ابن طولون (محمد بن علي) (Ibn Tulun (Mohammad ibn Ali

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ابن طولون (محمد بن علي) (Ibn Tulun (Mohammad ibn Ali

    ابن طولون (محمد بن علي ـ)
    (880 ـ 953 هـ/1475 ـ 1546م)

    شمس الدين أبو عبدالله محمد بن علي بن محمد بن خمارويه بن طولون مؤرخ، عالم بالتراجم والفقه.
    ولد بصالحية دمشق، وكان رضيعاَ حين ماتت أمه بالطاعون، فنشأ في كنف والده وعمه يوسف وأخيه من أمه الخوجة برهان الدين بن قنديل، ووجّهته أسرته إلى طريق العلم، ورعاه عمه القاضي جمال الدين، فختم القرآن وعمره سبع سنوات، وكان ختم القرآن مبدأ انطلاقه نحو العلوم المعروفة في عصره، فانصرف إليها يساعده ذكاءٌ خارق وذاكرة قويّة، وقد قامت ثقافته على المشاركة في جميع العلوم، فقرأها على شيوخ عصره، وأخذ منها جميعاً، وكان ماهراً في النحو، علاّمةً في الفقه، مشهوراً بالحديث، وقصده الطّلبة في النحو، ورغب الناس في السماع منه. وكانت أوقاته كلها معمورةً بالعلم والعبادة، فكان يعمل بالتدريس والإفادة والتأليف معظم ساعات يومه وليله،وقد كتب بخطّه كثيراً من الكتب، وبلغت تآليفه نحو ستين مؤلّفاً كما ورد في بعض المصادر.
    ويبدو من سيرة حياته أنه بدأ في تقلّد الوظائف في سنٍّ مبكّرة، فاشتغل بالفقه في سنّ الحادية عشرة، وبالتدريس حينما كان عمره أربعة عشر عاماً، كما تولّى وظائف كثيرة في حياته كان معظمها في التدريس والتعليم، وقد تميزت كتاباته بالنزاهة والواقعيّة، وكان شديد التّدين، صارماً في آرائه وأحكامه على الناس، دون محاباة أو تملّق، مع دقّة ملاحظة، وشدّة استقصاءٍ للحقائق، وأخذ عنه العلم جماعةٌ من الأعيان،وبرع بعضهم في حياته، ومنهم من تولّى مناصب الخطابة والإفتاء في دمشق، ومنهم من صار خطيباً فيها.
    وقد أصابته في حياته محنتان أثّرتا فيه كثيراً، الأولى كانت حين دخل العثمانيون دمشق عام922هـ، إذ يصف ما أصابه فيقول: «وأخرجت من بيتي، ورميت كتبي، ولم يوقّروا صغيراً ولا كبيراً، ولا أهل القرآن، ولا أهل العلم والتّصوّف.».
    وكانت المحنة الثانية بعد الأولى بخمس سنوات، حينما عاد الجنود العثمانيّون واسترجعوا دمشق من جان برد الغزالي الذي كان قد ثار عليهم، ويذكر ابن طولون أنّ تسعةً من كتبه فُقدت في تلك المحنة.
    وكان ابن طولون إضافة إلى أعماله الكثيرة، وتآليفه الغزيرة، ينظم الشعر في أوقاتٍ نادرةٍ، ولم يكن شاعراً مجيداً، وشعره نادر، ومنه:
    ميلوا عن الدنيا ولذّاتها
    فإنها ليست بمحمودة
    واتّبعوا الحقّ كما ينبغي
    فإنما الأنفاس معدودة
    فأطيب المأكول من نحلةٍ
    وأفخر الملبوس من دودة
    توفي ابن طولون في د مشق، ودفن بتربتهم، عند عمّه القاضي جمال الدين بسفح قاسيون قبليّ الكهف، ولم يتزوّج ولم يعقّب.
    وقد تناول ابن طولون في كتبه الكثيرة موضوعات متنوّعة كثيرة، تحدّث في بعضها بلسان الحيوان أو عنه، مثل كتاب: «تحفة الأحباب في منطق الطّير والأحباب»، «الفخ والعصفور»، «الفيل»، «ما قيل في السمك».
