حول الأعمال الكرافيكية للفنانين المشاركين في غاليري كريم بعمان.
تسعة تجارب كرافيكية
عمار داود
ضياء العزاوي Dia Al Azzawi
ولد في بغداد عام 1939، يقيم منذ عام 1976 في لندن، المملكة المتحدة.
يفخر كاليري كريم أن يقدم أعمالاً كرافيكية للفنان العراقي الكبير ضياء العزاوي وهو أحد أهم وأبرز فناني العراق من جيل الفنانين الستينيين العتيد، حيث تمتد تجربته الفنية الثرية على مساحة أكثر من سبعة عقود.
وكما هو معروف، ان العزاوي اهتم منذ بداياته الأولى في الستينات من القرن المنصرم بمواكبة الأحداث الاجتماعية والسياسية لعموم المشهد العراقي المحلي والعربي الأعم وبالاخص محنة الشعب الفلسطيني، وكجزء من هذا الاهتمام جاءت الأعمال التسعة التي قدمها في هذا المعرض وهي مجتمعة بين دفتي محفظة معنونة بـ(أرض السواد) ومنفذة بتقنية (Photopolymer Etching) التي اعتمدت على التنفيذ الطباعي لأعمال تخطيطية بالفحم تم إنجازها من قبل الفنان عام 1991، في حين نفذت المجموعة التخطيطية كرافيكياً في عام 2019 وتوزعت في عشرين محفظة مرقمة وموقعة من قبل الفنان. وتتميز أعمال هذه المجموعة باعتمادها على لون أحادي أسود بدرجاته المختلفة، منفذة على شكل تخطيطات لوجوه بمادة الفحم، والتي بدورها عززت قوة تلك الأعمال التعبيرية والعاطفية. نفذ الفنان العزاوي بعض تلك الوجوه وهي في حالة صراخ، وعلى شكل تفصيليات تارة، ووجوه كاملة تارة اخرى، وكأن الفنان اراد لها ان تكون أشبه بلقطات من فيلم سينمائي تتسلسل فيه ملامح الوجوه المكلومة في صور مختلفة ومتتابعة تتراوح مابين قريبة و بعيدة.
عمار داود Amar Dawod
ولد في بغداد عام 1957، يعيش ويعمل في السويد منذ عام 1987.
يصف الفنان ضياء العزاوي تجربة عمار داود بما يلي: "مارس تقنية الحفر على اللينوليوم لبضعة سنوات وغادرها بعد أن قادته هذه التجربة الى الجائزة الأولى في بينالة الأعمال الطباعية في النرويج عام 1989، أعمال إبداعية اعتمدت على تقشف لوني فيه الكثير من قدسية العتمة ورهافة خطوط بارعة تخفي صوت صاف، يتبدل بمقدار ما يجد في تكوين مخيلته مساحة للانشغال، وعلى الرغم من تشابك تلك الخطوط، يبقى فيها ما هو منفرد وقادر على التميّز بما يمنحه من فسحة للتنوع الباهر."
وكتب عنه الفنان علي النجار: "فالخطوط المستقيمة الصلبة والمتقشفة التي تتميز بها هذه الأعمال، تعبر عن مزاجه التقني الصارم. أحيانا ما يحاول أن يخفف من بعض حدته في أعمال اخرى، نوتات أكثر رقة ورهافة. فهو، وكما ارى، يتحكم بأسلوبه الخطي بشكل مذهل، ولتترك آثار خطوطه مسارات قدرية لشخوصه الملغزة. خطوط هي لا تختلف كثيراً في إيحاءاتها عن مساحة السواد المحيطي الطاغي في رسومه الحفرية، وبعض من نوافذ إضاءاتها الإشارية، ما هي الا سر آخر من أسرار الغاز البراعة الأدائية، إضافة لألغاز مخبوءاته الدلالية."
هيمت محمد علي Himat Mohammed Ali
ولد في كركوك، العراق 1960.
يقيم في باريس، فرنسا.
