القاهرة - أجبرت الضغوط الخارجية القاهرة على تنويع مصادر ديونها الأجنبية، وبينما زجت بأزمة الجنيه وارتفاع الفائدة بعيدا عن أسواق رأس المال الغربية العام الماضي، لجأت الحكومة إلى أشكال أخرى من الديون مثل سندات الساموراي والصكوك السيادية.
ومنح رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي قبل أيام الضوء الأخضر لوزارة المالية لتنفيذ إصدار جديد من سندات الساموراي المقومة بالين الياباني بقيمة 500 مليون دولار لأجل خمس سنوات.
وتبحث القاهرة عن المزيد من التمويلات بسبب حاجتها الماسة إلى الدولار، فهي مطالبة بإتاحة 240 مليون دولار لصندوق النقد الدولي خلال سبتمبر الجاري لسداد شريحة من اتفاقية القرض البالغة قيمته 5 مليارات دولار كانت قد أبرمتها في 2020.
وبحسب بيانات الصندوق، فإن مصر سوف تسدد أيضا نحو 1.45 مليار دولار خلال شهري نوفمبر وديسمبر المقبلين.
أشرف غراب: الخطوة هدفها خفض تكلفة الاقتراض وإطالة أجل السداد
وتأتي الموافقة من مجلس الوزراء بعد النجاح الذي شهده الإصدار الأول من السندات اليابانية في مارس العام الماضي، وحرصا من وزارة المالية على تحقيق مستهدفات تنويع الأسواق الدولية والعملات والمستثمرين لتمويل الميزانية العامة، وإطالة أجل الدين.
وتعد السندات أدوات دين تلجأ إليها الحكومات والشركات لتمويل مشاريعها، وتوفر عائدا جيدا للمستثمرين، فيما يعد الين ثالث أقوى عملة احتياطية في البنوك المركزية بالعالم بعد الدولار واليورو وتخطى الجنيه الإسترليني الذي احتل المرتبة الثالثة سابقا.
وتتميز الخطوة بأنها توفر الدولار في الأسواق المحلية من دون زيادة الدين الخارجي بالعملة الأميركية، وتضمن الحكومة اليابانية سداد قيمة السندات بالعملة الأميركية، فيما تدفع السلطات المصرية القيمة لها بالين.
وارتفع الدين الخارجي المصري إلى 165.3 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الحالي، بزيادة قدرها 1.5 في المئة أو بنحو 2.43 مليار دولار، مقارنة بالربع الأخير من عام 2022 عندما سجل 162.9 مليار دولار وفقا لإحصاءات البنك المركزي.
وتعتزم القاهرة الاستفادة من طلب المستثمرين على السندات في اليابان مع البعد عن تغيرات الفائدة الأميركية، فالسندات المصرية المقومة بالدولار ارتفعت بأكبر قدر في الأسواق الناشئة بعد استئناف الدولة دورة التشديد النقدي في السنوات الماضي.
وحققت السندات المستحقة في فبراير 2026 زيادة بنحو 0.9 سنت على الدولار إلى 53.4 نقطة أساس، مقتنصة أكبر مكاسب لها منذ الرابع عشر من يوليو.
واحتلت 10 سندات مصرية المراكز الأفضل أداء لمؤشر بلومبرغ للعائد الإجمالي للسندات السيادية في الأسواق الناشئة.
وتقلص العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون لشراء السندات السيادية المصرية بدلا من أذون الخزانة الأميركية بمقدار 3 نقاط أساس، وفقا لبيانات مؤشرات بنك “جيه.بي مورجان تشيس”.
165.3
مليار دولار حجم الديون الخارجية المستحقة على مصر بنهاية الربع الأول من العام الحالي
وبدأت العديد من الدول جمع الين لدعم احتياطاتها النقدية منه، إذ يستمد قوته من صلابة اقتصاد اليابان، والثقة فيها كدولة صناعية كبرى تمتلك قلعة من الشركات العملاقة فهي رائدة في مختلف مجالات، فضلا عن أن سعر عملتها مستقر بين العملات الرئيسية الاحتياطية.
