كرم (يوسف) Karram (Yusuf-) - Karram (Yusuf-)
كرم (يوسف ـ)
(1886م ـ 1959م)
يوسف كرم أحد أبرز مؤسسي الدراسات الفلسفية في الفكر العربي الحديث، ينعته بعضهم بالفيلسوف، ويستحق ذلك. ولكنَّهُ بلا جدل أحد أبرز مؤرِّخي الفلسفة في العالم العربي، وإن كان قد أغفل المرحلة العربيَّة الإسلامية كلها من تاريخه.
ولد يوسف كرم ـ وهو لبناني الأصل ـ بطنطا، وفيها بدأ دراسته الابتدائيَّة ثمَّ الإعداديَّة، وأكمل دراسته الثانويَّة في مدرسة القديس لويس، عمل موظفاً في البداية؛ لكنَّهُ ما لبث أن ترك الوظيفة، وسافر إلى باريس، وهناك درس الفلسفة، ثُمَّ التحق بالجامعة الكاثوليكيَّة، ونال شهادة الدكتوراه. وفور عودته إلى مصر دعته جامعة القاهرة؛ ليدرس فيها، ولكنَّهُ انتقل بعد فترة إلى جامعة الإسكندريَّة، وظلَّ أستاذاً فيها حتَّى التقاعد في عام 1946م.
انشغل يوسف كرم بالتأليف طوال فترة وجوده في الجامعة أستاذاً، واستمرَّ في ذلك حتَّى أدركه المرض، وقد انهار عليه بيته، وكاد يقضي لولا العناية الإلهيَّة، ولكنَّ مكتبته ضاعت حتَّى بعض مخطوطاته؛ ومنها آخر كتاب وضعه، وهو «الأخلاق».
تنقسم مؤلَّفات كرم إلى قسمين أساسيين: أولهما تأريخ الفلسفة وثانيهما فلسفته. وقد اتَّسم في كليهما بالتواضع والدِّقَّة والأمانة.
في القسم الأول هنالك كتابه الموسوعي «تاريخ الفلسفة» الذي انقسم إلى ثلاثة أجزاء؛ هي «تاريخ الفلسفة اليونانية»، و«تاريخ الفلسفة الأوروبيَّة في العصر الوسيط»، و«تاريخ الفلسفة الحديثة». وعلى الرَّغْمِ من أنَّ يوسف كرم قد أغفل المرحلة العربية الإسلامية إغفالاً تامًّا يمكن القول: إنَّ هذا الكتاب في تاريخ الفلسفة هو أحد أبرز كتب تاريخ الفلسفة من جهة دقَّته وموضوعيَّته وقدرته على التكثيف والضبط وتقديم كلِّ فيلسوف تقديماً كافياً من خلال متابعته الجادة والمسؤولة وإلمامه بما يحتاج إليه بحثه في هذا الفيلسوف أو ذاك.
وإلى جانب هذا التاريخ كان هناك الكتاب الذي وضعه بالاشتراك مع إبراهيم مدكور تحت عنوان: «دروس في تاريخ الفلسفة»، ويكاد يكون هذا الكتاب صدى لتاريخه الكبير. ويمكن أن يندرج تحت هذا الباب الكتاب الذي وضعه بالاشتراك مع مراد وهبة، وهو: «المعجم الفلسفي». وميزة هذا الكتاب الأساسيَّة هي أنَّهُ الأوَّل من نوعه في العالم العربي. وقد استغرق إنجاز هذا الكتاب المهم في قيمته العلمية وأسبقيته التأسيسيَّة نحو أربعين عاماً، وإن كان الفضل في فكرته يرجع إلى يوسف كرم إلا أنَّ الأمانة تقتضي القول: إنَّ الجهد الأساس والأكبر هو لمراد وهبة.
أمَّا القسم الثاني الذي يتضمَّن فلسفته فقد حواه كتابان على الأقلِّ؛ هما: «العقل والوجود»، و«الطَّبيعة وما بعد الطبيعة؛ المادة، الحياة، الله». وحَتَّى كتابه «تاريخ الفلسفة» بأجزائه الثَّلاثة لا يعدو كونه صدى من أصداء فلسفته.
وُصف يوسف كرم منسوباً إلى فلسفته بأنه أرسطي، ووصفه فريق آخر بأنه تومائي (نسبة إلى القدِّيس توما الأكويني)، ووصفه فريق ثالث بأنَّهُ تومائي أرسطي. والحقيقة أنَّ الأوصاف الثَّلاثة صحيحة؛ لأنَّ الفلسفة التُّومائيَّة غير منفصلة في الأساس عن الفلسفة الأرسطيَّة.
