المخرج أحمد بيدو لـ"العرب": زلزال أغادير ذاكرة الفقد والصمود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المخرج أحمد بيدو لـ"العرب": زلزال أغادير ذاكرة الفقد والصمود

    المخرج أحمد بيدو لـ"العرب": زلزال أغادير ذاكرة الفقد والصمود


    مخرج مغربي ينبش ذاكرة المغاربة بفيلم قصير يحمل عنوان "الذاكرة" ويبرز من خلاله الآثار النفسية والاجتماعية للكوارث الطبيعية.
    الثلاثاء 2023/09/12
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    عدسة بحثت في التداعيات الاجتماعية والنفسية للزلازل

    الرباط - في العام 2009 اختار المخرج المغربي أحمد بيدو أن ينبش ذاكرة المغاربة بفيلم قصير يحمل عنوان “الذاكرة” ويمتد لمدة تسع دقائق فقط، يبرز من خلاله الآثار النفسية والاجتماعية للكوارث الطبيعية من خلال قصة مؤثرة عن فنان تشكيلي يعاني مشكلة في ذاكرته، ويسعى بجدية كبيرة للتعبير عن مشاعره المبهمة جراء فقدان والديه في زلزال عنيف.

    الفيلم كتب السيناريو الخاص به محمد عريوس واستوحاه المخرج من حادثة زلزال أغادير الذي وقع في المغرب في عام 1960، وقد كان هذا الزلزال واحدًا من أكبر الكوارث الطبيعية في تاريخ المغرب المعاصر، حيث أسفر عن خسائر بشرية جسيمة ودمر معظم مناطق المدينة. آثار هذا الزلزال والمأساة الناجمة عنه ظلتا تؤثران في الأسر والأفراد لسنوات عديدة.


    صراع بين الزمن والذاكرة يثير تساؤلات حول كيفية تأثير الأحداث التاريخية والكوارث على الفرد والمجتمع


    عن هذا الفيلم، يقول المخرج أحمد بيدو في حوار مع “العرب” إن “فيلم ‘الذاكرة’ هو قصة مؤثرة تستند إلى أحداث زلزال أغادير حيث يركز على رحلة البحث عن الهوية والفقدان التي يمر بها الفنان التشكيلي، وتجسيد الفنان الشهير حسن بديدا لهذا الدور يضيف بعمق إلى تجربة المشاهد، حيث تحاول الشخصية المتألمة استعادة ذكريات والديها اللذين فقدتهما خلال الزلزال”.

    ويوضح “تسلط القصة الضوء على جهود الفنان التشكيلي المحمومة في رسم ملامح الوجوه الزائلة ومحاولته تشكيل معالم مدينته الأصلية التي تأثرت بشكل دائم بالكارثة، هذه المحاولة المؤلمة تكشف عن تفاعل معقد بين الزمن والذاكرة، حيث يسعى الفنان إلى تجسيد الذكريات القديمة في الحاضر، ولكن في الوقت نفسه، يجد نفسه عالقًا في مدينة خالية من هويتها المعمارية الأصيلة”.

    ويضيف “لقد استخدمت تقنيات متنوعة لإيجاد تأثير واقعي للزلزال، ولكن الهدف الرئيسي للفيلم كان استكشاف الجوانب النفسية والاجتماعية للشخصيات بعد الكارثة بدلا من تصوير الزلزال نفسه، تم تطوير السيناريو وكتابة الحوار بعناية لتسليط الضوء على تأثير الكارثة على الشخصيات وعلى العلاقات بينها، وقد تم الاعتناء بالتفاصيل في التصوير واستخدمت الإضاءة والألوان بعناية لتعزيز الجوانب النفسية والعاطفية للقصة، كما استفدت أيضا من التأثيرات الصوتية والموسيقية لنقل الأجواء والمشاعر بشكل أكثر واقعية، وذلك خصوصًا عندما تم اختيار العمل دون حوارات لتعزيز تجربة المشاهدين”.

    ويشير المخرج إلى أن “التفاعل مع الممثلين كان له دور حاسم في تجسيد الأحداث والشخصيات في الفيلم، قبل بدء التصوير قدمنا للممثلين دروسًا مكثفة لدراسة السيناريو واستيعاب تفاصيل شخصياتهم وسياق القصة بعمق، تفاعلنا معهم بشكل وثيق لضبط أدائهم وضمان تحقيق رؤيتنا الإبداعية للفيلم، في بعض الحالات، تطرأ تغييرات غير متوقعة على السيناريو أو المشهد، وعلى الممثلين أن يكونوا قادرين على التكيف السريع مع هذه التغييرات وتقديم أداء فعّال”.

