كندا (ادب في) Canada - Canada
الأدب
ينقسم الأدب الكندي Canadian Literature -Littérature Canadienne إلى ذاك المكتوب باللغة الفرنسية والآخر المكتوب باللغة الإنكليزية وفقاً للانتماء الاثني والثنائية اللغوية في البلاد.
الأدب المكتوب باللغة الفرنسية
يتبع هذا الأدب التطورات الأدبية في فرنسا مع وجود تأخر زمني معين؛ فالحقبة الإبداعية[ر] (الرومنسية) مثلاً تبدأ نحو عام 1840 بتأخر نحو نصف قرن من الزمن. وقد كان هذا الأدب في بداياته محدوداً جداً بسبب قلة عدد المهاجرين والمستوى الثقافي العام، ولم يرق إلى مستوى أدب وطني يذكر إلا بعد توطيد أركان الدولة سياسياً واقتصادياً، الأمر الذي لم يتحقق إلا في القرنين الأخيرين.
كانت دورية «المكتبة الكندية» Bibliothèque Canadienne التي أصدرها ميشيل بيبو M.Bibaud عام 1825 أولى المظاهر الثقافية في البلاد، وهو الذي أصدر أول مجموعة شعرية محلية عام 1830. ونشر فرانسوا غارنو François -Xavier Garneau أول مجلدات «تاريخ كندا» Histoire du Canada (1845)، وكتب هنري كاسغران H.Casgrain «أساطير كندية» Légendes Canadiennes (1860). كان أوكتاڤ كرِمازي O.Crémazie (1827- 1876) أول شاعر مهم، كما كتب أعمالاً تاريخية وكان من مؤسسي الصحافة، كذلك كتب فيليب أوبير دي غاسبيه Philippe Aubert de Gaspé (1786-1871) روايات تاريخية، مثل «قدامى الكنديين» Anciens Canadiens (1863)، التي لا تزال تقرأ حتى اليوم.
اتسمت الفترة التي تلت هذه الحقبة التأسيسية بالركود باستثناء كتابات لويس- أونوريه فريشيت[ر] Louis- Honoré Fréchette (1839- 1908)، الذي كـان أول كنـدي كرمته الأكاديمية الفرنسية على مؤلفه «أزهار الشمال» Les Fleurs boréales (1879)، وكتب أيضاً «أسطورة شعب» La Légende d’un peuple (1888) بروح وطنية إبداعية متأثراً بهوغو[ر]، وبرزت في هذه الأثناء أيضاً لور كونان Laure Conan (1845-1924) التي كتبت «آنجيلين دي مونبرَن» Angéline de Montbrun (1886) لتصبح بذلك أول روائية كندية تكتب بالفرنسية.
أسس جان شاربونو J.Charbonneau (1875-1960) مدرسة مونتريال الأدبية، وكانت البرناسية[ر] Parnasse رائدتها فنشطت الحركة الأدبية، وكان إميل نِليغان E.Nelligan (1879-1941)، وهو من أصل إيرلندي- فرنسي، الشخصية الأبرز في هذه المرحلة وكان رامبو[ر] ملهمه. أما ليونِل غرولكس L.Groulx (1878-1968)، فقد كان المرشد السياسي والثقافي في البلاد في فترة ما بين الحربين العالميتين، وكتب في التاريخ فأعاد إحياء «فرنسا الجديدة» لمعاصريه بسلسلة أعمال منها «تاريخ كندا الفرنسية منذ اكتشافها» Histoire du Canada français depuis la découverte (1950-1952).
بدأت بوادر الشعر الحر تظهر نحو عام 1920 حين كتب رونيه شوبان René Chopin (1885-1953) وبول موران Paul Morand (1889-1963) في أثناء إقامتهما في باريس، وكتب روبير شوكيت Robert Choquette ملحمته الشعرية «متحف المتروبوليتان» Metropolitan Museum (1931)، وكانت سيمون روتييه Simone Routier أبرز شاعرات عقد الثلاثينيات. نشرت آن إيبير Anne Hébert أول ديوان لها عام 1942، ثم ديوانها الثاني «قبر الملوك» Tombeau des rois (1953) فكان ذلك تحولاً هائلاً في الشعر الكندي الفرنسي. كذلك نشر فرانسوا هرتِل François Hertel الذي كان روائياً وناقداً أيضاً، ديوان «هلاكي» Mes naufrages (1951).
