ما يجب توفره في الصحفي :
الصحفي بحكم مهنته الشاقة مفتقر الى أمور ضرورية ، يجب ان تتوفر فيه. كي يؤدي رسالته كاملة وينال اللقب باستحقاق ، فهو يتفق مع سائر الناس بالقوى الجسمية والعقلية ، ويمتاز عليهم بقوى أخرى غيرها تقتضيها أهدافه وأعماله وتخلقها فيـه الممارسة والتعود . فالصحفي صائد أخبار ولا يمكن أن يوقع طريدته في شباكه الا اذا فتش عنها بولوع ، وفتح عينيه في كل مكان حتى يراها ، ونشط سمعه لكل حركة حتى يشعر بوجودها . فالاخبار دائماً طريدة الصحفي التي يبحث ويسأل عنها اينما توجه واينما حل ، في الشارع او المقهى او السينما او الحدائق العامة ، حتى اذا عثر عليها دقق في صحتها ثم صيرها بقلمه شيئاً شائعاً من غير ان يضيف اليها شيئاً . عنده أو ينقص شيئاً يجب ان يظهر ، كيلا يختل ميزان الحقيقة . وبهذا يلفت اليها الناس ، وقد كانت قبل ذلك حركة مألوفة عادية ، ربما مر بها مئات منهم وهم عنها ذاهلون . فهو يخرج الى مهمته كل يوم وشعاره قف ، وانظر ، واصغ ... ثم امض في طريقك » . لذلك نراه قديراً على الكتابة في أي وقت يشاء ، لا حينما تشتهي نفسه الكتابة . يسيطر على الألفاظ فيستعملها في المعنى الواضح ، ويتحكم بالأسلوب فيعبر بالسهل الممتنع العاري عن الكلفة ، المتآلف في الالفاظ والآراء ، مهتماً قبل كل شيء بارضاء قرائه ، حريصاً على التأثير في مشاعرهم وعقولهم ، يعالج المشاكل من زاوية التحليل الصادق ، ويبحث عن الدوافع المستترة لا سيما حينما يريد غيره طمسها عن اعين الناس . وهو دائماً ينسب كل قول الى صاحبه فاذا لم يقتنع بهذا القول عرض للجانب المشكلة حتى لا يقع فريسة لذوي الأغراض ينقب دائماً عن الخبر المهم الذي يقصده اللورد نور تكليف ملك الصحافة في انجلترا اذ يقول : « اذا غض كلب انساناً فهذا ليس خبراً، أما اذا عض انسان كلباً فهذا خبر » لان « الشيء الوحيد الذي يساعد على زيادة توزیع الصحيفة. هو الخبر . والخبر هو كل ما يخرج عن الحياة العادية المألوفة ويكون حديث الناس » •
والصحفي يعني بتقوية ذاكرته وحضور ذهنه الى اكبر حدود يظهر الفتور فيما يكتبه ، بل يحاول دوماً ان يضيف معلومات جديدة الى ما لديه ويكثر منها عن أي طريق ، سواء بالمطالعة أو المشاهدة ، او السماع ، او التجربة ، حتى يصبح باستطاعته ان يتعرف الى اي شخص راه مرة ولو من صورة ، ويمكنه ان يناديه باسمه ، لأن ذلك يفيده في تمكين علاقاته مع كثير من الناس الذين يسعفونه في عمله ، ويمكنه ان يذكر اسماءهم تحت الصور الفوتوغرافية التي ربما لا يعرفها سكرتير التحرير في حين انه مضطر للحديث عنها وتقديمها للقراء والصحف ، وهو يختار أصدقاءه من الاشخاص الذين يفيدونه في مهمته اينما كان عمله، في بلد او قرية او مراسلا ، " في . ويدقق النظر فيما يراه من مساوىء الحياة ومحاسنها ، واذا علق على شيء منها فبدون مغالاة او تزييف ، لانه يتحرى دائماً ان تكون وجهة نظره قيمة ، وافكاره عالية واحكامه صادقة . ولهذا تراه يتغلغل في بواطن الأمور ، ويستكنه دخيلة الاشخاص لتوسيع آفاق معلوماته وثقافته ، لأنه يشعر بالمسؤولية الانسانية المطلوبة منه ، والتي لا تقبل عذره حين يخطىء او يقصر ، بل تتطلب منه ان يسقط مما ينشره كل ما يزيد في الاضطراب و اختلال الموازين سواء بالنسبة لوطنه أو للبشرية جمعاء .
والصحفي مزود بخبرة عظيمة عن مواطن الآثار ، وطبيعة البلدان ، ومحتويات المتاحف ، واصول البحث في المراجع الكبيرة كالقواميس ودوائر المعارف العامة والمعاجم وانواع الصحف المحلية والاجنبية والمصنفات المختلفة ، يستقي منها مواضيع شتى تهديه الى بعضها المراجع المذكورة ، وتلهمه بعضها تماثيل الفن واعاجيب القدماء وهو بحاجة الى آلة تصوير ، يحملها اينما ذهب ليلتقط ما يناسبه من الصور المتصلة بموضوعه أو بالخبر الذي يبحث عنه ، وآلة كاتبة صغيرة ، وآلة تسجيل ترافقه الى حيث يسمع الخطب المرتجلة ، او البيانات المحضرة في البرلمان ، او في الحفلات السياسية والاجتماعية ، فيسهل عليه تسجيلها بسرعة ووضوح .
تعليق