حي القيمرية يروي سحر حارات دمشق القديمة
-----------------------------------------------
كل جدار في حارات دمشق القديمة يروي حكايات عن تاريخ المدينة العريقة واحيائها التي تشكل لسكانها روحانية المكان والزمان.
.
واذا كنتم في دمشق.. فلا مهرب إذاً من زيارة شارع القيمرية والتسكّع فيه، والسير على حجارته غامقة اللون والمرصوفة إلى جانب بعضها البعض بكلّ إتقان، وإن أتيحت لكم الفرصة، لتكن زيارات متعدّدة وليس مرّة واحدة فقط.
وحي “القيمرية” أو ما يطلق عليه أم الحارات لايزال يستقطب الدمشقيين وزوارهم للتمتع بطرازه المعماري القديم والتسوق بمعروضاته التراثية وتناول رغيف المشروح الساخن وصحن الفول والفتة الشعبية.
.
قد يكون حيّ القيمريّة ثاني أقدم أحياء دمشق أو ثالثها، بعد حيّ العمارة الجوّانية
ويعتبر قلب دمشق القديمة لأنه ليس له إطلالة على سور المدينة القديم ليتوسطها كأنه حصن منيع بعيد عن هجوم الغزاة على السور ليتحول إلى مكان أمن أعدّ الأرضية لازدهار اقتصادي ورقي اجتماعي وعلاقات إنسانية مميزة.
ومازالت أغلب بيوت الحي تتباهى بطرازها الفريد المميز للبيوت الدمشقية والتي تفردت بحديقتها وإيوانها ونوافذ الزجاج المعشق واليوم تحول معظم هذه البيوت إلى فنادق ومطاعم ومحال للتراثيات وصالات ومعارض فنية. وعددها وفق المكتب المركزي السوري للإحصاء أكثر من ثمانمئة-، وعشرات المعالم الأثرية والسياحية.
.
كان الحيّ جزء من حرم معبد حدد القديم (داگون ) ما بين السور الخارجي للمعبد وسوره الداخلي. ثمّ زال السور الخارجي وبقي السور الداخلي سوراً لحرم المسجد الأمويّ الدمشقي. وبقي من ذلك السور القديم باب مدفون ثلثيه تحت الأرض، يسمّيه الناس اليوم باب جيرون. وهو اليوم يتوسّط حيّ القيمريّة. وينسبه الناس خطأ إلى معبد جوبيتر الروماني، لكنّه بعيد في الواقع عن حدود معبد جوبيتر القديم، وأُهمل وزال جداره قبل العصر الروماني بنحو ألف سنة.
.
يحد “القيمرية” :
• من الشرق حي باب توما
• ومن الغرب الجامع الأموي الكبير بدءاً من منطقة النوفرة حيث يقع أشهر مقاهي دمشق التاريخية
• أما من الشمال فيحدها حارة الجورة
• ومن الجنوب شارع مدحت باشا بين الكنيسة المريمية وسوق الخياطين
ويتصل الحي بباب توما عبر زقاق حمام البكري.
.
لا نعرف الاسم القديم لحي القيمريّة، لكنّه تغيّر إلى هذا الاسم نسبة إلى المدرسة القيمريّة، التي بناها سنة 1267 الأمير الأيّوبيّ ناصر الدين بن أبو الفوارس القيمري. واشتُهرت المدرسة القيمريّة لأنّ الأمير أنشأ لها مسجداً ثمّ جعله وقفاً للقطط، فعمّم على أهل دمشق أنّ من يملك قطّة لا يستطيع إطعامها أن يضعها في هذا المسجد حيث تقدّم لها الرعاية والطعام بالمجّان. وهكذا شاع بين الناس تسمية مسجد القيمرية بمسجد القطط، وضاع صيته بين الناس.
.
ويقال ان تسمية الحي تعود نسبة إلى الأمير حسام الدين القيمري الذي سكنه في عام 1218 م.
.
