مهرجان "فيزا" للتصوير الصحفي يناقش التطور التقني
الخيط رفيع بين مميزات الذكاء الاصطناعي ومخاطره في الإعلام.
الأحد 2023/09/10
هناك صور شديدة الواقعية لكنها غير حقيقية
رغم أن شركات التكنولوجيا تروج للفوائد التي يمكن أن تنالها البشرية من منتجات الذكاء الاصطناعي خاصة بعد أن اتسعت لتشمل جميع القطاعات الطبية والفنية، إلا أن العاملين في مجال الإعلام تزداد مخاوفهم مع تدخل الذكاء التوليدي في مجال صناعة الصور التي يمكن أن تساهم في مغالطة العامة حول بعض الحقائق.
بربينيان (فرنسا) - يحمل الذكاء الاصطناعي ميزات محتملة كثيرة يمكن للمصورين الصحافيين الإفادة منها، لكنه يشكل أيضاً تهديداً لمهمة الإعلام في نشر الحقيقة للجمهور في حال عدم رسم حدود واضحة لاستخدامه، بحسب نقاش شهده مهرجان “فيزا” للتصوير الصحفي المقام حالياً بدورته الـ35 في فرنسا.
ومع تزايد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل مطرد، يتنامى القلق من استخدامها من قبل أشخاص ينسبون إلى أنفسهم ما تنتجه الآلة.
وذكرت المصوّرة الصحافية الأميركية لورا مورتون بأنه “من غير الممكن وقف تطوّر هذه التقنيات”، وهو ما لمسته بنفسها خلال تقرير عن طفرة شركات التكنولوجيا في الغرب الأميركي والعدد المتزايد من الخبراء العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي في سيليكون فالي.
وشددت من هذا المنطلق على ضرورة أن “تتحمل المنصات الكبرى على الإنترنت مسؤولية (..) عدم إتاحة نشر هذه الصور بطريقة خاطئة”.
وفي وقت سابق فاز مصور فوتوغرافي بمسابقة من خلال تقديم صورة اختلقها من خلال الذكاء الاصطناعي على أنها صورة التقطها بنفسه، لكنه كان حسن النية وأعاد جائزته بعد أن كشف ما فعله.
القدرة على تعديل الصور وتغيير عناصرها الحقيقية يعد أكثر خطرا من توليد الصور من العدم بواسطة الذكاء الاصطناعي
وأبرزت مورتون كمعظم المتحدثين في حلقة النقاش التي أقيمت بعد ظهر الجمعة في إطار المهرجان المقام في مدينة بربينيان في جنوب فرنسا، من صحافيين وعاملين في مجال الإنترنت، أهمية “أنسنة” أدوات استخدام الذكاء الاصطناعي وطرق استخدامها.
وعُرِض على شاشة كبيرة خلال حلقة النقاش عدد من الصور المُوَلَّدَة بواسطة الذكاء الاصطناعي، تتناول مثلاً حرب أوكرانيا وزلزال تركيا، والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، إضافة إلى عمل المصوّر الأميركي مايكل كريستوفر براون بعنوان “90 ميلاً” عن عبور الكوبيين إلى فلوريدا، علماً أن هذا العبور لم يُصوّر.
واعتبر المصوّر الصحافي السويسري نيلز أكرمان أن زميله براون “لم يشأ تضليل الناس، وكان شفافاً في شأن عمله”.
وأضاف “إنها طريقة جيدة لإيقاظنا بالقول إن من الممكن في العصر الحالي إنشاء صور شديدة الواقعية” لكنها غير حقيقية.
ورأى أن هذه الإمكانية “خطرة جداً”، مشدداً على أهمية التعلّم في التمكين من التدقيق في مصدر الصورة، تفادياً لخطر “الامتناع عن النظر إلى الصور” على “افتراض أنها مزوّرة”.
ولا يتوقف الأمر عند الصور المولّدة من العدم، بل إن “الأكثر خداعاً” في رأي المؤسس المشارك لمنصة “غلوسيا” لخدمات الذكاء الاصطناعي ألكسندر لافاليه هو القدرة على “تعديل الصور (…) وتغيير عناصر فيها” استناداً إلى أساس حقيقي. وقال “هذا هو الخطر”.