قدم هيمت مجموعته الطباعية بتقنية السلك سكرين مرافقة لنصوص سبعة شعراء هم: أدونيس (سوريا)، قاسم حداد (البحرين)، محمد بنيس (المغرب)، سعدي يوسف (العراق)، عبدالمنعم رمضان (مصر) و برنارد نزيل وميشيل بموتور (فرنسا)، بعد أن دعاهم لمشاركته في مناجاة آلهة الحب والحرب البابلية عشتار بصيغة تجتمع فيها الصورة واللغة الشعرية. كتب كل شاعر منهم نصاً موجهاً إلى عشتار، وتمت ترجمة النصوص باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية.
وعن هذا المشروع (البورتفوليو) قال هيمت لـصحيفة (الشرق الأوسط) إنه أراد تناول الهموم المعاصرة من خلال رمز رافديني قديم، كما أراد أن يدعو أصدقاءه الشعراء إلى المائدة العامرة التي يشترك فيها التعبير التشكيلي بالتعبير الأدبي، وأضاف الفنان: "إن عشتار، في نهاية المطاف، هي الفم الذي سيعبر من خلاله كل منا عن همه الخاص".
تقوم أعمال هذه المجموعة المعروضة على مبدأ تواشج عناصر الصورة التي توزعت في بضعة أصناف شكلانية، نفذت - قبل الطباعة - بتقنية الإلصاق (الكولاج) باللون الاسود، معتمدة على قصاصات هي أجزاء من مساحات تزيينية زخرفية تجاورها مقاطع كتابية ثم خطوط عريضة أنجزت بتلقائية ومن خلال حركة الفرشاة الحرة التي ساعدت على إحكام هذا التواشج وضمه داخل إنشاء فيه الكثير من جمال الإيقاع والتناسق.
حليم قارة بيبان Halim Karabibene
ولد حليم قارة بيبان في بنزرت بتونس عام 1962.
يعيش ويعمل في برلين منذ عام 2015
يشارك الفنان حليم قارة بيبان بمجموعة أعمال أحادية اللون (الاسود ودرجاته) وتتميز بالخيال المترع بالتفاصيل والغير محكوم بسياق محدد الدلالة، ضمن تقنية تتميز بالمهارة والإتقان العاليين، انشاءاته المفتوحة تعالج مواضيع مستلة من عالم الاحلام ومنتجات اللاوعي، تذكرنا بعوالم السورياليين وخيالات الفنان الهولندي هيرونيموس بوش، اضافة الى خضوع اعماله الى تأثيرات الفسيفساء الرومانية في تونس وهو الجانب الأكثر وضوحاً وأهمية في مرجعياته الشكلية والدلالية.
تعتمد منتجاته الكرافيكية على تدفق الصور من غير وازع عقلي أو رقابة ذهنية، إنها أشبه بالتيار الحر لمنتجات الوعي الذي يزيد من طراوتها وقدرتها على إثارة الدهشة لدى المتلقي. ويعزز هذا التصور ما يؤكده الفنان قارة بيبان في إحدى تصريحاته عن أعماله التي "لا تستند الي رسم تحضيري" وأنها نوع من "الرسم التلقائي" يتخذ شكل سينوغرافيا خيالية" تعتمل داخلها دراما هي مزيج مكون من رؤى الفنان ومعالجته للأساطير التي يصفها بـ"الهجينة المعاصرة" والتي أتت كنتيجة لموقفه من العالم المعاصر المضطرب الذي يعيشه ونعيشه.
نزار يحيي Nazar Yahya
ولد في بغداد عام 1963
يقيم ويعمل في هيوستن بولاية تكساس الأمريكية منذ عام 2008
تخرج من قسم الرسم بأكاديمية الفنون الجميلة في بغداد عام 1987
يقدم نزار يحيى في هذا المعرض خمسة تنويعات طباعية ملونة لعمل تجريدي واحد من جهة التأسيس الخطي له بالأسود والأبيض. وقد استخدم الفنان هنا تقنية طباعية عريقة وذات تاريخ طويل في فن الكرافيك، وهي الحفر على الخشب، وتتميز أعمال الفنان نزار يحيى المعروضة برصانتها ودقتها الطباعية و بإنشائها المتصف بالديناميكية العالية التي تذكر بالتعبير عن الحركة في المدرسة المستقبلية الإيطالية وتوصلات التكعيبية في تهشيم الموضوع وتركيبه في توليفات جديدة. لكن تجربة نزار هنا لا تخضع كما يبدو إلا لقدر بسيط من تبني تلك الحلول التعبيرية، إذ أنه في تجربته هذه لم يتحرز من تقديم الشكل مجرداً ومتشظياً تماماً وغير قابل للتذكير بأي مرجعية شكلية سابقة، وموزعاً في تفصيلات هي أشبه بانعكاسات على مرايا مهشمة، أو كما لو كانت مقطعاً من تراكم تمور أجزائه في حركة مضطربة جيئة وذهاباً من وإلى مركز الصورة. وعلى الرغم من ذلك فإن قراءتنا البصرية لصوره هذه تظهرها لنا كما لو كانت محكومة بأن تنتظم في تراص شديد، الأمر الذي يقف وراء ترسيخ طاقة كبيرة من التأثير السحري لهذه الأعمال.
