الحظر يضيق خيارات شركات غربية تستثمر في روسيا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحظر يضيق خيارات شركات غربية تستثمر في روسيا

    موسكو- اضطرت العديد من الشركات الغربية إلى تفادي الأسوأ عندما قررت مغادرة السوق الروسية بعد اندلاع الحرب في شرق أوروبا ما كبدها خسائر فادحة، بينما ظلت أخرى تعمل هناك في مغامرة محفوفة بمخاطر لا حصر لها.

    وبعد 18 شهرا على اندلاع الحرب في شرق أوروبا، لا تزال شركات غربية عالقة بين سندان مواصلة نشاطها التجاري في روسيا، ومطرقة الرضوخ للعقوبات الغربية والمغادرة، وهما خياران أحلاهما مكلف.

    وغادرت الكثير من الشركات الكبيرة تعمل في العديد من المجالات عنوة هربا من الحظر الأميركي والأوروبي، أو قامت السلطات الروسية بمصادرة أصولها، في الوقت الذي سعت فيه موسكو لسد منافذ خروج البعض منها.

    وعلى سبيل المثال وضعت الحرب بنكي يونيكريدت الإيطالي وريفجين النمساوي وشركة إيكيا، أكبر علامة تجارية للأثاث في العالم، وسلسلة الوجبات السريعة بيرغر كينغ، والمئات من الشركات الأصغر التي لا تزال لديها أعمال في روسيا، في وضع محرج.


    جوليان فيركوي: الحرب تفرز دائما ظروفا غير ملائمة للشركات الأجنبية


    وكانت شركات أميركية من بينها إكسون موبيل وبوينغ وفورد وجنرال موتورز وأبل وفيزا وماستركارد قد أعلنت مؤخرا ابتعادها عن السوق الروسية.

    وفي غضون ذلك تسعى الشركات الصينية إلى ملء الفراغ الذي أحدثه نزوح الكيانات الغربية وخاصة في قطاع تصنيع السيارات من السوق الروسية في ظل العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على موسكو.

    وبحسب إحصاء أجرته جامعة يال الأميركية، لا تزال نحو 100 شركة من دول مجموعة السبع تعمل في روسيا، على رغم أن عددها يواصل الانخفاض تدريجا.

    وقال الخبير الاقتصادي المتخصص بالشأن الروسي جوليان فيركوي “ما زلنا نرى توجها نحو تقليص نشاط الشركات الغربية على الأراضي الروسية”.

    والشهر الماضي أعلنت سلسلة مطاعم البيتزا الأميركية دومينوز قرارها مغادرة روسيا بسبب “أجواء تزداد صعوبة”، وأشهرت إفلاس فرعها المحلي الذي سعت لبيعه منذ أشهر، وأغلقت 142 مركزا في عموم أنحاء البلاد.

    وأبلغ فيركوي وكالة فرانس برس أن “الحرب تفرز ظروفا غير ملائمة للشركات الأجنبية في روسيا، أيا كان قرارها” بشأن الاستمرار أو التوقف.

    وأوضح أنه في حال قررت المغادرة وقامت بالأمر على وجه السرعة “فذلك قد يكبّدها خسائر كبيرة، لكن لمرة واحدة فقط”.

    والأمثلة على ذلك متعددة. فبحسب إحصاء أعدته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية استنادا إلى الحسابات السنوية لنحو 600 شركة أوروبية متعددة الجنسية، خسرت الشركات ما لا يقل عن 100 مليار يورو (108.4 مليار دولار) “في أعقاب بيع وإغلاق أو تقليص نشاطاتها في روسيا”.

    وكدليل على ذلك، عانى صانع السيارات الفرنسي رينو من خسارة قدرها 2.2 مليار يورو (2.4 مليار دولار) لدى انسحابه في مايو 2022 من روسيا، إحدى أهم الأسواق لمنتجاته في العالم.

    أما الشركات التي عانت الخسائر الأبرز فهي تلك العاملة في مجال النفط، حيث لديها استثمارات ضخمة في السوق الروسية، وكانت لسنوات بعد سقوط الاتحاد السوفييتي في تسعينات القرن الماضي تقيم علاقات جيدة مع موسكو.