وللباحث والمؤرخ السوري "جوزيف زيتون" رأيه باسم الحيّ حيث يرجعه إلى تسمية شاملة لكلّ المنطقة هي "آيا ماريا"، نسبة للكاتدرائية المريمية الموجودة فيها والتي يعود تاريخها للقرون الأولى من المسيحية، ومع مرور الوقت طرأت تغيرات على اللفظ ليتحوّل من "آيا ماريا" إلى "القيمرية".
.
يندر أن نجد مكاناً في دمشق تتشابك فيه الألوان، أحياناً باتّساق، ومرّات أخرى بضجيجٍ بصريّ قد يبدو مزعجاً، كما هو الحال في شارع "القيمرية"؛ والذي يرتبط اسمه بكونه مَعلماً سياحياً، وتقع العديد من نقاط العلام الدمشقية وسطه أو على أطرافه، مثل مقهى "النوفرة" وهو أحد أقدم وأشهر مقاهي المدينة، ومحلّ "كرواسان القيمرية"، قِبلة كثير من سكان المدينة، ومحالّ بيع أشرطة الموسيقى والهدايا والتذكارات التقليدية والشرقية.
.
معمار الحي عبارة عن شارع مستقيم يمتد من الشرق إلى الغرب ومن شوارع ضيقة متعامدة عليه
يتوسّط حيّ القيمرية موقعاً مميّزاً في قلب دمشق القديمة إذ تحيط به من كلّ الجوانب مبان على مستوى عال من الأهميّة التاريخية، :
• باب جيرون أحد أبواب معبد جوبيتر الدمشقي العائد للحقبة الوثنية من العهد الروماني
• والمسجد الأموي الكبير
• والكنيسة المريمية
• ومكتب عنبر
• وقصر أسعد باشا العظم
• وحمامات البكري ونور الدين الشهيد والنوفرة
• وقهوة النوفرة
• واسواق القباقبية والبزورية و الصاغة
• وخانات أسعد باشا والسفرجلاني والصدرانية.
• البيمارستان النوري (متحف تاريخ الطب عند العرب)
.
خلال القرن 19 ومطلع القرن 20 صار حيّ القيمرية أهمّ أحياء الطبقة الوسطى المتعلّمة، وصار موطناً لرجال الأعمال الدمشقيّين الكبار ومقرّاً لمكاتبهم وشركاتهم، وهم الذين اختاروا بناء قصورهم في حيّ سيدي عامود إلى جوار القيمرية. هذه الشركات التي كانت في القيمرية كانت تدير تجارة واسعة تمتدّ شبكاتها من جزر الفيليپين شرقاً حتى الأرجنتين غرباً، وكان من بينها أكبر شركاء التجارة البريطانية والألمانية في المشرق. ثمّ سنة 1925 قصفت القوّات الفرنسية حي سيدي عامود فأزالته وصار اسمه من وقتها الحريقة، وهاجرت شركات حي القيمرية تنزح عن قصورها التي تركتها، لتصبح مبانيها اليوم فنادق راقية وگاليريات ومطاعم.
.
ومنذ بداية تأسيسه وظهوره كحيّ مستقل منتصف القرن الحادي عشر تقريباً، اشتهر حيُّ القيمرية بعدّة أسماء تدلّ على طبيعة المهن والصناعات التي كانت تمارَس فيه، ومنها:
• "سوق المطرّزين" نسبة إلى مهنة التطريز،
• و"سوق الحريميين" في إشارة لكونه مقصداً بشكل خاص للنساء بهدف التسوق،
• وأكثر تلك الأسماء شهرة هو "الهند الصغرى"،
• ويرتبط بانتشار الكثير من ورشات صناعة الأقمشة في الحيّ، خاصة الحريرية، مما جعله مركزاً صناعياً هامّاً في دمشق لعقود طويلة.
.
