ابراهيم العريس
مؤلفها الإنجليزي تولكاين رفض سيناريوهات عدة وفشل الجميع في تحقيق تطلعاته بمن فيهم "البيتلز" والملحمة تحققت بعد وفاته.
قليلة هي الأفلام التي عرفت في تاريخ الإنتاج السينمائي بكونها مغامرة حقيقية ذات تقلبات مدهشة كما حصل لملحمة الكاتب الإنجليزي "ج. ج. ر. تولكاين" "سيد الخواتم" (أو "سادة الخاتم" إذا شئتم). فالحقيقة أن حكاية هذه الرواية الضخمة مع السينما التي انتهت إلى "ثلاثية" حققت خلال السنوات الأولى من عرضها إيرادات تزيد على ثلاثة مليارات من الدولارات لتعد واحداً من أضخم الإنتاجات في تاريخ الفن السابع، بدأت باكراً جداً وحققت عديداً من الإخفاقات وسارت في عدد من الدروب الملتوية رغم كل التوقعات التي كانت تتكهن بعكس ذلك تماماً.
فالرواية التي لقيت نجاحاً هائلاً في المكتبات منذ نزولها الأسواق أواسط خمسينيات القرن الـ20، كان كل ما فيها يشير إلى أن أية اقتباسات سينمائية أو حتى تلفزيونية لها، ستحقق "بالضرورة" نجاحات مدهشة، بخاصة أن تقنيات التصوير والخدع السينمائية كانت قد باتت من التطور في ذلك الحين إلى درجة تسمح بنقلها إلى الصورة المتحركة بكل أمانة، لكن تلك لم تكن الحال، في البداية على الأقل، وربما يعود ذلك إلى أن هذا العمل الذي يمت بصلة وثيقة إلى الأدب الغرائبي (والسياسي أكسسوارياً) بقدر ما ينتمي إلى الخيال العلمي الذي كان يعيش حينها بدايات انتصاراته الكبرى على الشاشة، بدا عصياً على الكتابة السينمائية منذ البداية. وحسبنا هنا أن نقرأ ما كتبه المؤلف نفسه باكراً في تعليق غاضب له على المحاولات الأولى التي جرت لاقتباسها وكانت لا تزال على الورق.
ثورة كاتب
في عام 1957، أي تحديداً عام صدور الطبعة الأولى للجزء الأول من الرواية، ستسارع شركة إنتاج أميركية مملوكة للمنتج المعروف حينها بـ"شطارته" وتخصصه في أفلام الخيال العلمي رخيصة التكلفة "ج. آكرمان" بحجز حقوق أفلمة الرواية مقابل مبلغ متوسط، وعهدت إلى الكاتب مورتون زيمرمان بكتابة السيناريو، وحين أنجز هذا مهمته أرسل النص إلى تولكاين، الذي كان ينتظره بلهفة، ولما قرأه ذهل وكتب من فوره رسالة للمنتجين قال فيها "يبدو لي واضحاً أن هذا السيد زيمرمان عاجز تماماً عن فهم روايتي وعن اقتباسها بالتالي. ويخيل إلي أن كل ما فعله هو تقليب صفحاتها بسرعة قبل أن يكتب أشياء استخلصها من ذاكرته دون أن يعود في أية لحظة إلى نص الرواية".
ويشير تولكاين هنا إلى عيوب مريعة تبدأ بنسيان الكاتب لأسماء الشخصيات، ولا تنتهي باختراع مواقف لا وجود لها وتجاهل لحظات أساسية فيها، ليخلص إلى القول "إنني حزين جداً من جراء عدم كفاءة هذا الكاتب وحماقته المطلقة" مستدركاً "لكني لن أغالي في اعتراضاتي فأنا في حاجة إلى المال بعد كل شيء، لذلك سأجبر نفسي على إجراء تعديلات وتصحيحات مؤسفة". ولقد أجبر نفسه بالفعل على ذلك، لكن المشروع سرعان ما أجهض. ومنذ ذلك الحين راح المصير السينمائي لـ"سيد الخواتم" يعيش تلك التقلبات التي ارتبطت بأفلمة الرواية وعلى الأقل حتى دخول النيوزيلندي بيتر جاكسون على الخط عند بدايات القرن الجديد.