    جيفري سونينفلد: المجموعات الكبرى تساعد اقتصاد روسيا على الاستمرار


    وكانت مجموعة بي.بي البريطانية للطاقة أول المغادرين بعد وقت وجيز من اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في أواخر فبراير 2022، وتقدّر خسائرها جراء تلك الخطوة بأكثر من 22 مليار يورو.

    في المقابل، فإن الإبقاء على نشاط تجاري في روسيا رغم الحرب ليس ممكنا من دون تكبّد كلفة أيضا. وقال فيركوي إن الشركات التي تغامر بمواصلة عملياتها في موسكو معرّضة لـ”تكاليف باهظة على صعيد سمعتها”.

    ولا يخفي الأوكرانيون، وخاصة رئيسهم فولوديمير زيلينسكي الذي يطل بشكل متكرر عبر منصات التواصل ووسائل الإعلام الغربية، انتقاداتهم اللاذعة للشركات التي تقرر مواصلة نشاطها في روسيا.

    ووصلت تلك الانتقادات إلى حد اتهام الشركات الغربية بـ”تمويل الحرب عبر الأرباح التي تحققها على الأراضي الروسية”.

    وتتعرض مجموعات عملاقة للغذاء والزراعة والتوزيع لانتقادات مباشرة بعدما قرر عدد كبير منها الاستمرار في روسيا على رغم العقوبات والحرب. وتشكّل سلسلة المتاجر الاستهلاكية الفرنسية أوشان مثالا على ذلك.

    وأعلنت أوكرانيا الأربعاء الماضي أن شظايا صاروخ روسي سقطت على مركز تجاري يضم فرعا لأوشان في كييف، وكررت دعوتها الشركة إلى وقف نشاطها في روسيا.

    وبررت شركات غربية عدة قرارها البقاء في روسيا برغبتها في الإبقاء على توفير معيشة موظفيها والحؤول دون سيطرة المسؤولين الروس على أصولها، إلا أن هذه المبررات لا تقنع كثيرين.

    وقال أستاذ المسؤولية الاجتماعية للشركات في جامعة يال جيفري سونينفلد إن “هذه الشركات تقول إنها تبقى لأسباب إنسانية. هذه كذبة تهكمية”.

    ورأى سونينفلد الذي أعد قائمة بالشركات الغربية التي تركت روسيا أو بقيت فيها، أن هذه المجموعات الكبرى تساعد الاقتصاد الروسي على الاستمرار، وأيضا تغذي سردية الرئيس فلاديمير بوتين من خلال طمأنة المستهلكين على استمرارها في بلادهم.

    وأثار قرار شركات بالبقاء دعوات إلى مقاطعتها من مجموعات المستهلكين. وأعلنت أطراف أسكندنافية مقاطعة مجموعة مونديليز الأميركية التي تشمل منتجاتها بسكويت أوريو وألواح الشوكولاتة توبليرون.

    وباتت خطوط ساس الجوية والاتحاد النرويجي لكرة القدم والجيش السويدي ترفض شراء منتجات هذه المجموعة التي كانت تعرف سابقا باسم “كرافت فودز”.
    نحو 100 شركة من دول مجموعة السبع تعمل في روسيا، على رغم أن عددها يواصل الانخفاض تدريجا

    وتواجه الشركات الغربية التي تواصل العمل في روسيا خطر مصادرة أصولها وأرباحها نتيجة الضبابية القانونية التي تلف مناخ الأعمال هناك.

    وقال فيركوي إن “البقاء خطر لأن البيئة القانونية يطبعها حاليا التعسف وافتراس الدولة على حساب المصالح الأجنبية”.

    وبموجب أحد المراسيم النافذة حاليا، يمكن لروسيا “أن تستحوذ بشكل مؤقت على الشركات” من الدول التي تعد “غير صديقة”، وفق ما أفاد لفرانس برس فلاديمير تشيكين المحامي المتخصص بقانون الشركات في روسيا.

    وطالت هذه السياسة العقابية منتج الجعة الدنماركي كارلسبرغ ومجموعة دانون الغذائية الفرنسية العملاقة. وبينما كانت الشركتان في طور بيع عملياتهما في روسيا، باغتتهما الدولة بوضع اليد على أصولهما في البلاد.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook
يعمل...
X