عزت السيد أحمد
كرم (يوسف ـ)
(1886م ـ 1959م)
يوسف كرم أحد أبرز مؤسسي الدراسات الفلسفية في الفكر العربي الحديث، ينعته بعضهم بالفيلسوف، ويستحق ذلك. ولكنَّهُ بلا جدل أحد أبرز مؤرِّخي الفلسفة في العالم العربي، وإن كان قد أغفل المرحلة العربيَّة الإسلامية كلها من تاريخه.
ولد يوسف كرم ـ وهو لبناني الأصل ـ بطنطا، وفيها بدأ دراسته الابتدائيَّة ثمَّ الإعداديَّة، وأكمل دراسته الثانويَّة في مدرسة القديس لويس، عمل موظفاً في البداية؛ لكنَّهُ ما لبث أن ترك الوظيفة، وسافر إلى باريس، وهناك درس الفلسفة، ثُمَّ التحق بالجامعة الكاثوليكيَّة، ونال شهادة الدكتوراه. وفور عودته إلى مصر دعته جامعة القاهرة؛ ليدرس فيها، ولكنَّهُ انتقل بعد فترة إلى جامعة الإسكندريَّة، وظلَّ أستاذاً فيها حتَّى التقاعد في عام 1946م.
انشغل يوسف كرم بالتأليف طوال فترة وجوده في الجامعة أستاذاً، واستمرَّ في ذلك حتَّى أدركه المرض، وقد انهار عليه بيته، وكاد يقضي لولا العناية الإلهيَّة، ولكنَّ مكتبته ضاعت حتَّى بعض مخطوطاته؛ ومنها آخر كتاب وضعه، وهو «الأخلاق».
تنقسم مؤلَّفات كرم إلى قسمين أساسيين: أولهما تأريخ الفلسفة وثانيهما فلسفته. وقد اتَّسم في كليهما بالتواضع والدِّقَّة والأمانة.
في القسم الأول هنالك كتابه الموسوعي «تاريخ الفلسفة» الذي انقسم إلى ثلاثة أجزاء؛ هي «تاريخ الفلسفة اليونانية»، و«تاريخ الفلسفة الأوروبيَّة في العصر الوسيط»، و«تاريخ الفلسفة الحديثة». وعلى الرَّغْمِ من أنَّ يوسف كرم قد أغفل المرحلة العربية الإسلامية إغفالاً تامًّا يمكن القول: إنَّ هذا الكتاب في تاريخ الفلسفة هو أحد أبرز كتب تاريخ الفلسفة من جهة دقَّته وموضوعيَّته وقدرته على التكثيف والضبط وتقديم كلِّ فيلسوف تقديماً كافياً من خلال متابعته الجادة والمسؤولة وإلمامه بما يحتاج إليه بحثه في هذا الفيلسوف أو ذاك.
وإلى جانب هذا التاريخ كان هناك الكتاب الذي وضعه بالاشتراك مع إبراهيم مدكور تحت عنوان: «دروس في تاريخ الفلسفة»، ويكاد يكون هذا الكتاب صدى لتاريخه الكبير. ويمكن أن يندرج تحت هذا الباب الكتاب الذي وضعه بالاشتراك مع مراد وهبة، وهو: «المعجم الفلسفي». وميزة هذا الكتاب الأساسيَّة هي أنَّهُ الأوَّل من نوعه في العالم العربي. وقد استغرق إنجاز هذا الكتاب المهم في قيمته العلمية وأسبقيته التأسيسيَّة نحو أربعين عاماً، وإن كان الفضل في فكرته يرجع إلى يوسف كرم إلا أنَّ الأمانة تقتضي القول: إنَّ الجهد الأساس والأكبر هو لمراد وهبة.
أمَّا القسم الثاني الذي يتضمَّن فلسفته فقد حواه كتابان على الأقلِّ؛ هما: «العقل والوجود»، و«الطَّبيعة وما بعد الطبيعة؛ المادة، الحياة، الله». وحَتَّى كتابه «تاريخ الفلسفة» بأجزائه الثَّلاثة لا يعدو كونه صدى من أصداء فلسفته.
وُصف يوسف كرم منسوباً إلى فلسفته بأنه أرسطي، ووصفه فريق آخر بأنه تومائي (نسبة إلى القدِّيس توما الأكويني)، ووصفه فريق ثالث بأنَّهُ تومائي أرسطي. والحقيقة أنَّ الأوصاف الثَّلاثة صحيحة؛ لأنَّ الفلسفة التُّومائيَّة غير منفصلة في الأساس عن الفلسفة الأرسطيَّة.
عزت السيد أحمد