حي العمارة الدمشقي
------------------------------
“العمارة “حيّ يختصر تاريخ دمشق بطريقة بنائه والمعالم الموجودة فيه، وأهمها باب الفراديس أو باب العمارة أحد أبواب دمشق الذي بناه الرومان ونُسب لكوكب عطارد،
فمدينة دمشق التي تفتخر بأنها من أقدم المدن المأهولة في العالم وأقدم عاصمة في التاريخ. حيث يمتد تاريخ المدينة إلى أكثر من 8000 قبل الميلاد. تضمّ عدداً من الأحياء التاريخية منها “حيّ العمارة” في المدينة القديمة والقريب جداً من المسجد الأموي.
.
يعدّ “حي العمارة” من أبرز أحياء مدينة دمشق القديمة، يقسمه سكان الحي إلى قسمين: “برّاني”، و”جواني”،
• ما كان داخل السور يسمى “العمارة الجوانية”،
• وما كان خارج السور يسمّى “العمارة البرانية”،
يقع في الجهة الشمالية من المدينة القديمة، وعلى بعد أميال قليلة من المسجد الأموي الكبير.
.
.
في كل ركن من أركان أحيائها القديمة يحس المرء بطعم العصور الغابرة التي مرت بها المدينة ومنطقة العمارة هي واحدة من أقدم أحياء المدينة، وتعود العمارة إلى زمن تأسيس المدينة وعمارتها، ومن هنا استمدت اسمها يمكن للمشاهد وللناظر رؤية مآذن مسجد بني أمية الكبير من كل منزل في الحي تقريباً وليست الأسواق القديمة ببعيدة عن الحي أيضاً.
.
“حي العمارة” بأجزائه الثلاثة ظل يتردّد في الأذهان كما في الوجدان لسنين طويلة، وفيه سرّ لم يعد موجوداً وهو “سرّ الباب” الذي تتفرع منه الأزقة والحارات، فالأبواب لم تعد موجودة منذ أكثر من نصف قرن، إنما ظلت أسماؤها.باب البريد، باب المصلى، باب الجابية، باب شرقي، باب توما، الخ…
.
ها نحن نجتاز سوق الحميدية كله بتفرعاته نحو سوق (الأروام) وسوق (العصرونية) و(زقاق المحكمة) حتى نصل الى مفترق جديد يؤدي واحد منه الى سوق (النسوان)، والثاني الى سوق (القيشاني)، ومنه الى سوق (الحرير)، هذا الى اليمين. أما الى الشمال فهناك باب (البريد) الذي يوصلنا الى حي العمارة.
.
أما المشهد الرائع الذي لا ينسى فهو الجامع الأموي الكبير بمشرفيته ومآذنه، وسطوع أنواره التي لا تنطفئ حتى قبل أن تصل اليها الكهرباء.. تحنو هذه الأنوار على سوق صغير أو (جادة) اسمها (المسكية) تزخر بالكتب ونفائس المخطوطات، وربما ببعض التحف واللوحات.
.
ما أن يدخل المرء إلى المدينة القديمة من أي من أبوابها حتى يغوص في متاهة من الأحياء المتشعبة بقناطرها ومساجدها واسواقها وبقايا سورها والمطاعم التي ما يلبث المرء أن يجدها خلف أبواب البيوت القديمة. ولعل من السهل التخيل أن الحياة في المدينة لم تكن شديدة الاختلاف عنها اليوم بحيويتها الدائمة.
تضيق جدران الحارات أحياناً بحيث لا تكاد تستطيع المرور دون لمس الجدران المحيطة بك وتزين الكروم سطوح بعض الأزقة لتعطيها مظهراً قروياً فائق الروعة. وبالرغم من تشابك الأزقة والحارات إلا أن المرء لا يكاد يضيع حتى يهتدي مجدداً بواحدٍ من المعالم الخالدة التي تتوزع في أرجاء الدينة انك تسير في واحدة من اعرق مدن العالم.
.
فلنعد إذن الى باب (البريد).. مسافة قصيرة تحف بها الدكاكين بالحلويات والأطعمة وغيرها، حتى نقف أمام ::
•(الحمّام) الرئيسي لحي العمارة، تفوح منه روائح الطيب والصابون، وتتناثر حوله غيوم صغيرة من بخار الماء كلما فتح بابه..
• يقابله على بعد خطوات صرح قديم وضخم وفخم هو ما سموه مجمع اللغة العربية، تستقبلنا فيه (مصاطب) من حجر وردي نظيف قبل أن نصل الى البوابة الرئيسية..
.