أُسست عام 1944 أكاديمية كندية فرنسية مستقلة، وصار للأديب مكانة مرموقة مع ازدياد نفوذ وسائل الإعلام المسموعة والمرئية. وبدأت الواقعية الجديدة néo-réalisme تأخذ مكانها في الرواية، فكتبت غابرييل روا Gabrielle Roy «سعادة المناسبة» Bonheur d’Occasion (1945) حول حياة البؤساء في مونتريال التي تُوِّجت بجائزة «فيمينا» Femina، وكانت بذلك أول كندية تحظى بهذا التكريم، كما كتبت حول طفولتها ونشأتها في الغرب الكندي والطبيعة العذراء في «صنبور الماء» Petite Poule d’eau (1950). وكتب أندريه لانجفان André Langevin «زمن الرجال» Les Temps des hommes (1956)، وحرَّكت رواية جان بول دبيان Jean-Paul Debien «وقاحات الأخ أنتل» Les Insolences du frère Untel (1960) الفكر النقدي في البلاد، وقد آذن كل هؤلاء ببداية «الثورة الهادئة» La Révolution tranquille على الأدب التقليدي.
ظهر على الساحة الأدبية شعراء جدد مثل سوزان بارادي Suzanne Paradis، ثم بول شامبرلان Paul Chamberland الذي احتفى بالطبيعة وغاباتها وأنهارها، وبالوطن (كيبيك) ضمن نزعة وطنية ضيقة. وقد أدخلت شاعرات مثل آن إيبير في «غرف من خشب» Chambres de bois (1958)، وسوزان بارادي في «الصرخات العالية» Les Hauts cris (1958) نفحة شعرية في الرواية، التي كانت لاتزال سردية ووصفية، لتجعلا منها «الرواية الجديدة» Nouveau Roman التي تطرقت إلى موضوعات مثل الثورة على السلطة والأسرة والتقاليد. كذلك كانت حال كل من جاك غودبو Jacques Godbout في روايته «حديقة الأحياء المائية» L’Aquarium (1962)، وماري- كلير بليز Marie-Claire Blaise في رواية «فصل في حياة إمانويل» Une Saison dans la vie d’Emmanuel (1965) التي حصدت جائزة «مديتشي» Médicis وشَهَرتها في فرنسا.
الأدب المكتوب باللغة الإنكليزية
تعود بدايات هذا الأدب إلى الموالين للتاج البريطاني الذين نزحوا إلى كندا مع الثورة وإعلان استقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا في القرن الثامن عشر، وإلى المستوطنين الأوائل في البلاد، من غير الناطقين بالفرنسية. وكان جوناثان أوديل J.Odell الذي استقر في كندا عام 1784 من أول هؤلاء، وكتب «أشعار جوناثان أوديل الموالية» The Loyal Verses of Dr. John Odell، أي المناوئة للثورة الأمريكية، ومن الجيل اللاحق كتب أوليڤر غولد سميث Olever Goldsmith «القرية الناهضة» The Rising Village (1925) التي عُدت أول قصيدة كندية، مجد فيها الاستيطان والاستقرار والإعمار.
نشرت فرانسيس برول Frances Broole (1724-1789) «قصة إميلي مونتاغيو» The History of Emily Montague (1769) في لندن، وقلّد جون رتشاردسون John Richardson (1796-1852) في مؤلفاته الكاتب وولتر سكوت[ر]. وبعد أن كتب توماس تشارلز هاليبرتون T.C.Haliburton (1796- 1865) موضوعات جغرافية في وصف البلاد تميزت بالهجاء ابتكر شخصية سام سليك Sam Slick المخادع في سلسلة روايات حازت شعبية كبيرة ليس في كندا فحسب بل في الولايات المتحدة أيضاً. وقد ألهمت الطبيعة الكندية تشارلز سانغستر Charles Sangster (1822-1893) مؤلفه حول نهري «سانت لورنس وساغيني» The Saint Lawrence and the Saguenay (1856) ، كما ألهمت ألكسندر ماكلاكلَن A.McLachlan (1818-1896) -الذي هاجر من اسكتلندا وأطلقت عليه تسمية «برنز الكندي»- مؤلفات مثل «روح المحبة» The Spirit of Love (1846)، و«أشعار غنائية» Lyrics (1858).
