جامع معرة النعمان الكبير.. شاهد على العصور
----------------------------------------
مسجد متميز في مدينة "معرة النعمان" يعتبر أكبر مسجد في المدينة، وشاهداً حقيقياً على الفترات التاريخية العديدة التي مرت بها.. هو الجامع الكبير القابع وسط مدينة "المعرة" والذي يعتبر نقطة علام يهتدي بها القادمون حتى في العهد الحاضر لشموخ مئذنته المرتفعة والتي تظهر للعيان من الشرق والغرب مهما ارتفعت الأبنية حولها.
.
يعتبر الجامع الكبير في معرة النعمان من بين أقدم ثلاثة مساجد في سورية بعد الجامع الأموي في دمشق، ثم الجامع الأموي في حلب.
ففي القسم الشرقي من ساحة المسجد بناء روماني، وفي صحنه قبة صغيرة قائمة على ستة أعمدة من الحجر، تشبه البناء في عهد عمر.
ويليها قبة تحتها بركة ماء تعود إلى عصور متأخرة عن عصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وفي الجنوب الشرقي من القبة هناك قبة أخرى يسيل منها الماء إلى الأولى، وتسمى الحنفية، وقد كتب على وجهها الجنوبي (جدد هذه الحنفية المفتقر إلى رحمة ربه كيوان بك عز نصره في سنة 971هـ).
.
“الجامع الكبير” كما يطلق عليه أهالي معرة النعمان في ريف ادلب الجنوبي يعتبر من أهم المعالم الأثرية في المنطقة، ولا تزال ملامحه القديمة حاضرة بين جدرانه الشرقية والغربية والجنوبية، وفيها أثر وإضافات لحضارات متعددة بدءً من المعابد الوثنية إلى الكنائس مروراً بالعصر الإسلامي الذي صبغ الجامع بصبغات متعددة، إذ يضم آثاراً ونقوشاً وطرقاً في البناء تجمع بين الأزمنة الأموية والعباسية والعصر المملوكي والزخارف العثمانية.
.
للمسجد بابان أحدهما من الجهة الشمالية والثاني وهو الباب الكبير من الجهة الغربية،ويُهبط منه إلى صحن الجامع عبر ست عشرة درجة، وكان كما ذكر المؤرخون والرحالة يصعد إليه بثلاث عشرة درجة والآن ينزل إليه بست عشرة درجة، وهذا يدل على التراكمات التي تعاقبت على هذه المدينة من هدم وزلازل، وكان أهل "المعرة" يكتفون بالبناء فوق أنقاض القديم لذلك جاء صحن الجامع منخفضاً عما حوله.
.
و تستقبلك بعد الدخول من الباب باحة كبيرة (60×50) تضم “الميضأة” وهي عشرية الشكل بالأعمدة من الداخل مثمنة الشكل من الخارج تعلوها قبة نصف كروية، و “المزونة” وهي بناء قديم للتعريف بوقت صلاتي الظهر والعصر اعتماداً على قياس الظل، تعلو المزونة قبة متوسطة الحجم تقوم على ستة أعمدة أسطوانية الشكل.
.
إلى الجنوب من الباحة يواجهك الحرم الجنوبي (58×12)، بنوافذه الستة وأبوابه الثمانية كبيرة الحجم، يستند على دعائم مربعة وأنصاف أعمدة تلتصق بالجدران، وتصطف ستة قباب مدببة الشكل على صفين وسط السقف. يزين شبكٌ حجري النوافذ في الجدار الجنوبي بزخرفات سداسية ما عدا نافذتين يغطيهما شبك حديدي مزخرف بنقوش وكتابات عربية نافرة.
.
داخل الحرم منبر خشبي قديم، بعرض (80سم) ومحراب يخلوان من النقوش، إلّا أن كتب التأريخ ذكرت كسوتهما بالرخام والفصوص والجص على شكل “المحاريب التزيينية في دمشق”، غابت معالمها بسبب ما تعرض له المسجد من حرائق، بحسب ابن الوردي.
.
