فن الترجمة والتعريب
ليس من شك أن للترجمة مكانتها الكبرى في مهنة الصحافة . فالبرقيات الاجنبية ، وأخبار الوكالات العربية ، والاستفادة مما تنشره المجلات والكتب في اللغات الاخرى . كل ذلك يتطلب اخصائيين في الترجمة حتى تنصل الصحيفة بالعالم الخارجي ، ولا تبقى ضمن نطاق محدود . فالترجمة الحرة هي التعبير بلغة سهلة فصيحة عن أفكار الشخص الذي كتب القطعة وخواطره ومقصده ، واظهار تصوراته في قالب عربي . والغاية منها أن يحدث في روع قارىء الترجمة نفس الاثر الذي يحدثه كاتب الاصل في روح أهل لغته . ويختلف فيها التركيب المستحدث عن الاصل بعض الاختلاف ولكن يبقى المعنى والاسلوب . والترجمة الحرة أفضل من الترجمة الحرفية ، ما لم يكن هناك شيء في مراد الكاتب من ظاهر كلامه ، أو غموض بسبب عمق الفكرة في الاشياء العلمية والفلسفية . فذلك عذر يستدعي الترجمة الحرفيه التي مع كثيراً ما تشوه جمال الاصل ولا تشعرنا بقوة الاثر الفني اذا كان المترجم أدباً أو شعراً . اذ ان تراكيب الجمل والقالب الذي يختاره الكاتب أو الشاعر ليفرغ فيه معانيه ليس واحدا في مختلف اللغات . فالمعاني متساوية عند الامم ، أما القوالب التي تفرغ فيها فمختلفة باختلاف لغاتها . وعلى المترجم أن يبدأ القطعة مفترضاً ان لها معنى محدوداً . فاذا صدف انها تحتمل معنيين والتبس عليه أيهما الصحيح ؟ اجتهد في أن يستخرج معنى مما يعرض عليه ، فاذا استنبط أكثر من معنى واحد اختار المناسب من ذلك مستر شداً بالقطعة كلها ، فيجتهد في اعطاء كل كلمة معناها الحرص على التوافق بين أجزاء القطعة كاملة . وله من حرية التصرف في التعبير العربي ما يمكنه من اظهار المعنى الدقيق للقطعة ، بشرط أن هي الوحدة في ترجمته ، لا الكلمة التي يتذكرها في القاموس ، متخذا السياق دليله على المعنى المراد من القطعة بذاتها . فاذا أغمض عليه ووقف على معنى الجملة العام وضعه بأعم معنى تستقيم القطعة ، باستثناء الجزئية التي يثق منها ، ومع مراعاة ذوق اللغة التي يكتب فيها . فاذا اعترضه بعض التراكيب الفنية أو الملاحق الخاصة التي تدل عليها كلمات صغيرة لا يفهم معناها تجاهلها ان استقام المعنى الكلي بدونها ومن غير أن يشعر القراء .
تعليق