لندخل إذن الى حي العمارة التي سنسميها (الجوانية) لأن بعدها ستأتي العمارة (البرانية)، وتمتد من أضلاع العمارة (الجوانية) أزقة ضيقة هي (زقاق النقيب)، و(بين السورين) تنتعش بهما مضخة بماء الفيجة من المعدن يرتاح لها العابرون فيغسلون وجوههم، أو يمسكون بـ (طاسة) مثبتة بسلسلة ليشربوا ثم ينصرفوا.
ولعل هذا الماء من الصدقات الجارية، أو من المحسنين، أو من سكان الحي أنفسهم.. وما أعذب هذا الماء عندما يعبأ في الأباريق الفخارية التي تحفظ البرودة إذا وضعت في تيار الهواء. لكن الصغار يجلبون الماء بسطول صغيرة من القصدير حتى لا تتحطم أوانيهم، وينالوا العقاب من أهاليهم.
وهل تشفع لهم حفيدة الرسول (ص) (ستي رقية) التي ترقد في هذا المقام الصغير الذي تقصده نساء الحي للصلاة أو الأذكار أو إقامة الموالد؟ ربما كان الاعتقاد كذلك.
.
وبعد هذا المرقد تبدأ العمارة (البرانية) بسوق طويل يكتظ بالدكاكين، ويقف قرب منصاتها رجال الحي بلباسهم العربي، وربما بعباءاتهم المقصبة السوداء أو العسلية إذا كان الوقت في الصباح أو عند المساء.. يتداولون الأحاديث، ويسرد بعضهم لبعض ما سمع من قصص وأخبار وخاصة عن الفرنسيين الذين احتلوا دمشق، ودمروا كثيراً من أحيائها الجميلة.. وخاصة تلك القصة الشهيرة عندما وقف الجنرال (غورو) أمام قبر صلاح الدين في حي(الكلاسة)، وهو القريب جداً من العمارة، ليقول له عبارته الشهيرة: "ها قد عدنا يا صلاح الدين".
وهذا في النصف الثاني من ثلاثينات القرن الماضي.
.
وإذ ننتهي من العمارة (البرانية) ينكشف الأفق أمامنا لنقطع شارعاً عريضاً يؤدي بنا الى (المناخلية)، والى سوق (الحدادين)، . ومن هذا الشارع نستطيع أن نصل الى منطقة اسمها (مسجد الأقصاب) وكأن لكل مهنة أو حرفة سوقها الخاص بها، وتلك علامة حضارية لم تعرفها أكثر العواصم العربية.
.
وبينما يتجول المرء في أركان المنطقة المعمورة، لا يفصله عن المنازل الدمشقية الفارهة التي تكاد تشبه القصور في تميزها إلا الأبواب الخشبية البسيطة.
تتماشى البيوت العربية ذات الطابع الشرقي التقليدي مع متطلبات المجتمع والتقاليد الإسلامية وتتكون البنية العامة لها من المواد الأولية المتوفرة في البيئة المتوسطية عامة وفي غوطتي دمشق خاصةً من أخشاب وأحجار بازلتية وكلسية.
.
و بينما تبدو البيوت صلبة ومعزولة من الخارج، تشرف جميع غرفها على باحات فسيحة تتوسط كل منها بحرة وتحيط بها أشجار الليمون والبرتقال والنارنج وأزهار الياسمين من كل صوب. يعلو الباحات في معظم الأحيان طابق ثان تشرف غرفه عليها وعلى أزقة الشارع الضيقة. تزين الجدران الخارجية للباحات زخارف إسلامية جميلة وتكسو الألوان سقوف الغرف الرئيسية.
.
يوجد في “حيّ العمارة” عدد من الأوابد والمباني القديمة الأثرية، منها:
◘ المكتبة الظاهرية:
تقابلها المدرسة العادلية الكبرى أو “مجمع اللغة العربية”، حيث يظهر الانسجام الواضح بين البنائين، وكأنما أراد المصمم أن يؤلف منهما وحدة عمرانية يتحديان الزمن بشيء من الروعة.
.
وكان الظاهر بيبرس قد انشا المكتبة الظاهرية في عام 1277 للميلاد لتكون المكتبة الوطنية لبلاد الشام جمعاء. الزخارف الجميلة والمنحوتات والمكتبات العظيمة التي يحوي عليها البناء إضافة إلى البوابة التي تحمل تصاميم هندسية قل نظيرها جعلت المكتبة تكون لربما من أهم المواقع التاريخية في دمشق على الإطلاق.
وقد اعلنت الحكومة السورية البناء كمكتبة وطنية في عام 1880، وبعد ذلك أصدر مرسوم في عام 1949 يقضي بتزويد المكتبة بنسخة من كل عمل ينشر في البلاد.
.
حلت مكتبة الأسد الوطنية عام 1983 مكان المكتبة الظاهرية بوصفها المكتبة الوطنية في سوريا لكن المكتبة الظاهرية بقيت من أهم وأقدم المكتبات في دمشق.