خالد التكريتي Khaled Takreti
ولد خالد التكريتي في بيروت عام 1964، وهو فنان من أصل سوري. يقيم في باريس منذ عام 2006
في أعماله الكرافيكية المعروضة، يقدم التكريتي الوجه البشري في تمثلات تستفز وتفعل القدرات التأملية لدى المتلقي. ثمة تقصي متقشف لتفاصيل الطابع اليومي للحياة والوجه الإنساني في تحولاته الوجدانية والاجتماعية داخل فضاءات صغيرة الحجم. يقترب التكريتي في زهده هذا من الفن التقليلي، حيث تترشح من خلال تجربة الفنان عينات صغيرة من المفردات البنائية بصفة وجوه مبسطة أو مموهة الملامح تتسم بالرقة والبساطة الشديدة في التنفيذ الخطي، سابحة في فراغ السطح التصويري الصغير و منشغلة في إيماءاتها وهمس ملامحها الخفي.
محمود العبيدي Mahmoud Obaidi
مواليد بغداد 1966، يقيم في كندا
تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد، و جامعة جيلف في كندا. حصل على دبلومات في الإعلام الجديد والفيلم من تورنتو ولوس أنجلوس.
اعمال العبيدي في هذا المعرض هي تحت عنوان موحد هو "كورتيزون" وتنتمي إلى محفظة واحدة تمت طباعتها في 16 نسخة موقعة ومرقمة من قبل الفنان، تتميز هذه الأعمال بحضور الجسد الإنساني ومحيطه في تشكيل مفكك في إجزاء داخل مناخات دراماتيكية ذات طاقة تعبيرية عالية. ويبدو عالم محمود في هذه المشاهد مضطرباً ومحكوماً بعبثية أحداثه، التي تذكر بما هو اشبه بحفلات تعذيب او طقوس حلمية قد جاء بعضها غريباً او كابوسياً، أو هي كما في قراءة أخرى، أشبه بتداعيات ما بعد الدمار. مفردات محمود تتميز بقوة خطوطها وسحنتها الحادة وإنفعاليتها الخشنة التي شكلت عنده خصوصية جمالية مميزة تذهب بنزعتها التعبيرية الى مديات ابعد من ما ألفناه في تعبيرية الحداثة الأولى في مطلع القرن المنصرم.
ياسر صافي Yasir safi
1976 تولد القامشلي , سوريا
1997 تخرج من كلية الفنون الجميلة، قسم الحفر والطباعة، دمشق، سوريا.
1999 دبلوم دراسات عليا في الحفر من كلية الفنون الجميلة، دمشق، سوريا.
كائنات ياسر صافي تبدو كما لو أنها أستطابت العيش في حالة من البلبلة المستدامة، معبر عنها بدفق من التشوش والفوضى داخل واقع قال عنه الفنان "واقع ينهار بحكم علاقات القوة؛ ليصبح العبث حامل اساسي، تتداخل فيه عناصر متباعدة لا تنتمي إلا لنفسها.". هو أذن، واقع لا يتصف بالثبات والرصانة، حتى أن شخوصه يكادوا لا يقفون بثبات على أرض. هم بشر و مسوخ، قصار القامات، واقرب الى دمى منهم إلى الكائن الحي، يتحركون داخل مشاهد درامية، هي ليست الا أحياز لا رحابة فيها، تموج وتمور بالصراع، ربما في سبيل الاستحواذ على مواقع يرتجى منها التحصين والحماية، أو الرغبة في تأكيد الذات ونفوذها إزاء الآخر.
