هل‭ ‬كان‭ ‬كرسي‭ ‬لوحاتها‭ ‬كرسياً‭ ‬،أم‭ ‬أنه‭ ‬‬أقرب‭ ‬لمَجاز‭ ‬صورة‭ ‬ذاتية؟‭

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل‭ ‬كان‭ ‬كرسي‭ ‬لوحاتها‭ ‬كرسياً‭ ‬،أم‭ ‬أنه‭ ‬‬أقرب‭ ‬لمَجاز‭ ‬صورة‭ ‬ذاتية؟‭

    عن ليزا فتاح الترك 2


    الكرسي

    هل‭ ‬كان‭ ‬كرسي‭ ‬لوحاتها‭ ‬كرسياً‭ ‬حقاً؟
    أم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬أقرب‭ ‬لمَجاز‭ ‬صورة‭ ‬ذاتية؟‭

    ولعل‭ ‬من‭ ‬يفهم‭ ‬ويدرك‭ ‬أن‭ ‬الفن‭ ‬عالم‭ ‬مليء‭ ‬بالإيهام،‭ ‬سيفهم‭ ‬ايضاً،‭ ‬اننا‭ ‬لن‭ ‬يمكننا‭ ‬التأكد‭ ‬دائماً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬ننظر‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬حقاً.‭ ‬ وهذا‭ ‬بالذات‭ ‬ما‭ ‬نتبينه‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬مشاهدتنا‭ ‬لأحد‭ ‬كراسيها‭ ‬الذي‭ ‬رسمته‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬الثمانينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم،‭ ‬والذي‭ ‬استقر‭ ‬على‭ ‬عتبة‭ ‬مدخل‭ ‬غرفة‭ ‬معتمة،‭ ‬الصورة‭ ‬رقم‭ ‬(1‭) ‬إذ‭ ‬سنجد‭ ‬أنه‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬التماس‭ ‬الفاصل‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يوحي‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬إنساني‭ ‬حي‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬شيئي‭ ‬ميت‭.‬ وإني‭ ‬لأزعمُ‭ ‬هنا‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬انضج‭ ‬كراسيها‭ ‬المرسومة،‭ ‬بسبب‭ ‬كثافة‭ ‬إيحائه‭ ‬الشكلي‭ ‬المركب،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أصفه‭ ‬ب‭‬الجناس‭ ‬الشكلي‭ ‬الذي‭ ‬يتحقق‭ ‬تأثيره‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ليونة‭ ‬وانحناءات‭ ‬تفاصيله‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬ليونة‭ ‬الجسد‭ ‬البشري‭،‬ وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ - ‬بعد‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬التأمل‭ - ‬أن‭ ‬نشعر‭ ‬بحلول‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬الكرسي‭ ‬والإنسان‭ ‬في‭ ‬بعضهما‭.‬
    ‭ ‬
    ذكرني‭ ‬كرسي‭ ‬ليزا،‭ ‬بلوحة‭ ‬الكرسي‭ ‬للفنان‭ ‬فينسنت‭ ‬فان‭ ‬كوخ،‭ ‬الصورة‭ ‬رقم‭ (‬2‭) ‬صنو‭ ‬كرسيها،‭ ‬الذي‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬لوحته‭ ‬متوحداً‭ ‬داخل‭ ‬غرفته، وحدة،‭ ‬سيقلل‭ ‬من‭ ‬وطأتها‭ ‬غليون‭ ‬الفنان‭ ‬المستقر‭ ‬على‭ ‬مقعد‭ ‬الكرسي،‭ ‬والذي‭ ‬سيحل‭ ‬كبديل‭ ‬يعوض‭ ‬عن‭ ‬غياب‭ ‬صاحبه‭.‬

    ويذكرني‭ ‬كرسي‭ ‬ليزا‭ ‬ايضاً‭ ‬ب‭"‬كرسي‭ ‬مع‭ ‬الشحم‭" ‬ لمواطنها‭ ‬الألماني‭ ‬جوزيف‭ ‬بويز،‭ ‬الصورة‭ ‬رقم‭ ‬(3‭) ‬الذي‭ ‬غطت‭ ‬زاويته‭ ‬مادة‭ ‬الشحم،‭ ‬التي‭ ‬أراد‭ ‬بويز‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قابلية‭ ‬ذوبانها‭ ‬واختفائها‭ ‬التدريجي،‭ ‬أن‭ ‬تشي‭ ‬بغياب‭ ‬أثر‭ ‬الكائن‭ ‬الحي‭.‬
    ‭ ‬
    وراح‭ ‬كرسي‭ ‬ثالث،‭ ‬الصورة‭ ‬رقم‭ (‬4‭) ‬توارى‭ ‬في‭ "‬كرسي‭ ‬وثلاثة‭ ‬كراسي‭"‬ لجوزيف‭ ‬كوسوث،‭ ‬يؤجج معضلة‭ ‬معنى‭ ‬مفهوم‭ ‬الحقيقي‭ ‬ومعنى ‬ماهية‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬ينعت‭ ‬ب‭‬الواقعي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأمل‭ ‬جوهر‭ ‬الكرسي‭ ‬الغائب‭ ‬عن‭ ‬أبصارنا،‭ ‬لكن‭ ‬الحاضر‭ ‬في‭ ‬عقولنا،‭ ‬و‭ ‬الماثل‭ ‬أمامنا‭ ‬في‭ ‬تجليات‭ ‬ثلاث‭ ‬لكرسي‭ ‬واحد‭. ‬

    هي‭ ‬اذن‭ ‬حوصلة‭ ‬لمعنى‭ ‬مفهوم‭ ‬الغياب‭ ‬المتجلي‭ ‬في‭ ‬كرسي‭ ‬ليزا،‭ ‬كما‭ ‬تجلى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬كرسي‭ ‬فان‭ ‬كوخ‭ ‬وبويز‭ ‬وجوزيف‭ ‬كوسوث‭. ‬بيد‭ ‬أنه‭ ‬غياب‭ ‬الفنان‭ ‬عند‭ ‬فان‭ ‬كوخ،‭ ‬وغياب‭ ‬الكائن‭ ‬الحي‭ ‬عند‭ ‬بويز،‭ ‬وغياب‭ ‬الحقيقي‭ ‬عند‭ ‬كوسوث‭.‬

    عماردغوود
يعمل...
X