    ويقول أحمد بيدو لـ”العرب” إنه “يُفضل للمخرجين الشبان الذين يطمحون لتناول قصص الكوارث وتأثيرها في المجتمع أن يبدؤوا بالبحث العميق حول الحدث الكارثي الذي يرونه مناسبًا للتناول، يجب عليهم فهم جذور هذه الكوارث وتأثيرها على الناس والمجتمع بشكل أفضل، بالإضافة إلى ذلك، يتوجب عليهم التعامل بحذر وحساسية مع الموضوع، والتركيز على قصص الناس المتضررين وتأثير الكارثة عليهم بدلاً من الاستفادة من الكارثة للغرض الفني أو الترفيهي فقط”.

    ويتابع “من الضروري أن يقوم المخرج بالاستماع إلى تجارب وآراء الأشخاص الذين عاشوا تلك الكوارث، حتى يتمكن من تصوير قصة مؤثرة ودقيقة، إن تناول قصص الكوارث في السينما يمكن أن يكون وسيلة فعالة للتعبير عن تأثير الأحداث الكبيرة على المجتمع والبشر، وللمساهمة في مناقشة القضايا الاجتماعية والنفسية بشكل عميق ومؤثر”.

    أما بالنسبة إلى المشاريع السينمائية المستقبلية فيقول بيدو إنه “يمكن للمخرج أن يبقى ملتزمًا بمواصلة توثيق القصص والكوارث الطبيعية إذا كان يعتقد أن لديها القوة للتأثير على الجمهور ورفع الوعي حول قضايا هامة”.

    بالعودة إلى فيلم "الذاكرة" يظهر الفيلم بشكل واضح الجهود الجبارة التي يقوم بها الفنان التشكيلي لاسترجاع ذكريات والديه اللذين فقدهما جراء زلزال أغادير

    وبالعودة إلى فيلم “الذاكرة” يظهر الفيلم بشكل واضح الجهود الجبارة التي يقوم بها الفنان التشكيلي لاسترجاع ذكريات والديه اللذين فقدهما جراء زلزال أغادير، ومن خلال الفن والإبداع يحاول الفنان ترسيخ هذه الذكريات والمحافظة على هويته وتاريخه الشخصي على الرغم من ضعف ذاكرته وكيف يمكن للفن أن يكون وسيلة للتعبير عن تجارب الفقدان والحنين، مما يجعله أعمق وأكثر تأثيراً بالنسبة إلى المشاهدين.

    إن الإشارة إلى زلزال أغادير، أو محاولة توثيق جزء منه، هو عنصر مهم في القصة والتسلسل الزمني للأحداث، يمكن القول إن الزلزال هو الحدث المحوري الذي يشكل خلفية القصة ويؤثر إلى حد بعيد على تجربة الشخصيات وتطورها، تم استخدام الزلزال كوسيلة لاستكشاف مفهومين أساسيين في القصة وهما الهوية والفقدان.

    ويظهر الزلزال كمصدر للفقدان، حيث تفقد الشخصيات الرئيسية أحباءها وممتلكاتهم، ويتسبب في رحلة البحث عن الهوية التي تمر بها الشخصيات، حيث يحاولون استعادة ذكرياتهم وعلاقتهم بالأماكن والأشياء التي فقدوها كما يعكس تفاعلًا معقدًا بين الزمن والذاكرة، يحاول الفنان التشكيلي تجسيد الذكريات القديمة في الحاضر من خلال أعماله الفنية، ولكن في الوقت ذاته، يجد نفسه محاصرًا في مدينة فقدت هويتها المعمارية الأصيلة بسبب الزلزال، هذا الصراع بين الزمن والذاكرة يضيف عمقًا إلى القصة ويثير تساؤلات حول كيفية تأثير الأحداث التاريخية والكوارث على الفرد والمجتمع.

    لم تتوقف الحياة في أغادير بعد زلزال 1960، بل تم إجلاء المدينة بعد مرور يومين فقط من وقوع الزلزال، بهدف منع انتشار الأوبئة. بعد ذلك، تم بناء مدينة أغادير الجديدة على بعد مسافة كيلومترين فقط جنوب الموقع الأصلي للمدينة، جاء هذا القرار بناءً على طلب من العاهل المغربي الراحل الملك محمد الخامس الذي أعرب عن ذلك قائلاً “لأن الأقدار قضت بخراب أغادير، فإن بناءها الجديد يتوقف على إرادتنا وعزيمتنا”.

    عبدالرحيم- ش
يعمل...
X