يصف الفنان عناصر عمله بأنها "متباعدة، لا تنتمي إلا لنفسها" هي إذن عزلة وانانية الكائن، وتركيزه على ذاته، وهي الثيمة التي تشكل محور اهتمامات الفنان ضمن مجموعة هذا المعرض، والتي جاءت مميزة برهافة خطوطها وتعبيريتها العالية.
بشار الحروب Bashar Alhroub
ولد في القدس عام 1978، يقيم في رام الله
حصل على شهادة الماجستير في الفنون الجميلة عام 2010 في وينشستر وكلية الفنون بجامعة ساوثهامبتون في المملكة المتحدة.
تتعامل أعمال الحروب الكرافيكية مع ثيمة المكان ومشاعر الارتباط والانتماء اليه، من خلال سؤال الهوية الحرج وما يؤل إليه من مشاعر الألم والتوق إلى ترسيخ الجذور وتعميقها داخل المكان من جهة كونه حاضنته الأولى. ويتعامل الحروب ايضا مع هموم الذات، متجلية في رمزية الجسد، وما يعتريه من ضيق وقلق وجداني وتهديد بمحو الهوية والنفي وخطر العيش في الشتات.
ولا غرابة في الامر، اذ ان الحروب فنان فلسطيني، يعيش ويعاني آلام شعبه بعمق، الأمر الذي انعكس بشكل جلي في المجموعة التي يقدمها في هذا المعرض حيث نطالع مفردات او مشاهد نعرفها جيداً، لكونها مستلة من مدينة القدس المقدسة. ويصف الفنان أعماله المعروضة بكونها: "مشروع تصورات عن مفردة الملاك من عصور تاريخية مختلفة، وهو في حالة السقوط على الأماكن التي أنتمي إليها كفلسطيني وكانسان. حيث أقدم مفهوم السقوط كمحاكاة لمفهوم القيم الإنسانية التي تقع أمام الفعل الإنساني سياسياً واستعمارياً في المكان." إنها إذن شهادة الفنان عن ما تتعرض له هذه المدينة المقدسة من تجزئة وتشويه لتاريخها وصراع على أرضها.
الصور المرفقة لأعمال الفنانين المشاركين في المعرض.
عمار داوود
تسعة تجارب كرافيكية
عمار داود
ضياء العزاوي Dia Al Azzawi
ولد في بغداد عام 1939، يقيم منذ عام 1976 في لندن، المملكة المتحدة.
يفخر كاليري كريم أن يقدم أعمالاً كرافيكية للفنان العراقي الكبير ضياء العزاوي وهو أحد أهم وأبرز فناني العراق من جيل الفنانين الستينيين العتيد، حيث تمتد تجربته الفنية الثرية على مساحة أكثر من سبعة عقود.
وكما هو معروف، ان العزاوي اهتم منذ بداياته الأولى في الستينات من القرن المنصرم بمواكبة الأحداث الاجتماعية والسياسية لعموم المشهد العراقي المحلي والعربي الأعم وبالاخص محنة الشعب الفلسطيني، وكجزء من هذا الاهتمام جاءت الأعمال التسعة التي قدمها في هذا المعرض وهي مجتمعة بين دفتي محفظة معنونة بـ(أرض السواد) ومنفذة بتقنية (Photopolymer Etching) التي اعتمدت على التنفيذ الطباعي لأعمال تخطيطية بالفحم تم إنجازها من قبل الفنان عام 1991، في حين نفذت المجموعة التخطيطية كرافيكياً في عام 2019 وتوزعت في عشرين محفظة مرقمة وموقعة من قبل الفنان. وتتميز أعمال هذه المجموعة باعتمادها على لون أحادي أسود بدرجاته المختلفة، منفذة على شكل تخطيطات لوجوه بمادة الفحم، والتي بدورها عززت قوة تلك الأعمال التعبيرية والعاطفية. نفذ الفنان العزاوي بعض تلك الوجوه وهي في حالة صراخ، وعلى شكل تفصيليات تارة، ووجوه كاملة تارة اخرى، وكأن الفنان اراد لها ان تكون أشبه بلقطات من فيلم سينمائي تتسلسل فيه ملامح الوجوه المكلومة في صور مختلفة ومتتابعة تتراوح مابين قريبة و بعيدة.