ويعزز إصدار سندات الساموراي الاحتياطي النقدي الأجنبي المصري، كما يفتح توسع استثمارات طوكيو في القاهرة فرصا جديدة للشركات ورجال الأعمال اليابانيين للاستثمار في الصناعة والسندات والديون.
وقال المحلل الاقتصادي أشرف غراب لـ”العرب” إن “إصدار السندات ضمن خطة الدولة من أجل الاعتماد على مصادر وأدوات تمويل متعددة دون التقيد بمصدر محدد في التمويل لتنويع أدوات الدين لخفض تكلفة الدين وإطالة أمده وخفض تكلفة التمويل”.
ويهدف الإصدار إلى توفير الين كعملة احتياطية في مصر لاستيراد مستلزمات الإنتاج والسلع الإستراتيجية وتغطية الالتزامات الأجنبية للقطاع المصرفي، ما يسهم في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.
كما ستستفيد القاهرة من سندات الساموراي في تمويل استيراد المنتجات التي تستوردها من اليابان.
وأوضح غراب أن مصر بدأت في تنويع احتياطي العملات الرئيسية بعيدا عن الدولار، وشرعت في تنويع وارداتها بحيث تشتري الخامات والسلع من الدول بعملاتها المحلية، بجانب أن سندات الساموراي لجأت إلى إصدارها الكثير من الدول منها ماليزيا وأستراليا وغيرهما.
وتتسم سندات الساموراي بأنها أكثر استقرارا من التقلبات التي تعاني منها الأسواق الأوروبية والأميركية لأن السوق اليابانية مستقرة اقتصاديا وماليا وليست متغيرة، كما أن لها معدلات فائدة منخفضة نسبيا.
ويعمل المسؤولون المصريون على تجنب تركيز المديونية على الدولار فقط، علاوة على أن مزايا إصدار سندات الساموراي بالنسبة للقاهرة هي تراجع الفائدة في اليابان كما هو الحال في الولايات المتحدة.
ويرجع محللون ذلك إلى أن التضخم ما زال منخفضا في اليابان مقارنة بدول أخرى، كما أن آجال سداد الديون أفضل من إصدارها بعملات أخرى، وذات تكلفة أقل من الأسواق الأخرى.
أحمد الشناوي: الإصدار يزيد الديون الخارجية ولا يضغط على الدولار
وأكد أحمد الشناوي، عضو جمعية رجال الأعمال المصريين، أن إصدار سندات الساموراي من شأنه جذب سيولة لسوق الأوراق المالية وتوسيع وتنويع سلة العملات الرئيسية ومصادرها لأن الاحتياطي النقدي الأجنبي ليس بعملة الدولار فقط.
وقال لـ”العرب” إن ذلك يقلل المخاطر في العملات الأجنبية كي لا يكون هناك خطر مركز على عملة واحدة.
ولجأت مصر إلى إصدار السندات بعد أن أرجأ صندوق النقد الدولي مراجعته لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، كما لم تقدم دول الخليج العربي حتى الآن مساعدات بمليارات الدولارات تعهدت بها.
وتسعى جهات الإقراض المحتملة للحصول على المزيد من الأدلة التي توضح التزام السلطات المصرية بمواصلة الإصلاحات، خاصة توفير سعر صرف مرن للجنيه المصري بشكل فعلي.
ويعتقد الشناوي أن الخطوة إيجابية، رغم أنها بمثابة زيادة للديون، لكنها لن تسدد بالدولار الذي تعاني البلاد من شحه، بالتالي لن يحدث ضغط عليه، بعكس الين الذي يسهل توفيره من العلاقات التجارية والاقتصادية بين القاهرة وطوكيو، ولا طلب كبيرا عليه في الأسواق.