.. أمّا الحرم الشمالي ويُسمّى “الحجازية” فهو أصغر حجماً، يقوم سقفه على دعائم مربعة ويخلو من القباب، ويصلي فيه الناس شتاء كونه أكثر دفئاً، وتتصل الحجازية من الجهة الغربية بباب المسجد الشمالي، بينما تتصدر لوحة كتابية نافرة أرّخ عليها (886هـ) الواجهة الجنوبية منها.
.
وتبقى منارة المسجد الكبير المعلم الأثري الأجمل في المنطقة ولا يشابهها إلّا منارة المسجد الكبير في حلب، وتتألف من أبراج ستة، إضافة لبرج السقف العلوي، متساوية في الطول والعرض ولكل منها أربعة نوافذ تطل على الجهات الأربعة، ويتوسطها غرفة كانت توضع فيها المصابيح خلال شهر رمضان.
.
تشير أغلب الروايات التاريخية أن الجامع الكبير بني كـ “معبد وثني" في مكان كان يطلق عليه –ساحة الاوكولبتس- ثم تحول إلى كنيسة ومنها إلى مسجد، بعد دخول المسلمين إلى بلاد الشام”، وقد احرق المسجد “نقفور فوكاس” امبراطور روما عام (357 هجري) ثم أحرقه ثانية الفرنجة (الصليبيون) عام (492 هجري . ١٠٩٨م) بعد إعادة بنائه، ثم أُعيد بناؤه مرة ثالثة، وتوالت عليه الإضافات والترميمات والتجديدات في مختلف العصور الإسلامية حتى وصل اليوم بوضعه الحالي.
.
الجامع كتلة من الطراز المعماري القديم وهو شبيه بالجامع الأموي في "حلب" إلا أن الأول متأخر ومتدرج في عهود بنائه التاريخية،
.
وهو يتألف من عدة أقسام يرجع كل منها إلى عهد مختلف،:
• أولاً مئذنة الجامع الكبير وتعود إلى العهد الأيوبي،
• ثم صحن المسجد الذي يضم "الميضأة" و"المزولة" اللتين تعودان إلى الفترة المملوكية،
• كما يوجد في الصحن بئر قديم كان يُستخرج منه الماء للشرب،
• وفي المسجد حَرمان يطلان على الصحن هما الحرم القبلي والحرم الشمالي، ويعودان إلى الفترة المملوكية أيضاً
.
• يوجد في الناحية الشرقية للمسجد دلائل على الفترة الوثنية وهي رأسي ثور بارزين وقرص شمس وأحرف يونانية،
• كما توجد في أعلى الميضأة آثار تعود للعهد البيزنطي، فهي تقوم مثلاً على عشرة أعمدة أسطوانية يتوج معظمها تيجان كورانشية من تلك الفترة وتعلوها عوارض "أرشيتراف" غنية جداً بالزخارف النباتية، كأزهار شوكة اليهود والمراوح النخيلية،
.
• أما حَرَما الصلاة فيتوضع على جدرانهما بعض الكتابات العربية وأطولها لا بل أبرزها الموجودة على الجدار الجنوبي للحرم القبلي من الداخل وتفيد في عمارة الحرم من قبل المماليك وقد نقشت بشكل نافر سنة /775/ هـ،
.
• وبالأساس فإن سقف الحرم المذكور مُقام في العصر المملوكي على جدران كنيسة بعد أن أُضيف إليه جداران آخران من الشمال والجنوب،
.
وأما الحرم الجنوبي فهو ذو مسقط مستطيل (٨٥×١٢م)، يُدخل إليه عبر ثمانية أبواب كبيرة معقودة بعقد وتري، تعلوها قندليات ثلاثية الفتحات. ويسقف الحرم قبوات متقاطعة ترتكز على دعائم وسطية مربّعة وأنصاف أعمدة ملتصقة بالجدران، وتنتظم ست قباب متماثلة نصف كروية ملساء ترتكز على رقبات مضلّعة على صفّين في وسط السقف الذي أُقيم في العصر المملوكي. وقد زُيّنت نوافذ الجدار الجنوبي بزخارف حجرية هندسية بديعة وزخارف معدنية بنقوش وكتابات نافرة
وأما المحراب فقد كان مكسواً بالرخام قبل إحراقه، والمنبر خشبي بعرض ٨٠ سم. ومما يلي المحراب إلى الشرق كتابة نافرة تؤرّخ التجديد في العصر المملوكي سنة ٧٧٥هـ/١٣٧٣م، وهي مؤلفة من ثلاثة عشر سطراً
.
