الفنان عدنان معيتيق يرمم الذاكرة في معرضه الجديد
لوحات المعرض امتداد لتجربة الفنان التشكيلي الذي لا يخفي تأثره الكبير بوطنه ليبيا، بل يصوره في أغلب لوحاته.
الجمعة 2023/09/08
مشاهد من ذاكرة ليبيا والليبيين
طرابلس - ينظم الفنان والناقد التشكيلي الليبي عدنان بشير معيتيق معرضا فرديا له بعنوان “ترميم الذاكرة: تخطيطات ميدانية لترميم ذاكرة الوطن”، في الفترة الممتدة من السادس عشر وحتى التاسع عشر من سبتمبر الجاري في دار الفنون بالعاصمة الليبية طرابلس.
تأتي لوحات المعرض امتدادا لتجربة الفنان التشكيلي الذي لا يخفي تأثره الكبير بوطنه ليبيا، بل يصوره في أغلب لوحاته، وهو حاضر في الكثير من معارضه وكتاباته النقدية، وهو دائم التتبع، بريشته وألوانه وشخوصه، للتّراث وحياة النّاس والحدث اليومي الذي سرعان ما يتحول إلى جزء من المخيال الجمعي ومن الذاكرة، الذاكرة التي تتمكن منها السنين والأزمات والحروب فتمحو جزءا منها وتضيف إليه أحداثا ووقائع. إنها لوحات تؤكد إيمان الفنان بأن الفنّ نشاط تاريخي وخزّان رمزيّ لمعنى الهويّة وطريقة في سكن العالم ثقافيّا، انطلاقا من المخزون التراثي للذّات المبدعة.
يقول الفنان التشكيلي واصفا المعرض “جاءت هذه التجربة بالحبر على ورق والكثير من الأقلام، لتصور أبوابا موصدة، أقفالا وعلامات مهترئة في طريقها إلى الزوال، شبابيك مرتفعة وحيطانا عالية، تعلوها نخلات سامقات، لون الجير يكسو البيوت وحواف الطرقات كأنه رداء فضفاض رخو ناصع البياض انسدل على أطرافها”.
نساء بالفراشية في طرقات تملأها حكايات زمن مضى وآمال زمن قادم
ويصور معيتيق في لوحات معرضه الجديد “نساء بالفراشية في طرقات تملأها حكايات زمن مضى وآمال زمن قادم، ورجال في رحلة السوق اليومية، حروف وغمغمة بالكتابة الليبية القديمة، الصح والخطأ في الكتابة، بقع الحبر المنتشر من فعل البلل والرطوبة وتحلل الأيام والسنين، تآكل الكلام والوعود، الصدق والكذب، الخير والشر، السلم والحرب، النضارة والشحوب، مآذن وقباب، والنور إلى جانب العتمة، الأبيض والأسود على الورق”.
ويوضح الفنان “كل هذا وأكثر في وضح النهار حيث كل الألوان عارية عن خداع عتمة الليل وسواده دفعني للرسم بأبسط ما يمكن من أدوات وبعيدا عن غواية الألوان وجوقة أطيافه كتخطيطات مبدئية لترميم الذاكرة واستعادة صور حياة قرى ومدن ليبية متشابهة في أنفاسها متوحدة في روحها تكاد ﻻ تختلف في طابعها الإنشائي إلا في ظروف بيئتها، فالساحلية لها ملامحها والصحراوية عندها خصوصيتها وتأنقها”.
ويتابع “مدن الذاكرة المرسومة في مساقط متعددة وبواجهات مضاءة ناصعة، تنوع مفرداتها بتفكير هندسي للفرشاة والأقلام تارة وفي أحيان أخرى بتعبيرية والكثير من التلقائية لفتح المجال أمام الدهشة والمفاجآت غير المتوقعة في مشاركة تكوين العمل الفني المرسوم وبنائه من مناطق المتبقي في مخيلة وذائقة الرسم غير الخاضعة للحدود والتعليمات الأكاديمية المنضبطة”.
ويسترسل “هو وثبة في عالم المجهول يجوبه الكثير من الفنانين التلقائيين الذين ركنوا لفن الرسم دون المرور بالمؤسسة الأكاديمية، بل كان الشغف ملازما لهم منذ البدء وإلى جانب الدراسة الأكاديمية في تخصص الهندسة الصناعية أصبح المجال أكثر قربا من الأساسيات الأولى في مبادئ الرسم الهندسي والصناعي وقوانين المنظور وشروطه مع الاحتفاظ بالذاكرة الناصعة وغير المخدوشة بتعليمات الغير، بل هي عملية خضوع للقوانين الداخلية الخاصة والتي تراكمت بفعل الخبرة والاطلاع على ما تم إنتاجه عبر قرون من عمر تاريخ الرسم والعمل المتواصل الذي لا ينقطع في مجال الرسم والكتابة النقدية”.