وحرص الأمين العام لشركة “غوغل فرنسا” بونوا تاباكا على أن يوضح أن “الذكاء الاصطناعي ليس ذكاءً اصطناعياً توليدياً”، وأنه “موجود أصلاً في حياة جميع المصورين”، وفي معداتهم، سواء لجهة “التركيز التلقائي أو تعديل الضوء” في آلات التصوير، أو “التنقيح التلقائي” للقطات الهواتف المحمولة.
لكنّ الجهات العاملة في مجال الإنترنت تسعى إلى استحداث أدوات لرصد الصور التي يولّدها الذكاء الاصطناعي، وتساهم في متابعة وفحص جودة الصور المولدة وضمان تطبيق التقنيات بشكل أخلاقي وقانوني.
ويمكن تطبيق تقنيات إحصائية مثل تحليل التردد وتحليل الألوان وتحليل الهيكل للكشف عن أيّ تمويهات أو عيوب في الصور المولدة.
وتقوم هذه الأدوات على “القابلية للتتبع”، أي وضع بصمة أو علامة مائية على الصور تتيحان “تمييزها” لكي يكون عامّة المستخدمين على عِلم بأنها ثمرة الذكاء الاصطناعي، وأن المشاهد التي تتضمنها “لم تكن يوماً موجودة”.
وشدّد رئيس قسم التصوير في صحيفة “ليه زيكو” الاقتصادية اليومية تييري مينو على أن ابتكار أدوات تكنولوجية لا يكفي، بل ثمة دور “بشري” للمصورين الذين يتمتعون “بثقافة الصورة”، ما يُمكّن من “رصد (…) تفاصيل” تثير الشكوك في صحة الصورة.
وشرح أن في الإمكان أيضاً استخدام الذكاء الاصطناعي لترميم صور قديمة، أو لرقمنة المعلومات التي كُتبت عليها بخط اليد في الماضي وتحويلها إلى بيانات وصفية، أو تحليل الصور الجوية للكشف عن وجود ألغام أو مدارج هبوط سرية مثلاً.
واعتبر عدد من المتحدثين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون وسيلة للخروج من الأزمة التي تواجه وسائل الإعلام التقليدية، بسبب عدم رضى القراء وازدهار المحتويات المجانية على الإنترنت.
ورأى غريغوار لومارشان أنها “قد تكون فرصة لوكالات التصوير الكبرى التي يمكنها إضافة علامة للصور الحقيقية، كأن تُرفق بعبارة ‘خالية من الذكاء الاصطناعي”، مما يمكّنها تالياً من تثمير الصور الحقيقية تجارياً”.
وقال نيلز أكرمان “لقد أصبح توليد الصور المزيّفة سهلاً لدرجة أنه يوفّر (…) سوقاً ممتازة لنواقل الصور الحقيقية (…) أي لوسائل الإعلام (…) التي لا تجيد تحقيق الدخل من وجودها في زمن الإنترنت”.
أما تييري مينو فدعا وسائل الإعلام إلى أن تكون متأهبة لأن “الذكاء الاصطناعي التوليدي سيدخل أقسام التحرير”، حيث يمكنه إنتاج مقالات صحفية بشكل آلي بناءً على البيانات والمعلومات المتاحة، كما يمكن استخدامه لإنشاء تقارير سريعة حول الأحداث الجارية أو المعلومات الأساسية.
ويمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الصحافيين في تحليل البيانات الضخمة واستخراج الاتجاهات والأنماط منها لإنتاج تقارير أكثر دقة وتفصيلا، كما يمكن استخدامه للتحقق من صحة المعلومات والأخبار والكشف عن الأخبار الزائفة.
وعلى الرغم من فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال التحرير الصحفي، يجب مراعاة القضايا المتعلقة بالأخلاق والمصداقية والمسؤولية عند استخدام هذه التقنيات، وضمان أن الصحافيين يلعبون دورًا فعالًا في إشراف وتوجيه هذه الأدوات لضمان تقديم محتوى صحفي جيد وموثوق به.
وقال تييري مينو إنه مادام الصحافيون ينقلون “ما هو حقيقي، فلا يوجد سبب لاستخدام الذكاء الاصطناعي”.