أُسست في أواخر النصف الأول من القرن التاسع عشر بعض الدوريات الأدبية الناجحة مثل «الطوق الأدبي» The Literary Garland (1838-1851)، وأُطلقت تسمية «جماعة الستينيات» Group of the Sixties على الكتّاب الذين وُلدوا في أوائل الستينيات من القرن. وقد سيطر تشارلز روبرتس Charles Roberts (1860-1943) نحو نصف قرن على المحيط الأدبي الكندي، وجمع قريبه بليس كارمان Bliss Carman (1861-1929) الإيقاع الشعري في الطبيعة الكندية بإحساس موسيقي عالٍ فكتب «القرابة مع الطبيعة» The Kinship of Nature (1904)، و«شعر الحياة» The Poetry of Life (1905). تأثر آرتشيبَلد لامبمان A.Lampman (1861-1899) بالشاعر كيتس[ر] Keats في «أشعار الأرض» Lyrics of the Earth (1899)، لكن إيزابيلا فالانسي كروفورد I.V.Crawford (1850-1887) كانت الشاعرة الأبرز في هذه الحقبة، إذ كتبت بغنائية عالية شعراً شخصياً معبراً حول الطبيعة الكندية.
أمـا في النثر فقد كتـب وليم كُربي William Kirby (1817-1906) في الروايـة التاريخية، وتشارلز غوردون Charles Gordon (1860- 1937) في رواية المغامرات حول الغرب الكندي والشرطة الكندية الراكبة Mounties. وفي فترة الركود الاقتصادي في ثلاثينيات القرن العشرين كتـب مورلي كالاغان M.Calaghan فـي الرواية الاجتماعية «ويرثون الأرض» They Shall Inherit the Earth (1933). وكتبت مازو دي لاروش Mazo de la Roche (1885-1961) ، بين عامي 1927-1960، سلسلة مؤلفات حول حياة عائلة وايتوك Whiteoak ومصيرها في مؤلفات مثل «يالنا» Jalna (1927) و«صباح في يالنا» Morning at Jalna (1960) ولاقت نجاحاً عالمياً.
يعد مالكوم لاوري M.Lowry (1909- 1957)، بروايته «تحت البركان» Under the Volcano (1947) التي صارت من الروايات العالمية وأُنتجت للسينما، وهيو ماك لينان H.McLennan ووليم روبرتسون ديڤِز[ر] W.R.Davies أبرز الروائيين الكنديين. وفي مجال الشعر فقد ظهرت أسماء مثل برات E.J.Pratt (1883-1964) شاعر البحر في مؤلفات تميل نحو الفانتازيا[ر] مثل «العمالقة» The Titans (1926) و«تيتانيك» The Titanic (1935)، في حين استخدمت الشاعرة جي ماكفرسون Jay McPherson الميثولوجيا المعقدة في شعرها كما في «البحَّار» The Boatman (1957). وتعد دورثي لايڤسيي D.Livesay من أبرز الشاعرات الكنديات في النصف الأول من القرن العشرين؛ فقد كتبت لايڤسيي شعراً غنائياً محبباً عالجت فيه موضوعات الحب والكرامة الإنسانية وجمال الطبيعة، وكانت من أكثر الشعراء تطوراً؛ إذ بدأت مع الصورية[ر] Imagism وانتهت إلى شعر شخصي بحت. إضافة إلى كل هؤلاء لا بد من ذكر الشاعر والمغني، والروائي أحياناً، لينارد كوِن L.Cohen أحد أكبر شعراء التروبادور[ر] المعاصرين عالمياً.
أما في النصف الثاني من القرن العشرين فلم يعد الأدب الكندي بشقيه الفرنسي والإنكليزي مجرد امتداد للأدب الفرنسي أو الإنكليزي أو الأمريكي.
