فارس الغنامي
لم يكن اهتمام المملكةِ العربيَّة السعوديَّة بالرياضة منذ أعوامٍ عدة من قبيل المُصادفة، بل جاء ضمن رؤية المملكة 2030، التي أطلقها ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان لتنمية مجالات الحياة جميعِها بالمجتمع السعوديّ، ومن بينها بالطبع الرياضة والترفيه.
التجرِبة السعودية لم تكن الأولى من نوعها في عالمِنا الفسيح، التي تولي اهتمامًا كبيرًا بكُرة القدم؛ فقد سبقَها إلى ذلك الصين وأميركا، اللتانِ لهما تجارب مماثلة وقف عندها الباحثون والمتابعون طويلًا، وخلَّفت أسئلةً عدّة، بعدما حامت حولها الشُّبهات وقتئذ، خاصةً أنها جاءت فجأةً، واختفت كذلك بالطريقة نفسها.
توارتْ بمرور السنين التجربة الصينيّة في كرة القدم عن دائرة الضوء، على الرّغم من أنها اسْتقطبت نجومًا كبارًا في ذلك الوقت، ولكنها كانت تجربة منعزلة؛ انكبَّت على استقطاب المشاهير فقط من دون الاهتمام بباقي حلقات الرياضة المترابطة الخيوط؛ كالبنية التَّحتية، على سبيل المثال لا الحصر، فكان عمرها قصيرًا، ولم تُكتب لها الديمومة والاستمراريَّة
وأما التجربة الأميركية، فقد وُلدت هي الأخرى غير لافتة لجماهير الساحرة المُستديرة عالميًا، إلَّا بعدما انتقل النجم الأرجنتيني لِيونيل ميسّي إلى هناك من بوابة إنتر ميامي، فصحبتْهُ الأعينُ العاشقة من الجنسيات كُلّها تراقب سِحرَه للكرة أينما حلَّ داخل المستطيل الأخضر، من دون النظر إلى الهدف الأساسيّ الذي أُحضِرَ من أجله.
إنَّ المُتابعَ لتفاصيل التجارب الثلاث، يُمكنه على الفور أن يلحظ أنّ التجربة السعوديَّة فاقت في انطلاقتها ونتائجها التجربتين السابقتين؛ إذ جاءتْ في إطار خطة شاملة للنهوض بالمجال الرياضي على أنه جزء من كلٍّ، حتى يظهرَ ذلك في المجالات جميعها بلا استثناء داخل الدولة، إذ بلغ الإنفاقُ السعودي على اللُّعبة الأكثر جماهيريةً أرقامًا قياسية؛ فحلّ دوري روشن للمحترفين ثانيًا في قائمة أكثر الدوريّات العالميَّة إنفاقًا بـ775 مليون يورو، خلال الموسم الحاليّ، إضافةً إلى أنه يأتي ضمن قائمة "أعلى 10 دوريات قيمة" في العالم، بعدما تخطَّتْ قيمته التسويقيَّة المليارَ دولار.
وأما في مجال الأندية فقد تصدَّر نادي الهلال قائمةَ الفرق الأكثر إنفاقًا على مستوى العالم بـ353.1 مليون يورو، فيما حلّ ناديا الأهلي والنصر في المركزين الرابع والخامس على الترتيب بإنفاق بلغ 143.2 مليون يورو، و137.6 مليون يورو، هذا بخلاف الرواتب الخياليَّة التي تُدفعُ للاعبين.
لقد اهتمَّت المملكة بالبنية التحتيّة الرياضيّة، وأنشأت ملاعب على أعلى مستوًى مُتبع عالميًا، وهذا ما جعل المدنَ السعوديّة كافة جاهزة بالفعل لاستقبال كُبريات الفعّاليات والأحداث الرياضيَّة العالميَّة؛ مثل بطولة كأس العالم، وهو ما تُفكّر فيه المملكة جديًا؛ إذ إنها تنوي التقدم بطلب لاستضافة مونديال العالم ربما في 2030، وحظوظها في تنظيم البطولة عالية جدًّا؛ نظرًا لما تتمتع به اليومَ من جاهزية إنشائية وتقانية عصرية مؤهلة لاستقبال أيِّ حدث رياضي عالمي.
إنَّ إنفاق المملكة مليارات الريالات على تطوير الرياضة نابع من أهداف تنموية واستثمارية مُستهدفة ومُخطَّط لها بعناية، يكون لها عوائد مادية مباشرة، فالدوري السعوديُّ الآنَ تنقله ما يقارب 40 محطة فضائيَّة حول العالم بعوائد مليونية، ثم إنّ هناك انعكاسات أخرى من خلال «عمل زوم» على المملكة التي لا يعرفها بعضهم اجتماعيًا وتنمويًا وفنيًا وثقافيًا واقتصاديًا ومعماريًا أيضًا.
