عن ليزا فتاح الترك 1
الغرفة و نزلائها
تداخلت بشكل مربك في إحدى لوحاتها (الصورة المرفقة رقم ١) بضعة أحياز مكانية، حاطت بشخص يقف في مواجهتنا، ويمسك بنمر صغير متدل إلى أسفل. اتخذ الشخص له موقعاً وسط الغرفة التي غشيها الظلام في جانبها الأيمن، والنور في جانبها الأيسر.
ثمة باب في الغرفة، مفتوح للداخل، وبقربه استقر فانوس راحت فتيلته تشتعل. أما السماء التي ظهرت على خلفية ذلك الفانوس، فقد رسمت سحبها أشرطة ترتجف كأمواج متتابعة من مياه الأنهر الجارية. ويضفي الفانوس المشتعل شيئاً من الدفء في الغرفة الغريبة، التي راح الاختلال الواضح في شكل أرضيتها وجدرانها يتسبب في جو من عدم الاستقرار والطمأنينة.
نفذت الفنانة الغرفة بنمط مبتَدع من منظور ملفق، أنتج وهماً قريباً من منتجات الخداع البصري المحير. حتى راح هذا الوهم في بنية المنظور، يعزز من سطوة ذلك الجزء الغامض المتوزع بين الخارج والداخل، والمغطى جُلِّه بلون الرماد الذي شف في جزء منه عن ما تحته من بقايا لون مائل إلى صفرة الأحتراق. وعلى يسار المشهد، يقف هيكل غريب الشكل، نصفه العلوي صدر بشري من غير رأس يرتدي قميصاً، ورفعت ذلك الصدر دعامتان، بدت إحداهما مسندة على السطح الأفقي للارضية ذات المربعات، بينما استقرت الثانية على الأرضية ذات الالواح المصفوفة والمستمرة في انتشارها حتى أعلى الجدار.
ما يثير القلق في الصورة، هو ذلك الجزء الرمادي المعتم القادم من الخارج، والمتسلل إلى الداخل الذي أحدث في فضاءه ما يشبه الشطر إلى نصفين، حتى غطى جسم الرجل ذو الرداء والحذاء الأسود والبنطال المخطط، الذي توارى وجهه خلف قطعة قماش ذات مربعات من خطوط حمراء. بيد أن ذلك الجزء الذي تسلل وسبب ذلك الشكل من الانشطار الغريب، لم يدفع باتجاه ظهور أي إشارة تعبيرية واضحة عند الرجل ولا نمره الصغير المخطط الذي تشير أطرافه ورأسه المتدلية ذات الرقبة الطويلة إلى أنه أقرب الى حالة الميت. ويمكن القول، في مسعى إجمال الاستنتاج :أن اجتمع في هذه اللوحة كل من حلم وواقع في تداخل سحري غرائبي، عززته ألوان اللوحة التي غلب عليها اللون الأسود والرمادي والبني ومشتقاتهم.
وبشكل مقارب سيعمل تداخل سحري آخر في لوحة الفنان البلجيكي السوريالي رينيه ماغريت، والمعنونة ب)أيام الجبابرة ((الصورة المرفقة رقم ٢) ، حيث تبدو شخصية المرأة في عمله هذا ـ على العكس من الرجل الساكن في لوحة ليزا - منشغلة بوضع دفاعي مأزوم ومشحون بالقلق والخوف، بسبب رجل اخترق حدود جسمها بشكل مريب، وأجج في نفسها رعباً، ربما انتابها بسبب جسدها الذي بدا كما لو أنه ـ وبدون ارادتها ـ قد صار حداً قسرياً لا فكاك منه محيطاً بجسد الرجل.
ومرة اخرى نحن هنا إزاء ذلك الخارج وهو جسد الرجل الذي يتسلل إلى الداخل وهو في هذه اللوحة جسد المرأة.
عمار. داوود
الغرفة و نزلائها
تداخلت بشكل مربك في إحدى لوحاتها (الصورة المرفقة رقم ١) بضعة أحياز مكانية، حاطت بشخص يقف في مواجهتنا، ويمسك بنمر صغير متدل إلى أسفل. اتخذ الشخص له موقعاً وسط الغرفة التي غشيها الظلام في جانبها الأيمن، والنور في جانبها الأيسر.
ثمة باب في الغرفة، مفتوح للداخل، وبقربه استقر فانوس راحت فتيلته تشتعل. أما السماء التي ظهرت على خلفية ذلك الفانوس، فقد رسمت سحبها أشرطة ترتجف كأمواج متتابعة من مياه الأنهر الجارية. ويضفي الفانوس المشتعل شيئاً من الدفء في الغرفة الغريبة، التي راح الاختلال الواضح في شكل أرضيتها وجدرانها يتسبب في جو من عدم الاستقرار والطمأنينة.
نفذت الفنانة الغرفة بنمط مبتَدع من منظور ملفق، أنتج وهماً قريباً من منتجات الخداع البصري المحير. حتى راح هذا الوهم في بنية المنظور، يعزز من سطوة ذلك الجزء الغامض المتوزع بين الخارج والداخل، والمغطى جُلِّه بلون الرماد الذي شف في جزء منه عن ما تحته من بقايا لون مائل إلى صفرة الأحتراق. وعلى يسار المشهد، يقف هيكل غريب الشكل، نصفه العلوي صدر بشري من غير رأس يرتدي قميصاً، ورفعت ذلك الصدر دعامتان، بدت إحداهما مسندة على السطح الأفقي للارضية ذات المربعات، بينما استقرت الثانية على الأرضية ذات الالواح المصفوفة والمستمرة في انتشارها حتى أعلى الجدار.
ما يثير القلق في الصورة، هو ذلك الجزء الرمادي المعتم القادم من الخارج، والمتسلل إلى الداخل الذي أحدث في فضاءه ما يشبه الشطر إلى نصفين، حتى غطى جسم الرجل ذو الرداء والحذاء الأسود والبنطال المخطط، الذي توارى وجهه خلف قطعة قماش ذات مربعات من خطوط حمراء. بيد أن ذلك الجزء الذي تسلل وسبب ذلك الشكل من الانشطار الغريب، لم يدفع باتجاه ظهور أي إشارة تعبيرية واضحة عند الرجل ولا نمره الصغير المخطط الذي تشير أطرافه ورأسه المتدلية ذات الرقبة الطويلة إلى أنه أقرب الى حالة الميت. ويمكن القول، في مسعى إجمال الاستنتاج :أن اجتمع في هذه اللوحة كل من حلم وواقع في تداخل سحري غرائبي، عززته ألوان اللوحة التي غلب عليها اللون الأسود والرمادي والبني ومشتقاتهم.
وبشكل مقارب سيعمل تداخل سحري آخر في لوحة الفنان البلجيكي السوريالي رينيه ماغريت، والمعنونة ب)أيام الجبابرة ((الصورة المرفقة رقم ٢) ، حيث تبدو شخصية المرأة في عمله هذا ـ على العكس من الرجل الساكن في لوحة ليزا - منشغلة بوضع دفاعي مأزوم ومشحون بالقلق والخوف، بسبب رجل اخترق حدود جسمها بشكل مريب، وأجج في نفسها رعباً، ربما انتابها بسبب جسدها الذي بدا كما لو أنه ـ وبدون ارادتها ـ قد صار حداً قسرياً لا فكاك منه محيطاً بجسد الرجل.
ومرة اخرى نحن هنا إزاء ذلك الخارج وهو جسد الرجل الذي يتسلل إلى الداخل وهو في هذه اللوحة جسد المرأة.
عمار. داوود