عمار داود Amar Dawod
ولد في بغداد عام 1957، يعيش ويعمل في السويد منذ عام 1987.
يصف الفنان ضياء العزاوي تجربة عمار داود بما يلي: "مارس تقنية الحفر على اللينوليوم لبضعة سنوات وغادرها بعد أن قادته هذه التجربة الى الجائزة الأولى في بينالة الأعمال الطباعية في النرويج عام 1989، أعمال إبداعية اعتمدت على تقشف لوني فيه الكثير من قدسية العتمة ورهافة خطوط بارعة تخفي صوت صاف، يتبدل بمقدار ما يجد في تكوين مخيلته مساحة للانشغال، وعلى الرغم من تشابك تلك الخطوط، يبقى فيها ما هو منفرد وقادر على التميّز بما يمنحه من فسحة للتنوع الباهر."
وكتب عنه الفنان علي النجار: "فالخطوط المستقيمة الصلبة والمتقشفة التي تتميز بها هذه الأعمال، تعبر عن مزاجه التقني الصارم. أحيانا ما يحاول أن يخفف من بعض حدته في أعمال اخرى، نوتات أكثر رقة ورهافة. فهو، وكما ارى، يتحكم بأسلوبه الخطي بشكل مذهل، ولتترك آثار خطوطه مسارات قدرية لشخوصه الملغزة. خطوط هي لا تختلف كثيراً في إيحاءاتها عن مساحة السواد المحيطي الطاغي في رسومه الحفرية، وبعض من نوافذ إضاءاتها الإشارية، ما هي الا سر آخر من أسرار الغاز البراعة الأدائية، إضافة لألغاز مخبوءاته الدلالية."
هيمت محمد علي Himat Mohammed Ali
ولد في كركوك، العراق 1960.
يقيم في باريس، فرنسا.
قدم هيمت مجموعته الطباعية بتقنية السلك سكرين مرافقة لنصوص سبعة شعراء هم: أدونيس (سوريا)، قاسم حداد (البحرين)، محمد بنيس (المغرب)، سعدي يوسف (العراق)، عبدالمنعم رمضان (مصر) و برنارد نزيل وميشيل بموتور (فرنسا)، بعد أن دعاهم لمشاركته في مناجاة آلهة الحب والحرب البابلية عشتار بصيغة تجتمع فيها الصورة واللغة الشعرية. كتب كل شاعر منهم نصاً موجهاً إلى عشتار، وتمت ترجمة النصوص باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية.
وعن هذا المشروع (البورتفوليو) قال هيمت لـصحيفة (الشرق الأوسط) إنه أراد تناول الهموم المعاصرة من خلال رمز رافديني قديم، كما أراد أن يدعو أصدقاءه الشعراء إلى المائدة العامرة التي يشترك فيها التعبير التشكيلي بالتعبير الأدبي، وأضاف الفنان: "إن عشتار، في نهاية المطاف، هي الفم الذي سيعبر من خلاله كل منا عن همه الخاص".
تقوم أعمال هذه المجموعة المعروضة على مبدأ تواشج عناصر الصورة التي توزعت في بضعة أصناف شكلانية، نفذت - قبل الطباعة - بتقنية الإلصاق (الكولاج) باللون الاسود، معتمدة على قصاصات هي أجزاء من مساحات تزيينية زخرفية تجاورها مقاطع كتابية ثم خطوط عريضة أنجزت بتلقائية ومن خلال حركة الفرشاة الحرة التي ساعدت على إحكام هذا التواشج وضمه داخل إنشاء فيه الكثير من جمال الإيقاع والتناسق.
حليم قارة بيبان Halim Karabibene
ولد حليم قارة بيبان في بنزرت بتونس عام 1962.
يعيش ويعمل في برلين منذ عام 2015
يشارك الفنان حليم قارة بيبان بمجموعة أعمال أحادية اللون (الاسود ودرجاته) وتتميز بالخيال المترع بالتفاصيل والغير محكوم بسياق محدد الدلالة، ضمن تقنية تتميز بالمهارة والإتقان العاليين، انشاءاته المفتوحة تعالج مواضيع مستلة من عالم الاحلام ومنتجات اللاوعي، تذكرنا بعوالم السورياليين وخيالات الفنان الهولندي هيرونيموس بوش، اضافة الى خضوع اعماله الى تأثيرات الفسيفساء الرومانية في تونس وهو الجانب الأكثر وضوحاً وأهمية في مرجعياته الشكلية والدلالية.
