مراجعة «كوموندانتي» .. فيلم مليء بالخطب والشعارات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مراجعة «كوموندانتي» .. فيلم مليء بالخطب والشعارات


    مراجعة «كوموندانتي» .. فيلم مليء بالخطب والشعارات

    في سبتم2023




    فينيسيا ـ نسرين سيد أحمد
    «لأننا إيطاليون» يقول سلفاتوري، القائد البحري الإيطالي، إعلاء لشأن بلاده بعد مده يد العون لطاقم سفينة بحرية تواجه الغرق، وهو الشخصية المحورية في فيلم «كوموندانتي» للمخرج الإيطالي إدواردو دي أنجليس، الذي افتتح مهرجان فينيسيا في دورته الثمانين .
    هكذا افتتح فيلم يحمل الكثير من الخطابة الحماسية، والكثير من الثناء على النخوة الإيطالية، ولكن الكلمات الحماسية والنوايا الطيبة لا تصنع فيلماً جيداً، كما يوضح لنا الفيلم.
    سلفاتوري، الذي يلعب دوره الممثل الإيطالي بيير فرانشيسكو فافينو، الذي دوما ما نعول على أدائه الجيد، هو قائد حقيقي، ليس لمجرد أنه يحمل رتبة عسكرية رفيعة، بل لأنه يتحلى بإنسانية كبيرة في التعامل مع طاقم سفينته البحرية، هو رجل حزم وحسم وانضباط، ولكنه أيضاً يرعى الجنود ويعنى بهم كما لو كانوا أشقاءه الصغار.
    تدور أحداث الفيلم في الحرب العالمية الثانية، في الحقبة الفاشية، ولكن سلفاتوري ليس فاشياً. هو قائد بحري ينجز المهام الموكلة إليه، ولكنه يأخذ على عاتقه إنقاذ نحو عشرين من البحارة المدنيين البلجيكيين، ويقلهم على متن سفينته، في انتصار لما يرى أنه القيم الإيطالية، وفي تحد واضح للنظام الفاشي وقيمه.
    ويبدو كما لو أن دي أنجليس يدلي ببيان سياسي يندد بالفاشية واليمينية ويعلي قيم الإنسانية والإخاء والشهامة، ولكن بصورة فجة تطغى على الفيلم، وتجعل منه تلقينا لموعظة. في إيطاليا التي يتولى الحكم فيها حاليا حكومة يمينية، تحاول التعامل مع تدفق كبير من المهاجرين، يبدو أن المخرج يود أن يوجه رسالة تسامح ورحمة لمواطني بلاده. يحمل الفيلم رسالة سامية، ولكنها تردد كخطبة طنانة رنانة لجمهور ليس لديه من الحصافة الكثير.
    ربما ما يجعلنا نتقبل الفيلم هو بعض المشاهد التي نرى فيها طاقم السفينة الحربية يتعامل مع أخطار البحر، أو نرى البحارة يتحدثون عن حبيباتهم وزوجاتهم على البر، أو في بعض المشاهد التي يتناولون فيها الطعام القليل معا، وهم يتسامرون ويضحكون.
    ربما لا تجذبنا شخصية سلفاتوري ببطولتها وشهامتها، كما تجذبنا شخصية مساعده، الذي اكتسى جسده بآثار الرصاص والوشم، والذي يبدو لنا كبحار حقيقي، يكيل السباب، ويجيد الشجار. كما أننا نتعاطف مع طباخ السفينة الشاب، الذي يحاول رغم الإمكانيات الضئيلة صنع طعام شهي يجمع زملاءه، والذي يسعى لحفظ أسماء جميع أنواع الطعام في إيطاليا، فمجرد سماع أسماء كل هذه الأطباق الشهية يضفي دفئا على حياة هؤلاء البحارة الذين يواجهون شظف العيش والخوف من الموت وخطر الحرب.
    ولعل أمتع مشاهد الفيلم هو ذلك المشهد الذي قام فيه الطاهي، بمساعدة البحارة البلجيكيين الذين أنقذتهم السفينة، بإعداد الطبق الوطني في بلجيكا، وهو البطاطس المقلية. في فيلم مليء بالخطب والشعارات، جاء هذا المشهد ليخفف من وطأة الفيلم، بل ليجعل الكثيرين يضحكون بصوت يتردد في القاعة.
    يسعى الفيلم أيضاً لتبرئة إيطاليا من جرائم النازية، التي تحالفت مع إيطاليا في الحرب العالمية الثانية، أو يمكننا القول إن الفيلم يحاول أن ينأى بإيطاليا، رغم أنها تحت حكم الفاشيين، عن النازيين. يقول سلفاتوري إنه يتحدث الألمانية، لأن العمل يقتضي ذلك، لا لأنه يعتنق الفكر. وينقذ البحارة البلجيكيين، الذين يفترض أن بلادهم كانت محايدة في الحرب، ولكن سفينتهم كانت تقل سراً أسلحة ومؤنة للقوات البريطانية.
    يمكننا القول إنه فيلم يصلح مثلاً كمادة تعليمية تلقينية للأطفال الإيطاليين لتوصيل رسالة التعايش ومد يد العون لمن يحتاجه. رسالة جديرة بالاتباع، ولكن الرسائل المباشرة لا تصنع فيلماً جيداً.

يعمل...
X