نيرودا الحسين
منذ العصور البدائية، حمل الإنسان رغبة لا تنضب في تحقيق مزيد من الابتكار والتطور التكنولوجي، وهذه الرغبة الملحّة لا تزال تحفزه على استكشاف آفاق جديدة تهدف إلى تحسين حياته وتسهيل مهامه، ومع دخولنا إلى عصر رقمي تسوده التقنية، انفتحت أمامنا أبواب واسعة نحو عالم الذكاء الاصطناعي والروبوتات البشرية.
مفهوم الروبوتات البشرية يمثل نقلة نوعية في مجال التكنولوجيا، حيث تسعى البشرية إلى خلق آليات تكنولوجية قادرة على محاكاة وتنفيذ الأنشطة البشرية بكفاءة ودقة متناهية، حيث تعتبر هذه الروبوتات البشرية تطورا ثوريا يشهده المجتمع الصناعي، إذ يتجاوز دورها المحدود في الصناعة التقليدية لتشمل قطاعات حيوية عدة.
الروبوتات البشرية تجاوزت الحدود المألوفة للأتمتة في الصناعة، فأصبحت تمتلك القدرة على تنفيذ مهام معقدة ومتنوعة في مختلف المجالات. إن تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق ساهم في تمكين هذه الروبوتات من اتخاذ قرارات ذكية، والتفاعل مع البيئة المحيطة بها بشكل يشبه تفاعل الإنسان، يمكن رؤية تأثير هذه الروبوتات في مجالات متنوعة مثل الطب والرعاية الصحية، حيث يمكنها تقديم خدمات دقيقة ومخصصة للمرضى، وتخفيف الضغط عن الكوادر الطبية؛ في مجال البناء والتشييد، يمكن أن تؤدي هذه الروبوتات المهام الخطرة والمتعبة بدلا من البشر، مما يزيد من الكفاءة ويقلل من المخاطر.
تعرفوا على “أبولو”
في ساحة التطور المتواصلة للروبوتات والأتمتة، ظهرت إضافة ملحوظة أخرى تتطلع للانضمام إلى القوى العاملة. دعونا نلتقي “أبولو”، أحدث إبداع من شركة “أبترونيك” والتي مقرها في ولاية تكساس الأميركية. على عكس الروبوتات الثقيلة التي قد تظهر في بعض الإعلانات، يتمتع “أبولو” بواقعية وإتقان، وتعود هذه الواقعية إلى تجربة واسعة لشركة “أبترونيك”، التي قامت بصنع أكثر من 10 روبوتات، بما في ذلك الروبوت البشري “فالكيري” الذي صُنع لصالح وكالة الفضاء الأميركية “ناسا”.
قدرات “أبولو” واضحة فعلا، حيث يستطيع العمل بكفاءة في المستودعات ومنشآت التصنيع، لذا تتخذ “أبترونيك” منحى طموحا، متطلعة إلى أن يشمل دور “أبولو” مجموعة أوسع من الصناعات، مثل البناء وصناعة النفط والغاز، وإنتاج الإلكترونيات، والتجزئة، وتوصيل الطلبات للمنازل، ورعاية الأفراد.
طول “أبولو” يبلغ 5 أقدام و8 بوصات، ويزن نحو 72 كيلو جرام، ويستطيع الروبوت التعامل مع حمولات تصل إلى 25 كيلو جرام، ويمكنه العمل لمدة 4 ساعات بشحنة واحدة، ويُسهم نظام تبديل البطارية السريعة في تقليل التوقف لشحنها.
من بين مزايا “أبولو”، تبرز تصاميمه التفاعلية، توجد شاشات رقمية على جسمه تمكن من التواصل مع المشرفين البشريين والزملاء القريبين؛ وبالطبع، يظل الأمان أولوية، حيث تم تجهيز “أبولو” بمجموعة من الحساسات لتجنب التصادم مع الأشخاص أو العوائق.
أيضا، قامت “أبترونيك” بتزويد “أبولو” بحزمة برمجيات شاملة، تتيح التحكم بالروبوت بسهولة عبر نقرات بسيطة، مع سلوكيات آلية قابلة للتخصيص لإتمام مهام متنوعة.
تجدر الإشارة، إلى وجود بعض الشبه بين “أبولو” وروبوت “تسلا” الذي يتم العمل حاليا على تطويره، وروبوت “سايبر وان” من “شاومي”، وأيضا التقدم الملحوظ الذي حققته “بوسطن دايناميكس” – الشركة المملوكة لـ “هيونداي” في تطوير روبوتات متعددة الاستخدامات وقابلة للتنقل لمختلف بيئات العمل.
بالرغم من الإمكانيات الهائلة للروبوتات البشرية، إلا أن تصميمها يجعلها لا تزال تعاني من بعض القيود، مما يعني أن الروبوتات الثابتة المُصممة لمهام محددة تبقى الخيار الأكثر انتشارا في الصناعات المختلفة.