المقال الافتتاحي فيكون عادة في مكان ثابت من يمين الصفحة الأولى ، وبعناوين تنغير الاحداث وبكمية من الاسطر غير محدودة ، ومن غير توقيع .
والعمود الصحفي من حيث صياغته أشبه أنواع المقال بالاقصوصة يعدو أن يكون فكرة صغيرة ومحدودة في مشكلة . القراء يدور حولها الكاتب ولا يتخطاها لغيرها . وفي حالة ما اذا كان كتعليق على خبر من الاخبار راعى أن يكون هذا الخبر معروفاً لديهم ، ليثير اهتمامهم بالشيء الذي يسوقه على شكل تعقيب سريع يشرح فيه وجهة نظره بشكل ممتع طريف .
كما ينبغي أن تتوفر في العمود الصحفي من حيث التعبير خصائص منها : أن يكون جميل الاسلوب موسيقي الالفاظ موجز العبارات ، لانه أقرب الى القطع الادبية الفنية منه الى القطع الصحفية . وان يكون عنصر السخرية فيه - اذا وجد - أشبه ما يكون بوخز الابر . وأن تتوفر فيه شيء من الحرية الذاتية للكاتب لكي تتقوى الرابطة بينه وبين قرائه ، ويكون بينه وبينهم مثل الشعرة التي كانت بين معاوية وشعبه وأن يلتزم فيه من حيث الكتابة ما التزم في المقال ، فيبدأ أولا بالفكرة التي يدور حولها العمود ، ثم يواصل الاتيان بالامثلة والشواهد والبراهين ، ثم يأتي بالنتيجة التي يريد الوصول اليها كخاتمة للموضوع. وقد يبسط العمود على شكل رسالة من بعض القراء الى الكاتب يشكو فيها من أمر معين ، فيرد الكاتب في عمود على هذه الرسالة مؤيداً وجهة نظره بالحجج والشواهد ، موجهاً الخطاب لمن يتظلم منهم القارىء لكي يزيلوا أسباب الشكوى ، أو يقنعوا بالمشروع الذي كتبت الرسالة من أجله .
٣ - المقال العرضي : وهو الذي يعرض فيه الكاتب فكرة معينة أو مشكلة محدودة .
٤ - المقال النقدي : ويعنى فيه الكاتب بنقد الفكرة أو المشكلة .
ه - المقال النزالي : وهو الذي يتساجل فيه كاتبان أو أكثر حول مذهب سياسي أو اجتماعي أو علمي أو أدبي .
٦ - المقال الكاريكاتوري : وهو الذي يقوم على المبالغة في تصوير العيوب وتوكيد المعاني واستطراد الافكار والتندر مع التشبيه والتمثيل.
٧ - المقال القصصي : الذي يسير على طريقة القصص مع المغزى الذي يريده الكاتب والمعالجة والنقد اللذين يتوخاهما .
٨ - ثم المقالات التي على شكل رسائل بين المحرر وقرائه .
٩ - المقالات التي على شكل مذكرات واعترافات كما في كتاب
الايام لطه حسين .
١٠ ـ وهنا ك أنواع أخرى من المقالات تتعرض لها الصحيفة بين حين وآخر كالمقالات العلمية والمحاضرات وغير ذلك ...
ومع هذا فاننا لا ندعو الى التخصص في فرع من فروع المقال اذا استطاع الكاتب ان يستغل مشاهداته أو تجاربه أو معلوماته بعد أن يتعمق فيه فيبرز للملأ صورة حقيقية كأن المتكلم. يكشفها بذاته فاذا تحدث عن عواطف المرأة مثلا حلل نفسيتها أولاً ، ، ثم بالأدلة والشواهد حتى يدعها تعترف هي : نفسها بحقيقة ما يقول . وهكذا الأمر حين يتكلم عن الفلاح ومظلمته ، فهو يراقب أحواله عن كتب ويفيد منه الشيء الكثير ، ثم يبين عنه وكأنه هو نفسه ذلك الفلاح الشاكي المظلوم . وجدير بكاتب المقالات في الصحف أن لا يبحث في موضوعات فاتت مناسبتها كالكلام على مصايف لبنان في أوان الشتاء ، وليتحر دائماً أن يكون موضوعه جديداً في نوعه محبباً الى النفوس دسم الفائدة قريبها . ثم ينبغي ان لا . ما للمهنة من كرامة وعزة فاذا أراد نقد شخص أو مقال أو مذهب فليكن نقده نزيها عفيفاً مجرداً عن الأهواء والفحش ، بعيداً عن الألفاظ المستهجنة والأوصاف القبيحة التي تنفر كثيراً من القراء . فالغاية الاولى من النقد هو الاصلاح وتعضيد الفضيلة وبيان الحقيقة دون التجريح . وليجتهد دائماً في أن يفصل الاخبار كما هي في واقعها ، جانحاً الى عدم المبالغة فيها ، مبتعداً التفاصيل غير الضرورية والعناوين التي يشتم روح الحزبية البغيضة .