وتتفرع عن شارع القيمرية الكثيرُ من الأزقّة الجانبية ومنها :
• زقاق "الشَهبَندر" • وزقاق "المتولي" • والزقاق المفضي إلى ساحة الدوامنة،
وجميعها تمتاز بكونها ضيقة للغاية، ولا تتّسع سوى للسير أو مرور الدرّاجات الهوائية، وبمحافظة معظم منازلها على الطابع الدمشقي القديم مع وجود طابقين وباحة داخلية واسعة تتوسّطها بحرةٌ وتنتشر على أطرافها الشجيرات، وبتقارب شرفات البيوت المتقابلة حتى تبدو وكأنها تتبادل التحية والسّلام.
.
يتزين الشارع في كلّ المناسبات الدينية، المسلمة منها والمسيحية. في عيد المولد النبويّ تنتشر أعلام ولافتات ترحّب بقدوم هذا اليوم، وفي عيد الميلاد ورأس السنة يمتلئ الشارع بزينة الميلاد وأنوارها، ويزدحم بآلاف الزوار كلّ يوم. لا يختلف ذلك في عيد الحب "الفالنتاين" حيث يتحول الشارع إلى مهرجان من البضائع والزينة حمراء اللون.
.
ويندر أن تمرّ مناسبة أو عطلة دون أن يكون شارع القيمرية محطّ اهتمام سكّان دمشق. إنهم لا يملّون المشي في هذا الشارع والتقاط الصور التذكارية وهم مدركون تماماً لجمال تفاصيله وغناها وفرادتها، ولا يجدون بدّاً من دعوة أصدقائهم القادمين من خارج المدينة لزيارة الشارع واكتشافه، الأمر الذي يعتبرونه مهمّة سياحية لا بدّ منها.
===========================
سانا
رصيف22
ومصادر اخرى
=AZX5DKqaecWUq6Uax9EawPQbHPnB7XwiTxOXuRqNWAd3TAwrW 8rZ4GPIeXIndCWYIKljPyXuell5gsd7tkXIGtWa4lopvy_QxeE DzPZLptv4BitUnFBscbeS0wxTHQ1Mbd5cDJgAKelJCm94DoI8F 0YMK1AFKb3iK7ct_IVncpeGuSr11Z5Iz6YkQqem8ddNu_A&__t n__=*bH-R]
=AZX5DKqaecWUq6Uax9EawPQbHPnB7XwiTxOXuRqNWAd3TAwrW 8rZ4GPIeXIndCWYIKljPyXuell5gsd7tkXIGtWa4lopvy_QxeE DzPZLptv4BitUnFBscbeS0wxTHQ1Mbd5cDJgAKelJCm94DoI8F 0YMK1AFKb3iK7ct_IVncpeGuSr11Z5Iz6YkQqem8ddNu_A&__t n__=*bH-R]
=AZX5DKqaecWUq6Uax9EawPQbHPnB7XwiTxOXuRqNWAd3TAwrW 8rZ4GPIeXIndCWYIKljPyXuell5gsd7tkXIGtWa4lopvy_QxeE DzPZLptv4BitUnFBscbeS0wxTHQ1Mbd5cDJgAKelJCm94DoI8F 0YMK1AFKb3iK7ct_IVncpeGuSr11Z5Iz6YkQqem8ddNu_A&__t n__=*bH-R]
=AZX5DKqaecWUq6Uax9EawPQbHPnB7XwiTxOXuRqNWAd3TAwrW 8rZ4GPIeXIndCWYIKljPyXuell5gsd7tkXIGtWa4lopvy_QxeE DzPZLptv4BitUnFBscbeS0wxTHQ1Mbd5cDJgAKelJCm94DoI8F 0YMK1AFKb3iK7ct_IVncpeGuSr11Z5Iz6YkQqem8ddNu_A&__t n__=*bH-R]
=AZX5DKqaecWUq6Uax9EawPQbHPnB7XwiTxOXuRqNWAd3TAwrW 8rZ4GPIeXIndCWYIKljPyXuell5gsd7tkXIGtWa4lopvy_QxeE DzPZLptv4BitUnFBscbeS0wxTHQ1Mbd5cDJgAKelJCm94DoI8F 0YMK1AFKb3iK7ct_IVncpeGuSr11Z5Iz6YkQqem8ddNu_A&__t n__=*bH-R]