وتابعت الكاتبة والشاعرة آن إيبير نشاطاتها في مؤلفات مثل «حمقى باسان» Les Fous de Bassan (1982)، كما ظهرت نزعة تجريبية في كتابات الشاعر الشكلاني نيكول بروسار Nicole Brossard. وإضافة إلى آليس مونرو Alice Munro تعد مرغريت آتوود Margaret Atwood من أبرز الكتّاب الكنديين المعاصرين، وقد نشرت أول ديوان شعر لها «لعبة الدائرة» The Circle Game عام 1966، وأول رواية «المرأة الصالحة للأكل» The Edible Woman عام 1969، و«البقاء» Survival (1972) في النقد الأدبي. كما بدأ الكتّاب الكنديون حديثاً يحصدون الجوائز العالمية؛ إذ حازت كارول شيلدز Carol Shields جائزة بوليتزر Pulitzer عام 1995 على روايتها «يوميات الحجر» The Stone Diaries وجائزة أورانج عام 1998 على رواية «حفلة لاري» Larry’s Party، وحصلت أنطونين مييّه Antonine Maillet على جائزة غونكور على روايتها «بِلاجي لا شاريت» Pélagie la Charrette (1979)، كما حصلت روايات كل من مايكل أونداتجي M.Ondaatje «المريض الإنكليزي» The English Patient ومرغريت آتوود «القاتل الأعمى» The Blind Assassin (2000)، ويان مارتل Yann Martel «حياة باي» Life of Pi (2002) على جائزة بوكر Booker.
في بلد واسع الامتداد وقليل السكان مثل كندا، حلت وسائل الإعلام المسموعة والمرئية محل المسرح؛ لذا فهو يُعد حديثاً نسبياً، ومع ذلك هناك عديدٌ ممن كتبوا له مثل غراتيان جيلينا Gratien Gélinas، والشاعرة والروائية آن إيبير، وأيضاً وليم روبرتسون ديڤز، وجاك لانغيران Jacques Languirand الذي يرى في يوجين يونسكو[ر] E.Ionesco وجورج شحادة[ر] G.Schéhadé مثله الأعلى. وتقوم الفرق المسرحية المحلية والوطنية بجولاتها على مدار العام وتقام منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين المهرجانات بالفرنسية في مقاطعة كيبيك، وبالإنكليزية في كل من مدن تورنتو وستراتفورد. كذلك هناك كثير من نقاد الأدب على مستوى وطني وعالمي، منهم سميث A.J.M.Smith، ودوهاميل R.Duhamel وأبرزهم آتوود ونورثروب فراي Northrop Frye.
طارق علوش
الأدب
ينقسم الأدب الكندي Canadian Literature -Littérature Canadienne إلى ذاك المكتوب باللغة الفرنسية والآخر المكتوب باللغة الإنكليزية وفقاً للانتماء الاثني والثنائية اللغوية في البلاد.
الأدب المكتوب باللغة الفرنسية
يتبع هذا الأدب التطورات الأدبية في فرنسا مع وجود تأخر زمني معين؛ فالحقبة الإبداعية[ر] (الرومنسية) مثلاً تبدأ نحو عام 1840 بتأخر نحو نصف قرن من الزمن. وقد كان هذا الأدب في بداياته محدوداً جداً بسبب قلة عدد المهاجرين والمستوى الثقافي العام، ولم يرق إلى مستوى أدب وطني يذكر إلا بعد توطيد أركان الدولة سياسياً واقتصادياً، الأمر الذي لم يتحقق إلا في القرنين الأخيرين.
كانت دورية «المكتبة الكندية» Bibliothèque Canadienne التي أصدرها ميشيل بيبو M.Bibaud عام 1825 أولى المظاهر الثقافية في البلاد، وهو الذي أصدر أول مجموعة شعرية محلية عام 1830. ونشر فرانسوا غارنو François -Xavier Garneau أول مجلدات «تاريخ كندا» Histoire du Canada (1845)، وكتب هنري كاسغران H.Casgrain «أساطير كندية» Légendes Canadiennes (1860). كان أوكتاڤ كرِمازي O.Crémazie (1827- 1876) أول شاعر مهم، كما كتب أعمالاً تاريخية وكان من مؤسسي الصحافة، كذلك كتب فيليب أوبير دي غاسبيه Philippe Aubert de Gaspé (1786-1871) روايات تاريخية، مثل «قدامى الكنديين» Anciens Canadiens (1863)، التي لا تزال تقرأ حتى اليوم.
