ضرار بن الأزور
(…ـ 11هـ/… ـ 633م)
ضرار بن الأزور، والأزور هو مالك بن أوس بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي.
قيل: اسمه عبد وضرار لقبه، وقيل: إن عبداً أخوه. ويُكنى ضرار أبا الأزور، وأبا بلال والأول أشهر وأغلب.
وضرار فارس شاعر عاش في الجاهلية والإسلام، وأخبار أسرته قليلة، ولا يُذكر عن أبيه مالك إلا أن لقبه الأزور، وأن له ثلاثة أولاد هم: ضرار وعبد الرحمن وزيد، وكان الثلاثة شعراء فرساناً أسلموا وحسن إسلامهم. فلما ارتد قومهم، ثبتوا على الإسلام وجاهدوا في سبيل الله.
نشأ ضرار في قبيلة عُرفت في الجاهلية بالفصاحة والجراءة، لذلك شبّ على اللسن والفروسية، يحمل في وجدانه قيم الفارس العربي من نبل وكرم وشجاعة، وكان سيداً شريفاً في قومه، واسع الثراء إذ كان واحداً من فرسان بني أسد الذين شهدوا أيامها ووقائعها قبل الإسلام.
ولما أشرقت الجزيرة بنور الإسلام، وتوافدت القبائل على النبيr بعد الفتح، كان ضرار في وفد بني أسد الذي قدم على النبيrفأسلم وأنشد النبيr:
خَلَعْتُ القِداحَ وعَزْفَ القِيا
نِ والخَمْرَ أشـــــرَبُها والثَّمالا
فيا ربِّ لاأغبَنَنْ صَفْقتي
فقد بِعتُ أهلي ومَالي بدالا
فقال النبيr: «ماغُبِنَتْ صفقتك ياضرار».
وكانت زوجة ضرار «جميلة» قد لامته لهجره دياره وبعده عن أهله وذويه وانصرافه عن ماله الذي تركه عرضة للتبدد والضياع بعد أن أسلم، إذ كان له ألفُ بعيرٍ، وفرسٌ من جياد خيل العرب اسمه «المحبّر»، فتركها وصحب النبيr، فقال ضرار:
وقالـــــت جميلةُ شَتتنا
وَطَرَّحْتَ أهْلَكَ شَتَّى شِمَالا
حسن إسلام ضرار وصحب رسول الله، وبعثه النبيr عاملاً على بعض بني الدّيل وبني الصيداء.
ولما ارتد طليحة بن خويلد واتبعه عوام بني أسد، وجه إليه النبيr ضراراً لملاقاته، فنزل بواردات، واجتمع إليه عمال النبي على بني أسد، وهمّ بمناجزة طليحة فجاءه نعي النبيr، فرجع ضرار ومن معه من العمال والمقاتلة إلى المدينة.
جهز الخليفة الأول أبو بكر الجيوش لحرب المرتدين، وعقد لخالد بن الوليد وأمره أن يسير إلى بُزاخة لملاقاة المرتدين من أسد وغطفان وطيء. وكان ضرار أميراً من أمراء الجند في هذا الجيش، فقاتل المرتدين من قومه، حتى انهزم طليحة وأسلمت أسد وغطفان، ثم بعثه خالد في جماعة من الفرسان إلى مالك بن نويرة بالبطاح. قاتل ضرار أهل البطاح قتالاً شديداً، وقتل مالكاً، وقيل إن أهل البطاح لم يقاتلوا المسلمين إنما قتل ضرار مالكاً بأمر من خالد بن الوليد، وتلك حكاية كثرت فيها الأقاويل.
وبعد البطاح توجه جيش المسلمين إلى اليمامة لقتال كذاب بني حنيفة مسيلمة، وشهد المسلمون في اليمامة أقوى معاركهم في حروب الردة كلها.
وهناك روايات تذكر أن ضرار بن الأزور شارك في فتوح الشام من أجنادين إلى اليرموك إلى دمشق إلى شمالي الشام، وتضاربت الأقوال في موته، من قائل إنه استشهد في أجنادين، وآخر إنه مات بدمشق بعد فتحها ومازال له مقام فيها في موقع باب شرقي بدمشق وهناك لوحة حجرية كُتب عليها «قبر الصحابي ضرار بن الأزور». وثالث يقول إنه مات في الكوفة.
