الشعر المحكم والشعر المنثور .. كتاب معلم الصحافة والإنشاء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشعر المحكم والشعر المنثور .. كتاب معلم الصحافة والإنشاء


    الشعر المحكم والشعر المنثور

    لا أجد أجمل من تشبيه اليونان للشعر بمركبة يجرها زوجان من الخيول الجبارة هما الخيال والشعور ، ويوجهها قائد حكيم هو العقل ، وهذه المركبة تسبح فوق الغيوم . فالشاعر الكبير رائد من رواد البشرية يسبق خطاها ليبين لها الطريق . فهو يطلع من خفايا الحياة على ما لا يطلع عليه الآخرون . وهو يحسها في صميمها ، مجردة عن الملابسات الوقتية . وقيمته انما تقاس بمقدار اتصاله بالكون الازلي من وراء الحواجز والسدود . فهو قادر على أن ينقلنا دائماً عن طريق الخاطرة الجزئية الوقتية الى الاحساس الكلي بصلتنا الكبرى بالحياة . وطابع الشخصية هو السمة الاولى لكل أديب أصيل . وهو لا يقتصر على النظرة الشعورية الى الكون والحياة ، بل يتعداها الى طريقة تتناول الموضوع والاسلوب ، والتعبير نفسه ، واختيار الالفاظ فيه .. . ثم ا مقدار احساس الشاعر في لحظاته الشعورية بالكون كله ، وبصلة الفرد بهذا الكون السرمدي . والسمة الثالثة. الشعور ، لانه لا يتاح للشاعر ايصالنا بالكون الا اذا كان صادقاً في السمة الثانية هي الصدق في هي شعوره .

    وليست وظيفة التعبير في الادب هي الدلالة المعنوية للالفاظ والعبارات ، بل تضاف الى هذه الدلالة مؤثرات أخرى يكمل بها الاداء الفني ، وهي جزء أصيل من التعبير الادبي . هذه المؤثرات هي الايقاع الموسيقي للكلمات ، والعبارات والصور والظلال التي يشعها اللفظ وتشعها العبارات زائدة على المعنى الذهني ، ثم طريقة تناول الموضوع والسير فيه بالاسلوب الذي تعرض به التجارب وتنسق على أساسه الكلمات والعبارات . ولا شك بأن الانفعالات الشعورية تسبق التعبير عنها ، وفي بعض الحالات تكون هذه الانفعالات من الحرارة والعمق بحيث تعمر احساس الاديب وتجعله في حالة لا وعي ، وحينئذ تقفز الالفاظ والعبارات وتتناسق مع بعضها وكأنها تصنع ذلك بدون اختيار منه وذلك في اللحظات المتفردة للالهام . ومثل هذه اللحظات نادرة في حياة الاديب ، ولذا فان عليه دائماً أن للالفاظ نظاماً ونسقاً وجواً لها بأن الصور والظلال والايقاع ، وأن تتناسق ظلالها وايقاعاتها مع الجو الشعوري الذي يريد أن يرسمه . فلا يقف بها عند الدلالة المعنوية الذهنية ، ولا يقيم اختياره للالفاظ على هذا الاساس وحده وان كان لا بد منه في التعبير ليفهم الآخرون ما يريد. والاديب الموهوب هو الذي يرد على اللفظ حياته ، فيجعله يشع صورة وظلا ويرسم حالة ومشهدا . فالعبارة تستمد دلالتها من مفردات الدلالات اللغوية للالفاظ ، الدلالة المعنوية الناشئة عن اجتماع الالفاظ وترتيبها في نسق معين ، ثم من الايقاع الموسيقي الناشيء من مجموعة ايقاعات الالفاظ متناغماً بعضها مع بعض ، ثم من الصور والظلال التي تشعها الالفاظ متناسقة في العبارة . وعلى ذلك اذا اردنا الحكم على قيمة العمل الادبي من خلال العبارة لا نكتفي بالدلالة المعنوية فقط، بل نضم اليها عنصري الايقاع والظلال .

    ومهمة الاديب الاساسية أن يعرض الانفعالات الانسانية ، وأن يصف جزئياتها ويسجل المظاهر التي صاحبتها في نفس من ما أحاط بهذا التصوير من تأثر . وكلما كان دقيقاً في سرد التفصيلات التي مرت بها الانفعالات . خلال النفس - على قدر ما تسمح به طبيعة كل فن من فنون الادب - كان ذلك أدعى الى اكتمال العمل الادبي وأضمن لاستثارة المشاعر واستجابتها . وكلما كان الشعر أقرب الى طريقة القصة في رسم الجو النفسي والطبيعي ، وفي سرد الاحاسيس المتتابعة في أثناء الهيجان الشعوري ، وتصوير جزئيات المشاعر والتصورات المصاحبة له في حدود ما يناسبه كان أسرع الى اثارة الوجدانات المماثلة في شعور الآخرين ، وأقرب الى مجاراة الشعر الغربي في هذا الاتجاه .