• وأما الحرم الشمالي (الحجازية) فواجهته أقل تميّزاً من واجهة الحرم الجنوبي؛ فهي تحتوي على أبواب وفتحات سفلية وعلوية متعددة ومعقودة، وسقفه معقود يرتكز على دعائم مربعة؛ غير أنه يخلو من القباب. وقد ضُمّت الغرفتان والرواق في الجهة الشرقية إلى الحجازية، وجعل فيها ميضأة ، وفُتح لها باب إلى القبلة من جهة الغرب في العصر العثماني سنة ١٣١٢هـ/١٨٩٤م. ويوجد لوحة كتابية نُقشت على واجهته الجنوبية ترقى إلى العصر المملوكي سنة ٨٨٦هـ/١٤٨١م
.
• وبالنسبة للمئذنة فتوجد في حجارتها علائم كنسية مثل شارة الصليب في بلاطة على إحدى نوافذ البرج العلوي ما يدل على استخدام نفس أحجار البناء غير مرة، وفي البرج الثالث من الغرب كتابة مؤلفة من سطرين بخط نسخي أيوبي.
.
• محراب المسجد كان في الماضي مكسواً بالرخام والفصوص والجص على شكل المحاريب التزيينية في جوامع "دمشق"، وقد ذكر "ابن الوردي" بالحرف الواحد أنه في سنة /323/ هجرية عملت قبة المسجد الجامع في "معرة النعمان" بالرخام والفصوص والجص، وعمل ذلك اخوان من "دمشق" اسم أحدهما متوكّل .. ولم يزل كذلك إلى أن أحرق "نقفور الثاني فوكاس" ملك الروم الجامع وأكثر الدور بعد أن فتحها.
.
• صحن الجامع المكشوف يتوسطه مبنىً مثمن الشكل يسمى الميضأة، وهي عبارة عن حوض مائي مُقام عليه أنصاف أعمدة أسطوانية الشكل تعلوها تيجان كورنثية مزخرفة ترتبط مع بعضها البعض من الأعلى بعوارض حجرية، تعلوها أيضاً أنصاف قناطر دائرية الشكل يرتفع عليها "أرشتراف" مزخرف بورق الأكانتس ويلاحظ التأثر الكلاسيكي في هذه الزخارف،
.
وفي نظرة على هذا البناء يُلاحظ اعتماد عناصر معمارية نقلت من مواقع أثرية كالتيجان المزخرفة و"الأرشتراف"،
.
• وإلى غرب الميضأة توجد "مزولة" وهي بناء مسدس يعرف بها دخول صلاة الظهر، وتقوم على ستة أعمدة أسطوانية بقبة مدببة وهي متواضعة جداً تخلو من أية زخارف أو كلفة معمارية.
.
بقي أن نذكر أن مئذنة الجامع الكبير روعة فنية في غاية التأثير
شُيِّدت مئذنة الجامع في العصر الأيوبي سنة ٥٧٥هـ/١١٧٩م، مرتفعة بمقدار ٢٧م تقريباً، وهي ذات مسقط مربّع، بُنيت جدرانها من مداميك الحجر الكلسي، وقُسمت إلى ست طبقات متساوية (٣.٨٥م) بوساطة مدماك حجري بارز يفصل بين كل طبقة وأخرى. ولكل منها ميزة زخرفية، حيث تنصّف كل طبقة منها نوافذ متماثلة من جهاتها الأربع؛ لكنها تختلف بين كل طبقة وأخرى:
• فالطبقة الأولى بعد سطح الحرم تحتوي على نوافذ مستطيلة ضيّقة،
• والثانية تحتوي على عقود خماسية الفصوص تتضمن قمرية دائرية ذات إطار حجري،
• والثالثة تحتوي على قمرية ذات إطار حجري شعاعي،
• والرابعة تحتوي على فتحات واسعة معقودة بعقد نصف دائري،
• ثم تبرز شرفة المؤذن قليلاً والتي تحتوي على درابزين زخرفي وتغطيها مظلة تبرز عنها،
• ثمّ يعلوها جذع مربع يصغر عن الجذع السفلي حيث ترتكز عليه قبة نصف كروية ملساء متوّجة بالهلال.