كذلك إنّ للنجوم الذين انضمّوا للأندية السعوديَّة جيوشًا من مختلف الجماهير التي تُتابع كلَّ لحظة في حياتهم، سواء داخل الملعب أو خارج المستطيل الأخضر؛ لتتعرَّفَ حياتَهم في السعودية، وحجم العُمران الموجود فيها، والإنشاءات العصريَّة التي أضحت واقعًا فيها، فيما ظلَّ هناك مَنْ يعتقد في قرارة نفسه أن السعوديَّة ما زالت على ما كانت عليه قبل قرن من الزمان؛ من خيام وحياة بصحراء جرداء.
وتصدَّرتِ السعوديَّة قيمةَ الإنفاق عربيًا وعالميًا على شراء لاعبين من الخارج؛ فقد تعاقدت أندية المملكة، في الآونة الأخيرة، مع أساطير الكرة العالميَّة، أمثال كريستيانو رونالدو، ونيمار دا سيلفا، ورياض محرز، وكريم بنزيما، وساديو ماني، وياسين بونو، وفيرمينيو، وغيرهم من النجوم، والذي يُعد كل واحدٍ منهم سفيرًا عن المملكة في بلده، أو عبر حساباته الشخصيَّة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تحظى بمتابعة عشرات الملايين من المتابعين حول العالم.
في المقابل، يمكن الاستفادة من هذه الآلة الإعلامية (أقصد هؤلاء اللاعبين) اقتصاديًا واجتماعيًا وغير ذلك، لما يتمتع به هؤلاء النجوم من جماهير تفوق مئات الملايين من المتابعين والعشاق.
لقد طبقت الرياض حرفيًا المقولةَ الشهيرة "ما أفسدتْه السياسة تصلحه الرياضة" بكل ما تعنيه الجُملة من معنى؛ فقد اقتحم التطوُر الحادث في مجال الرياضة الأجواءَ الإيرانيَّة بانبهار شديد في مشهدٍ لم يكن يخطر على بال أحد، قبل بضعة أشهر، ويُشير إلى تغيرٍ كبير في مجريات الأحداث؛ فقد نقلت القنوات الرياضيَّة في الجمهوريَّة الإيرانية مباراةَ الاتحاد والهلال في دوري روشن السعودي، وهذه بادرةٌ لنقل مباريات أخرى، لتنتشر الثقافة السعوديَّة في قلب طهرانَ من خلال واحدةٍ من أهم القوى الناعمة هي الرياضة التي أحسنت المملكة استغلالها.
لم يكن اهتمام المملكةِ العربيَّة السعوديَّة بالرياضة منذ أعوامٍ عدة من قبيل المُصادفة، بل جاء ضمن رؤية المملكة 2030، التي أطلقها ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان لتنمية مجالات الحياة جميعِها بالمجتمع السعوديّ، ومن بينها بالطبع الرياضة والترفيه.
التجرِبة السعودية لم تكن الأولى من نوعها في عالمِنا الفسيح، التي تولي اهتمامًا كبيرًا بكُرة القدم؛ فقد سبقَها إلى ذلك الصين وأميركا، اللتانِ لهما تجارب مماثلة وقف عندها الباحثون والمتابعون طويلًا، وخلَّفت أسئلةً عدّة، بعدما حامت حولها الشُّبهات وقتئذ، خاصةً أنها جاءت فجأةً، واختفت كذلك بالطريقة نفسها.
توارتْ بمرور السنين التجربة الصينيّة في كرة القدم عن دائرة الضوء، على الرّغم من أنها اسْتقطبت نجومًا كبارًا في ذلك الوقت، ولكنها كانت تجربة منعزلة؛ انكبَّت على استقطاب المشاهير فقط من دون الاهتمام بباقي حلقات الرياضة المترابطة الخيوط؛ كالبنية التَّحتية، على سبيل المثال لا الحصر، فكان عمرها قصيرًا، ولم تُكتب لها الديمومة والاستمراريَّة
وأما التجربة الأميركية، فقد وُلدت هي الأخرى غير لافتة لجماهير الساحرة المُستديرة عالميًا، إلَّا بعدما انتقل النجم الأرجنتيني لِيونيل ميسّي إلى هناك من بوابة إنتر ميامي، فصحبتْهُ الأعينُ العاشقة من الجنسيات كُلّها تراقب سِحرَه للكرة أينما حلَّ داخل المستطيل الأخضر، من دون النظر إلى الهدف الأساسيّ الذي أُحضِرَ من أجله.