    كما تحدّث عن النبات في كتبٍ أخرى مثل: «ابتسام الثغور في منافع الزهور»، «النحلة فيما ورد في النخلة». وقد ذكر في القسم الأكبر من كتبه الأماكن والبلدان والأحداث التاريخية التي عاصرها، وأخبار الولاة والوزراء والقضاة والأمراء وأبنائهم من الذين عاصرهم أو من الذين عاشوا قبله بقليل. ولايزال الكثير من كتبه مخطوطاً، أما المطبوع منها فهي: «أعلام السائرين عن كتب سيّد المرسلين»، «القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة»، «الفلك المشحون في أحوال محمد بن طولون» (ترجم به نفسه)، «الأئمة الاثنا عشر»، «الشمعة المضيّة في أخبار القلعة الدمشقيّة»، «اللمعات البرقيّة في النكت التاريخيّة»، «قرّة العيون في أخبار باب جيرون»، «الثغر البسّام فيمن ولي قضاء الشام»، «مفاكهة الخلان في حوادث الزمان».
    تأتي أهمية كتب ابن طولون التاريخية من أنها شاهدة على أحداث عصرٍ مرّ ببلاد الشام، ولم يُعرف عنه إلا أقل القليل؛ إذ إن أقلام المؤرخين وأضواءهم كانت منصبّةً على مصر أو القسطنطينية مركز الخلافة العثمانية، والتي كانت شاغلة الناس في ذلك الوقت، وقد دخلت بلاد الشام فاتحةً، وكان ابن طولون شاهداً على دخولها، وعلى الأحداث التي رافقت ذلك الدخول.
    وتأتي أهمية كتابه «مفاكهة الخلان في حوادث الزمان» من أن ابن طولون قد سجل فيه أحداث فترةٍ مهمةٍ جداً من تاريخ بلادالشام خاصة، وأحداث مصر أيضاً، وهي الفترة الواقعة بين سنتي 884 ـ926هـ أو 1480ـ1520م، وهي الأحداث التي عايش أحداثها.
    وقد كتب كتابه هذا على طريقة الحوليات، فيذكر في البداية السنة حسب التقويم الهجري، ثم يذكر الأحداث التي وقعت فيها بالأيام والشهور، ويعد هذا الكتاب سجلاً حضارياً لمجريات الأمور في دمشق وبلاد الشام، يذكر فيه ابن طولون كل ما يخطر على البال ـ بل أكثر من ذلك ـ مما يكتبه مؤرخٌ من الأخبار والحوادث، ويحتوي هذا الكتاب على أخبار الحكّام والنواب في دمشق وبلاد الشام، وولايتهم ونقلهم إلى وظائف أخرى، أو خلعهم أو وفاتهم، ويذكر فيه أيضاً أخبار الموظّفين الآخرين، وأخبار الأدباء والعلماء والأعيان وأعمالهم ومؤلفاتهم وأحوالهم، وأخبار القضاة وكيف كان بعض القضاة الشاميين يعيّنون أيضاً في قضاء مصر، فيجمعون بين قضاء مصر والشام في وقتٍ واحدٍ، وما كان يتبع هذه الوظائف جميعاً من نظمٍ إداريّةٍ وحربيّةٍ.
    يتحدّث في هذا الكتاب أيضاً عن الحالة الاجتماعية للناس، فيذكر مجريات حياتهم اليومية، والأعياد والمواسم والحفلات الشعبية، والمواكب وإقامة الزّينات، كما يذكر ما ابتليت به البلاد من أوبئةٍ وأمراضٍ، وعدد من فتكت بهم.
    كما يتحدّث فيه عن الحالة الاقتصادية، فيذكر أخبار التجار والأسواق وأسعار المحاصيل والسلع،كل ذلك إلى جانب أخبار العمران والبناء، وأخبار الفلك من خسوفٍ وكسوفٍ،وأخبار الطقس من عواصف وسقوط الأمطار والبَرَدِ والثلج وتأثير الصقيع على المزروعات،كما لاينسى أن يذكر أعمال السطو والسلب والنهب التي حدثت في دمشق وضواحيها، بالهدوء والواقعيّة نفسها التي يصف بها الحالة السياسية في دمشق، وما كان يلاقيه أهلها في بعض الأحيان من طغيان المماليك، أو عسف الجنود العثمانيين.
    وتأتي أهمية الكتاب أيضاً من أن الباحث يجد فيه عدداً من أسماء الأعلام وأسماء الأماكن وكذلك أسماء بعض الوظائف، مما لايتيسّر له أن يجده في المراجع الأخرى.
    عبدو محمد
يعمل...
X