وتؤكد الخطوة مساعي القاهرة للانضمام إلى بريكس التي تكللت بالنجاح، إذ تمثل فرصة جديدة لطرح سندات مع ضمان بلدان المجموعة لسدادها بالدولار، ثم تلتزم بدفع القيمة بعملة الدولة الضامنة مثل سندات الباندا التي تعتزم إصدارها قريبا باليوان الصيني.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
ومنح رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي قبل أيام الضوء الأخضر لوزارة المالية لتنفيذ إصدار جديد من سندات الساموراي المقومة بالين الياباني بقيمة 500 مليون دولار لأجل خمس سنوات.
وتبحث القاهرة عن المزيد من التمويلات بسبب حاجتها الماسة إلى الدولار، فهي مطالبة بإتاحة 240 مليون دولار لصندوق النقد الدولي خلال سبتمبر الجاري لسداد شريحة من اتفاقية القرض البالغة قيمته 5 مليارات دولار كانت قد أبرمتها في 2020.
وبحسب بيانات الصندوق، فإن مصر سوف تسدد أيضا نحو 1.45 مليار دولار خلال شهري نوفمبر وديسمبر المقبلين.
أشرف غراب: الخطوة هدفها خفض تكلفة الاقتراض وإطالة أجل السداد
وتأتي الموافقة من مجلس الوزراء بعد النجاح الذي شهده الإصدار الأول من السندات اليابانية في مارس العام الماضي، وحرصا من وزارة المالية على تحقيق مستهدفات تنويع الأسواق الدولية والعملات والمستثمرين لتمويل الميزانية العامة، وإطالة أجل الدين.
وتعد السندات أدوات دين تلجأ إليها الحكومات والشركات لتمويل مشاريعها، وتوفر عائدا جيدا للمستثمرين، فيما يعد الين ثالث أقوى عملة احتياطية في البنوك المركزية بالعالم بعد الدولار واليورو وتخطى الجنيه الإسترليني الذي احتل المرتبة الثالثة سابقا.
وتتميز الخطوة بأنها توفر الدولار في الأسواق المحلية من دون زيادة الدين الخارجي بالعملة الأميركية، وتضمن الحكومة اليابانية سداد قيمة السندات بالعملة الأميركية، فيما تدفع السلطات المصرية القيمة لها بالين.
وارتفع الدين الخارجي المصري إلى 165.3 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الحالي، بزيادة قدرها 1.5 في المئة أو بنحو 2.43 مليار دولار، مقارنة بالربع الأخير من عام 2022 عندما سجل 162.9 مليار دولار وفقا لإحصاءات البنك المركزي.
وتعتزم القاهرة الاستفادة من طلب المستثمرين على السندات في اليابان مع البعد عن تغيرات الفائدة الأميركية، فالسندات المصرية المقومة بالدولار ارتفعت بأكبر قدر في الأسواق الناشئة بعد استئناف الدولة دورة التشديد النقدي في السنوات الماضي.
وحققت السندات المستحقة في فبراير 2026 زيادة بنحو 0.9 سنت على الدولار إلى 53.4 نقطة أساس، مقتنصة أكبر مكاسب لها منذ الرابع عشر من يوليو.
واحتلت 10 سندات مصرية المراكز الأفضل أداء لمؤشر بلومبرغ للعائد الإجمالي للسندات السيادية في الأسواق الناشئة.
وتقلص العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون لشراء السندات السيادية المصرية بدلا من أذون الخزانة الأميركية بمقدار 3 نقاط أساس، وفقا لبيانات مؤشرات بنك “جيه.بي مورجان تشيس”.
165.3
مليار دولار حجم الديون الخارجية المستحقة على مصر بنهاية الربع الأول من العام الحالي
وبدأت العديد من الدول جمع الين لدعم احتياطاتها النقدية منه، إذ يستمد قوته من صلابة اقتصاد اليابان، والثقة فيها كدولة صناعية كبرى تمتلك قلعة من الشركات العملاقة فهي رائدة في مختلف مجالات، فضلا عن أن سعر عملتها مستقر بين العملات الرئيسية الاحتياطية.
