کیف تتأكدين من حملك ؟..
« لقد بات في مقدور الطب الحديث التأكد من الحمل واعطاء الجواب نفيا أو ايجاباً منذ اليوم الخامس من انقطاع الطمث ، وفي خلال ساعات معدودات من الفحص » .
لا بد لتشخيص الحمل تشخيصاً أكيداً محققاً ، من الانتباه الى جملة أمور ، وتحري العلامات والعوارض التي جاء ذكرها .. وقد يضطر الطبيب في كثير من الحالات الى الرجوع إلى المخابر ، لاجراء الفحوص المخبرية الحديدة - التي سنأتي على ذكرها – تفادياً من الوقوع في الخطأ . فما كل انقطاع في الطمث بدل حتما على وجود الحمل .
لأن لدى الأطباء قائمة طويلة من الأمراض التي يرافقها انقطاع الطمث دون وجود الحمل .. كالأمراض القلبية ، والكليوية ، والسل الرئوي ، والضعف العام ، وفاقة الدم ( فقر الدم ) وبعض الحميات الانتانية الخ ...
بعض الحالات التي يغيب فيها الطمث :
١ - حالة الارضاع : ان كثيراً من الامهات ينقطع طمثهن طيلة مدة الرضاع ولا يحملن خلالها رغم المقارنات الجنسية ما دمن يواظبن على ارضاع أطفالهن ... وقد يلجأ بعضهن إلى اطالة زمن الرضاع تهرباً من الطمث الذي يعود سيرته الأولى بمجرد فطام الوليد ! .. ان رجوع الطمث يحمل بين طياته وأيامه ، الخوف من الحمل ثانية .
٢ - وقد يغيب الطمث غياباً متقطعاً في مستهل أيام سن اليأس ، فاذا وقد يغيب شهراً ا جاوزت السيدة سن الأربعين ، بدأ حيضها يضطرب أو شهرين ثم يعاودها ثانية ... وقد يخيل اليها في بادىء الأمر انها حامل ، فتعيش في قلق دائم وحيرة مستمرة ، وقد تتسلط الفكرة الثابتة – فكرة سن الحصول على طفل عند بعضهن – إذا غاب طمنها ثلاثة أو أربعة أشهر ، وخاصة إذا كانت مفتقرة إلى الذرية ، أو أن لزوجها زوجـة أخرى ( ضرة ) تنافسها الحمل والولادة ويتخذ عدم حملها ذريعة للتشهير بها والدلالة على كبرهـا وتخطيها سن الشباب .. ينقطع طمث هذه السيدة التي دخلت اليأس ، بينما هي تحلم بالطفل ، فتظن أنها حامل ، وتأتي الطبيب تسرد له جميع أعراض الحمل المعروفة لدى العامة من وحام ، و وهبلات حارة ، وميل الى النوم ، وتضيف الى كل ذلك ، شعورهـا اليقيني بتحرك الجنين وانتقال ضرباته من خاصرة الى اخرى ! .. ومـن المعلوم أن النساء اللواتي يبلغن سن اليأس تتناقص احتراقات الأغذيـة عندهن ، فيتراكم الشحم في أجسامهن ، ويزداد حجم البطن وينتفخ . نتيجة الغازات البطنية والتخمرات المعوية ، فيخيل إلى السيدة ان حركات الغازات هي حركات الجنين في بطنها ، وكم من سيدة جاءت الطبيب أحياناً تنكر له تشخيصه إذا نفى وجود الحمل ، وتروح له جميع الأعراض من جديد فتذكر الوحام والاضطرابات النفسية والعقليـة وتضخم البطن ، وتؤكد أنها تشعر بحركات الحنين المستمرة وخاصة في الليل ، يضاف إلى ذلك أنها لم تعتد أن ترى طمثها يغيب طيلة هـذه المدة ، وانه إذا تأخر فانه يتأخر لأيام معدودات ...
واسوق على ذلك مثلا ً ، سيدة جاءت تستشيرني والحيرة مستحوذة على دماغها ، كيف تأخر مخاضها رغم مضي عشرة أشهر على بدء حملها . وتبين لي لدى الفحص انها غير حامل وان ما كانت تشكوه لا يعدو كونه أوهاماً واعراضاً تصيب مثيلاتها ممن بلغن سن اليأس لقد « شبه لها » هذا كل ما في الأمر !
