الصحف في العصور القديمة :
واذا تتبعنا بدايتها في الغابر ، ثم سايرنا تطورها المستمر حتى العصر وجدنا منها :
۱ - الصحف المخطوطة : وأول من اعتمد عليها كسند لرواج التجارة ممتاز ، ثم هي ايطاليا ، لما كانت تتمتع به من مكانة تجارية مرموقة وموقع جغرافي أخذت تتجه نحو السياسة الحزبية حين اصبح رجال الاعمال يستغلونها في كسب اهتمام الناس .
٢ - الصحف الدورية الاخبارية : وأول ما ظهرت في كولونيا مـــن مدن المانيا سنة ١٤١٥ ثم في انجلترا ففرنسا فأمريكا ، وعرف نوع من ا في مصر ابان العصور الوسطى وخاصة في أيام الحروب الصليبية ولكن على وجه محدود .
٣ - الرسائل الاخبارية : وقد استمرت تظهر زمنا مخطوطة وجود المطابع ، وكانت تضم موضوعات مختلفة على شكل رسائل صغيرة ، وذلك لقلة تكاليفها وفداحة تكاليف المطبوعة وقلة تيسرها . لشدة رقابة الحكومات على المطبوع ، غير ان هذا لم يدم طويلا حتى تم انتشار المطابع وخفضت أجورها وتقهقرت سيطرة السلطات أمام رقي العقل الانساني فبدأت الرسائل الاخبارية المنظمة بالصدور .
٤ - الصحف الادبية المخطوطة : ولعلي لا أخطىء حقيقة هذا الاطلاق على ما قد عرف في العصر الجاهلي عند العرب من نشر أشعارهم التي اشتهرت بالمعلقات على جدار الكعبة، وكان ذلك اعترافا منهم بتفوق الشاعر الذي يحكم له بالغلبة على منافسيه ولكي يطلع على شعره الناس، وكانت مخطوطة بالطبع. وقد اتخذت الصحف الادبية المخطوطة اتجاهات مختلفة باختلاف تطور الحكم بعد انتشار الاسلام نراها في كتب الادب القديم .
ه - الرسائل السياسية والاجتماعية المخطوطة : وهذا اطلاق آخر على نوع خاص من الرسائل التي ظهرت بين النبي عليه السلام وبين الملوك في زمنه كما فعل مع النجاشي، وبينه وبين الصحابة الموزعين في الاقطار أثناء الفتوحات وغيرها . ثم سلك الخلفاء الراشدون ومن بعدهم من خلفاء الاسلام - ولا سيما في العصر العباسي - طريقة الرسائل الحرة في اقناع الرأي العام ، وأصبحت صلة الوصل بينهم وبين عمالهم في الولايات في كل أمر يهم الدولة أو الأمة وهؤلاء يذيعونها بدورهم . على الشعب ، كرسالة عمر بن الخطاب لأحد عماله في تنظيم القضاء ، ورسالة عبد الملك للحجاج في السياسة . وكان يكتب هذه الرسائل أدباء وعلماء لهم مكانتهم في عصرهم في السياسة والدين والاجتماع والادب مما يكاد يشكل صحافة كاملة حينئذ . وقد كان هؤلاء مصدر خطر على الدولة حيناً ووسيلة أمن ودعم حيناً آخر . ولو نظرنا الى انتاج الجاحظ مثلا وهو من كتاب القرن الثالث الهجري لحكمنا على صاحبه بأنه صحفي من الطراز الممتاز بالنسبة لمجتمعه الذي عاش فيه .
٦ - الصحف المطبوعة : وقد بدأت بظهور اختراع المطبعة في أواسط القرن الخامس عشر ، وكانت وسيلة لنشر الآداب والعلوم وتوجيه الرأي العام أولاً ، ثم لتوزيع خطرات الفكر الانساني وتبادل آرائه وتعميم الروابط العلمية بين مختلف الامم ثانياً . ومن هنا نجد أن الطباعة وتطورها المضطرد نحو التحسين أساس فكرة الصحافة المنظمة ونهضتها ، فقد ساعدت مع توفر المواد الخام وسهولة المواصلات البريدية والتلغرافية والسلكية واللاسلكية ووسائل النقل على تنظيمها وسرعة اصدارها وقلة تكاليفها وتعميم تداولها ، كما ان تنبه الفكر البشري وثورته التي تغلبت على رقابة السلطات وضغطها ، وتنوع التحرير في الصحف ووجود اخصائيين بها ، وكثرتها وكثرة المشتغلين بها ، وتدريسها في العالية . كل ذلك قضى تدريجاً على كل العوامل التي كانت تجعل تطور الصحافة بطيء التقدم ، حتى أصبحنا نرى اليوم بين أيدينا أنواعاً منوعة
من الصحف لكل منها ميزة خاصة ، وشكل معين ، ونزعة محدودة ، واتجاه معلوم . وقد اختلف في تاريخ اعداد المطبعة الأولى التي استخدمت الأحرف العربية، فرأى بعض المؤرخين انها تأسست في روما ١٥١٤م وقد طبع فيها خلال القرن السادس عشر عدد من الكتب العلمية الى جانب الكتب الكثيرة المتعلقة بالديانة المسيحية ، وكانت ترسل هذه المطبوعات الى الاسواق الشرقية وتباع فيها . وقد أيد هذا الرأي بعض المنشورات التي صدرت عن السلطان العثماني مراد الثالث والتي طبعت في هذه المطبعة سنة ١٥٩٤ . ثم زاد عدد المطابع العربية في القرن السابع عشر في مختلف البلدان الأوربية . ثم دخلت بعد ذلك عاصمة الدولة العثمانية أيضاً قبل مجيء الحملة الفرنسية الى مصر بمدة تقرب من ثلاثة أرباع القرن حيث أتى اليها نابليون بمطبعته العربية المعروفة ، كما كان يوجد في حينها مطبعة واحدة في حلب وأخرى في الشوير من لبنان .
تعليق