سكرتير التحرير
هو الشخص الثالث بعد مدير الصحيفة ورئيس تحريرها في نظام الصحف الانجليزية الكبرى . بينما نراه الثاني في نظام الصحف الفرنسية مع مدير الادارة ، فكلاهما بعد المدير العام الذي يشرف عليهما وعلى دائرتيهما في وقت واحد ، ويوجه الادارة والتحرير الوجهة التي الصحيفة والمصدر كما قدمنا ، وعلى سكرتير التحرير هذا ان يفهم روحه واتجاه الصحيفة ورغبات الجمهور ليعطيها حقها من العناية ، وعليه ان يراقب المحررين ويراجع المقالات قبل النشر ، وعليه تنسيق الصفحات وترتيب العناوين وتلقي الاخبار من المراسلين والمخبرين وسكرتير التحرير العام في نظام الصحف الانجليزية يختار من مجموعة اعضاء فنيين يتعاونون في اتقان الجريدة وترتيب اعمالها ، . مكتب يجمعهم خاص يسمى سكرتيرية التحرير .
ومهمته عظيمة جدا تحتاج الى نشاط وصبر وقوة ارادة وسعة اطلاع . فهو يحكم على مدى اهمية كل خبر فيختار المكان المناسب له ، كما يختار العناوين الجذابة ويتولى ابراز بعضها واخفاء البعض الآخر وفقاً لأهمية كل منها . كما يتحتم عليه ان يكون دقيقاً في اختيار الصور التي ينشرها لانها لا تقل أهمية عن الانباء اذا لم تكن اكثر منها تعبيراً أو نطقاً، فلرب صورة اكثر تعبيراً من تقرير طويل » على حد تعبير نابليون . وعليه ان يكون قوي الذاكرة مستعداً للمفاجآت التي قد ترغمه على تعديل هندسة الصحيفة واعادة هندستها من جديد . فهو حلقة الوصل بين العمل الذهني في الجريدة والتنفيذ الآلي لاخراجها وعليه يتوقف جمال العرض . ولما كانت الصفحة الاولى في الجريدة بمثابة واجهة المتجر وجب ان تقدم فيها الاخبار بافضل الطرق الممكنة واكثرها اراحة للنظر . وباعتبار ان سكرتيري التحرير هم الذين يراقبون كل ما ينشر في الصحيفة، ولهم ان يختاروا العناوين الرئيسية والجزئية والفرعية ويصنفوها حسب الاهمية فانهم يرسمون بطريقة غير مباشرة تفسيرهم الشخصي للاحداث ، ويؤثرون في الجمهور تأثيراً خفياً عظيماً. وسكرتير التحرير هو الذي ينتقي المواد ويقدر مناسبتها لمساحة الصفحة والاعمدة ، فقد يصل الصحيفة من المواضيع ما لا تتسع له ، وكله . لا يستحق اهمال شيء منه فماذا يصنع ؟ حينئذ يحل الاختصار . فيحذف المتكرر ويضم المتشابه لبعضه ويلخص الطويل وكذلك يعمل في الكتب التي تعجبه او تهدى الى مكتبة الصحيفة من المؤلف او الناشر فيقدم عنها فكرة موجزة تفيد الناس ، كما انه ينتقد الكاتب ويبين له اخطاءه ومواضع اجادته وضعفه . وعليه ان يتأكد من صدق الاخبار التي تنشر ويبتعد عن نشر الدعايات لشخص أو جماعة . وان يحتاط في رسائل القراء فلا ينشر الا ما يعجب المجموع وينفعه ، ولو احتاجت المسألة الى استطلاع رأي المفكرين والخبراء ، فيجعله على رأس عمود او عمودين ان كان مهما ، ويلحقه في خمسة أسطر أو عشرة ، او يضيفه الى امثاله في عمود خاص ان طلب نشره بامضاء مستعار ، وان أرسل مع الامضاء الرسمي لا يغير ما فيه من الاخطاء ، او يعدل الا بعد موافقة المرسل . فاذا كانت الرسالة تحتوي على تجريح شخص او دين او هيئة او أي شيء يحظره القانون ، او كانت معلوماتها غير صحيحة ، او اغفلت من الامضاء ردها الى صاحبها مع الاعتذار .
وهو يوجه رجال التحرير واليه يرجعون حين تعترضهم مشكلة او صعوبة ، وهو مضطر دائماً لمراجعة كل ما يرد على الصحيفة من مواد التحرير المختلفة ، فينقحها ويهذبها ثم يقدمها للناس باحسن صورة واقل دون ان يترك حادثة مهمة او خبراً مشوقا . وهو الذي يتوفر فيه الاحساس الجمالي الذي يساعده على ترتيب هندسة الصحيفة بشكل يريح نظر القارىء وهو ينقل بصره من نبأ الى آخر . كما يحسن اختيار انواع الخطوط التي تكتب بها العناوين ، وتنويع الطرق التي تعرض بها الصور ( الكلشيهات) ليجذب بذلك اهتمام القارىء ويرغبه في قراءة الموضوعات بلذة وشوق . وهذا ما يستدعي ان يكون قادراً على تذكر الصور والاسماء والحوادث الجارية ، ليسهل عليه التوفيق بين النبأ والصورة والاسماء بدون ان يقع في . اهمية الخبر بل ومن أهميته هو بالذات. وأن يكون ملماً باللغة التي تصدر بها الصحيفة التي يعمل بها ، لانه كثيراً ما يضطر الى ان يكتب بنفسه مقدمة الموضوعات ، هذه المقدمة التي يسلك فيها أحياناً تركيز الهامة في فقرة واحدة شاملة ، واحيانا يختار أهم نقطة في الموضوع للبدء بها ، واحياناً يجمع بين هاتين الطريقتين . وان يكون ملماً بعلم النفس الاجتماعي ليتحاشى صدم القارىء ، او جرح الآداب العامة بما ينشره من انباء وصور غير لائقة . وان يكون على أحسن ما يمكن التعاون مع جميع المحررين والمترجمين والرسامين والمصورين والمخبرين ، لأن هذا التعاون الصادق أساس نجاحه ونجاح الصحيفة التي يعمل بها . فبين يديه وعقله تتعلق سمعة الصحيفة ، اذ لا يلام المحرر أو المخبر على خطأ وقع فيه ، ولكنه لا يعذر بحال سكرتير التحرير العام ، كما انه لا يعذر حين قحط الاخبار اذا لم يحسن التدبير باقتراح الموضوعات على المحررين وتحليتها بالصور والرسوم لتحتفظ صحيفته دائماً بمكانتها من قلوب القراء .
اما اعضاء سكرتيرية التحرير الباقون فتوزع عليهم الأعمال بحسب اختصاصهم وكفاءتهم .
تعليق