وقد التبست الرواية عنه مع رواية مؤكدة تفيد بأن أخاه زيداً استشهد في اليمامة بعدما قطعت ساقاه، فظن أناس أنه ضرار وذلك غير صحيح.
ومما قاله ضرار بن الأزور من الشعر يصف فرسه المحَبَّر:
جَزَاني دَوائيهِ المحبَّرُ إذ بدا
بذي الرِّمثْ أعجَازُ السَّوَامِ المؤُبَّلِ
كأني طَلَبْتُ الخيْلَ حين تفاوتتْ
سَوَابِقُها دونَ السماءِ بأجْدَلِ
وله أيضاً:
بني أسد قد ساءَني ما صنعُتُم
ولَيْسَ لِقَومٍ حاربُوا الله مَحْرَمُ
وأعْلمُ حقاً أنكمْ قد غويتم
بني أسدٍ فأستأخِروا وتقدَّمُوا
فإن تبتغي الكفّارَ غيرَ مُنيبةٍ
جَنُوبُ فإنِّي تابعُ الدِّينِ فاعْلَمُوا
أقاتِلُ إذ كان القتالُ غنيمةً
وللَّهُ بالعَبْد الُمجَاهد آَعْلَمُ
وله الكثير من الأشعار المنحولة، نُسبت إليه وهو لم يقلها، وعند قراءتها يظهر الفرق الكبير بين شعره وما نُسب إليه.
أما شخصية خولة بنت الأزور وما يُعرف عنها من شجاعة وبسالة وأنها أنقذت أخاها ضراراً من أسر الروم، فهذا كله من نتاج الخيال الشعبي إبان ضعف الأمة وتهديدها بالغزو الخارجي، فكان ماضيها الذهبي ملاذاً تلجأ إليه وتحتمي فيه، لذلك كانت السيرة الشعبية الوسيلة التي تلبي الحاجات النفسية لفئات واسعة من الشعب.
منى الحسن
(…ـ 11هـ/… ـ 633م)
ضرار بن الأزور، والأزور هو مالك بن أوس بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي.
قيل: اسمه عبد وضرار لقبه، وقيل: إن عبداً أخوه. ويُكنى ضرار أبا الأزور، وأبا بلال والأول أشهر وأغلب.
وضرار فارس شاعر عاش في الجاهلية والإسلام، وأخبار أسرته قليلة، ولا يُذكر عن أبيه مالك إلا أن لقبه الأزور، وأن له ثلاثة أولاد هم: ضرار وعبد الرحمن وزيد، وكان الثلاثة شعراء فرساناً أسلموا وحسن إسلامهم. فلما ارتد قومهم، ثبتوا على الإسلام وجاهدوا في سبيل الله.
نشأ ضرار في قبيلة عُرفت في الجاهلية بالفصاحة والجراءة، لذلك شبّ على اللسن والفروسية، يحمل في وجدانه قيم الفارس العربي من نبل وكرم وشجاعة، وكان سيداً شريفاً في قومه، واسع الثراء إذ كان واحداً من فرسان بني أسد الذين شهدوا أيامها ووقائعها قبل الإسلام.
ولما أشرقت الجزيرة بنور الإسلام، وتوافدت القبائل على النبيr بعد الفتح، كان ضرار في وفد بني أسد الذي قدم على النبيrفأسلم وأنشد النبيr:
خَلَعْتُ القِداحَ وعَزْفَ القِيا
نِ والخَمْرَ أشـــــرَبُها والثَّمالا
فيا ربِّ لاأغبَنَنْ صَفْقتي
فقد بِعتُ أهلي ومَالي بدالا
فقال النبيr: «ماغُبِنَتْ صفقتك ياضرار».