    والشعر متميز الطبيعة عن النثر بحكم ظهور الايقاع الموسيقي المقسم فيه وبحكم القافية . وهناك ما هو أعمق . هناك الروح الشعرية التي قد توجد أحياناً في بعض فنون النثر أيضاً فتكاد تحيله شعراً هناك يقظات شعورية معينة تثير انفعالات شعورية خاصة لا يستنفدها الا التعبير الشعري . وقد لا يكون صاحبها من القادرين على النظم ، فيعبر عنها نثراً . ولكنه نثر شبه موزون من ناحية الايقاع ، ومشحون أيضاً بالصور والظلال التي هي . ميزة الشعر الكبرى . وهذا ما نسميه بالشعر المنثور . وكلما كانت درجة الانفعال فيه أقوى جاء التعبير أجود بالقياس الى الشاعر الواحد . ولا شك بأن للايقاع وظيفة خاصة يؤديها في استنفاد الطاقة الشعورية ، وهو جزء من دلالة التعبير كالدلالة المعنوية اللغوية . أما الصور والظلال فهي استنفاد لطاقة الحس والخيال المصاحب لليقظات الشعورية القوية الفائضة . التعبير اللفظي المجرد . ولا شك أيضاً بأن الروح الشعرية هي الاحساس بما هو أرفع وأقوى على العموم من الحياة العادية أيا كان لون هذا الاحساس روحياً أو حسياً ، فالشعر اذن هو تعبير عن اللحظات الاقوى والاملا بالطاقة الشعورية في الحياة . انه الغناء . الغناء المطلق بما في النفس من مشاعر وأحاسيس وانفعالات ترتفع عن الحياة العادية ، وتصل الى درجة التوهج والاشراق . فالشاعر الذي يصلنا بالكون اللامحدود ، والحياة الابدية المجردة من قيود الزمان والمكان بينما هو يعالج الموقف الصغير واللحظات الجزئية والحالات المنفردة هو الشاعر الكبير النادر الوجود . والشعر لأنه تعبير عن الحالات الفائضة في الحياة يحتاج أكثر من كل فن أدبي إلى شدة التطابق والتناسق بين التعبير والحالة الشعورية التي يعبر عنها . وليس المقصود هو رونق اللفظ أو جزالته ، ولا قوة الايقاع أو حلاوته . انما المقصود هو التناسق بين طبيعة اليقظة الشعورية ، وطبيعة الاشعاع الايقاعي والتصويري للفظ بحيث يتسق الجو الشعوري والجو التعبيري .

    والشعر المنثور في النثر يقابل القصيدة الغنائية في الشعر . وكل ما قلناه في الشعر ينطبق على الشعر المنثور في عالم النثر ، مع واحد هو الوزن والقافية . وكثيراً ما يوجد فيه لون من الايقاع والتنغيم يقابل الوزن ، ونوع من التوافق في المقاطع يقابل القافية ، لان طبيعة الانفعالات التي يعالجها لا تستغني عن قوي من الايقاع الذي هو برغم تباين وحداته وعدم اضطرادها فانها تنساوق في مجموعها وتؤلف نفسها في النهاية هارمونيا واحدة تلك التي تكون مسيطرة على الشاعر أثناء الكتابة . فبينما يبدو جمال الشعر المنظوم في التجمع وصفاء الموسيقا ، وروعة الالقاء ، وعذوبة التغني ، واتساق النغم ، يبدو جمال الشعر المنثور في التسلسل والانطلاق من القيود. ويظهر لنا هذا في انتاج كثير من شعراء هذا العصر المحدثين ، المفتونين بالشعر الغربي ، المقلدين له ، العاجزين عن وصول القمم الشعرية الاصيلة التي وصل اليها المتنبي والمعري وشوقي والقروي رغم تشبتهم بتسميته بـ الشعر الحديث ليخلعوا على أنفسهم لقب - الشاعر . من أيسر طريق . فهم في هذه المواضيع ( النثر شعرية ) لا يريدون ان يؤدوا الينا فكرة ما ، بل يعرضوا علينا خاطرة او عدة خواطر شعورية لا ذهنية انفعلت بها أحاسيسهم كما ينفعل الشاعر باحساس ما ، فيسترسل معه ويرسمه لنا في صورة لفظية منسابة ، فيها اختيار للصور والظلال ومرا راعاة للايقاع ، لان هذه الخواطر أشبه شيء بخواطر الشعر الغنائي غير أنها لا تصلح مثله للغناء . ولا يستحق الشاعر أن يرقى الى صف العباقرة الأفذاذ الا ان علم عليم الاحاطة واليقين ماذا يريد أن يقول ؟ وكيف يستطيع ؟ وبأي الادوات يستطيع أن يعبر عن هذا الذي يريد تعبيراً دقيقاً لا زيادة فيه ولا نقصان ? . وأول طابع يميزه عن سائر الناس قدرته على أن يستخرج اللفظة المعينة عدداً ا من المعاني يعجز غيره عنها . فالالفاظ تتفجر في نفسه فتخرج كل ما تحوي في جوفها من صور ومشاعر وانفعالات وكل لفظة عنده تختلف عن الاخرى في حقائقها وسماتها . تقرأ للشاعر العظيم فكأنك تتابعه في ذلك العالم الروحي الذي كشف عنه الغطاء . وتحيا في التجارب التي أحسها في رحلته التي كشف فيها عن العالم . ثم هو يزيدك ملكات تستطيع بها أن تفهم بحيث تصبح جزءاً منك يجري في ويشعرك بعمرة ناعمة كغمرة الاحلام اللطاف .