وقد نُقش على المئذنة بخطّ نسخي أيوبي «صنعه قاهر بن علي بن قانت رحمه الله». وقد نُقش أيضاً في حجر داخل أعلى المئذنة من الجهة الشمالية الغربية ثلاثة أسطر تفيد تاريخ التجديد في العصر المملوكي سنة ٩٠٩ هـ/١٥٠٣م
وهي أجمل أثر عمراني أبقاه الزمان في "المعرة" وأنفس ذخيرة حفظتها الأيام لتكون مثلاً يدل على مبلغ الفن العمراني في ذلك العهد، وهي- والحق يقال- بديعة الرواء محكمة البناء لا تدانيها في أحكام الصنع ودقة الوضع إلا منارة الجامع الكبير في "حلب".
.
يذكر ان جدران الجامع وعناصره المعمارية كافة بنيت من مداميك الحجر الكلسي الطحيني، وهو يقع في منخفض
.
شكل الجامع الكبير منارة ثقافية ودينية، وضم معهداً لتحفيظ القرآن والفقه وعلوم الشريعة أسسه الإمام أحمد الحصري، بحسب الرحوم الذي قال إن المعهد خرّج العديد من المشايخ وعلماء الدين وتوافد إليه طلاب العلم من مختلف المناطق السورية.
================================================== ==
الموسوعة العربية ومدونة وطن ومصادر اخرى
=AZWciQ7Scf48T9R4ptCHJUae8eNPEmToSMH4xMUfLf2eZ6VRf EMqFHNOS2pC8mk4RSlWkPyFMPsQ52iXf4rhwHtDI90ZztJwdP3 y1YjO_bRjZqtcVW_u-tIDzZ9AVYTPIwXwIkn29sKBcsSpdVBmf6vbXZB9z1D84GoD9zA WuLDmkJkLfuyvJO28-SxjySyLvQo&__tn__=*bH-R]
=AZWciQ7Scf48T9R4ptCHJUae8eNPEmToSMH4xMUfLf2eZ6VRf EMqFHNOS2pC8mk4RSlWkPyFMPsQ52iXf4rhwHtDI90ZztJwdP3 y1YjO_bRjZqtcVW_u-tIDzZ9AVYTPIwXwIkn29sKBcsSpdVBmf6vbXZB9z1D84GoD9zA WuLDmkJkLfuyvJO28-SxjySyLvQo&__tn__=*bH-R]
=AZWciQ7Scf48T9R4ptCHJUae8eNPEmToSMH4xMUfLf2eZ6VRf EMqFHNOS2pC8mk4RSlWkPyFMPsQ52iXf4rhwHtDI90ZztJwdP3 y1YjO_bRjZqtcVW_u-tIDzZ9AVYTPIwXwIkn29sKBcsSpdVBmf6vbXZB9z1D84GoD9zA WuLDmkJkLfuyvJO28-SxjySyLvQo&__tn__=*bH-R]
=AZWciQ7Scf48T9R4ptCHJUae8eNPEmToSMH4xMUfLf2eZ6VRf EMqFHNOS2pC8mk4RSlWkPyFMPsQ52iXf4rhwHtDI90ZztJwdP3 y1YjO_bRjZqtcVW_u-tIDzZ9AVYTPIwXwIkn29sKBcsSpdVBmf6vbXZB9z1D84GoD9zA WuLDmkJkLfuyvJO28-SxjySyLvQo&__tn__=*bH-R]
=AZWciQ7Scf48T9R4ptCHJUae8eNPEmToSMH4xMUfLf2eZ6VRf EMqFHNOS2pC8mk4RSlWkPyFMPsQ52iXf4rhwHtDI90ZztJwdP3 y1YjO_bRjZqtcVW_u-tIDzZ9AVYTPIwXwIkn29sKBcsSpdVBmf6vbXZB9z1D84GoD9zA WuLDmkJkLfuyvJO28-SxjySyLvQo&__tn__=*bH-R]