سيدة اخرى جاءتني وفي عينيها دمعة تترقرق ، كأن وراءهـا قلباً يتحرق قصتها أن زوجها قد اعد لها جميع ما تحب لاستقبال الطفل ، ومضى على انقطاع طمثها أحد عشر شهراً ولم يـأت المولود المرتقب ، حتى غدت مثار هزء وسخرية من لداتها واقاربها .. جاءت تنشد عندي طفلا ً لقيطاً تدعي ولادته وتطلب علاجاً يعيد اليهـا طمثها ، بعد أن اقنعها طبيب سبقت لها استشارته بخطل رأيها ، وبأنها غير حامل . هذه السيدة و امثال وتلك كثيرات .
٣ - وقد يغيب الطمث عند بعض الفتيات العذاري ، مما يوقع الطبيب في حيرة وتساؤل ، إذ تتراقص امام ناظريه قائمة الأمراض الطويلة التي قد تسبب غياب طمث الفتاة ، هل هي مصابة بفقر الدم أو بضعف عام أو بآفة صدرية ، أو ان مبيضيها لا يقومان بواجبها ووظيفتها التبيض ـ أو انها مصابة بنهي عصبي ، واضطراب نفسي . ويتعذر ی على الطبيب فحصها كاملاً لوجود غشاء البكارة ، فيبقى الشك يداعب ا - . مخيلة الطبيب والفتاة واهلها ، مما يضطرهم إلى اللجوء إلى المخابر والتأكد من صحة الحمل أو عدمه .
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال طالما حمله إلي البريد من قرائي ومستمعي : ان الفتاة لا يمكن ان تحمل - هل تحمل العذراء ؟ .. ويظن العامة - خطأ - ما دامت محافظة على غشاء بكارتها .. مع ان هذا البريد الساعي بين قرائي وبيني ، يكشف لي يومياً عن مآس وآلام تختبىء خلف الجدران مردها هذا الجهل ، وتلك الثورة الجنسية اللاهبة التي تصطرع في نفوس شبابنا وشاباتنا ، تذكيها المدنية الحديثة بمفاتنها وما تقدمه لنا من عوامل الاثارة . فيتصل الشاب بالفتاة اتصالات سطحية ، تخرج بعدها الفتاة حاملا ، لأن غشاء البكارة – كما هو واضح في الصورة ( ٢ ) من الصفحة ( ٢٢ ) هو غشاء غير تام تتوسطه فوهة تسمح بمرور دم الطمث من الداخـل إلى وهذه الفوهة نفسها تسمح بدخول الحيوان المنوي من الخارج فيسير الحيوان بواسطة ذبذبات ذنبه – کا معنـا في الخارج إلى الداخل الفتاة الفصول السابقة بسرعة 3 ميليمترات في الدقيقة الواحدة فيقطع المسافة بين فوهة الفرج وفوهة العنق بأقل من ثلاث ساعات ، هذا إذا لم تعاونه تقلصات الأعضاء التناسلية للفتاة الحادثة نتيجة التوافق الجنسي ، فتسحبه وتمصه موفرة عليه المسافة ومشقة قطعها ، صورة ۱۲ – من الصفحة ( 35 ) . وان انصباب السائل الحيوي حول الفرج كاف كما ذكرنا لتلقيح هذا إذا لم تكن المداعبات السطحية التي يقوم بها الشبان مداعبات مركزة حول فوهة غشاء البكارة نفسه ، إذ أن انفجار البركان الجنسي المذكر يساعد على انطلاق واندفاق السائل الحيوي بقوة شبيهة بالمضخة قد تدفع بالحيوان المنوي رأساً إلى فوهة الرحم دون حاجة إلى ولوج العضو المذكر نفسه .. وكم فتاة عذراء رعناء ذهبت ضحية جهلهـا فحملت ، رغم محافظتها على بكارتها ، وانقطع طمثها ، وردت ذلك إلى ضعفها أو خوفها فلما بلغ عمر الجنين أربعة اشهر ودبت الروح في جسمه وراح يتحرك ، انفضح امرها وندمت ولات ساعة مندم .