إنَّ المُتابعَ لتفاصيل التجارب الثلاث، يُمكنه على الفور أن يلحظ أنّ التجربة السعوديَّة فاقت في انطلاقتها ونتائجها التجربتين السابقتين؛ إذ جاءتْ في إطار خطة شاملة للنهوض بالمجال الرياضي على أنه جزء من كلٍّ، حتى يظهرَ ذلك في المجالات جميعها بلا استثناء داخل الدولة، إذ بلغ الإنفاقُ السعودي على اللُّعبة الأكثر جماهيريةً أرقامًا قياسية؛ فحلّ دوري روشن للمحترفين ثانيًا في قائمة أكثر الدوريّات العالميَّة إنفاقًا بـ775 مليون يورو، خلال الموسم الحاليّ، إضافةً إلى أنه يأتي ضمن قائمة "أعلى 10 دوريات قيمة" في العالم، بعدما تخطَّتْ قيمته التسويقيَّة المليارَ دولار.
وأما في مجال الأندية فقد تصدَّر نادي الهلال قائمةَ الفرق الأكثر إنفاقًا على مستوى العالم بـ353.1 مليون يورو، فيما حلّ ناديا الأهلي والنصر في المركزين الرابع والخامس على الترتيب بإنفاق بلغ 143.2 مليون يورو، و137.6 مليون يورو، هذا بخلاف الرواتب الخياليَّة التي تُدفعُ للاعبين.
لقد اهتمَّت المملكة بالبنية التحتيّة الرياضيّة، وأنشأت ملاعب على أعلى مستوًى مُتبع عالميًا، وهذا ما جعل المدنَ السعوديّة كافة جاهزة بالفعل لاستقبال كُبريات الفعّاليات والأحداث الرياضيَّة العالميَّة؛ مثل بطولة كأس العالم، وهو ما تُفكّر فيه المملكة جديًا؛ إذ إنها تنوي التقدم بطلب لاستضافة مونديال العالم ربما في 2030، وحظوظها في تنظيم البطولة عالية جدًّا؛ نظرًا لما تتمتع به اليومَ من جاهزية إنشائية وتقانية عصرية مؤهلة لاستقبال أيِّ حدث رياضي عالمي.
إنَّ إنفاق المملكة مليارات الريالات على تطوير الرياضة نابع من أهداف تنموية واستثمارية مُستهدفة ومُخطَّط لها بعناية، يكون لها عوائد مادية مباشرة، فالدوري السعوديُّ الآنَ تنقله ما يقارب 40 محطة فضائيَّة حول العالم بعوائد مليونية، ثم إنّ هناك انعكاسات أخرى من خلال «عمل زوم» على المملكة التي لا يعرفها بعضهم اجتماعيًا وتنمويًا وفنيًا وثقافيًا واقتصاديًا ومعماريًا أيضًا.
كذلك إنّ للنجوم الذين انضمّوا للأندية السعوديَّة جيوشًا من مختلف الجماهير التي تُتابع كلَّ لحظة في حياتهم، سواء داخل الملعب أو خارج المستطيل الأخضر؛ لتتعرَّفَ حياتَهم في السعودية، وحجم العُمران الموجود فيها، والإنشاءات العصريَّة التي أضحت واقعًا فيها، فيما ظلَّ هناك مَنْ يعتقد في قرارة نفسه أن السعوديَّة ما زالت على ما كانت عليه قبل قرن من الزمان؛ من خيام وحياة بصحراء جرداء.
وتصدَّرتِ السعوديَّة قيمةَ الإنفاق عربيًا وعالميًا على شراء لاعبين من الخارج؛ فقد تعاقدت أندية المملكة، في الآونة الأخيرة، مع أساطير الكرة العالميَّة، أمثال كريستيانو رونالدو، ونيمار دا سيلفا، ورياض محرز، وكريم بنزيما، وساديو ماني، وياسين بونو، وفيرمينيو، وغيرهم من النجوم، والذي يُعد كل واحدٍ منهم سفيرًا عن المملكة في بلده، أو عبر حساباته الشخصيَّة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تحظى بمتابعة عشرات الملايين من المتابعين حول العالم.
في المقابل، يمكن الاستفادة من هذه الآلة الإعلامية (أقصد هؤلاء اللاعبين) اقتصاديًا واجتماعيًا وغير ذلك، لما يتمتع به هؤلاء النجوم من جماهير تفوق مئات الملايين من المتابعين والعشاق.
لقد طبقت الرياض حرفيًا المقولةَ الشهيرة "ما أفسدتْه السياسة تصلحه الرياضة" بكل ما تعنيه الجُملة من معنى؛ فقد اقتحم التطوُر الحادث في مجال الرياضة الأجواءَ الإيرانيَّة بانبهار شديد في مشهدٍ لم يكن يخطر على بال أحد، قبل بضعة أشهر، ويُشير إلى تغيرٍ كبير في مجريات الأحداث؛ فقد نقلت القنوات الرياضيَّة في الجمهوريَّة الإيرانية مباراةَ الاتحاد والهلال في دوري روشن السعودي، وهذه بادرةٌ لنقل مباريات أخرى، لتنتشر الثقافة السعوديَّة في قلب طهرانَ من خلال واحدةٍ من أهم القوى الناعمة هي الرياضة التي أحسنت المملكة استغلالها.