اتسمت الفترة التي تلت هذه الحقبة التأسيسية بالركود باستثناء كتابات لويس- أونوريه فريشيت[ر] Louis- Honoré Fréchette (1839- 1908)، الذي كـان أول كنـدي كرمته الأكاديمية الفرنسية على مؤلفه «أزهار الشمال» Les Fleurs boréales (1879)، وكتب أيضاً «أسطورة شعب» La Légende d’un peuple (1888) بروح وطنية إبداعية متأثراً بهوغو[ر]، وبرزت في هذه الأثناء أيضاً لور كونان Laure Conan (1845-1924) التي كتبت «آنجيلين دي مونبرَن» Angéline de Montbrun (1886) لتصبح بذلك أول روائية كندية تكتب بالفرنسية.
أسس جان شاربونو J.Charbonneau (1875-1960) مدرسة مونتريال الأدبية، وكانت البرناسية[ر] Parnasse رائدتها فنشطت الحركة الأدبية، وكان إميل نِليغان E.Nelligan (1879-1941)، وهو من أصل إيرلندي- فرنسي، الشخصية الأبرز في هذه المرحلة وكان رامبو[ر] ملهمه. أما ليونِل غرولكس L.Groulx (1878-1968)، فقد كان المرشد السياسي والثقافي في البلاد في فترة ما بين الحربين العالميتين، وكتب في التاريخ فأعاد إحياء «فرنسا الجديدة» لمعاصريه بسلسلة أعمال منها «تاريخ كندا الفرنسية منذ اكتشافها» Histoire du Canada français depuis la découverte (1950-1952).
بدأت بوادر الشعر الحر تظهر نحو عام 1920 حين كتب رونيه شوبان René Chopin (1885-1953) وبول موران Paul Morand (1889-1963) في أثناء إقامتهما في باريس، وكتب روبير شوكيت Robert Choquette ملحمته الشعرية «متحف المتروبوليتان» Metropolitan Museum (1931)، وكانت سيمون روتييه Simone Routier أبرز شاعرات عقد الثلاثينيات. نشرت آن إيبير Anne Hébert أول ديوان لها عام 1942، ثم ديوانها الثاني «قبر الملوك» Tombeau des rois (1953) فكان ذلك تحولاً هائلاً في الشعر الكندي الفرنسي. كذلك نشر فرانسوا هرتِل François Hertel الذي كان روائياً وناقداً أيضاً، ديوان «هلاكي» Mes naufrages (1951).
أُسست عام 1944 أكاديمية كندية فرنسية مستقلة، وصار للأديب مكانة مرموقة مع ازدياد نفوذ وسائل الإعلام المسموعة والمرئية. وبدأت الواقعية الجديدة néo-réalisme تأخذ مكانها في الرواية، فكتبت غابرييل روا Gabrielle Roy «سعادة المناسبة» Bonheur d’Occasion (1945) حول حياة البؤساء في مونتريال التي تُوِّجت بجائزة «فيمينا» Femina، وكانت بذلك أول كندية تحظى بهذا التكريم، كما كتبت حول طفولتها ونشأتها في الغرب الكندي والطبيعة العذراء في «صنبور الماء» Petite Poule d’eau (1950). وكتب أندريه لانجفان André Langevin «زمن الرجال» Les Temps des hommes (1956)، وحرَّكت رواية جان بول دبيان Jean-Paul Debien «وقاحات الأخ أنتل» Les Insolences du frère Untel (1960) الفكر النقدي في البلاد، وقد آذن كل هؤلاء ببداية «الثورة الهادئة» La Révolution tranquille على الأدب التقليدي.
ظهر على الساحة الأدبية شعراء جدد مثل سوزان بارادي Suzanne Paradis، ثم بول شامبرلان Paul Chamberland الذي احتفى بالطبيعة وغاباتها وأنهارها، وبالوطن (كيبيك) ضمن نزعة وطنية ضيقة. وقد أدخلت شاعرات مثل آن إيبير في «غرف من خشب» Chambres de bois (1958)، وسوزان بارادي في «الصرخات العالية» Les Hauts cris (1958) نفحة شعرية في الرواية، التي كانت لاتزال سردية ووصفية، لتجعلا منها «الرواية الجديدة» Nouveau Roman التي تطرقت إلى موضوعات مثل الثورة على السلطة والأسرة والتقاليد. كذلك كانت حال كل من جاك غودبو Jacques Godbout في روايته «حديقة الأحياء المائية» L’Aquarium (1962)، وماري- كلير بليز Marie-Claire Blaise في رواية «فصل في حياة إمانويل» Une Saison dans la vie d’Emmanuel (1965) التي حصدت جائزة «مديتشي» Médicis وشَهَرتها في فرنسا.
