كيف تتجنب الصحيفة دعاوى القذف
والقذف هو قول مطبوع غير صحيح يعرض شخصاً أو جماعة من الناس للكراهية أو الاحتقار أو السخرية ، وفي تعبير آخر انه شيء يحط من قدر الفرد أو يضر بعمله . وميزان ذلك أن تسأل نفسك عند كتابة الموضوع : كيف أتأثر بما كتبت لو كنت الشخص موضوع الحديث ؟ هل أنا واثق من صدق ما أقوله ؟ وهل لدي ما يثبته ؟ وهل من العدل نشر هذه المعلومات ؟
فالقذف هو الشبح الذي يخيم على الصحيفة ، ويجعل من المخبر سخرية الناس ويقلق بال المحرر ويفتح عين المراجع حتى لا تفوته ثغرة يدخل منها الازعاج الى صحيفته فيضر بسمعتها وسمعة أصحابها هذا أن تلغي الصحيفة مرة واحدة الموضوعات التي قد تفتح باب القذف اذا كانت تحتوي على أنباء مشروعة ، ولكنها تصيغها بعناية وحذر في حدود القانون . واذا رأت نفسها أنها قد أخطأت في نشر موضوع ما فانها تبادر الى تصحيحه . وكثير عموداً للاعتذار بعنوان ( متأسف ) أو ما يشبه ذلك ، فهذا الاعتذار وان كان لا يمنع دعوى القذف الا أنه يخففها . وخير للصحفي أن يكون حذراً قبل ارسال موضوعه الى المطبعة بدلا من اللجوء الى الاعتذار ، وقديماً قيل في حديث شريف ( اياك وما يعتذر منه ) .
نعم ان من واجب الصحيفة اطلاع الجمهور على كيفية تطبيق القانون في القضايا المعروضة في المحاكم واجتماعات المجالس التشريعية والبرلمانات ، ولكن يجب هذه المعلومات بشكل عام ودقيق وخال من التعقيبات ، كما ان من واجبها حماية الخلق العام بالكشف عن أعمال العصابات والفساد والرشاوى في الوظائف العامة . غير أنه . على الصحيفة أن تثبت في المحكمة أن الحقائق التي عقب عليها المحرر صحيحة ، وان الكاتب غير مدفوع برغبة شريرة .
ثم ان للصحيفة امتيازات خاصة . من حيث النقد والتعقيب بالنسبة للحديث عن خطاب أو عمل فني أو مسرحية أو كتاب أو شخص أو جماعة أو مؤسسة أو غير ذلك مما أن الرأي العام ، ولكن يجب يكون حديثها خالياً من الدوافع الشريرة وفي حدود ما يعني المجتمع ويحقق المصلحة العامة فقط . والنظرية التي يقوم عليها هذا الحق هي أن الحياة الخاصة للافراد الذين يشتغلون بقضايا عامة تصبح موضوعاً لاهتمام الامة ، وبهذه الصفة وحدها يصبحون عرضة للنقد المباح ولكن في نطاق معين .
وباعتبار أن تسعة أعشار المتاعب التي تقع فيها الصحيفة ناتجة عن العجلة والاهمال والجهل من جانب المخبر ، وباعتبار أن المحرر والمراجع وان كانا يستطيعان بتر العبارات التي قد تكون موضع دعوى غير أنه ليس لديهما الوقت الكافي للتثبت من صحة الموضوع ، لهذين الاعتبارين يجب على المخبر أن يتذكر دائما المثل القائل : ( درهم وقاية خير من قنطار علاج ) . فصمام الامان من دعاوى القذف هو أن تطمئن دائماً الى أن ما ترويه تدعمه الوثائق والمحاضر الرسمية ، ومعلومات يمكن أن تقدمها للمحكمة ، وان تستطيع البرهان على أن ما رويت من الحقيقة كان بغير دافع شرير ، وبغير تحوير وللمصلحة العامة فحسب ولذلك لا تكتب شيئاً أنت غير واثق ، واحذر صفات أو عبارات أو اشارات فيها سخرية أو اساءة الى شخص وأنت غير مطمئن الى المصدر الذي استقيت منه تلك العبارات أو الحقائق . في نقل اسم أو في كتابته قـد يحدث قضية قذف كبيرة . احذر دائماً القصص التي تؤثر في سمعة المحامين والاطباء وعلماء الدين واساتذة المدارس والجامعات ، فنشر أي نبأ يقضي على ثقة الناس بهؤلاء وأمثالهم يؤدي الى المحكمة . . التزم جانب الحذر الشديد في رواية الانباء التي قد تؤثر في مركز مؤسسة أو صفقة شريفة . ولا تكتب اسماً تجارياً في قضية غير نظيفة الا اذا معلوماتك . لا تتحدث عن سوء سلوك امرأة الا اذا كان لديك محضر رسمي من المحاكمة أو شهادة تستطيع الاعتماد عليها ، لان مثل هذه القضايا تعتبر أسوأ أنواع القذف . ابتعد عن الالفاظ المشينة التي تسيء الى الناس ، فخير لك أن تقول : المتهم ، أو السجين ، بدلا قولك : اللص ، أو القاتل لان القانون يقول : ( ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته ) .
تعليق