الاخبار بين التحرير والطبع
ومن المفيد جداً أن يعقد رئيس التحرير لكل عدد اجتماعاً قبل البدء به ، يحشد له أعضاء تحرير الصحيفة ليناقشهم في سيرها ، ويتفق معهم على تعيين الموضوعات التي يتطرق اليها العدد والتي تهم الرأي العام ، معتمدين في ذلك على الحاسة السادسة التي تقدر مقدماً الانباء التي ستولد في الداخل والخارج، وبذلك يرسمون ما يسمى ( هيكل الصحيفة ) . ثم ينصرف كل منهم وقد علم تماماً ما هو المطلوب منه ، كما يمكن بموجب ذلك تحديد المساحات اللازمة للمواضيع المختلفة والصور والاعلان ، مرتبة حسب الاهمية . وقد جرت العادة أن يكون هذا الهيكل مرناً بحيث يمكن تعديله مع ظهور الحوادث المفاجئة بشكل يتناسب مع كبرها أو صغرها ، فيوضع الخبر بصورة سريعة ومختصرة وفي مكان بارز كيلا تتأخر المطبعة عن الدوران في موعدها ، ولا يفوت على القارىء الخبر الذي يرضيه ، كما لا يفوت على الصحيفة أن تقفز مبيعاتها الى العدد المرموق . ثم يمكن بعد ذلك متابعة التفاصيل في ملاحق خاصة أو في الاعداد القادمة اذا كان الخبر من الحوادث المستمرة الى حين .
والجريدة المثالية هي التي تنتهي من اعداد موادها في الساعة العاشرة مساء على أبعد تقدير - اذا كانت صباحية ـ وذلك بعد ـ أن يتم عقد اجتماع آخر يناقش فيه رئيس التحرير كلا معاونيه في عمله وكيف نفذه ، ليكون على صلة مباشرة بالناحية التوجيهية التي الصحيفة بادائها ، وليعرف ما اذا كان هناك حاجة الى تعديل شيء من الهيكل قبل بدء الطبع أم لا ، وليعرف الى أي مدى قد وفقت الحاسة السادسة في اجتهادها . فاذا اطمأن الى هذه الامور وغيرها أرسلت المواد الى عامل الجمع وقد بين عليها رقم الصفحة التي ستنشر فيها ، ونوع الحرف الذي ستجمع به ، وابراز بعضها بحرف يختلف عن الحرف العادي ، وتعيين نوع حرف العناوين الكبيرة والصغيرة وغير ذلك .. حتى اذا طبعت هذه المواد المختلفة على شكل ) بروفات ) أرسلت نسخة منها أصل الخبر أو المقال الى قسم التصحيح ، وثانية الى سكرتير مع التحرير ، وثالثة الى رئيس التحرير ، ورابعة ترفق مع النبأ المجموع عند وضعه على مائدة ( التوضيب ) .
أما قسم التصحيح فيتولى مراجعة الاصل على البروفة ويقوم الاخطاء المطبعية أو اللغوية ان وجدت ، اذ المفروض أن بتصحيح تصحح الاخيرة في قسم المراجعة قبل ارسال الموضوع الى الجمع وبعد التصحيح تعاد البروفة الى قسم الجمع ويقوم نفس العامل الذي تولى جمع حروفها بتصحيح الاخطاء ، ومن ثم يرسلها الى عامل التوضيب الذي يتولى رفع الاسطر الخطأ ووضع الاسطر المصححة محلها . وأما النسخة الثانية فترسل الى سكرتير التحرير لمعرفة صحة تقديراته ، وليرى ما اذا جاء جمع المساحة المحددة لها ، أم زاد زيادة كبيرة تستوجب تعديل ( الماكيت ) أو اجراء اختصار سريع فيها وارسالها الى عامل التوضيب لتنفيذ هذا الاختصار بشكل يطابق وضعها في الماكيت أو الصفحة . وأما النسخة الثالثة فترسل الى رئيس التحرير ليطلع عليها اطلاعاً سريعاً فقد يتضح له وجود بعض الاخطاء الشكلية أو الموضوعية ، أو يرى نقصاً أو تعديلاً في بعض الاخبار أو غير ذلك ، فيعطي تعليماته السريعة الى سكرتيرية التحرير لاتخاذ اجراءات التصحيح أو التعديل أو الاضافة . وعقب الانتهاء من توضيب الصفحة ترسل مع البروفات المصححة الى المصححين الذين يقومون بعملية تأكد من أن التصحيحات التي قاموا باجرائها قد نفذت بكاملها ، فاذا اطمأنوا لذلك اعيدت الصفحة الى المطبعة لتنفيذ التعديل النهائي .
وتتم خلال اجراء هذه العملية عمليات أخرى منها كتابة العناوين الكبيرة بخط اليد ، ومنها اختيار الصور وتحديد شكلها حسب الماكيت ثم ارسالها الى ورشة الحفر والزنكغراف لتحويلها الى ( كليشهات ) ، ومنها عملية الرسم النهائي لشكل الصحيفة وبالحجم الطبيعي الذي يحدد عليه بدقة مكان الخبر والموضوع والصورة والاعلان . ثم ترسل هذه الصفحة بعد استكمال جميع موادها الى صالة التوضيب بعـد اقرارها من سكرتير التحرير ورئيسه فيتسلمها المحرر المختص ويباشر عملية التنفيذ مع العامل المكلف بعملية التوضيب ، وبعد انتهاء مراجعتها واقرارها من المختصين تحمل على عربة الى المكبس لتطبع تحت ضغط ة من الكرتون يدعى ( الفلان ) يرسل بدوره الى المسبك لسبكه على الرصاص في شكل اسطواني ، وتخرج الصفحة معدة لتوضع على آلة الطبع التي تبدأ عملها في وقت محدد ، بعد أن تستكمل وضع الصفحات عليها . فاذا خرجت الاعداد الاولى من المطبعة تلقفها عمال آلة الطبع لمراجعة الصفحات المختلفة ، وليباشروا فوراً عملية ضبط الحبر وتوزيعه على الصفحات ، وليراعوا تلوينه اذا كانت الصحيفة ترغب في تلوين بعض العناوين أو غيرها . وهكذا لا تخرج صاحبة الجلالة على شعبها من القراء الا بعد أن تمس بيدها اللطيفة عشرات معين على قطعة جميع الايدي وتغازل بعينها الساحرة مئات القلوب .
تعليق