الصحافة والرأي العام
العناصر الرئيسية لنجاح الصحيفة :
عرف الاستاذ ( ألبج ) الرأي العام بقوله :« انه ثمرة تفاعل الافكار في أي وضع من أوضاع الجماعة التي تصدر عنها هذه الافكار » ولا بد لنجاح الصحيفة في خلق هذا المولود الطيب ودفعه في طريق الحيـــاة من الاخلاص في رعايته وتربيته بجد وحكمة عن طريق ما تسوق اليه من أحاديث وأخبار وتوجيهات تبثها في كل وهي من قوة سيطرة الايحاء والتكرار أكثر مما يملك غيرها من وسائل البث والتوجيه كالاذاعة والمدرسة والسينما والمسرح كما أثبت التاريخ ذلك في وقائع عديدة . ولا بد لتحقق الصحافة ذلك ايجاد التآلف فيها بين عناصر ثلاثة :
١ - مادي : ويظهر في الورق وما يتصل به من حيث الحجم والشكل وعدد الصفحات ، والطبع ومظاهر اتقانه وزخرفته ، والحبر ولونه ، والغلاف الظاهر وفتنته ، وفي كل وسيلة من وسائل الاغراء ، وسحر الانظار . كما يظهر في تنظيم التوزيع والدعاية ، لانه كلما قوي مركز الصحيفة في السوق وازداد عدد قرائها كلما كثرت فيها الاعلانات التي هي أكبر سند مالي . وقد لوحظ أن صغر قطع الصحيفة : شيء مرغوب من قبل أكثر القراء ، لما فيه من تسهيل عليهم لا سيما حين حملها لوحين قراءتها في الاماكن المزدحمة كقطار أو سيارة . كما ان الصور لها أهميتها في هذه المناسبات أيضاً لان الصورة الواحدة . مع تعليق مختصر عليها قد تكفي عن قراءة مقال طويل . ويفضل عامة الناس في هذا العصر المواضيع المختصرة التي لا تأخذ من وقتهم الا قليلا على المقالات الطويلة التي تحتاج الى فراغ كسول وصبر على متابعة القراءة .
٢ - فني : وهو يتجلى في نشاط الصحيفة وعنايتها بالبحث والنقد وسعة الاطلاع ، ونقل المهم من الاخبار ونشر المبتكر من الآراء بأسلوب طلي ، مع تنسيق الصفحات واتقان التبويب وتقديم أعظم الجمهور من الحوادث و ابرازها أخباراً كانت أو مقالات ، أو صوراً أو رسوماً أو اعلانات .
٣ ـ نفسي : وهو يتمثل في الفكرة التي يستند اليها الصحفي وهو يخرج صحيفته ، واحساسه برسالته السامية وهي تهذيب الرأي العام ودعوته الى كل صالح مفيد يحسن من حاله ويرضيه . فعليه ان لا يطلق القول على عواهنه فيتنبأ أو ينشر بدون استناد على حقائق أو طائفة خاصة لمجرد العاطفة والتأثر فيخسر الجانب الآخر ، وأن يكون دوماً حكيماً عاقلاً يعمل على كسب ثقة القراء .
ان هذه العناصر جميعها تعمل متضافرة في الصحيفة لاجل ارضاء الجمهور الذي يكون الرأي العام وكسب ثقته ، لتتعاون واياه على عزة الوطن وخدمة الاجيال المستقبلة وتأدية الرسالة الانسانية ، ليتسنى لها أن تحفظ توازنها المادي ، وأن تصمد أمام سطوة السلطان شك بأن العنصر النفسي أشد العناصر الثلاثة مساساً بالمشاعر والقلوب لانه يمثل الغاية المعنوية للمهنة تلك التي سميناها رسالة الصحافة والصحفي .
و ( الرأي العام ) كلمة مطلقة تشمل النابه من الجمهور ، والقارىء منه ، والمنساق . فبأيهم تعنى الصحافة ? لا خلاف في أنها تعنى بالجميع. غير ان اتصالها بالرأي العام القارىء يكاد يغلب عنايتها بالنوعين الآخرين، وما ذلك الا لانه العنصر الوسط الذي يحس الرغبة في استكمال معلوماته من ناحية ، واللهفة لان يلم بسير الامور حوله من ناحية أخرى. بينما نرى النابهين في الجمهور قليلين وهم يؤثرون في الصحف أكثر مما تؤثر فيهم ، وان العنصر المنساق وان كان يشمل الاكثرية الساحقة الا انه يأخذ حقيقة هذا الوصف بسبب ضعف ثقافته وادراكه ، فهو دائماً يكتسب التأثير من الغير وهو دائماً تابع مقود .
تعليق