رسالة الصحافة الى الرأي العام
تقوم رسالة الصحافة الى الرأي العام بنشر المعلومات النافعة والافكار الناضجة من سرد للحوادث الداخلية والخارجية ، وعرض لما يعطيه فكرة عما يجري في بلاده وفي خارج مصره من أمور الحياة وألوانها . كأخبار الاسواق التجارية والمالية والصناعية والزراعية ، وفيما يفيد كل شخص بحسب صلته بكل نوع من هذه الانواع . وكالمعلومات الادارية والسياسية بجميع فروعها تشريعية أو قضائية أو تنفيذية مما يمكنه من مراقبة ما تجري عليه الحكومة من التصرفات التي تكون في صالحه أو ضده . الى جانب ذلك تقدم له الافكار والآراء التي تتصل من علوم وفنون : فمن دين الى طب الى فلسفة الى فكاهة الى تربية الى اجتماع الى غير هذا وذاك مما لا يستغني عنه انسان أن يعيش على هدى وبصيرة في الحقل الذي خلق فيه كل طريق ما تنشره عليه فنون القول ، وما تقيمه له من مؤتمرات ومباريات وجوائز ومحاضرات وحفلات ومعارض وغير فهي بمثابة ملك له نفوذه في شعبه . وهي قوة هائلة لا شبيه لها في الدولة الديموقراطية .
فالصحافة والحالة هذه مرآة صافية يرى فيها الجمهور كل ما يمتع ويفيد فيأخذ به وينتفع منه وتظهر له كل ما يضر ويقبح فيبتعد عنـــه . وهي الوسيلة للتعبير عن رغباته والواسطة لاظهار مبادىء الهيئات والنقابات والجمعيات والمدافعة عنها . وهي معرض من معارض الحياة تتبادل فيه الآراء والافكار بين أفراد الامة وطبقاتها ، وبينهم وبين أفراد العالم . وهي سبيل من سبل التفاهم بين الجانب الحاكم جميع والمحكوم . فاذا . أخلصت وتجردت عن المطامع والاغراض أصبح لها النفوذ العظيم ، وتمكنت من قيادة الشعب واستولت على مشاعره بتأثير كتابتها وأساليبها ، ونهضت به بتشجيعاتها ومسابقاتها العلمية والادبية . فتثير فيه نار المنافسة في الابتكار والتأليف ، وتبعث فيه روح الحرية والوطنية ، وتدافع عن حقوقه حين تتساهل بها السلطات أو تخرج عن الدستور والقانون . كما تتوخى كل سبب يحقق له السلام والرخاء من طريق الدعاية المنظمة وكسب عطف الدول القوية ، وبما تضفيه عليه من العزاء ودفع اليأس واذكاء الحماس ، وبما تسبغه اللذائذ الروحية في أوقات فراغه فتقدم له النكات المسلية ، والقصص المفيدة وكل ما يسمو بخياله وبروحه من شعر أو نثر . فللكلمة المطبوعة ما دامت الحقيقة حرة قوة أعظم سلطاناً ونفوذا من المدافع والغازات وأقوى حرارة من القنابل والصلب . وقد أصاب الفريد دوقيني - في تصويره متانة العلاقة بين الصحافة والافراد ـ كبد الحقيقة حين قال : ( ان الرجل من الطبقة الوسطى بباريس يشبه ملكا يتشرف بمقابلته كل صباح نديم متملق يروي له عشرين رواية . ومع ذلك فلا يجد ذلك الرجل نفسه مضطرا لان يقدم له فطوراً ، ويملك أن يسكته متى أراد ويجعله يتكلم متى شاء . ومما يزيد هذا النديم الطائع قيمة في نظر صاحبنا انه بمثابة مرآة لروحه يعرض عليه كل يوم آراءه الخاصة بعبارات لا يستطيع هو أن يأتي بأحسن منها فاذا سلبته هذا الصديق تخيل ان العالم قد تعطلت حركته . فهذا الصاحب ، بل هذه المرآة ، بل هـذه المعجزة ، بل هذا المتطفل هو جريدته ) .
تعليق