٤ - رفض السيدة كشف عورتها للطبيب : وتصاب الانثى بغياب الطمث ، وعدم سيلان الدم منها شهريـاً ، فتضطرب وتصبح في حيرة من أمرها ، سواء اكانت راغبة في الحمل ، أو راغبة عنه لا تريد ذرية ولا اطفالا ً ، واننا في بيئة شرقية وعادات تجعل استشارة الطبيب في امورنا الجنسية صعبة بل مستحيلة ، ولا سيما ان تشخيص الطبيب للحمل لا يكون باستاعه إلى الأعراض التي تسردها السيدة فحسب ، بل يرتكز بصورة اولية على فحص الأعضاء الجنسية واجراء المس المهبلي بادخال اصبعيه في فرج المرأة وتحري حجم الرحم وعنقه ، مما تأباه جل السيدات ، لهذا فان السيدة التي غاب طمثها تعكف على نفسها ، لتحلل ما بها وتربط ما تشعر به من أعراض بعضها إلى بعض ، فتحاول ان تخرج ما استغلق عليها فهمه ، وتقارن كل ذلك بما تسمعه من جيرانها ولداتها ، وتكون النتيجة دائما " مجانبتها الحقيقة والصواب .. أو انها تلجأ إلى الطبيب طالبة منه التشخيص دون ان تمكنه من اجراء الكشف الطبي اللازم ! . ولا ريب في ان اعراض الحمل السريرية كثيرة ، وانها غالباً ما تساعد باجتماعها على كشف الحمل إلا ان هناك حالات كالتي سبق ذكرهـا – يظل الشك فيها مخيما فوق رأس الطبيب فيفتقر إلى وساطة بيانية غير سريرية ، يستطيع باللجوء اليها نفي هذه الشكوك .
إنه يعمد إلى ارسال السيدة إلى المخبر لاجراء الفحوص اللازمة ، ويجد الطبيب نفسه مجبراً على اللجوء إلى المخبر في حالات انقطاع الطمث ، إذا عجزت الوسائط السريرية وحدها عن ذلك ، كما يلجأ إلى المخبر عند كل سيدة انقطع طمثها وهي مصابة بمرض قلبي أو كليوي أو بسل رئوي ، كما يلجأ إلى التشخيص الباكر بوساطـة المخبر عند السيدات اللواتي يتعرضن لاسقاط الجنين ، لأنه كلما كان التشخيص باكراً ، كان بالامكان درء الاخطاء والاختلاطات وانقاذ الجنين . وكذلك لتشخيص الحمل قيمة كبرى في الطب الشرعي لاثبات الحمل أو نفيه في حالات الاعتداء على العرض وفي دعاوى الأرث والطلاق والعدة وغيرها .
لقد بات في مقدور الطب الحديث اعطاء الجواب نفيا أو ايجاباً بعد اليوم الخامس من انقطاع الطمث وفي خلال ساعات معدودات من الفحص . ويعود الفضل لأشايم وزوندك Aschhei et Zondeck في الاهتداء الى الطريقة المثلى التي تمكن الطبيب اليوم من تشخيص الحمل تشخيصاً جازماً . ولا تقل قيمـة هذه الطريقة عن قيمة فحص الدم وزرعـه في تشخيص الحمى التيفية أو الملاريا وغيرها .. فقد كشف هذان العالمان في بول الحامل مفرزات شبيهة بمفرزات الفص الأمامي للغدة النخامية .
وقد ثبت أن كميات هذه المفرزات المسماة ( برولان « آ » برولان « ب » ) تزداد فجـأة لدى حصول العلوق فتبلغ حداً كبيراً وذلك من اليوم الثامن بعد العلوق و استناداً إلى هذه النظرية ، تسابق العلماء إلى ايجاد طرق حيوية يقصد منها كشف هذه المواد في بول السيدة المشكوك في حملها .
ونوجز فيما يلي باختصار أهم هذه الطرق الحيوية :
١ - تفاعل « اشايم وزوندك Ascuheim et Zondeck وتكشف بوساطته هرمونات الحمل في البول ، ويرجح بول الصباح لأنه اغنى بهذه الهرمونات . فتوصى المرأة ان تشرب قليلاً العشاء ، وألا تشرب مع البتة في أثناء الليل ، ويؤخذ بول الصباح بعد غسل الناحية التناسلية وتنظيفها ، فيوضع في آنية معقمة ويبعث به إلى المخبر المختص . وينبغي ، حرصاً على نتيجة التفاعل ، الا تكون المرأة قد تناولت في الأيام الخمسة السابقة شيئاً من الهرمونات ( كخلاصات المبيضين والجريبين أو غيرهما ) .