    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 09-06-2023 02.22_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	77.4 كيلوبايت 
الهوية:	155999 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 09-06-2023 02.22 (1)_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	93.7 كيلوبايت 
الهوية:	156000 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 09-06-2023 02.22 (2)_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	98.5 كيلوبايت 
الهوية:	156001 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 09-06-2023 02.23_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	100.7 كيلوبايت 
الهوية:	156002 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 09-06-2023 02.23 (1)_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	92.7 كيلوبايت 
الهوية:	156003

  • #2

    Textured hair and scattered hair

    I do not find anything more beautiful than the Greeks likening poetry to a chariot drawn by two mighty horses, who are the imagination and feeling, and are directed by a wise leader who is the mind, and this chariot floats above the clouds. The great poet is one of the pioneers of humanity who precedes its steps in order to show it the way. He learns from the mysteries of life on what others do not see. He feels it in its core, devoid of temporal circumstances. Its value is measured by its connection to the eternal universe behind barriers and dams. He is always able to transfer us through a temporary, partial thought to the total sense of our great connection to life. And the character of personality is the first feature of every authentic writer. It is not limited to an emotional view of the universe and life, but rather goes beyond it to a method that deals with the subject, the style, the expression itself, and the choice of words in it... . Then the extent of the poet's feeling in his sensual moments of the entire universe, and the individual's connection to this eternal universe. And the third feature. Feeling, because it is not possible for the poet to connect us to the universe unless he is sincere in the second feature, which is sincerity in his feeling.

    The function of expression in literature is not the moral significance of words and expressions. Rather, other influences are added to this significance by which the artistic performance is complemented, which is an integral part of literary expression. These influences are the musical rhythm of words, phrases, images, and shades that radiates from utterances and radiates from phrases that add to the mental meaning, then the method of dealing with the subject and proceeding in it in the manner in which experiences are presented and words and phrases are coordinated on the basis of it. There is no doubt that emotional emotions precede their expression, and in some cases these emotions are of heat and depth, such that they perpetuate the sense of the writer and make him in a state of unconsciousness, and then the words and expressions jump and harmonize with each other as if they do that without choosing him, in the unique moments of inspiration. Such moments are rare in the writer's life, and therefore he must always have words, order, and atmosphere for them, such as images, shadows, and rhythm, and that their shadows and rhythms are consistent with the emotional atmosphere that he wants to paint. He does not stop with it at the mental and moral significance, and does not evaluate his choice of expressions on this basis alone, even if it is necessary in expression so that others understand what he wants. The talented writer is the one who responds to the expression with his life, making it radiate an image and a shadow, and draws a state and a scene. The phrase derives its significance from the vocabulary of the linguistic semantics of the words, the moral significance arising from the assembly of the words and their arrangement in a specific pattern, then from the musical rhythm arising from the group of rhythms of the words in harmony with each other, then from the images and shades that the words radiate in a consistent way. Therefore, if we want to judge the value of the literary work through the phrase, we are not satisfied with the moral significance only, but rather we include the elements of rhythm and shadows.