ويعزز إصدار سندات الساموراي الاحتياطي النقدي الأجنبي المصري، كما يفتح توسع استثمارات طوكيو في القاهرة فرصا جديدة للشركات ورجال الأعمال اليابانيين للاستثمار في الصناعة والسندات والديون.
وقال المحلل الاقتصادي أشرف غراب لـ”العرب” إن “إصدار السندات ضمن خطة الدولة من أجل الاعتماد على مصادر وأدوات تمويل متعددة دون التقيد بمصدر محدد في التمويل لتنويع أدوات الدين لخفض تكلفة الدين وإطالة أمده وخفض تكلفة التمويل”.
ويهدف الإصدار إلى توفير الين كعملة احتياطية في مصر لاستيراد مستلزمات الإنتاج والسلع الإستراتيجية وتغطية الالتزامات الأجنبية للقطاع المصرفي، ما يسهم في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.
كما ستستفيد القاهرة من سندات الساموراي في تمويل استيراد المنتجات التي تستوردها من اليابان.
وأوضح غراب أن مصر بدأت في تنويع احتياطي العملات الرئيسية بعيدا عن الدولار، وشرعت في تنويع وارداتها بحيث تشتري الخامات والسلع من الدول بعملاتها المحلية، بجانب أن سندات الساموراي لجأت إلى إصدارها الكثير من الدول منها ماليزيا وأستراليا وغيرهما.
وتتسم سندات الساموراي بأنها أكثر استقرارا من التقلبات التي تعاني منها الأسواق الأوروبية والأميركية لأن السوق اليابانية مستقرة اقتصاديا وماليا وليست متغيرة، كما أن لها معدلات فائدة منخفضة نسبيا.
ويعمل المسؤولون المصريون على تجنب تركيز المديونية على الدولار فقط، علاوة على أن مزايا إصدار سندات الساموراي بالنسبة للقاهرة هي تراجع الفائدة في اليابان كما هو الحال في الولايات المتحدة.
ويرجع محللون ذلك إلى أن التضخم ما زال منخفضا في اليابان مقارنة بدول أخرى، كما أن آجال سداد الديون أفضل من إصدارها بعملات أخرى، وذات تكلفة أقل من الأسواق الأخرى.
أحمد الشناوي: الإصدار يزيد الديون الخارجية ولا يضغط على الدولار
وأكد أحمد الشناوي، عضو جمعية رجال الأعمال المصريين، أن إصدار سندات الساموراي من شأنه جذب سيولة لسوق الأوراق المالية وتوسيع وتنويع سلة العملات الرئيسية ومصادرها لأن الاحتياطي النقدي الأجنبي ليس بعملة الدولار فقط.
وقال لـ”العرب” إن ذلك يقلل المخاطر في العملات الأجنبية كي لا يكون هناك خطر مركز على عملة واحدة.
ولجأت مصر إلى إصدار السندات بعد أن أرجأ صندوق النقد الدولي مراجعته لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، كما لم تقدم دول الخليج العربي حتى الآن مساعدات بمليارات الدولارات تعهدت بها.
وتسعى جهات الإقراض المحتملة للحصول على المزيد من الأدلة التي توضح التزام السلطات المصرية بمواصلة الإصلاحات، خاصة توفير سعر صرف مرن للجنيه المصري بشكل فعلي.
ويعتقد الشناوي أن الخطوة إيجابية، رغم أنها بمثابة زيادة للديون، لكنها لن تسدد بالدولار الذي تعاني البلاد من شحه، بالتالي لن يحدث ضغط عليه، بعكس الين الذي يسهل توفيره من العلاقات التجارية والاقتصادية بين القاهرة وطوكيو، ولا طلب كبيرا عليه في الأسواق.
وتؤكد الخطوة مساعي القاهرة للانضمام إلى بريكس التي تكللت بالنجاح، إذ تمثل فرصة جديدة لطرح سندات مع ضمان بلدان المجموعة لسدادها بالدولار، ثم تلتزم بدفع القيمة بعملة الدولة الضامنة مثل سندات الباندا التي تعتزم إصدارها قريبا باليوان الصيني.
انشرWhatsAppTwitterFacebook