ويقوم الطبيب المختص يحقن هذا البول إلى فأرات اناث غير بالغات وفي خامس يوم يفتح بطن الفأرات ويتحرى المبايض فيها ، فاذا كانت السيدة صاحبة البول حاملاً ، شوهدت مبايض الفأرات متضخمة وكذلك ارحامها .
۲ – تفاعل « فریدمان Freidmenn أو طريقة الأرنبة : ويستخدم طبيب المخبر في هذا الفحص ارنبة كهلة لم تخالط أو تلامس أرنباً مدة ثلاثة اسابيع على الأقل . وأرنبة من اللبونات يحوي مبيضها دوماً جريبات مبيضية ناضجة لا تنفجر الا بالوقائع ، فاذا زرق بول امرأة حامل ، في دمها ، افضى ذلك إلى تمزق الحريبات وظهور نزوف فيهـا ، وتكون اجسام صفر في المبيض ، امـا زرق بول المرأة غير الحامل فلا يحدث فيها تبدلا ً ما . ويمكن للطبيب المختص أن يعطي النتيجة بعد 48 ساعة من اجراء الزرق .
۳ – تفاعل « غالي ماينيني Gali Mainini » أو طريقة العلجوم ونجرى على العلجوم ( الضفدع الذكر ) ، وهي طريقة حديثـة قد تفضل الطرق الاولى لبساطتها ولسرعة الحصول على النتائج بها ، وتستند إلى ان الحيوانات المنوية لا تظهر في بول العلجوم الا في زمن النزو ( Rut ) وزمن النزو عند هذه الضفدع قصير المدة للغاية ولا يواتي الحيوان الامرة واحدة في السنة . فإذا حقن العلجوم بمقدار من بول سيدة يشك بحملها .
صورة – ٤٣ حمل توأمي
التوأمان جنباً إلى جنب و احدهما آت برأسه وآخر بمقعده .
صورة - ٤٣ حمل توأمي
التوأمان أحدهما فوق الآخر
أمكن بعد ساعتين اخذ قليل من بول الحيوان وفحصه بالمجهر . فـإذا وجدت فيه الحيوانات المنوية للعلجوم كانت السيدة حاملا ً وإذا كان خلواً منها فالسدة غير حامل ، لأن بول الحامل يشر غدد الحيوان التناسلية بعد ان كانت هاجعة ، فيدخل زمن النزو في غير أوانه .
كيفية كشف الحمل في القرى
ان جميع هذه الفحوص الحيوية تتطلب خيرة واختصاصاً ومخابر قد لا تتوفر في كثير من المدن العربية ناهيكم بالأقضية والدساكر والقرى .
لهذا ننصح كل من تشك في سبب انقطاع طمثها ، باللجوء الى احـدى الطريقتين التاليتين :
١ - تفاعل زوندك وكافيير Zondeck et Caffier ويرتكز على حقن السيدة التي غاب طمثها ويشك في حملها ، بالهرمونات الانثوية المشتركة ( الجريبين واللوتهئين ) وطريقة العمل هي أن تجرى زرقتان في يومين متتابعين فيعود الطمث الى المرأة بعـد خمسة ايام ان لم تكن حاملاً وإلا فالعلوق واقع .
وتوجد هذه الزرقات في الاسواق الطبية تحت اسماء مختلفة ، فمعامـل ( شيرنك Schering تسميها ديوجينون Duogynon ) ومعامل ( رولاند Rolland تسميها سينرغون Synergon ) .
۲ – طريقة تسجيل الحمل : جاء في الصفحـة 73 قولنا : من الضروري ان تعتاد كل سيدة على حيازة مخطط حرارة ( صورة – ٢٨ ) لأنه يفيدها في كثير من الحالات ، أهمها معرفة يوم بدء الحمـل . فاذا لم يسجل المخطط انخفاضاً في نهاية الدورة الطمثية وتأخر الطمث عن وقته يوماً أو بعض يوم فالمرأة حامل حتما " . أي إذا تأخرت العادة الشهرية ولم تشاهد المرأة الدم ولاحظت ان الحرارة ما زالت مرتفعة لم تنخفض في نهاية الدورة كعادتها ، كان ذلك امارة بوجود الحمل .
وبهذه الفحوص نكون قد طوينا الشكوك التي كانت تتناهبنا مخاوفها من بعض الأمراض والاورام وفقر الدم التي يرافقها غياب الطمث .