الخيط رفيع بين مميزات الذكاء الاصطناعي ومخاطره في الإعلام.
الأحد 2023/09/10
هناك صور شديدة الواقعية لكنها غير حقيقية
رغم أن شركات التكنولوجيا تروج للفوائد التي يمكن أن تنالها البشرية من منتجات الذكاء الاصطناعي خاصة بعد أن اتسعت لتشمل جميع القطاعات الطبية والفنية، إلا أن العاملين في مجال الإعلام تزداد مخاوفهم مع تدخل الذكاء التوليدي في مجال صناعة الصور التي يمكن أن تساهم في مغالطة العامة حول بعض الحقائق.
بربينيان (فرنسا) - يحمل الذكاء الاصطناعي ميزات محتملة كثيرة يمكن للمصورين الصحافيين الإفادة منها، لكنه يشكل أيضاً تهديداً لمهمة الإعلام في نشر الحقيقة للجمهور في حال عدم رسم حدود واضحة لاستخدامه، بحسب نقاش شهده مهرجان “فيزا” للتصوير الصحفي المقام حالياً بدورته الـ35 في فرنسا.
ومع تزايد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل مطرد، يتنامى القلق من استخدامها من قبل أشخاص ينسبون إلى أنفسهم ما تنتجه الآلة.
وذكرت المصوّرة الصحافية الأميركية لورا مورتون بأنه “من غير الممكن وقف تطوّر هذه التقنيات”، وهو ما لمسته بنفسها خلال تقرير عن طفرة شركات التكنولوجيا في الغرب الأميركي والعدد المتزايد من الخبراء العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي في سيليكون فالي.
وشددت من هذا المنطلق على ضرورة أن “تتحمل المنصات الكبرى على الإنترنت مسؤولية (..) عدم إتاحة نشر هذه الصور بطريقة خاطئة”.
وفي وقت سابق فاز مصور فوتوغرافي بمسابقة من خلال تقديم صورة اختلقها من خلال الذكاء الاصطناعي على أنها صورة التقطها بنفسه، لكنه كان حسن النية وأعاد جائزته بعد أن كشف ما فعله.
القدرة على تعديل الصور وتغيير عناصرها الحقيقية يعد أكثر خطرا من توليد الصور من العدم بواسطة الذكاء الاصطناعي
وأبرزت مورتون كمعظم المتحدثين في حلقة النقاش التي أقيمت بعد ظهر الجمعة في إطار المهرجان المقام في مدينة بربينيان في جنوب فرنسا، من صحافيين وعاملين في مجال الإنترنت، أهمية “أنسنة” أدوات استخدام الذكاء الاصطناعي وطرق استخدامها.
وعُرِض على شاشة كبيرة خلال حلقة النقاش عدد من الصور المُوَلَّدَة بواسطة الذكاء الاصطناعي، تتناول مثلاً حرب أوكرانيا وزلزال تركيا، والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، إضافة إلى عمل المصوّر الأميركي مايكل كريستوفر براون بعنوان “90 ميلاً” عن عبور الكوبيين إلى فلوريدا، علماً أن هذا العبور لم يُصوّر.
واعتبر المصوّر الصحافي السويسري نيلز أكرمان أن زميله براون “لم يشأ تضليل الناس، وكان شفافاً في شأن عمله”.
وأضاف “إنها طريقة جيدة لإيقاظنا بالقول إن من الممكن في العصر الحالي إنشاء صور شديدة الواقعية” لكنها غير حقيقية.
ورأى أن هذه الإمكانية “خطرة جداً”، مشدداً على أهمية التعلّم في التمكين من التدقيق في مصدر الصورة، تفادياً لخطر “الامتناع عن النظر إلى الصور” على “افتراض أنها مزوّرة”.
ولا يتوقف الأمر عند الصور المولّدة من العدم، بل إن “الأكثر خداعاً” في رأي المؤسس المشارك لمنصة “غلوسيا” لخدمات الذكاء الاصطناعي ألكسندر لافاليه هو القدرة على “تعديل الصور (…) وتغيير عناصر فيها” استناداً إلى أساس حقيقي. وقال “هذا هو الخطر”.