وكانت زوجة ضرار «جميلة» قد لامته لهجره دياره وبعده عن أهله وذويه وانصرافه عن ماله الذي تركه عرضة للتبدد والضياع بعد أن أسلم، إذ كان له ألفُ بعيرٍ، وفرسٌ من جياد خيل العرب اسمه «المحبّر»، فتركها وصحب النبيr، فقال ضرار:
وقالـــــت جميلةُ شَتتنا
وَطَرَّحْتَ أهْلَكَ شَتَّى شِمَالا
حسن إسلام ضرار وصحب رسول الله، وبعثه النبيr عاملاً على بعض بني الدّيل وبني الصيداء.
ولما ارتد طليحة بن خويلد واتبعه عوام بني أسد، وجه إليه النبيr ضراراً لملاقاته، فنزل بواردات، واجتمع إليه عمال النبي على بني أسد، وهمّ بمناجزة طليحة فجاءه نعي النبيr، فرجع ضرار ومن معه من العمال والمقاتلة إلى المدينة.
جهز الخليفة الأول أبو بكر الجيوش لحرب المرتدين، وعقد لخالد بن الوليد وأمره أن يسير إلى بُزاخة لملاقاة المرتدين من أسد وغطفان وطيء. وكان ضرار أميراً من أمراء الجند في هذا الجيش، فقاتل المرتدين من قومه، حتى انهزم طليحة وأسلمت أسد وغطفان، ثم بعثه خالد في جماعة من الفرسان إلى مالك بن نويرة بالبطاح. قاتل ضرار أهل البطاح قتالاً شديداً، وقتل مالكاً، وقيل إن أهل البطاح لم يقاتلوا المسلمين إنما قتل ضرار مالكاً بأمر من خالد بن الوليد، وتلك حكاية كثرت فيها الأقاويل.
وبعد البطاح توجه جيش المسلمين إلى اليمامة لقتال كذاب بني حنيفة مسيلمة، وشهد المسلمون في اليمامة أقوى معاركهم في حروب الردة كلها.
وهناك روايات تذكر أن ضرار بن الأزور شارك في فتوح الشام من أجنادين إلى اليرموك إلى دمشق إلى شمالي الشام، وتضاربت الأقوال في موته، من قائل إنه استشهد في أجنادين، وآخر إنه مات بدمشق بعد فتحها ومازال له مقام فيها في موقع باب شرقي بدمشق وهناك لوحة حجرية كُتب عليها «قبر الصحابي ضرار بن الأزور». وثالث يقول إنه مات في الكوفة.
وقد التبست الرواية عنه مع رواية مؤكدة تفيد بأن أخاه زيداً استشهد في اليمامة بعدما قطعت ساقاه، فظن أناس أنه ضرار وذلك غير صحيح.
ومما قاله ضرار بن الأزور من الشعر يصف فرسه المحَبَّر:
جَزَاني دَوائيهِ المحبَّرُ إذ بدا
بذي الرِّمثْ أعجَازُ السَّوَامِ المؤُبَّلِ
كأني طَلَبْتُ الخيْلَ حين تفاوتتْ
سَوَابِقُها دونَ السماءِ بأجْدَلِ
وله أيضاً:
بني أسد قد ساءَني ما صنعُتُم
ولَيْسَ لِقَومٍ حاربُوا الله مَحْرَمُ
وأعْلمُ حقاً أنكمْ قد غويتم
بني أسدٍ فأستأخِروا وتقدَّمُوا
فإن تبتغي الكفّارَ غيرَ مُنيبةٍ
جَنُوبُ فإنِّي تابعُ الدِّينِ فاعْلَمُوا
أقاتِلُ إذ كان القتالُ غنيمةً
وللَّهُ بالعَبْد الُمجَاهد آَعْلَمُ
وله الكثير من الأشعار المنحولة، نُسبت إليه وهو لم يقلها، وعند قراءتها يظهر الفرق الكبير بين شعره وما نُسب إليه.
أما شخصية خولة بنت الأزور وما يُعرف عنها من شجاعة وبسالة وأنها أنقذت أخاها ضراراً من أسر الروم، فهذا كله من نتاج الخيال الشعبي إبان ضعف الأمة وتهديدها بالغزو الخارجي، فكان ماضيها الذهبي ملاذاً تلجأ إليه وتحتمي فيه، لذلك كانت السيرة الشعبية الوسيلة التي تلبي الحاجات النفسية لفئات واسعة من الشعب.
منى الحسن