« لقد بات في مقدور الطب الحديث التأكد من الحمل واعطاء الجواب نفيا أو ايجاباً منذ اليوم الخامس من انقطاع الطمث ، وفي خلال ساعات معدودات من الفحص » .
لا بد لتشخيص الحمل تشخيصاً أكيداً محققاً ، من الانتباه الى جملة أمور ، وتحري العلامات والعوارض التي جاء ذكرها .. وقد يضطر الطبيب في كثير من الحالات الى الرجوع إلى المخابر ، لاجراء الفحوص المخبرية الحديدة - التي سنأتي على ذكرها – تفادياً من الوقوع في الخطأ . فما كل انقطاع في الطمث بدل حتما على وجود الحمل .
لأن لدى الأطباء قائمة طويلة من الأمراض التي يرافقها انقطاع الطمث دون وجود الحمل .. كالأمراض القلبية ، والكليوية ، والسل الرئوي ، والضعف العام ، وفاقة الدم ( فقر الدم ) وبعض الحميات الانتانية الخ ...
بعض الحالات التي يغيب فيها الطمث :
١ - حالة الارضاع : ان كثيراً من الامهات ينقطع طمثهن طيلة مدة الرضاع ولا يحملن خلالها رغم المقارنات الجنسية ما دمن يواظبن على ارضاع أطفالهن ... وقد يلجأ بعضهن إلى اطالة زمن الرضاع تهرباً من الطمث الذي يعود سيرته الأولى بمجرد فطام الوليد ! .. ان رجوع الطمث يحمل بين طياته وأيامه ، الخوف من الحمل ثانية .
٢ - وقد يغيب الطمث غياباً متقطعاً في مستهل أيام سن اليأس ، فاذا وقد يغيب شهراً ا جاوزت السيدة سن الأربعين ، بدأ حيضها يضطرب أو شهرين ثم يعاودها ثانية ... وقد يخيل اليها في بادىء الأمر انها حامل ، فتعيش في قلق دائم وحيرة مستمرة ، وقد تتسلط الفكرة الثابتة – فكرة سن الحصول على طفل عند بعضهن – إذا غاب طمنها ثلاثة أو أربعة أشهر ، وخاصة إذا كانت مفتقرة إلى الذرية ، أو أن لزوجها زوجـة أخرى ( ضرة ) تنافسها الحمل والولادة ويتخذ عدم حملها ذريعة للتشهير بها والدلالة على كبرهـا وتخطيها سن الشباب .. ينقطع طمث هذه السيدة التي دخلت اليأس ، بينما هي تحلم بالطفل ، فتظن أنها حامل ، وتأتي الطبيب تسرد له جميع أعراض الحمل المعروفة لدى العامة من وحام ، و وهبلات حارة ، وميل الى النوم ، وتضيف الى كل ذلك ، شعورهـا اليقيني بتحرك الجنين وانتقال ضرباته من خاصرة الى اخرى ! .. ومـن المعلوم أن النساء اللواتي يبلغن سن اليأس تتناقص احتراقات الأغذيـة عندهن ، فيتراكم الشحم في أجسامهن ، ويزداد حجم البطن وينتفخ . نتيجة الغازات البطنية والتخمرات المعوية ، فيخيل إلى السيدة ان حركات الغازات هي حركات الجنين في بطنها ، وكم من سيدة جاءت الطبيب أحياناً تنكر له تشخيصه إذا نفى وجود الحمل ، وتروح له جميع الأعراض من جديد فتذكر الوحام والاضطرابات النفسية والعقليـة وتضخم البطن ، وتؤكد أنها تشعر بحركات الحنين المستمرة وخاصة في الليل ، يضاف إلى ذلك أنها لم تعتد أن ترى طمثها يغيب طيلة هـذه المدة ، وانه إذا تأخر فانه يتأخر لأيام معدودات ...
واسوق على ذلك مثلا ً ، سيدة جاءت تستشيرني والحيرة مستحوذة على دماغها ، كيف تأخر مخاضها رغم مضي عشرة أشهر على بدء حملها . وتبين لي لدى الفحص انها غير حامل وان ما كانت تشكوه لا يعدو كونه أوهاماً واعراضاً تصيب مثيلاتها ممن بلغن سن اليأس لقد « شبه لها » هذا كل ما في الأمر !