الأدب المكتوب باللغة الإنكليزية
تعود بدايات هذا الأدب إلى الموالين للتاج البريطاني الذين نزحوا إلى كندا مع الثورة وإعلان استقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا في القرن الثامن عشر، وإلى المستوطنين الأوائل في البلاد، من غير الناطقين بالفرنسية. وكان جوناثان أوديل J.Odell الذي استقر في كندا عام 1784 من أول هؤلاء، وكتب «أشعار جوناثان أوديل الموالية» The Loyal Verses of Dr. John Odell، أي المناوئة للثورة الأمريكية، ومن الجيل اللاحق كتب أوليڤر غولد سميث Olever Goldsmith «القرية الناهضة» The Rising Village (1925) التي عُدت أول قصيدة كندية، مجد فيها الاستيطان والاستقرار والإعمار.
نشرت فرانسيس برول Frances Broole (1724-1789) «قصة إميلي مونتاغيو» The History of Emily Montague (1769) في لندن، وقلّد جون رتشاردسون John Richardson (1796-1852) في مؤلفاته الكاتب وولتر سكوت[ر]. وبعد أن كتب توماس تشارلز هاليبرتون T.C.Haliburton (1796- 1865) موضوعات جغرافية في وصف البلاد تميزت بالهجاء ابتكر شخصية سام سليك Sam Slick المخادع في سلسلة روايات حازت شعبية كبيرة ليس في كندا فحسب بل في الولايات المتحدة أيضاً. وقد ألهمت الطبيعة الكندية تشارلز سانغستر Charles Sangster (1822-1893) مؤلفه حول نهري «سانت لورنس وساغيني» The Saint Lawrence and the Saguenay (1856) ، كما ألهمت ألكسندر ماكلاكلَن A.McLachlan (1818-1896) -الذي هاجر من اسكتلندا وأطلقت عليه تسمية «برنز الكندي»- مؤلفات مثل «روح المحبة» The Spirit of Love (1846)، و«أشعار غنائية» Lyrics (1858).
أُسست في أواخر النصف الأول من القرن التاسع عشر بعض الدوريات الأدبية الناجحة مثل «الطوق الأدبي» The Literary Garland (1838-1851)، وأُطلقت تسمية «جماعة الستينيات» Group of the Sixties على الكتّاب الذين وُلدوا في أوائل الستينيات من القرن. وقد سيطر تشارلز روبرتس Charles Roberts (1860-1943) نحو نصف قرن على المحيط الأدبي الكندي، وجمع قريبه بليس كارمان Bliss Carman (1861-1929) الإيقاع الشعري في الطبيعة الكندية بإحساس موسيقي عالٍ فكتب «القرابة مع الطبيعة» The Kinship of Nature (1904)، و«شعر الحياة» The Poetry of Life (1905). تأثر آرتشيبَلد لامبمان A.Lampman (1861-1899) بالشاعر كيتس[ر] Keats في «أشعار الأرض» Lyrics of the Earth (1899)، لكن إيزابيلا فالانسي كروفورد I.V.Crawford (1850-1887) كانت الشاعرة الأبرز في هذه الحقبة، إذ كتبت بغنائية عالية شعراً شخصياً معبراً حول الطبيعة الكندية.
أمـا في النثر فقد كتـب وليم كُربي William Kirby (1817-1906) في الروايـة التاريخية، وتشارلز غوردون Charles Gordon (1860- 1937) في رواية المغامرات حول الغرب الكندي والشرطة الكندية الراكبة Mounties. وفي فترة الركود الاقتصادي في ثلاثينيات القرن العشرين كتـب مورلي كالاغان M.Calaghan فـي الرواية الاجتماعية «ويرثون الأرض» They Shall Inherit the Earth (1933). وكتبت مازو دي لاروش Mazo de la Roche (1885-1961) ، بين عامي 1927-1960، سلسلة مؤلفات حول حياة عائلة وايتوك Whiteoak ومصيرها في مؤلفات مثل «يالنا» Jalna (1927) و«صباح في يالنا» Morning at Jalna (1960) ولاقت نجاحاً عالمياً.