تعتمد منتجاته الكرافيكية على تدفق الصور من غير وازع عقلي أو رقابة ذهنية، إنها أشبه بالتيار الحر لمنتجات الوعي الذي يزيد من طراوتها وقدرتها على إثارة الدهشة لدى المتلقي. ويعزز هذا التصور ما يؤكده الفنان قارة بيبان في إحدى تصريحاته عن أعماله التي "لا تستند الي رسم تحضيري" وأنها نوع من "الرسم التلقائي" يتخذ شكل سينوغرافيا خيالية" تعتمل داخلها دراما هي مزيج مكون من رؤى الفنان ومعالجته للأساطير التي يصفها بـ"الهجينة المعاصرة" والتي أتت كنتيجة لموقفه من العالم المعاصر المضطرب الذي يعيشه ونعيشه.
نزار يحيي Nazar Yahya
ولد في بغداد عام 1963
يقيم ويعمل في هيوستن بولاية تكساس الأمريكية منذ عام 2008
تخرج من قسم الرسم بأكاديمية الفنون الجميلة في بغداد عام 1987
يقدم نزار يحيى في هذا المعرض خمسة تنويعات طباعية ملونة لعمل تجريدي واحد من جهة التأسيس الخطي له بالأسود والأبيض. وقد استخدم الفنان هنا تقنية طباعية عريقة وذات تاريخ طويل في فن الكرافيك، وهي الحفر على الخشب، وتتميز أعمال الفنان نزار يحيى المعروضة برصانتها ودقتها الطباعية و بإنشائها المتصف بالديناميكية العالية التي تذكر بالتعبير عن الحركة في المدرسة المستقبلية الإيطالية وتوصلات التكعيبية في تهشيم الموضوع وتركيبه في توليفات جديدة. لكن تجربة نزار هنا لا تخضع كما يبدو إلا لقدر بسيط من تبني تلك الحلول التعبيرية، إذ أنه في تجربته هذه لم يتحرز من تقديم الشكل مجرداً ومتشظياً تماماً وغير قابل للتذكير بأي مرجعية شكلية سابقة، وموزعاً في تفصيلات هي أشبه بانعكاسات على مرايا مهشمة، أو كما لو كانت مقطعاً من تراكم تمور أجزائه في حركة مضطربة جيئة وذهاباً من وإلى مركز الصورة. وعلى الرغم من ذلك فإن قراءتنا البصرية لصوره هذه تظهرها لنا كما لو كانت محكومة بأن تنتظم في تراص شديد، الأمر الذي يقف وراء ترسيخ طاقة كبيرة من التأثير السحري لهذه الأعمال.
خالد التكريتي Khaled Takreti
ولد خالد التكريتي في بيروت عام 1964، وهو فنان من أصل سوري. يقيم في باريس منذ عام 2006
في أعماله الكرافيكية المعروضة، يقدم التكريتي الوجه البشري في تمثلات تستفز وتفعل القدرات التأملية لدى المتلقي. ثمة تقصي متقشف لتفاصيل الطابع اليومي للحياة والوجه الإنساني في تحولاته الوجدانية والاجتماعية داخل فضاءات صغيرة الحجم. يقترب التكريتي في زهده هذا من الفن التقليلي، حيث تترشح من خلال تجربة الفنان عينات صغيرة من المفردات البنائية بصفة وجوه مبسطة أو مموهة الملامح تتسم بالرقة والبساطة الشديدة في التنفيذ الخطي، سابحة في فراغ السطح التصويري الصغير و منشغلة في إيماءاتها وهمس ملامحها الخفي.
محمود العبيدي Mahmoud Obaidi
مواليد بغداد 1966، يقيم في كندا
تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد، و جامعة جيلف في كندا. حصل على دبلومات في الإعلام الجديد والفيلم من تورنتو ولوس أنجلوس.
