التحقيق الصحفي
التحقيق الصحفي هو التفسير الاجتماعي للاحداث التي يعيش الصحفي في وسطها وينفعل بها ، والتفسير النفسي للاشخاص الذين اشتركوا في هذه الاحداث المثيرة . وقد يدور حول أشياء لها صلة بهذه الاحداث ولها ايحاء خاص في النفوس . ويكون عادة جواباً لاداة الاستفهام ( لماذا ) . وبهذه الطريقة يستفاد منه في القاء جملة اضواء على المشكلة المعروضة ، مما يزيد في قدرة القراء على الاستمتاع وتنبع الحوادث . وهذا التفسير أو التعليل للحادثة هو الذي يمنح التحقيق صفة التشويق . والتحقيق لا يعبر عن رأي الجريدة ، ولكن يساير سياستها العامة . وهو على هذا صورة من صور الحياة الواقعية صيغت في قالب صحفي بحت تتجلى فيه تجارب الكاتب ومطالعاته واتصالاته ومدى استفادته حين الكتابة من علوم النفس والاخلاق والاجرام ، ليكون عرضه للموضوع جذاباً يستولي على القلوب وينقل المعلومات الى القارىء من أيسر الطرق وأمتعها . ولكي ينجح التحقيق ويأتي أكله يجب أن يكون في أمر يهم الناس أو فئة كبيرة منهم على الاقل . ولا بد فيه من تيقن صدق المخبر ، والتأكد صحة البيانات والاحصائيات ودعم كل ذلك بالوثائق والصور ، فالانفراد بهذه الامور له قيمة الانفراد بالخبر تماماً .
ولا بد وجمع أثناء اجراء التحقيق من سلوك خطوات خمس : أولها وأكثرها أهمية . حسب ترتيب السيدة هيلين پاترسون استاذة فن المقال باحدى جامعات امريكا - وضع الخطة التي يكتب بها الموضوع ، وثانيها في المرتبة مطابقة الموضوع لسياسة الصحيفة . أما العناصر الثلاثة الباقية وهي جمع الحقائق اللازمة ، الاحاديث ، والاسلوب الممتع الذي يكتب به التحقيق فتتساوى في الاهمية وتأتي بعد العنصرين السابقين في الترتيب . وأما مصادر التحقيق الصحفي فيرى الاستاذ بلير أن للمحقق الصحفي أن يرجع الى مصدر من هذه المصادر الخمسة وهي : أولا" أخبار الصحف ، وثانياً الملاحظة الشخصية ، وثالثاً التجربة الانسانية، ورابعاً الاحاديث الصحفية ، وخامسا النشرات والوثائق العلمية أو الفنية . ونعود فنكرر ما قلناه أكثر من مرة أن سلامة ذوق الصحفي ومواهبه الخصبة كثيراً ما تجعله في غنى عن التقيد المطلق بهذه القيود ، وأن روح الابتكار والابداع هي القدرة الخلاقة الاولى في شق طريق النجاح للصحفي .
وهناك قوالب كثيرة يمكن أن يعرض التحقيق بواحد منها وهي : العرض ، القصة ، الوصف ، الاعتراف ، الحديث . وقد لا يكون للصحفي حق الاختيار بين هذه الاساليب الخمسة على التساوي ، وانما يضطر اضطراراً الى اللجوء لواحد منها بعينه حيث يبدو أنسب من الآخرين لهذا الموضوع الذي يعالجه بالذات . وبعد هذه الخطوة تأتي خطوات أخرى هامة أيضاً منها : العنوان الاساسي ، اذ ينبغي عليه أن يهتم به على الوجه الذي ذكرناه آنفاً وكذلك العناوين الصغيرة التي تتبعه في أكثر الاحيان . ثم يتلو ذلك المدخل وينبغي أن يكون مما يثير اهتمام القراء ، ويحفزهم الى متابعة القراءة لانه يقنعهم بـان ما سيقرؤونه متصل بهم وبحياتهم بوجه ما . ثم يتلو ذلك الادلاء بالمعلومات والاخبار المثيرة ، فايراد الامثلة والشواهد بدون مبالغة أو تهويل ، مع مراعاة التناسب الكامل بين أجزاء الموضوع بجملته من حيث كمية الكلمات ، حتى لا تطفى العناية بجزء على الاجزاء الاخرى . ثم بعد هذا كله تأتي الخاتمة ، وباعتبار أنها آخر ما سيذكره القارىء ينبغي أن تكون بمثابة تلخيص للحقائق الاساسية في موضوع التحقيق، أو تأكيد للقضية الهامة التي من أجلها تم نشره على الناس .
تعليق