فالمحرر اللامع يعامل أخصامه السياسيين وغيرهم بمقتضى العدالة والوجدان لأن صحيفته ذات مبدأ صحيح ، ولأن ضميره كريم في الخير في . يريد أن يكتسب لجريدته الاصدقاء لا الاعداء . وهو ينتبه جيداً الى كتابة الاسماء والالقاب ، ولا يطعن في أمر أو شخص قبل أن يزن الحديث والقائل ويتحرى المصدر ، ولا يكتفي بما قيل أو يقال حتى لا يسلم المطبعة سطراً واحداً قبل أن يعرضه على مراقبة العقل والضمير . واذا خاض في مقال علمي أو فلسفي أتقنه بحثا وتركيبـاً وبسطاً وتحليلاً ثم عرضه بصورة تظهر الحقائق وتقربها فاذا كان الموضوع جدلياً جمع ما حوله من الآراء والحجج وزانها بميزان العقل والمنطق مستعيناً بالكتب والعلماء ، ثم عرض ما جمع لديه من المعلومات بأسلوب أدبي سهل جذاب قليل الاصطلاحات العلمية ، ، ثم اعتمد قراراً نهائياً تدعمه التجارب والبراهين . وهكذا يتوخى دائماً البحث الصحيح والحقيقة المجردة في جميع موضوعاته واخباره ، وينشد السهولة في تعبيره ، والصدق في عواطفه وتصويره لأنه بهذا وحده يحتفظ بمكانته ومحبيه ، وبهذا يقوم برسالته كصحفي ممتاز .
وآخر ما نوصي به في هذا البحث هو ان لا تكون نظرة كاتب المقال الصحفي الى الاحداث والوقائع ذاتية كنظرة الاديب ، ولا دقيقة جافة كنظرة العالم ، بل نظرة قائمة على المنفعة التي تعود على المجتمع بالخير ، يعبر عنها بلغة الحياة اليومية بكل ما فيها من بساطة ووضوح وحيوية وواقعية ، وبأسلوب ينطبق عليه قول ديقو وهو من أشهر كتاب المقال في القرن الثامن عشر ( اذا سألني سائل عن الاسلوب الذي أكتب به قلت : انه الذي اذا تحدثت به الى خمسة آلاف شخص ممن يختلفون اختلافاً عظيماً في قواهم العقلية عدا البله والمجانين ـ فانهم جميعاً يفهمون ما أقول » .
والعمود الصحفي من حيث صياغته أشبه أنواع المقال بالاقصوصة يعدو أن يكون فكرة صغيرة ومحدودة في مشكلة . القراء يدور حولها الكاتب ولا يتخطاها لغيرها . وفي حالة ما اذا كان كتعليق على خبر من الاخبار راعى أن يكون هذا الخبر معروفاً لديهم ، ليثير اهتمامهم بالشيء الذي يسوقه على شكل تعقيب سريع يشرح فيه وجهة نظره بشكل ممتع طريف .
كما ينبغي أن تتوفر في العمود الصحفي من حيث التعبير خصائص منها : أن يكون جميل الاسلوب موسيقي الالفاظ موجز العبارات ، لانه أقرب الى القطع الادبية الفنية منه الى القطع الصحفية . وان يكون عنصر السخرية فيه - اذا وجد - أشبه ما يكون بوخز الابر . وأن تتوفر فيه شيء من الحرية الذاتية للكاتب لكي تتقوى الرابطة بينه وبين قرائه ، ويكون بينه وبينهم مثل الشعرة التي كانت بين معاوية وشعبه وأن يلتزم فيه من حيث الكتابة ما التزم في المقال ، فيبدأ أولا بالفكرة التي يدور حولها العمود ، ثم يواصل الاتيان بالامثلة والشواهد والبراهين ، ثم يأتي بالنتيجة التي يريد الوصول اليها كخاتمة للموضوع. وقد يبسط العمود على شكل رسالة من بعض القراء الى الكاتب يشكو فيها من أمر معين ، فيرد الكاتب في عمود على هذه الرسالة مؤيداً وجهة نظره بالحجج والشواهد ، موجهاً الخطاب لمن يتظلم منهم القارىء لكي يزيلوا أسباب الشكوى ، أو يقنعوا بالمشروع الذي كتبت الرسالة من أجله .
٣ - المقال العرضي : وهو الذي يعرض فيه الكاتب فكرة معينة أو مشكلة محدودة .
٤ - المقال النقدي : ويعنى فيه الكاتب بنقد الفكرة أو المشكلة .
ه - المقال النزالي : وهو الذي يتساجل فيه كاتبان أو أكثر حول مذهب سياسي أو اجتماعي أو علمي أو أدبي .