الفنان عدنان بشير معيتيق من مواليد سنة 1968 بمدينة مصراته في ليبيا، درس الرسم بشكل شخصي ونظم العديد من المعارض وشارك في معارض ومحافل محلية ودولية، ومن أهم المشاركات في الأحداث الفنية الدولية هي مشاركته في ورشة الفنون التشكيلية بليفربول بالمملكة المتحدة سنة 2007، ومشاركته في مخيم الفنون التشكيلية بتركيا – كابادوكيا 2010. كما شارك في مهرجان المحرس بتونس في سنوات 2005 و2009 وله العديد من الكتابات عن الفنون التشكيلية ونشرت في الكثير من المواقع الفنية والصحف والمجلات الورقية.
معيتيق هو أيضا مؤسس لقاعة “رمل” للفنون التشكيلية مع الفنان عمر جهان والفنان عادل الفورتية، ومؤسس الملتقى المتوسطي للفنون التشكيلية، وجمعية الملتقى المتوسطي للفنون. من أشهر معارضه معرض “أحلام ما بعد الحرب – رؤوس وأبجدية الشوارع” في العام 2022، وهو تجربة فنية مختلفة تتشكل ملامحها من رؤوس وحروف أجساد مبتورة وأحلام تحولت إلى كوابيس، رسمت بالأبيض والأسود والقليل من الأحمر وبعض ألوان الفرح المؤجل عمّا صدم الأوطان وذبح الآمال وحطم وقتل الأحلام، لتكون بمثابة إعلان عن انتكاسة البشر الطامحين في الارتفاع فكان السقوط المدوي موازياً لتلك الآمال العالية في أحلامهم بوطن ينعم بالحرية وبعض الحقوق والمساواة.
وعلق الفنان حينها أن “الحرب أثرت بشكل سلبي جداً على واقع الفنانين التشكيليين في ليبيا. لأن الفنان الليبي مازال في حالة من الصدمة التي لم يفق منها لتوظيف هذه الأحداث في أعمال فنية تثري تجربته الفنية الشخصية وتزيد من الرصيد التراكمي الوطني للفن التشكيلي الليبي”.
صدر للفنان كتاب عن تجارب ليبية في التشكيل المعاصر بعنوان “مكامن الضوء” في العام 2020 عن دار إمكان للطباعة والنشر. وصدر له كتاب عن تجارب فنية عربية بعنوان “رياحين” 2022.
لوحات المعرض امتداد لتجربة الفنان التشكيلي الذي لا يخفي تأثره الكبير بوطنه ليبيا، بل يصوره في أغلب لوحاته.
الجمعة 2023/09/08
مشاهد من ذاكرة ليبيا والليبيين
طرابلس - ينظم الفنان والناقد التشكيلي الليبي عدنان بشير معيتيق معرضا فرديا له بعنوان “ترميم الذاكرة: تخطيطات ميدانية لترميم ذاكرة الوطن”، في الفترة الممتدة من السادس عشر وحتى التاسع عشر من سبتمبر الجاري في دار الفنون بالعاصمة الليبية طرابلس.
تأتي لوحات المعرض امتدادا لتجربة الفنان التشكيلي الذي لا يخفي تأثره الكبير بوطنه ليبيا، بل يصوره في أغلب لوحاته، وهو حاضر في الكثير من معارضه وكتاباته النقدية، وهو دائم التتبع، بريشته وألوانه وشخوصه، للتّراث وحياة النّاس والحدث اليومي الذي سرعان ما يتحول إلى جزء من المخيال الجمعي ومن الذاكرة، الذاكرة التي تتمكن منها السنين والأزمات والحروب فتمحو جزءا منها وتضيف إليه أحداثا ووقائع. إنها لوحات تؤكد إيمان الفنان بأن الفنّ نشاط تاريخي وخزّان رمزيّ لمعنى الهويّة وطريقة في سكن العالم ثقافيّا، انطلاقا من المخزون التراثي للذّات المبدعة.
يقول الفنان التشكيلي واصفا المعرض “جاءت هذه التجربة بالحبر على ورق والكثير من الأقلام، لتصور أبوابا موصدة، أقفالا وعلامات مهترئة في طريقها إلى الزوال، شبابيك مرتفعة وحيطانا عالية، تعلوها نخلات سامقات، لون الجير يكسو البيوت وحواف الطرقات كأنه رداء فضفاض رخو ناصع البياض انسدل على أطرافها”.