.
◘ مقام السيدة رقية:
يقع مقام السيدة رقية بنت الحسين على بعد خطوات من الحي. بني المقام على قبر السيدة سكينة في عام 1985 بطراز معماري فارسي مشغول بتناظر رائع وتلبيس بالذهب. ويجاور المقام مصلى إلى جانبه باحة صغيرة.
.
◘ ومن حارات الحيّ الشهيرة :
حارة “السبع طوالع” خلف المكتبة، وفيها أقام الأمير عبد القادر الجزائري قصراً في “العمارة الجوانية”، أوائل القرن التاسع عشر، وكان لهذا القصر جسر خشبي على فرع نهر “العقباني”، يصل بين زقاق النقيب حيث القصر، وبين حيّ “الشرف الأعلى”.
.
◘ وتنتشر في الحيّ البيوت العربية ذات الطابع الشرقي التقليدي مع الزخرفة الإسلامية، وهي أبنية أثرية تمتاز بفناء داخلي واسع يسمى بـ”أرض الديار”، تحيطه الغرف وتتوسطه بركة ماء جميلة، فلا يكاد بيت دمشقي يخلو من شجرة ياسمين أو غاردينيا.
.
يجدر الذكر أن منطقة “حيّ العمارة” شهدت نشوء شخصيات عدّة ساهمت في صنع تاريخ المنطقة، منهم الأديب عزت محمد خير حصرية، والكاتبة وفاء الكيلاني، والشيخ رمضان ديب، والأمير عبد القادر الجزائري الذي أقام في “حيّ العمارة” قادماً من بورصا، حيث مارس خلال فترة إقامته في الحي نشاطاته العلمية والسياسية.
.
ماذا أقول عن حي العمارة وقد كان عالماً قائماً بذاته؟
حي العمارة.. لا يمكن أن ينسى.. وما أرويه هنا إضاءة بسيطة ولوحة صغيرة من فسيفساء لا أبدع منها ولا أجمل.
=AZXoiYXQqmSrMBLte0EmRlTIlZA6_Ecn5czwMMLlAq1ByS5Pw su5qTr8Xj-yBYw3lpeqMIjysuSAfGaEuneEy4_4GIVJ7YZlNa4K8Pmt_9GQ9 zZxZInyYu7apjuXjH7Tq4Dm9Eelj6iFqWbX9wnKQczG0x87SR7 D1ezn0Fe7EjE0ya0XKb83Ms_tlt01o0qNJ9o&__tn__=*bH-R]
=AZXoiYXQqmSrMBLte0EmRlTIlZA6_Ecn5czwMMLlAq1ByS5Pw su5qTr8Xj-yBYw3lpeqMIjysuSAfGaEuneEy4_4GIVJ7YZlNa4K8Pmt_9GQ9 zZxZInyYu7apjuXjH7Tq4Dm9Eelj6iFqWbX9wnKQczG0x87SR7 D1ezn0Fe7EjE0ya0XKb83Ms_tlt01o0qNJ9o&__tn__=*bH-R]
=AZXoiYXQqmSrMBLte0EmRlTIlZA6_Ecn5czwMMLlAq1ByS5Pw su5qTr8Xj-yBYw3lpeqMIjysuSAfGaEuneEy4_4GIVJ7YZlNa4K8Pmt_9GQ9 zZxZInyYu7apjuXjH7Tq4Dm9Eelj6iFqWbX9wnKQczG0x87SR7 D1ezn0Fe7EjE0ya0XKb83Ms_tlt01o0qNJ9o&__tn__=*bH-R]
=AZXoiYXQqmSrMBLte0EmRlTIlZA6_Ecn5czwMMLlAq1ByS5Pw su5qTr8Xj-yBYw3lpeqMIjysuSAfGaEuneEy4_4GIVJ7YZlNa4K8Pmt_9GQ9 zZxZInyYu7apjuXjH7Tq4Dm9Eelj6iFqWbX9wnKQczG0x87SR7 D1ezn0Fe7EjE0ya0XKb83Ms_tlt01o0qNJ9o&__tn__=*bH-R]
=AZXoiYXQqmSrMBLte0EmRlTIlZA6_Ecn5czwMMLlAq1ByS5Pw su5qTr8Xj-yBYw3lpeqMIjysuSAfGaEuneEy4_4GIVJ7YZlNa4K8Pmt_9GQ9 zZxZInyYu7apjuXjH7Tq4Dm9Eelj6iFqWbX9wnKQczG0x87SR7 D1ezn0Fe7EjE0ya0XKb83Ms_tlt01o0qNJ9o&__tn__=*bH-R]