اعمال العبيدي في هذا المعرض هي تحت عنوان موحد هو "كورتيزون" وتنتمي إلى محفظة واحدة تمت طباعتها في 16 نسخة موقعة ومرقمة من قبل الفنان، تتميز هذه الأعمال بحضور الجسد الإنساني ومحيطه في تشكيل مفكك في إجزاء داخل مناخات دراماتيكية ذات طاقة تعبيرية عالية. ويبدو عالم محمود في هذه المشاهد مضطرباً ومحكوماً بعبثية أحداثه، التي تذكر بما هو اشبه بحفلات تعذيب او طقوس حلمية قد جاء بعضها غريباً او كابوسياً، أو هي كما في قراءة أخرى، أشبه بتداعيات ما بعد الدمار. مفردات محمود تتميز بقوة خطوطها وسحنتها الحادة وإنفعاليتها الخشنة التي شكلت عنده خصوصية جمالية مميزة تذهب بنزعتها التعبيرية الى مديات ابعد من ما ألفناه في تعبيرية الحداثة الأولى في مطلع القرن المنصرم.
ياسر صافي Yasir safi
1976 تولد القامشلي , سوريا
1997 تخرج من كلية الفنون الجميلة، قسم الحفر والطباعة، دمشق، سوريا.
1999 دبلوم دراسات عليا في الحفر من كلية الفنون الجميلة، دمشق، سوريا.
كائنات ياسر صافي تبدو كما لو أنها أستطابت العيش في حالة من البلبلة المستدامة، معبر عنها بدفق من التشوش والفوضى داخل واقع قال عنه الفنان "واقع ينهار بحكم علاقات القوة؛ ليصبح العبث حامل اساسي، تتداخل فيه عناصر متباعدة لا تنتمي إلا لنفسها.". هو أذن، واقع لا يتصف بالثبات والرصانة، حتى أن شخوصه يكادوا لا يقفون بثبات على أرض. هم بشر و مسوخ، قصار القامات، واقرب الى دمى منهم إلى الكائن الحي، يتحركون داخل مشاهد درامية، هي ليست الا أحياز لا رحابة فيها، تموج وتمور بالصراع، ربما في سبيل الاستحواذ على مواقع يرتجى منها التحصين والحماية، أو الرغبة في تأكيد الذات ونفوذها إزاء الآخر.
يصف الفنان عناصر عمله بأنها "متباعدة، لا تنتمي إلا لنفسها" هي إذن عزلة وانانية الكائن، وتركيزه على ذاته، وهي الثيمة التي تشكل محور اهتمامات الفنان ضمن مجموعة هذا المعرض، والتي جاءت مميزة برهافة خطوطها وتعبيريتها العالية.
بشار الحروب Bashar Alhroub
ولد في القدس عام 1978، يقيم في رام الله
حصل على شهادة الماجستير في الفنون الجميلة عام 2010 في وينشستر وكلية الفنون بجامعة ساوثهامبتون في المملكة المتحدة.
تتعامل أعمال الحروب الكرافيكية مع ثيمة المكان ومشاعر الارتباط والانتماء اليه، من خلال سؤال الهوية الحرج وما يؤل إليه من مشاعر الألم والتوق إلى ترسيخ الجذور وتعميقها داخل المكان من جهة كونه حاضنته الأولى. ويتعامل الحروب ايضا مع هموم الذات، متجلية في رمزية الجسد، وما يعتريه من ضيق وقلق وجداني وتهديد بمحو الهوية والنفي وخطر العيش في الشتات.
ولا غرابة في الامر، اذ ان الحروب فنان فلسطيني، يعيش ويعاني آلام شعبه بعمق، الأمر الذي انعكس بشكل جلي في المجموعة التي يقدمها في هذا المعرض حيث نطالع مفردات او مشاهد نعرفها جيداً، لكونها مستلة من مدينة القدس المقدسة. ويصف الفنان أعماله المعروضة بكونها: "مشروع تصورات عن مفردة الملاك من عصور تاريخية مختلفة، وهو في حالة السقوط على الأماكن التي أنتمي إليها كفلسطيني وكانسان. حيث أقدم مفهوم السقوط كمحاكاة لمفهوم القيم الإنسانية التي تقع أمام الفعل الإنساني سياسياً واستعمارياً في المكان." إنها إذن شهادة الفنان عن ما تتعرض له هذه المدينة المقدسة من تجزئة وتشويه لتاريخها وصراع على أرضها.
الصور المرفقة لأعمال الفنانين المشاركين في المعرض.
عمار داوود