سيدة اخرى جاءتني وفي عينيها دمعة تترقرق ، كأن وراءهـا قلباً يتحرق قصتها أن زوجها قد اعد لها جميع ما تحب لاستقبال الطفل ، ومضى على انقطاع طمثها أحد عشر شهراً ولم يـأت المولود المرتقب ، حتى غدت مثار هزء وسخرية من لداتها واقاربها .. جاءت تنشد عندي طفلا ً لقيطاً تدعي ولادته وتطلب علاجاً يعيد اليهـا طمثها ، بعد أن اقنعها طبيب سبقت لها استشارته بخطل رأيها ، وبأنها غير حامل . هذه السيدة و امثال وتلك كثيرات .
٣ - وقد يغيب الطمث عند بعض الفتيات العذاري ، مما يوقع الطبيب في حيرة وتساؤل ، إذ تتراقص امام ناظريه قائمة الأمراض الطويلة التي قد تسبب غياب طمث الفتاة ، هل هي مصابة بفقر الدم أو بضعف عام أو بآفة صدرية ، أو ان مبيضيها لا يقومان بواجبها ووظيفتها التبيض ـ أو انها مصابة بنهي عصبي ، واضطراب نفسي . ويتعذر ی على الطبيب فحصها كاملاً لوجود غشاء البكارة ، فيبقى الشك يداعب ا - . مخيلة الطبيب والفتاة واهلها ، مما يضطرهم إلى اللجوء إلى المخابر والتأكد من صحة الحمل أو عدمه .
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال طالما حمله إلي البريد من قرائي ومستمعي : ان الفتاة لا يمكن ان تحمل - هل تحمل العذراء ؟ .. ويظن العامة - خطأ - ما دامت محافظة على غشاء بكارتها .. مع ان هذا البريد الساعي بين قرائي وبيني ، يكشف لي يومياً عن مآس وآلام تختبىء خلف الجدران مردها هذا الجهل ، وتلك الثورة الجنسية اللاهبة التي تصطرع في نفوس شبابنا وشاباتنا ، تذكيها المدنية الحديثة بمفاتنها وما تقدمه لنا من عوامل الاثارة . فيتصل الشاب بالفتاة اتصالات سطحية ، تخرج بعدها الفتاة حاملا ، لأن غشاء البكارة – كما هو واضح في الصورة ( ٢ ) من الصفحة ( ٢٢ ) هو غشاء غير تام تتوسطه فوهة تسمح بمرور دم الطمث من الداخـل إلى وهذه الفوهة نفسها تسمح بدخول الحيوان المنوي من الخارج فيسير الحيوان بواسطة ذبذبات ذنبه – کا معنـا في الخارج إلى الداخل الفتاة الفصول السابقة بسرعة 3 ميليمترات في الدقيقة الواحدة فيقطع المسافة بين فوهة الفرج وفوهة العنق بأقل من ثلاث ساعات ، هذا إذا لم تعاونه تقلصات الأعضاء التناسلية للفتاة الحادثة نتيجة التوافق الجنسي ، فتسحبه وتمصه موفرة عليه المسافة ومشقة قطعها ، صورة ۱۲ – من الصفحة ( 35 ) . وان انصباب السائل الحيوي حول الفرج كاف كما ذكرنا لتلقيح هذا إذا لم تكن المداعبات السطحية التي يقوم بها الشبان مداعبات مركزة حول فوهة غشاء البكارة نفسه ، إذ أن انفجار البركان الجنسي المذكر يساعد على انطلاق واندفاق السائل الحيوي بقوة شبيهة بالمضخة قد تدفع بالحيوان المنوي رأساً إلى فوهة الرحم دون حاجة إلى ولوج العضو المذكر نفسه .. وكم فتاة عذراء رعناء ذهبت ضحية جهلهـا فحملت ، رغم محافظتها على بكارتها ، وانقطع طمثها ، وردت ذلك إلى ضعفها أو خوفها فلما بلغ عمر الجنين أربعة اشهر ودبت الروح في جسمه وراح يتحرك ، انفضح امرها وندمت ولات ساعة مندم .