يعد مالكوم لاوري M.Lowry (1909- 1957)، بروايته «تحت البركان» Under the Volcano (1947) التي صارت من الروايات العالمية وأُنتجت للسينما، وهيو ماك لينان H.McLennan ووليم روبرتسون ديڤِز[ر] W.R.Davies أبرز الروائيين الكنديين. وفي مجال الشعر فقد ظهرت أسماء مثل برات E.J.Pratt (1883-1964) شاعر البحر في مؤلفات تميل نحو الفانتازيا[ر] مثل «العمالقة» The Titans (1926) و«تيتانيك» The Titanic (1935)، في حين استخدمت الشاعرة جي ماكفرسون Jay McPherson الميثولوجيا المعقدة في شعرها كما في «البحَّار» The Boatman (1957). وتعد دورثي لايڤسيي D.Livesay من أبرز الشاعرات الكنديات في النصف الأول من القرن العشرين؛ فقد كتبت لايڤسيي شعراً غنائياً محبباً عالجت فيه موضوعات الحب والكرامة الإنسانية وجمال الطبيعة، وكانت من أكثر الشعراء تطوراً؛ إذ بدأت مع الصورية[ر] Imagism وانتهت إلى شعر شخصي بحت. إضافة إلى كل هؤلاء لا بد من ذكر الشاعر والمغني، والروائي أحياناً، لينارد كوِن L.Cohen أحد أكبر شعراء التروبادور[ر] المعاصرين عالمياً.
أما في النصف الثاني من القرن العشرين فلم يعد الأدب الكندي بشقيه الفرنسي والإنكليزي مجرد امتداد للأدب الفرنسي أو الإنكليزي أو الأمريكي.
وتابعت الكاتبة والشاعرة آن إيبير نشاطاتها في مؤلفات مثل «حمقى باسان» Les Fous de Bassan (1982)، كما ظهرت نزعة تجريبية في كتابات الشاعر الشكلاني نيكول بروسار Nicole Brossard. وإضافة إلى آليس مونرو Alice Munro تعد مرغريت آتوود Margaret Atwood من أبرز الكتّاب الكنديين المعاصرين، وقد نشرت أول ديوان شعر لها «لعبة الدائرة» The Circle Game عام 1966، وأول رواية «المرأة الصالحة للأكل» The Edible Woman عام 1969، و«البقاء» Survival (1972) في النقد الأدبي. كما بدأ الكتّاب الكنديون حديثاً يحصدون الجوائز العالمية؛ إذ حازت كارول شيلدز Carol Shields جائزة بوليتزر Pulitzer عام 1995 على روايتها «يوميات الحجر» The Stone Diaries وجائزة أورانج عام 1998 على رواية «حفلة لاري» Larry’s Party، وحصلت أنطونين مييّه Antonine Maillet على جائزة غونكور على روايتها «بِلاجي لا شاريت» Pélagie la Charrette (1979)، كما حصلت روايات كل من مايكل أونداتجي M.Ondaatje «المريض الإنكليزي» The English Patient ومرغريت آتوود «القاتل الأعمى» The Blind Assassin (2000)، ويان مارتل Yann Martel «حياة باي» Life of Pi (2002) على جائزة بوكر Booker.
في بلد واسع الامتداد وقليل السكان مثل كندا، حلت وسائل الإعلام المسموعة والمرئية محل المسرح؛ لذا فهو يُعد حديثاً نسبياً، ومع ذلك هناك عديدٌ ممن كتبوا له مثل غراتيان جيلينا Gratien Gélinas، والشاعرة والروائية آن إيبير، وأيضاً وليم روبرتسون ديڤز، وجاك لانغيران Jacques Languirand الذي يرى في يوجين يونسكو[ر] E.Ionesco وجورج شحادة[ر] G.Schéhadé مثله الأعلى. وتقوم الفرق المسرحية المحلية والوطنية بجولاتها على مدار العام وتقام منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين المهرجانات بالفرنسية في مقاطعة كيبيك، وبالإنكليزية في كل من مدن تورنتو وستراتفورد. كذلك هناك كثير من نقاد الأدب على مستوى وطني وعالمي، منهم سميث A.J.M.Smith، ودوهاميل R.Duhamel وأبرزهم آتوود ونورثروب فراي Northrop Frye.
طارق علوش