هناك ..على ظهر البحر نارٌ ودخان ..
وهنا.. على الرِّمال سنابل قمحٍ مدماة ..
والرِّيحُ تصرُخ من بعيد ..
وبكاءُ الأطفالُ الجياع يغتالُ هدوءَ الليل ..
ويكسر قلوب الثّكالى ..
والمطرُ المقنَّعُ بالجليد يغسلُ أجسادَ الطُّيور الهاربة ..
هناك قبل يومين او ثلاث ...
عند ملتقى الشّمسِ والقمر ..
كانت تخيطُ فستانَ الزَّفاف من أجنحة الفراشات ..
وتعدُّ النُّجوم التي تسبحُ في حلكةِ اللّيل..
وحبيبُها يحرسُ المستقبلَ المجهول ..
غائصٌ في مستودعِ الذِّكريات ..
يحيكُ أيَّامهم القادمة من الذهب المقلّد ..
ويحفرُ على وجه الغد أصواتَ الحياة وجنونَ الليالي ..
واليومُ يومُ زفافِ الأحبَّة ...
ولكن بحفل العزاءِ النّعسان ..
والحضورُ يرتدي ثوب الحداد ..
وصوتُ موسيقى الموتى تعمُّ المكان ..
وعطر الخريف العتيق يتشبَّث بعنق الثّريات ..
ما كنت أعرفُ أن تحتَ مياهِنا مئةٌ و عشرون رسالة ..
وخلفَ جدراننا آلافُ الحكايات ..
وكل منا يموت مرّتين او ثلاث ..
ما كنت أعرف أنّ بجدائلنا تستتر أحجارٌ طرية ..
وأنّه على متن رموشنا يستفيض الحب والقوّة وتعلَّقُ الأحلام والأراجيف ..
لا اعرفُ إلّا أنّنا أبناءُ الزّمان اليتامى ..
نحن الذين رغم موتنا لا زلنا أحياء ..
نحن سوريّون بلا جنسيّة ...
عربيّون بلا هويّة ..
دلع حسين مقلد