وحرص الأمين العام لشركة “غوغل فرنسا” بونوا تاباكا على أن يوضح أن “الذكاء الاصطناعي ليس ذكاءً اصطناعياً توليدياً”، وأنه “موجود أصلاً في حياة جميع المصورين”، وفي معداتهم، سواء لجهة “التركيز التلقائي أو تعديل الضوء” في آلات التصوير، أو “التنقيح التلقائي” للقطات الهواتف المحمولة.
لكنّ الجهات العاملة في مجال الإنترنت تسعى إلى استحداث أدوات لرصد الصور التي يولّدها الذكاء الاصطناعي، وتساهم في متابعة وفحص جودة الصور المولدة وضمان تطبيق التقنيات بشكل أخلاقي وقانوني.
ويمكن تطبيق تقنيات إحصائية مثل تحليل التردد وتحليل الألوان وتحليل الهيكل للكشف عن أيّ تمويهات أو عيوب في الصور المولدة.
وتقوم هذه الأدوات على “القابلية للتتبع”، أي وضع بصمة أو علامة مائية على الصور تتيحان “تمييزها” لكي يكون عامّة المستخدمين على عِلم بأنها ثمرة الذكاء الاصطناعي، وأن المشاهد التي تتضمنها “لم تكن يوماً موجودة”.
وشدّد رئيس قسم التصوير في صحيفة “ليه زيكو” الاقتصادية اليومية تييري مينو على أن ابتكار أدوات تكنولوجية لا يكفي، بل ثمة دور “بشري” للمصورين الذين يتمتعون “بثقافة الصورة”، ما يُمكّن من “رصد (…) تفاصيل” تثير الشكوك في صحة الصورة.
وشرح أن في الإمكان أيضاً استخدام الذكاء الاصطناعي لترميم صور قديمة، أو لرقمنة المعلومات التي كُتبت عليها بخط اليد في الماضي وتحويلها إلى بيانات وصفية، أو تحليل الصور الجوية للكشف عن وجود ألغام أو مدارج هبوط سرية مثلاً.
واعتبر عدد من المتحدثين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون وسيلة للخروج من الأزمة التي تواجه وسائل الإعلام التقليدية، بسبب عدم رضى القراء وازدهار المحتويات المجانية على الإنترنت.
ورأى غريغوار لومارشان أنها “قد تكون فرصة لوكالات التصوير الكبرى التي يمكنها إضافة علامة للصور الحقيقية، كأن تُرفق بعبارة ‘خالية من الذكاء الاصطناعي”، مما يمكّنها تالياً من تثمير الصور الحقيقية تجارياً”.
وقال نيلز أكرمان “لقد أصبح توليد الصور المزيّفة سهلاً لدرجة أنه يوفّر (…) سوقاً ممتازة لنواقل الصور الحقيقية (…) أي لوسائل الإعلام (…) التي لا تجيد تحقيق الدخل من وجودها في زمن الإنترنت”.
أما تييري مينو فدعا وسائل الإعلام إلى أن تكون متأهبة لأن “الذكاء الاصطناعي التوليدي سيدخل أقسام التحرير”، حيث يمكنه إنتاج مقالات صحفية بشكل آلي بناءً على البيانات والمعلومات المتاحة، كما يمكن استخدامه لإنشاء تقارير سريعة حول الأحداث الجارية أو المعلومات الأساسية.
ويمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الصحافيين في تحليل البيانات الضخمة واستخراج الاتجاهات والأنماط منها لإنتاج تقارير أكثر دقة وتفصيلا، كما يمكن استخدامه للتحقق من صحة المعلومات والأخبار والكشف عن الأخبار الزائفة.
وعلى الرغم من فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال التحرير الصحفي، يجب مراعاة القضايا المتعلقة بالأخلاق والمصداقية والمسؤولية عند استخدام هذه التقنيات، وضمان أن الصحافيين يلعبون دورًا فعالًا في إشراف وتوجيه هذه الأدوات لضمان تقديم محتوى صحفي جيد وموثوق به.
وقال تييري مينو إنه مادام الصحافيون ينقلون “ما هو حقيقي، فلا يوجد سبب لاستخدام الذكاء الاصطناعي”.