٤ - رفض السيدة كشف عورتها للطبيب : وتصاب الانثى بغياب الطمث ، وعدم سيلان الدم منها شهريـاً ، فتضطرب وتصبح في حيرة من أمرها ، سواء اكانت راغبة في الحمل ، أو راغبة عنه لا تريد ذرية ولا اطفالا ً ، واننا في بيئة شرقية وعادات تجعل استشارة الطبيب في امورنا الجنسية صعبة بل مستحيلة ، ولا سيما ان تشخيص الطبيب للحمل لا يكون باستاعه إلى الأعراض التي تسردها السيدة فحسب ، بل يرتكز بصورة اولية على فحص الأعضاء الجنسية واجراء المس المهبلي بادخال اصبعيه في فرج المرأة وتحري حجم الرحم وعنقه ، مما تأباه جل السيدات ، لهذا فان السيدة التي غاب طمثها تعكف على نفسها ، لتحلل ما بها وتربط ما تشعر به من أعراض بعضها إلى بعض ، فتحاول ان تخرج ما استغلق عليها فهمه ، وتقارن كل ذلك بما تسمعه من جيرانها ولداتها ، وتكون النتيجة دائما " مجانبتها الحقيقة والصواب .. أو انها تلجأ إلى الطبيب طالبة منه التشخيص دون ان تمكنه من اجراء الكشف الطبي اللازم ! . ولا ريب في ان اعراض الحمل السريرية كثيرة ، وانها غالباً ما تساعد باجتماعها على كشف الحمل إلا ان هناك حالات كالتي سبق ذكرهـا – يظل الشك فيها مخيما فوق رأس الطبيب فيفتقر إلى وساطة بيانية غير سريرية ، يستطيع باللجوء اليها نفي هذه الشكوك .
إنه يعمد إلى ارسال السيدة إلى المخبر لاجراء الفحوص اللازمة ، ويجد الطبيب نفسه مجبراً على اللجوء إلى المخبر في حالات انقطاع الطمث ، إذا عجزت الوسائط السريرية وحدها عن ذلك ، كما يلجأ إلى المخبر عند كل سيدة انقطع طمثها وهي مصابة بمرض قلبي أو كليوي أو بسل رئوي ، كما يلجأ إلى التشخيص الباكر بوساطـة المخبر عند السيدات اللواتي يتعرضن لاسقاط الجنين ، لأنه كلما كان التشخيص باكراً ، كان بالامكان درء الاخطاء والاختلاطات وانقاذ الجنين . وكذلك لتشخيص الحمل قيمة كبرى في الطب الشرعي لاثبات الحمل أو نفيه في حالات الاعتداء على العرض وفي دعاوى الأرث والطلاق والعدة وغيرها .
لقد بات في مقدور الطب الحديث اعطاء الجواب نفيا أو ايجاباً بعد اليوم الخامس من انقطاع الطمث وفي خلال ساعات معدودات من الفحص . ويعود الفضل لأشايم وزوندك Aschhei et Zondeck في الاهتداء الى الطريقة المثلى التي تمكن الطبيب اليوم من تشخيص الحمل تشخيصاً جازماً . ولا تقل قيمـة هذه الطريقة عن قيمة فحص الدم وزرعـه في تشخيص الحمى التيفية أو الملاريا وغيرها .. فقد كشف هذان العالمان في بول الحامل مفرزات شبيهة بمفرزات الفص الأمامي للغدة النخامية .
وقد ثبت أن كميات هذه المفرزات المسماة ( برولان « آ » برولان « ب » ) تزداد فجـأة لدى حصول العلوق فتبلغ حداً كبيراً وذلك من اليوم الثامن بعد العلوق و استناداً إلى هذه النظرية ، تسابق العلماء إلى ايجاد طرق حيوية يقصد منها كشف هذه المواد في بول السيدة المشكوك في حملها .
ونوجز فيما يلي باختصار أهم هذه الطرق الحيوية :
١ - تفاعل « اشايم وزوندك Ascuheim et Zondeck وتكشف بوساطته هرمونات الحمل في البول ، ويرجح بول الصباح لأنه اغنى بهذه الهرمونات . فتوصى المرأة ان تشرب قليلاً العشاء ، وألا تشرب مع البتة في أثناء الليل ، ويؤخذ بول الصباح بعد غسل الناحية التناسلية وتنظيفها ، فيوضع في آنية معقمة ويبعث به إلى المخبر المختص . وينبغي ، حرصاً على نتيجة التفاعل ، الا تكون المرأة قد تناولت في الأيام الخمسة السابقة شيئاً من الهرمونات ( كخلاصات المبيضين والجريبين أو غيرهما ) .