    The main task of the writer is to present the human emotions, to describe their details and to record the manifestations that accompanied them in the soul of what surrounded this portrayal of influence. And the more accurate he is in listing the details that the emotions went through. Through the soul - as far as the nature of each of the arts of literature allows - this was more conducive to the completion of the literary work and more guaranteed to stimulate feelings and respond to them. The closer the poetry is to the method of the story in drawing the psychological and natural atmosphere, and in narrating the successive feelings during the emotional frenzy, and depicting the details of feelings and perceptions accompanying it within the limits that suit it, the faster it will stir up similar sentiments in the feelings of others, and the closer it will be to keep pace with Western poetry in this direction. .

    Poetry is distinguished by nature from prose by virtue of the appearance of the musical rhythm divided in it and by virtue of the rhyme. And there is something deeper. There is the poetic spirit that may sometimes be found in some prose arts as well, so it almost turns it into poetry. Its owner may not be able to compose, so he expresses it in prose. But it is semi-balanced prose in terms of rhythm, and also charged with images and shadows that are. Great hair feature. This is what we call scattered hair. The stronger the degree of emotion in it, the better the expression in comparison to a single poet. There is no doubt that rhythm has a special function that it performs in depleting emotional energy, and it is part of the expression’s significance, such as the linguistic significance. As for the images and shadows, they are the depletion of the energy of the senses and the imagination associated with the strong overflowing emotional awakenings. abstract verbal expression. There is also no doubt that the poetic spirit is the feeling of what is higher and stronger in general than ordinary life, regardless of the color of this feeling, spiritually or sensually. He's singing. Absolute singing, including the feelings, feelings, and emotions in the soul that rise above ordinary life, and reach the point of glow and radiance. The poet who connects us with the limitless universe, and the eternal life devoid of the restrictions of time and space, while he deals with the small situation, partial moments, and individual cases, is the rare great poet. Poetry, because it is an expression of the surplus states of life, needs, more than any literary art, the intensity of correspondence and consistency between expression and the emotional state it expresses. What is meant is not the splendor of the utterance or its abundance, nor the strength or sweetness of the rhythm. Rather, what is meant is consistency between the nature of emotional alertness, and the nature of the rhythmic and pictorial radiation of the utterance, so that the emotional atmosphere and the expressive atmosphere are consistent.

    And poetry scattered in prose corresponds to the lyric poem in poetry. Everything we have said about poetry applies to poetry scattered in the world of prose, with one thing being meter and rhyme. There is often a color of rhythm and intonation that corresponds to the weight, and a kind of harmony in the syllables that corresponds to the rhyme, because the nature of the emotions that it deals with does not dispense with a strong rhythm that, despite the variation of its units and their lack of regularity, they harmonize in their totality and eventually compose themselves harmoniously, one that is In control of the poet while writing. While the beauty of composed poetry appears in the assembly, the purity of the music, the splendor of recitation, the sweetness of the singing, and the consistency of the melody, the beauty of the prose poetry appears in the sequence and the release from the restrictions. This appears to us in the production of many modern poets of this era, fascinated by Western poetry, imitating it, unable to reach the original poetic peaks reached by Al-Mutanabbi, Al-Ma’arri, Shawqi, and Al-Qarawi, despite their similarity to calling it “modern poetry” in order to give themselves the title of poet. From the easiest way. They are in these subjects (poetry prose) and they do not want to lead us to an idea, but rather present to us a thought or several sensual thoughts, not mental ones, with which their feelings are affected, just as the poet is excited by a feeling, so he goes on with him and draws it for us in a flowing verbal image, in which there is a choice of images and shadows and pastoral bitterness. For rhythm, because these thoughts are more like thoughts of lyrical poetry, except that they are not suitable for singing. The poet does not deserve to live up to the ranks of geniuses, unless he knows the knowledgeable and the certainty of what he wants to say. And how can he? And by what tools can he express this, who wants an accurate expression, with no addition or subtraction? . The first characteristic that distinguishes him from other people is his ability to extract a specific word from a number of meanings that others are unable to. Words explode in his soul, bringing out all that they contain in their cores of images, feelings, and emotions, and every word he has differs from the other in its facts and characteristics. You read the great poet as if you are following him in that spiritual world that the veil has been revealed. And live in the experiences that he felt in his journey in which he revealed the world. Then it increases your faculties with which you can understand, so that it becomes a part of you that flows into me and makes you feel a soft life like the flood of gentle dreams.

    تعليق

    يعمل...
    X