كيف تم تكوين الفحم في الطبيعة ؟
يعد الفحم أحد أهم مصادر الطاقة اليوم، حيث تستخدمه كل من الولايات المتحدة والصين، وهما أكبر دول إقتصادية تستخدم الفحم بكثافة كمصدر للكهرباء، وقيمة الفحم كمصدر للطاقة لها ثمن، إلا أنه مورد غير قابل للتجديد يستغرق وقتا طويلا حتى يتم تكوينه، وفي هذا المقال سنتحدث عن كيفية تكوين الفحم، ودوره في توليد الطاقة، وأهم استخدامات الفحم .
الفحم مماثل للزيت من حيث أنه يتكون من مادة عضوية متحللة، والفحم على وجه التحديد يأتي من النباتات الميتة التي تموت في الأهوار، والمستنقعات، أو المناطق الرطبة المماثلة، وتراكم النباتات الرطبة الميتة تتحلل لتشكل مادة تسمى الخث، والخث في حد ذاته مصدرا مفيدا للحرارة والطاقة عندما يحترق، وفي العصور القديمة كان الناس يجمعون الخث من المستنقعات لبيعها .
تكوين الفحم يتعلق بالضغط :
يختلف الخث قليلا إعتمادا على الحرارة والضغط وتكوين الخث المترسب، والسبب في أن الخث يمكن أن يتراكم في شكل ترسبات دون أن يتحلل تماما هو الماء، ونظرا لوجود كمية أقل من الأكسجين في الماء مقارنة بالجو، فإن البكتيريا لديها وقت أصعب في تحلل كتلة النبات، ويؤدي نقص الأكسجين في الماء إلى إبطاء عملية الأيض في البكتريا، ونتيجة لذلك، وبينما يشكل الماء عنصرا مشتركا في تكوين الخث، فإن العوامل الأخرى مثل درجة الحرارة المحلية والضغط من طبقات الخث التي توجد في الأعلى، وغيرها من العوامل تعني أن الخث ليس مادة متجانسة .
بعد تكوين الخث وتراكمه، فإنه يحتاج إلى الخضوع لسلسلة من التغييرات الكيميائية كي يتحول إلى فحما، والمرحلة الأولى هي الضغط، ومع تراكم الخث، فإن الطبقات السفلى من الخث المتراكم تتعرض لضغط أكبر وأكبر كلما ازداد كمية الخث في الطبقات الأعلى، وهذا الضغط الأولي يطرد الماء الموجود في الخث ويجففه .
وعندما يتراكم المزيد من الخث على قمة الخث الجاف، فإنه يضغط بقوة أكثر ويبدأ الضغط أيضا في توليد حرارة قليلة، وهذه الحرارة والضغط تبدأ في تغيير تكوين الخث، والعديد من مكونات الخث مثل الميثان تتحول إلى غاز وتستخرج من التراكمات، وتدريجيا، تتحول العناصر المختلفة إلى غاز وتطرد من الخث حتى يصبح المتبقي الوحيد هو الكربون، والذي تم ضغطه بواسطة وزن الخث فوقه .
هذه العملية لها مراحل متميزة لها نتائج متميزة، والخث نفسه يتحول إلى ليجنيت الذي يصبح فحم شبه قاري الذي يصبح الفحم البتيوميني أو الفحم القيري، وأخيرا يصبح الخث فحم الإنثراسيت، ثم الجرافيت، والجرافيت ليس فحم تقريبا، بل هو مادة كربونية نقية تستخدم بشكل شائع في أقلام الرصاص .
ويمكن استخدام جميع أنواع الفحم من الليجنيت إلى فحم الإنثراسيت لإنتاج الطاقة على الرغم من أن الليجنيت هو الأقل جودة وفحم الإنثراسيت هو الأعلى، والفحم ذو الجودة الأقل يحترق بكفاءة أقل وينتج المزيد من الملوثات بسبب وجود الشوائب، وجميع أنواع الفحم تستخدم في توليد الطاقة، وحتى في هذه الأنواع هناك اختلاف كبير في نوعية الفحم، وعلى سبيل المثال، تنتج مناطق مختلفة من الولايات المتحدة أنواعا مختلفة من الفحم لها خصائص مختلفة مثل كمية الكربون التي تصدر عند حرقها أو كثافة طاقتها لكل وحدة وزن .
الفحم هو طاقة غير متجددة :
تستغرق عملية إنتاج الفحم من الخث وقت وكميات كبيرة من الحياة النباتية لتزويد الخث، وهذا يعني أنه إذا استخدم الناس الفحم بشكل أسرع مما يتم تكوينه في الطبيعة في مستنقعات الخث، فسيتم إستنزاف الفحم في النهاية، وهذه مشكلة محتملة كبرى لأنه مصدر طاقة رئيسي، وتنتج الولايات المتحدة أقل قليلا من نصف طاقتها باستخدام الفحم، وبالنسبة لبعض الدول مثل الصين فإن المستوى أعلى من ذلك، وفقدان الوصول إلى مثل هذا العنصر الهام في نظام توليد الكهرباء سيكون له تأثير عميق على الإقتصاد العالمي .
الطريقة التي ينتج بها الفحم الطاقة بسيطة، في محطة توليد الكهرباء يتم حرق الفحم تحت حاوية كبيرة من الماء، وعندما يسخن الماء ويغلي يصبح بخار، ويتدفق البخار عبر نظام من الأنابيب إلى التوربينات، حيث يؤدي مروره على شفرات التوربين تسبب حركة ودوران التوربينات، ومع دوران التوربينات يدور أيضا مغناطيس كبير يعلق على التوربينات، والمغناطيس الدوار الموجود داخل لفائف الأسلاك ينتج الكهرباء في السلك، وهذه مجرد نسخة واسعة النطاق من هذا التأثير، ولذا الفحم هو الوقود الذي يسخن الماء لبدء تسلسل توليد الطاقة بالكامل .
الفحم والبيئة :
إيجاد بديل للفحم يتطلب إما إيجاد وقود كثيف مماثل للطاقة لتولي دور الفحم في هذه العملية، أو التحول إلى وسائل بديلة لتوليد الطاقة مثل الطاقة الشمسية، والعقبة الكامنة هي أن الفحم يتمتع بكفاءة عالية من حيث مقدار ما تحتاج إلى إنفاقه من أجل توليد الكهرباء منه بحيث لا يوجد اهتمام كبير بتطوير هذه البدائل .
علاوة على ذلك، يعتبر الفحم من أكثر الملوثات الضارة للبيئة، وخاصة الفحم منخفض الجودة، وإعتمادا على ممارسات وتقنيات محطة توليد الطاقة والألغام، يمكن تقليل تأثير الفحم على البيئة بشكل ملحوظ، ومع ذلك، يعتبر هذا مكلف، والدول النامية التي تستخدم الفحم في كثير من الأحيان لا تستخدم إجراءات الصيانة والحماية الكافية .
الفحم مادة متناقضة، فمن ناحية، أدى إستخدام الفحم إلى زيادة هائلة في الثروة العالمية من خلال الطاقة الرخيصة، ومن ناحية أخرى، فإنه غير قابل للتجديد، كما أنه ملوث لأنه يتم حرقه، وستحتاج الأجيال القادمة إلى إستبدال الفحم، لأنه لا توجد طريقة لصنع الفحم الجديد بمجرد نفاده، بالإضافة إلى أن الإنتظار وإستخراج الخث من المستنقع لإنتاج المزيد يمكن أن يستغرق مئات الملايين من السنين .