نساء بالفراشية في طرقات تملأها حكايات زمن مضى وآمال زمن قادم
ويصور معيتيق في لوحات معرضه الجديد “نساء بالفراشية في طرقات تملأها حكايات زمن مضى وآمال زمن قادم، ورجال في رحلة السوق اليومية، حروف وغمغمة بالكتابة الليبية القديمة، الصح والخطأ في الكتابة، بقع الحبر المنتشر من فعل البلل والرطوبة وتحلل الأيام والسنين، تآكل الكلام والوعود، الصدق والكذب، الخير والشر، السلم والحرب، النضارة والشحوب، مآذن وقباب، والنور إلى جانب العتمة، الأبيض والأسود على الورق”.
ويوضح الفنان “كل هذا وأكثر في وضح النهار حيث كل الألوان عارية عن خداع عتمة الليل وسواده دفعني للرسم بأبسط ما يمكن من أدوات وبعيدا عن غواية الألوان وجوقة أطيافه كتخطيطات مبدئية لترميم الذاكرة واستعادة صور حياة قرى ومدن ليبية متشابهة في أنفاسها متوحدة في روحها تكاد ﻻ تختلف في طابعها الإنشائي إلا في ظروف بيئتها، فالساحلية لها ملامحها والصحراوية عندها خصوصيتها وتأنقها”.
ويتابع “مدن الذاكرة المرسومة في مساقط متعددة وبواجهات مضاءة ناصعة، تنوع مفرداتها بتفكير هندسي للفرشاة والأقلام تارة وفي أحيان أخرى بتعبيرية والكثير من التلقائية لفتح المجال أمام الدهشة والمفاجآت غير المتوقعة في مشاركة تكوين العمل الفني المرسوم وبنائه من مناطق المتبقي في مخيلة وذائقة الرسم غير الخاضعة للحدود والتعليمات الأكاديمية المنضبطة”.
ويسترسل “هو وثبة في عالم المجهول يجوبه الكثير من الفنانين التلقائيين الذين ركنوا لفن الرسم دون المرور بالمؤسسة الأكاديمية، بل كان الشغف ملازما لهم منذ البدء وإلى جانب الدراسة الأكاديمية في تخصص الهندسة الصناعية أصبح المجال أكثر قربا من الأساسيات الأولى في مبادئ الرسم الهندسي والصناعي وقوانين المنظور وشروطه مع الاحتفاظ بالذاكرة الناصعة وغير المخدوشة بتعليمات الغير، بل هي عملية خضوع للقوانين الداخلية الخاصة والتي تراكمت بفعل الخبرة والاطلاع على ما تم إنتاجه عبر قرون من عمر تاريخ الرسم والعمل المتواصل الذي لا ينقطع في مجال الرسم والكتابة النقدية”.
الفنان عدنان بشير معيتيق من مواليد سنة 1968 بمدينة مصراته في ليبيا، درس الرسم بشكل شخصي ونظم العديد من المعارض وشارك في معارض ومحافل محلية ودولية، ومن أهم المشاركات في الأحداث الفنية الدولية هي مشاركته في ورشة الفنون التشكيلية بليفربول بالمملكة المتحدة سنة 2007، ومشاركته في مخيم الفنون التشكيلية بتركيا – كابادوكيا 2010. كما شارك في مهرجان المحرس بتونس في سنوات 2005 و2009 وله العديد من الكتابات عن الفنون التشكيلية ونشرت في الكثير من المواقع الفنية والصحف والمجلات الورقية.
معيتيق هو أيضا مؤسس لقاعة “رمل” للفنون التشكيلية مع الفنان عمر جهان والفنان عادل الفورتية، ومؤسس الملتقى المتوسطي للفنون التشكيلية، وجمعية الملتقى المتوسطي للفنون. من أشهر معارضه معرض “أحلام ما بعد الحرب – رؤوس وأبجدية الشوارع” في العام 2022، وهو تجربة فنية مختلفة تتشكل ملامحها من رؤوس وحروف أجساد مبتورة وأحلام تحولت إلى كوابيس، رسمت بالأبيض والأسود والقليل من الأحمر وبعض ألوان الفرح المؤجل عمّا صدم الأوطان وذبح الآمال وحطم وقتل الأحلام، لتكون بمثابة إعلان عن انتكاسة البشر الطامحين في الارتفاع فكان السقوط المدوي موازياً لتلك الآمال العالية في أحلامهم بوطن ينعم بالحرية وبعض الحقوق والمساواة.
وعلق الفنان حينها أن “الحرب أثرت بشكل سلبي جداً على واقع الفنانين التشكيليين في ليبيا. لأن الفنان الليبي مازال في حالة من الصدمة التي لم يفق منها لتوظيف هذه الأحداث في أعمال فنية تثري تجربته الفنية الشخصية وتزيد من الرصيد التراكمي الوطني للفن التشكيلي الليبي”.
صدر للفنان كتاب عن تجارب ليبية في التشكيل المعاصر بعنوان “مكامن الضوء” في العام 2020 عن دار إمكان للطباعة والنشر. وصدر له كتاب عن تجارب فنية عربية بعنوان “رياحين” 2022.