٦ - المقال الكاريكاتوري : وهو الذي يقوم على المبالغة في تصوير العيوب وتوكيد المعاني واستطراد الافكار والتندر مع التشبيه والتمثيل.
٧ - المقال القصصي : الذي يسير على طريقة القصص مع المغزى الذي يريده الكاتب والمعالجة والنقد اللذين يتوخاهما .
٨ - ثم المقالات التي على شكل رسائل بين المحرر وقرائه .
٩ - المقالات التي على شكل مذكرات واعترافات كما في كتاب
الايام لطه حسين .
١٠ ـ وهنا ك أنواع أخرى من المقالات تتعرض لها الصحيفة بين حين وآخر كالمقالات العلمية والمحاضرات وغير ذلك ...
ومع هذا فاننا لا ندعو الى التخصص في فرع من فروع المقال اذا استطاع الكاتب ان يستغل مشاهداته أو تجاربه أو معلوماته بعد أن يتعمق فيه فيبرز للملأ صورة حقيقية كأن المتكلم. يكشفها بذاته فاذا تحدث عن عواطف المرأة مثلا حلل نفسيتها أولاً ، ، ثم بالأدلة والشواهد حتى يدعها تعترف هي : نفسها بحقيقة ما يقول . وهكذا الأمر حين يتكلم عن الفلاح ومظلمته ، فهو يراقب أحواله عن كتب ويفيد منه الشيء الكثير ، ثم يبين عنه وكأنه هو نفسه ذلك الفلاح الشاكي المظلوم . وجدير بكاتب المقالات في الصحف أن لا يبحث في موضوعات فاتت مناسبتها كالكلام على مصايف لبنان في أوان الشتاء ، وليتحر دائماً أن يكون موضوعه جديداً في نوعه محبباً الى النفوس دسم الفائدة قريبها . ثم ينبغي ان لا . ما للمهنة من كرامة وعزة فاذا أراد نقد شخص أو مقال أو مذهب فليكن نقده نزيها عفيفاً مجرداً عن الأهواء والفحش ، بعيداً عن الألفاظ المستهجنة والأوصاف القبيحة التي تنفر كثيراً من القراء . فالغاية الاولى من النقد هو الاصلاح وتعضيد الفضيلة وبيان الحقيقة دون التجريح . وليجتهد دائماً في أن يفصل الاخبار كما هي في واقعها ، جانحاً الى عدم المبالغة فيها ، مبتعداً التفاصيل غير الضرورية والعناوين التي يشتم روح الحزبية البغيضة .
فالمحرر اللامع يعامل أخصامه السياسيين وغيرهم بمقتضى العدالة والوجدان لأن صحيفته ذات مبدأ صحيح ، ولأن ضميره كريم في الخير في . يريد أن يكتسب لجريدته الاصدقاء لا الاعداء . وهو ينتبه جيداً الى كتابة الاسماء والالقاب ، ولا يطعن في أمر أو شخص قبل أن يزن الحديث والقائل ويتحرى المصدر ، ولا يكتفي بما قيل أو يقال حتى لا يسلم المطبعة سطراً واحداً قبل أن يعرضه على مراقبة العقل والضمير . واذا خاض في مقال علمي أو فلسفي أتقنه بحثا وتركيبـاً وبسطاً وتحليلاً ثم عرضه بصورة تظهر الحقائق وتقربها فاذا كان الموضوع جدلياً جمع ما حوله من الآراء والحجج وزانها بميزان العقل والمنطق مستعيناً بالكتب والعلماء ، ثم عرض ما جمع لديه من المعلومات بأسلوب أدبي سهل جذاب قليل الاصطلاحات العلمية ، ، ثم اعتمد قراراً نهائياً تدعمه التجارب والبراهين . وهكذا يتوخى دائماً البحث الصحيح والحقيقة المجردة في جميع موضوعاته واخباره ، وينشد السهولة في تعبيره ، والصدق في عواطفه وتصويره لأنه بهذا وحده يحتفظ بمكانته ومحبيه ، وبهذا يقوم برسالته كصحفي ممتاز .
وآخر ما نوصي به في هذا البحث هو ان لا تكون نظرة كاتب المقال الصحفي الى الاحداث والوقائع ذاتية كنظرة الاديب ، ولا دقيقة جافة كنظرة العالم ، بل نظرة قائمة على المنفعة التي تعود على المجتمع بالخير ، يعبر عنها بلغة الحياة اليومية بكل ما فيها من بساطة ووضوح وحيوية وواقعية ، وبأسلوب ينطبق عليه قول ديقو وهو من أشهر كتاب المقال في القرن الثامن عشر ( اذا سألني سائل عن الاسلوب الذي أكتب به قلت : انه الذي اذا تحدثت به الى خمسة آلاف شخص ممن يختلفون اختلافاً عظيماً في قواهم العقلية عدا البله والمجانين ـ فانهم جميعاً يفهمون ما أقول » .
تعليق