محاولات بائسة
قبل ذلك تكررت المحاولات وقبض العرابين ثم التأجيل والغضب، بل حتى تكررت مشاريع أفلام الرسوم المتحركة ومنها اختصارات للثلاثية ذات ألوف الصفحات في شرائط من 10 دقائق و17 دقيقة. أما المشروع الذي يبدو لنا اليوم أنه كان الأكثر أهمية فهو ذلك الذي كان يفترض أن يتحقق بإخراج جون بورمان، السينمائي الإنجليزي الكبير، عن سيناريو كتبه اثنان من كبار الكتاب الإنجليز لمشروع بادرت إليه شركة "يونايتد آرتيست" وقد اشترت من الكاتب نفسه سيناريو المحاولة السابقة الذي كان قد دفع 100 ألف دولار لاستعادته، لكن اللعنة عادت من جديد تلاحق المشروع الذي ما إن تركه بورمان حتى جمع مساهماته فيه ليحولها إلى ذلك السيناريو الرائع الذي اشتغل على أساسه فيلمه التالي "إكسكاليبر". وهكذا عاد مشروع "سيد الخواتم" إلى المربع الأول.
"البيتلز" على الخط
وعلى الأقل حتى أواسط سنوات الستين حين استفاق المشروع من جديد وتبعاً للسيناريو الموقع من الثنائي جول باس وآرثر رانكين الذي بات الآن ملكاً لتولكاين. ففي هذه المرة ها هو المشروع يعود ليرى النور وقد تبناه فريق البيتلز (بل وصل التطور في تحقيق المشروع يومها، إلى حد أن كل واحد من أعضاء الفريق الموسيقي الشهير الأربعة راح يختار دوره، جون لينون لدور غوللام، وبول ماكارتني لفرودو، ورنغو ستار لسام، بينما فضل جورج هاريسون أن يلعب دور غاندالف).
غير أن هذا المشروع سرعان ما اختفى لكن هذه المرة بطلب من تولكاين نفسه الذي يقال إنه إذا كان قد وافق على أن يقوم ستانلي كوبريك، وكان بعد في بداياته، بإخراج الفيلم، فإنه لم يتحمس لتدخل "البيتلز" في المشروع، ولا كذلك للاختيارات الموسيقية التي عرضت عليه. وهكذا توقف المشروع مرة أخرى، لكن بعد أن بات لكل عشرية من السنوات مشروعها المجهض لاقتباس رواية تولكاين فيما هذا الأخير يتأمل حزيناً بينما يتقدم به العمر وكله رغبة بأن يرى روايته أخيراً على الشاشة، لكننا نعرف أنه ما لبث أن رحل أوائل عام 1973 وكله حسرة على الإخفاقات المتتالية.
لكنه لو عاش بضع سنوات أخرى لكان من شأنه أن يشهد خلال النصف الثاني من عقد السبعينيات تحقق المشروع الوحيد الذي يذكر اليوم بصدد الحديث عن أفلمة الرواية إلى جانب مشروع بيتر جاكسون الذي يمكن اعتباره "نهائياً" حتى الآن. فلعل المشروع الأكثر جدية بين كل تلك المحاولات هو فيلم الشرائط المصورة الذي حققه مخرج هذا النوع من الأفلام الفائق الموهبة رالف باكشي الذي سيدخل على الخط مباشرة بعد وأد عديداً من المحاولات التي أشرنا إليها. فمحاولة باكشي التي أسفرت عن فيلم تختلط فيه الشرائط المصورة بالمشاهد الحقيقية بأسلوب سمي "الروتوسكوب"، كان من أكثر المحاولات جدية لأفلمة الرواية، حتى وإن كنا لن نعرف أبداً بالطبع ما كان من شأن رأي تولكاين بها أن يكون. المهم هنا هو أن شيئاً من رغبته قد تحقق بعد موته، بل حققت التجربة من النجاح ما جعل مداخيل الفيلم (30 مليون دولار) تزيد خمسة أضعاف على كلفته المقدرة بخمسة ملايين، ولعل نجاحه وسمعته شجعا منتجين رسميين في موسكو، وتجاراً في فنلندا، على الدنو من أدب تولكاين، مرة عبر محاكاة ساخرة لـ"سادة الخواتم" ومرة عبر اقتباس أخرق لرواية تولكاين الأخرى "الهوبيت"، لكن أياً من هذين العملين لم يتجاوز كونه حصة عقد الثمانينيات من الاهتمام بتولكاين بعد أن كان فيلم باكشي حصة سنوات السبعينيات.
