لوزان .
تم أكمال شروط التطهير العرقي في تركيا التي بدأت خلال الحرب العالمية الأولى من خلال تبادل المسيحيين الأرثوذكس اليونانيين الذين بقوا على قيد الحياة في تركيا للمسلمين الذين يعيشون في اليونان
أصبح هناك ما يقرب من 1.5 مليون يوناني ونصف مليون تركي أصبحوا لاجئين، وأنهت المعاهدة الوجود اليوناني في آسيا الصغرى التي بدأت في حرب طروادة القديمة وتركت كلا البلدين متجانسة مع السكان إلى حد كبير، ولم تكن هناك بعدها المزيد من الحروب.