الرواية
هي تمثيل طائفة من ما هو کاف الناس لحادث حقيقي أو متخيل لا يخرج عن حدود الحقيقة او الامكان . ويعالج فيها موضوع كامل أو أكثر يفيض بحياة تامة ، حتى ان القارىء اذا فرغ منها يكون قد . علم عن حياة الاشخاص في مختلف الادوار ، متأثراً باحساسه وذهنه وخياله، مالئا لبصره وسمعه . وموضوعها حياة الناس بما فيها . فهي تصور المضحك والمبكي من الحوادث ، وتصف الخامل والنابه من بني الانسان. وأسلوبها نبيل مشرق ، طبيعي لا تفسده الصناعة والتكلف ولا تخمده الغثاثة والركاكة ، بسيط لا يعقده التأمل والتعمق ، يتناسب لهجة مع نشأة المتكلم وتربيته وطبيعته وموقفه . فيه ينسى الكاتب نفسه ويفني في أشخاصه فيخط المقاطع الوجدانية والالفاظ الموسيقية كأنها قطع من الحياة . ولا شك أن مثل هذه الآثار الفنية لا تبقى خالدة على الدهر الا اذا كانت - فوق اشتمالها على عناصر مشتركة بين المثقفين جميعاً - ترضي بعض ما للانسان من حاجة وطموح بحيث لا يحدها الزمان فيميت حظها . الخلود ، ولا المكان فتنحصر في مجال لا تتعداه . فهي لجميع الانسانية لانها تمس أتم الاشياء في الكون : الحب والموت والطبيعة ، و تنبعث من أعماق نفس الكاتب المتأثرة بالحزن أو السرور ، فتدخل الضمائر بسهولة وتتغلغل في صميم الافئدة ، وكأن لمنشئها احساساً خاصاً دقيقاً يدرك فيه من أسرار العالم الخفي ما لا يدركه سواه . ففنه فوق الشخصية والموضعية ولذا يعم جميع الاشخاص ويغمرهم بالحدس والشعور فيتردد صداه في كل ضمير وزمان .
القصة
هي عرض لفكرة مرت بخاطر الكاتب ، وتسجيل لصورة تأثرت بها مخيلته ، وبسط لعاطفة اختلجت في صدره فأراد أن ليصل بها الى اذهان القراء ، محاولا أن يكون أثرها في نفوسهم مثل أثرها في نفسه . وهي دون الرواية وأكبر من الاقصوصة ، اذ يطول فيها الزمن وتمتد الحوادث وتتطور في شيء من الاشتباك . وهي اكثر فنون القصص ملازمة للصحافة لمناسبة كميتها لكل صحيفة ، اذ حدها الاوسط ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف كلمة ، وتقصر حتى الالف وتطول حتى السبعة آلاف . اما الرواية فلا تعرض لها الصحف الا على التتابع بأن تنشر منها جزءاً اثر جزء ، وتقرأ كاملة في الكتب أو تشاهد على الشاشة البيضاء بعد شيء من التحوير الذي يجعلها ملائمة للتمثيل . ومهما يكن من شيء فاننا نطالب كاتب القصة بأن يترك في نفوسنا بقصته أثراً نحس معه واقعية الحياة احساساً لا غموض فيه ولا اضطراب . وأن يخلق من فوضى الحوادث نظاماً متسقاً بحيث يجيء السياق والتتابع موفياً بالغرض المقصود ، وذلك ما نسميه بالحبكة القصصية التي ان خلت منها القصة فقد خلت من روح الفن .
تعليق