نيوزيلاندي داهية
لكن ذلك كله سرعان ما اختفى أمام طموح النيوزيلندي الداهية جاكسون الذي ما إن أطلت نهاية القرن، حتى تمكن من إقناع منتجين أميركيين على رأسهم الأخوين فنشتاين بتخصيص 300 مليون دولار لتحقيق ثلاثة أفلام عن الثلاثية التولكانية، يكون كل واحد منها في ثلاث ساعات. كان المطلب غريباً لكن المنتجين وجدوا أنفسهم يقتنعون ويستجيبون لطلب جاكسون دون أن تكون له تلك السمعة الضخمة التي سيتمتع بها حين تعرض الأفلام الثلاثة تباعاً في الأعوام 2001 و2002 و2003.
ويبدو أن الرقم ثلاثة سيلعب دوراً كبيراً في كل ما تلمسه يدا هذا المبدع، وذلك بدءاً من الثلاثة مليارات دولار التي حققتها الأفلام الثلاثة، وفقط من طريق العروض السينمائية، أي دون حسبان مبيعات الأسطوانات المدمجة والألعاب المرتبطة، ولا حتى العروض التلفزيونية وغير ذلك. فالحقيقة أن جاكسون تمكن، بمعجزة ما، أن يعوض فشل كل الذين سبقوه في الدنو من تلك الملحمة، ليحقق ما عجزوا جميعاً عن تحقيقه فيرتاح تولكاين أخيراً في قبره، لكن دون أن يرتاح ابنه ووريثه توماس تولكاين الذي لم يفته أن يهاجم الفيلم والمنتجين معتبراً أنهم "خدعوه" ولم يعطوه سوى حصة ضئيلة من قطعة "الغاتوه" الدسمة التي التهموها، متهماً المخرج على أية حال بتشويه ولو جزئي للملحمة على عكس ما رأى النقاد مجمعين، من أن ما من فيلم سينمائي أتى في تاريخ هذا الفن أكثر أمانة مما فعل فيلم بيتر جاكسون تجاه رواية تولكاين.
مؤلفها الإنجليزي تولكاين رفض سيناريوهات عدة وفشل الجميع في تحقيق تطلعاته بمن فيهم "البيتلز" والملحمة تحققت بعد وفاته.
قليلة هي الأفلام التي عرفت في تاريخ الإنتاج السينمائي بكونها مغامرة حقيقية ذات تقلبات مدهشة كما حصل لملحمة الكاتب الإنجليزي "ج. ج. ر. تولكاين" "سيد الخواتم" (أو "سادة الخاتم" إذا شئتم). فالحقيقة أن حكاية هذه الرواية الضخمة مع السينما التي انتهت إلى "ثلاثية" حققت خلال السنوات الأولى من عرضها إيرادات تزيد على ثلاثة مليارات من الدولارات لتعد واحداً من أضخم الإنتاجات في تاريخ الفن السابع، بدأت باكراً جداً وحققت عديداً من الإخفاقات وسارت في عدد من الدروب الملتوية رغم كل التوقعات التي كانت تتكهن بعكس ذلك تماماً.
فالرواية التي لقيت نجاحاً هائلاً في المكتبات منذ نزولها الأسواق أواسط خمسينيات القرن الـ20، كان كل ما فيها يشير إلى أن أية اقتباسات سينمائية أو حتى تلفزيونية لها، ستحقق "بالضرورة" نجاحات مدهشة، بخاصة أن تقنيات التصوير والخدع السينمائية كانت قد باتت من التطور في ذلك الحين إلى درجة تسمح بنقلها إلى الصورة المتحركة بكل أمانة، لكن تلك لم تكن الحال، في البداية على الأقل، وربما يعود ذلك إلى أن هذا العمل الذي يمت بصلة وثيقة إلى الأدب الغرائبي (والسياسي أكسسوارياً) بقدر ما ينتمي إلى الخيال العلمي الذي كان يعيش حينها بدايات انتصاراته الكبرى على الشاشة، بدا عصياً على الكتابة السينمائية منذ البداية. وحسبنا هنا أن نقرأ ما كتبه المؤلف نفسه باكراً في تعليق غاضب له على المحاولات الأولى التي جرت لاقتباسها وكانت لا تزال على الورق.