ويقوم الطبيب المختص يحقن هذا البول إلى فأرات اناث غير بالغات وفي خامس يوم يفتح بطن الفأرات ويتحرى المبايض فيها ، فاذا كانت السيدة صاحبة البول حاملاً ، شوهدت مبايض الفأرات متضخمة وكذلك ارحامها .
۲ – تفاعل « فریدمان Freidmenn أو طريقة الأرنبة : ويستخدم طبيب المخبر في هذا الفحص ارنبة كهلة لم تخالط أو تلامس أرنباً مدة ثلاثة اسابيع على الأقل . وأرنبة من اللبونات يحوي مبيضها دوماً جريبات مبيضية ناضجة لا تنفجر الا بالوقائع ، فاذا زرق بول امرأة حامل ، في دمها ، افضى ذلك إلى تمزق الحريبات وظهور نزوف فيهـا ، وتكون اجسام صفر في المبيض ، امـا زرق بول المرأة غير الحامل فلا يحدث فيها تبدلا ً ما . ويمكن للطبيب المختص أن يعطي النتيجة بعد 48 ساعة من اجراء الزرق .
۳ – تفاعل « غالي ماينيني Gali Mainini » أو طريقة العلجوم ونجرى على العلجوم ( الضفدع الذكر ) ، وهي طريقة حديثـة قد تفضل الطرق الاولى لبساطتها ولسرعة الحصول على النتائج بها ، وتستند إلى ان الحيوانات المنوية لا تظهر في بول العلجوم الا في زمن النزو ( Rut ) وزمن النزو عند هذه الضفدع قصير المدة للغاية ولا يواتي الحيوان الامرة واحدة في السنة . فإذا حقن العلجوم بمقدار من بول سيدة يشك بحملها .
صورة – ٤٣ حمل توأمي
التوأمان جنباً إلى جنب و احدهما آت برأسه وآخر بمقعده .
صورة - ٤٣ حمل توأمي
التوأمان أحدهما فوق الآخر
أمكن بعد ساعتين اخذ قليل من بول الحيوان وفحصه بالمجهر . فـإذا وجدت فيه الحيوانات المنوية للعلجوم كانت السيدة حاملا ً وإذا كان خلواً منها فالسدة غير حامل ، لأن بول الحامل يشر غدد الحيوان التناسلية بعد ان كانت هاجعة ، فيدخل زمن النزو في غير أوانه .
كيفية كشف الحمل في القرى
ان جميع هذه الفحوص الحيوية تتطلب خيرة واختصاصاً ومخابر قد لا تتوفر في كثير من المدن العربية ناهيكم بالأقضية والدساكر والقرى .
لهذا ننصح كل من تشك في سبب انقطاع طمثها ، باللجوء الى احـدى الطريقتين التاليتين :
١ - تفاعل زوندك وكافيير Zondeck et Caffier ويرتكز على حقن السيدة التي غاب طمثها ويشك في حملها ، بالهرمونات الانثوية المشتركة ( الجريبين واللوتهئين ) وطريقة العمل هي أن تجرى زرقتان في يومين متتابعين فيعود الطمث الى المرأة بعـد خمسة ايام ان لم تكن حاملاً وإلا فالعلوق واقع .
وتوجد هذه الزرقات في الاسواق الطبية تحت اسماء مختلفة ، فمعامـل ( شيرنك Schering تسميها ديوجينون Duogynon ) ومعامل ( رولاند Rolland تسميها سينرغون Synergon ) .
۲ – طريقة تسجيل الحمل : جاء في الصفحـة 73 قولنا : من الضروري ان تعتاد كل سيدة على حيازة مخطط حرارة ( صورة – ٢٨ ) لأنه يفيدها في كثير من الحالات ، أهمها معرفة يوم بدء الحمـل . فاذا لم يسجل المخطط انخفاضاً في نهاية الدورة الطمثية وتأخر الطمث عن وقته يوماً أو بعض يوم فالمرأة حامل حتما " . أي إذا تأخرت العادة الشهرية ولم تشاهد المرأة الدم ولاحظت ان الحرارة ما زالت مرتفعة لم تنخفض في نهاية الدورة كعادتها ، كان ذلك امارة بوجود الحمل .
وبهذه الفحوص نكون قد طوينا الشكوك التي كانت تتناهبنا مخاوفها من بعض الأمراض والاورام وفقر الدم التي يرافقها غياب الطمث .
تعليق