ثورة كاتب
في عام 1957، أي تحديداً عام صدور الطبعة الأولى للجزء الأول من الرواية، ستسارع شركة إنتاج أميركية مملوكة للمنتج المعروف حينها بـ"شطارته" وتخصصه في أفلام الخيال العلمي رخيصة التكلفة "ج. آكرمان" بحجز حقوق أفلمة الرواية مقابل مبلغ متوسط، وعهدت إلى الكاتب مورتون زيمرمان بكتابة السيناريو، وحين أنجز هذا مهمته أرسل النص إلى تولكاين، الذي كان ينتظره بلهفة، ولما قرأه ذهل وكتب من فوره رسالة للمنتجين قال فيها "يبدو لي واضحاً أن هذا السيد زيمرمان عاجز تماماً عن فهم روايتي وعن اقتباسها بالتالي. ويخيل إلي أن كل ما فعله هو تقليب صفحاتها بسرعة قبل أن يكتب أشياء استخلصها من ذاكرته دون أن يعود في أية لحظة إلى نص الرواية".
ويشير تولكاين هنا إلى عيوب مريعة تبدأ بنسيان الكاتب لأسماء الشخصيات، ولا تنتهي باختراع مواقف لا وجود لها وتجاهل لحظات أساسية فيها، ليخلص إلى القول "إنني حزين جداً من جراء عدم كفاءة هذا الكاتب وحماقته المطلقة" مستدركاً "لكني لن أغالي في اعتراضاتي فأنا في حاجة إلى المال بعد كل شيء، لذلك سأجبر نفسي على إجراء تعديلات وتصحيحات مؤسفة". ولقد أجبر نفسه بالفعل على ذلك، لكن المشروع سرعان ما أجهض. ومنذ ذلك الحين راح المصير السينمائي لـ"سيد الخواتم" يعيش تلك التقلبات التي ارتبطت بأفلمة الرواية وعلى الأقل حتى دخول النيوزيلندي بيتر جاكسون على الخط عند بدايات القرن الجديد.
محاولات بائسة
قبل ذلك تكررت المحاولات وقبض العرابين ثم التأجيل والغضب، بل حتى تكررت مشاريع أفلام الرسوم المتحركة ومنها اختصارات للثلاثية ذات ألوف الصفحات في شرائط من 10 دقائق و17 دقيقة. أما المشروع الذي يبدو لنا اليوم أنه كان الأكثر أهمية فهو ذلك الذي كان يفترض أن يتحقق بإخراج جون بورمان، السينمائي الإنجليزي الكبير، عن سيناريو كتبه اثنان من كبار الكتاب الإنجليز لمشروع بادرت إليه شركة "يونايتد آرتيست" وقد اشترت من الكاتب نفسه سيناريو المحاولة السابقة الذي كان قد دفع 100 ألف دولار لاستعادته، لكن اللعنة عادت من جديد تلاحق المشروع الذي ما إن تركه بورمان حتى جمع مساهماته فيه ليحولها إلى ذلك السيناريو الرائع الذي اشتغل على أساسه فيلمه التالي "إكسكاليبر". وهكذا عاد مشروع "سيد الخواتم" إلى المربع الأول.
"البيتلز" على الخط
وعلى الأقل حتى أواسط سنوات الستين حين استفاق المشروع من جديد وتبعاً للسيناريو الموقع من الثنائي جول باس وآرثر رانكين الذي بات الآن ملكاً لتولكاين. ففي هذه المرة ها هو المشروع يعود ليرى النور وقد تبناه فريق البيتلز (بل وصل التطور في تحقيق المشروع يومها، إلى حد أن كل واحد من أعضاء الفريق الموسيقي الشهير الأربعة راح يختار دوره، جون لينون لدور غوللام، وبول ماكارتني لفرودو، ورنغو ستار لسام، بينما فضل جورج هاريسون أن يلعب دور غاندالف).
غير أن هذا المشروع سرعان ما اختفى لكن هذه المرة بطلب من تولكاين نفسه الذي يقال إنه إذا كان قد وافق على أن يقوم ستانلي كوبريك، وكان بعد في بداياته، بإخراج الفيلم، فإنه لم يتحمس لتدخل "البيتلز" في المشروع، ولا كذلك للاختيارات الموسيقية التي عرضت عليه. وهكذا توقف المشروع مرة أخرى، لكن بعد أن بات لكل عشرية من السنوات مشروعها المجهض لاقتباس رواية تولكاين فيما هذا الأخير يتأمل حزيناً بينما يتقدم به العمر وكله رغبة بأن يرى روايته أخيراً على الشاشة، لكننا نعرف أنه ما لبث أن رحل أوائل عام 1973 وكله حسرة على الإخفاقات المتتالية.
لكنه لو عاش بضع سنوات أخرى لكان من شأنه أن يشهد خلال النصف الثاني من عقد السبعينيات تحقق المشروع الوحيد الذي يذكر اليوم بصدد الحديث عن أفلمة الرواية إلى جانب مشروع بيتر جاكسون الذي يمكن اعتباره "نهائياً" حتى الآن. فلعل المشروع الأكثر جدية بين كل تلك المحاولات هو فيلم الشرائط المصورة الذي حققه مخرج هذا النوع من الأفلام الفائق الموهبة رالف باكشي الذي سيدخل على الخط مباشرة بعد وأد عديداً من المحاولات التي أشرنا إليها. فمحاولة باكشي التي أسفرت عن فيلم تختلط فيه الشرائط المصورة بالمشاهد الحقيقية بأسلوب سمي "الروتوسكوب"، كان من أكثر المحاولات جدية لأفلمة الرواية، حتى وإن كنا لن نعرف أبداً بالطبع ما كان من شأن رأي تولكاين بها أن يكون. المهم هنا هو أن شيئاً من رغبته قد تحقق بعد موته، بل حققت التجربة من النجاح ما جعل مداخيل الفيلم (30 مليون دولار) تزيد خمسة أضعاف على كلفته المقدرة بخمسة ملايين، ولعل نجاحه وسمعته شجعا منتجين رسميين في موسكو، وتجاراً في فنلندا، على الدنو من أدب تولكاين، مرة عبر محاكاة ساخرة لـ"سادة الخواتم" ومرة عبر اقتباس أخرق لرواية تولكاين الأخرى "الهوبيت"، لكن أياً من هذين العملين لم يتجاوز كونه حصة عقد الثمانينيات من الاهتمام بتولكاين بعد أن كان فيلم باكشي حصة سنوات السبعينيات.
نيوزيلاندي داهية
لكن ذلك كله سرعان ما اختفى أمام طموح النيوزيلندي الداهية جاكسون الذي ما إن أطلت نهاية القرن، حتى تمكن من إقناع منتجين أميركيين على رأسهم الأخوين فنشتاين بتخصيص 300 مليون دولار لتحقيق ثلاثة أفلام عن الثلاثية التولكانية، يكون كل واحد منها في ثلاث ساعات. كان المطلب غريباً لكن المنتجين وجدوا أنفسهم يقتنعون ويستجيبون لطلب جاكسون دون أن تكون له تلك السمعة الضخمة التي سيتمتع بها حين تعرض الأفلام الثلاثة تباعاً في الأعوام 2001 و2002 و2003.
ويبدو أن الرقم ثلاثة سيلعب دوراً كبيراً في كل ما تلمسه يدا هذا المبدع، وذلك بدءاً من الثلاثة مليارات دولار التي حققتها الأفلام الثلاثة، وفقط من طريق العروض السينمائية، أي دون حسبان مبيعات الأسطوانات المدمجة والألعاب المرتبطة، ولا حتى العروض التلفزيونية وغير ذلك. فالحقيقة أن جاكسون تمكن، بمعجزة ما، أن يعوض فشل كل الذين سبقوه في الدنو من تلك الملحمة، ليحقق ما عجزوا جميعاً عن تحقيقه فيرتاح تولكاين أخيراً في قبره، لكن دون أن يرتاح ابنه ووريثه توماس تولكاين الذي لم يفته أن يهاجم الفيلم والمنتجين معتبراً أنهم "خدعوه" ولم يعطوه سوى حصة ضئيلة من قطعة "الغاتوه" الدسمة التي التهموها، متهماً المخرج على أية حال بتشويه ولو جزئي للملحمة على عكس ما رأى النقاد مجمعين، من أن ما من فيلم سينمائي أتى في تاريخ هذا الفن أكثر أمانة مما فعل فيلم بيتر جاكسون تجاه رواية تولكاين.