آراء المجتهدين والعلماء في نظيم النسل - ١ -
نثبت هنا ما أورده بعص المجتهدين والعلماء الدينيين في جواز اتخاذ الوسائل لتنظيم الحمل . فقد نشر الاستاذ محمد عوض الاستاذ بجامعـة « القاهرة » ( فؤاد الاول سابقا ) مقالاً في جريدة المصري بتاريخ ١ - ٦ - ١٩٥٣ ورد فيه : ان الاسلام قد عرف تحديد النسل قبـل ان تعرفه اوروبا بمئات السنين .
وقد سبق لفضيلة الاستاذ محمود شلتوت أن نبهني وبعض اصدقائي الى ما جاء في هذا الموضوع في كتاب احياء علوم الدين للغزالي .
إذ يقول العالم المسلم الكبير في باب ( العزل ) : انه مباح سواء أقصد به الاقلال من النسل او المحافظة على جمال المرأة .
وفي سنة 1936 ، أردت ، أنا وبعض الزملاء انشاء جمعية مصرية لتنظيم النسل ، ورأينا قبل انشائها ان نستطلع رأي رجال الدين ، فوجهنا إلى مفتي الديار المصرية حينذاك الشيخ عبد المجيد سليم السؤال الآتي : ما قول فضيلتكم فيما يأتي :
رجل متزوج ورزق بولد واحد ، ويخشى ان هو رزق اولاداً كثيرين أن يقع في حرج من عدم قدرته على تربية الاولاد والعنايـة بهم و أن تسوء صحته بضعف اعصابه عن تحمل واجباتهم ومتاعبهم تسوء صحة زوجه لكثرة ما تحمل وتضع دون ان يمضي بين الحمل والحمل فترة تستريح فيها ، وتسترد قوتها .
فهل له ـ أو لزوجته ـ ان يتخذ بعض الوسائل التي يشير بها الاطباء ليتجنب كثرة النسل بحيث تطول الفترة بين الحمل والحمل ، فتستريح الام ولا يرهق الوالد ؟
فرد فضيلته بما يلي :
رأي شيخ الازهر
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ،
اطلعنا على هذا السؤال ، ونفيد بأن الذي يؤخذ من نصوص فقهاء الحنفية انه يجوز ان تتخذ بعض الوسائل لمنع الحمل على الوجه المبين في السؤال كإنزال الماء خارج رحم المرأة ، أو وضع المرأة شيئاً يسد فم رحمها ليمنع وصول ماء الرجل اليه .. وأصل المذهب انه لا يجوز ذلك للرجل ذلك إلا باذن زوجته ولا للمرأة إلا باذن زوجها ، ولكن المتأخرين أجازوه بدون اذنها .
وبعد ان أورد فضيلته نصوصاً فقهية عديدة قال :
وجملة القول في هذا انه يجوز لكل من المتزوجين برضاء الآخر ان يتخذ من الوسائل ما يمنع وصول الماء الى الرحم منعاً للتوالد .. وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكرنا به .. هذا ما ظهر لنا والله سبحانه وتعالى أعلم .
ولم تكد تصدر هذه الفتوى حتى ذاع ذكرها في مصر ثم تجاوزها الى الأقطار الاوروبية والاميركية ، وكان لجريدة « المصري » الفضل الاول في اذاعتها ، ودهش العالم ان الاسلام دين سمح كريم بماشي تطور الزمن ويعالج المشاكل الاجتماعية برأي متنور سديد .
ولا أخفي اني كمسلم قد امتلأ صدري فخراً بهذه الفتوى وطبعاً افتخرت بها في المجامع الدولية التي تعالج فيها مشاكل السكان وتنظيم النسل .
ولدي فتوى أخرى من فضيلة الاستاذ المغفور له الشيخ حسن البنـا المرشد الأول للاخوان المسلمين . ولا تختلف في معناها الاجمالي عما تقدم سوى أنها تشير الى ان تحديد النسل كان يمارسه بعض الصحابة ويعـلم النبي ذلك فلا ينهى عنه .
وهكذا يكون تحديد النسل شيئاً قديماً في الاسلام قدم الاسلام نفسه وليس شيئاً ساقته لنا التيارات الغربية .
فاذا كان الاسلام واضحاً صريحاً الى هذا الحد فلماذا يخفيه عن الناس علماء هذا الزمان ؟ !
٠ ٠ ٠
رأي الشيخ احمد ابراهيم بك
استاذ الشريعة بجامعة القاهرة
ونثبت فيما يلي رأي المغفور له الشيخ احمد ابراهيم ( بك ) استاذ الشريعة الاسلامية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة ( فؤاد الأول سابقاً ) ، نشره الدكتور فائق الجوهري في جريدة « المصري ، ايضاً جاء فيه :
ورد بعض الاحاديث الصحيحة المتعددة عند جمهور فقهاء الشريعة الاسلامية أن الزوج إذا عزل عن زوجته ( أي أنزل خارجاً ) باذنها كان جائزاً اما إذا كان العزل بغير اذنها فانه لا يجوز عند الاكثر . وقال الإمـام الشافعي رضي الله عنه : انه يجوز سواء كان باذنها أو بغير اذنها . وهذا هو المعتمد في مذهبه ، وان كان بعض علماء الشافعية يفتي بعدم الجواز إلا إذا كان باذنها . وقال الغزالي في كتاب « احياء العلوم » ما نصه : من الأسباب الداعية إلى العزل ، الخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد ، والاحتراز من الحاجة إلى التعب في الكسب ودخول مداخل السوء وهذا غير منهي عنه وان كان الأفضل هو التوكل على الله » .
١ - منع الحمل مدة كافية بين ولادتين :
منع الحمل لا يعد محرماً شرعاً في هذه الحالة على رأي جماهير فقهاء الشريعة الاسلامية ، ولم يخالف ذلك إلا ابو محمد ، ابن حزم ، أحد علماء
أهل الظاهر ، وقد نصوا انـه يجوز منع الحمل إذا كانت المرأة ترضع ولدها وذلك خوفاً على الرضيع من الارضاع ، وكذلك خوفاً على صحة المرأة ، بل زادوا على ذلك جواز منع الحمل محافظة على جالها رسلامتها . ويؤخذ من هذا ان مدة المنع قد تستغرق مدة الارضاع التي تبلغ سنتين وقد تكون أقل ذلك .
٢ - الأمراض الوراثية الخطيرة وادمان السكر :
لا مانع شرعاً من منع الحمل ابتداء ، بكل الطرق الطبية المخصصة لذلك ، فإذا جرت عادة الله سبحانه وتعالى في بعض الأحوال ان المرأة إذا حملت يأتي المولود ضعيفـاً في بنيته أو سيئاً في نفسه أو في عقلـه واحلامه وكان هذا معلوماً بالاستقراء وبالعادة المستمرة ، فإن منع الحمل في هذه الحالة يكون واجباً وهو من باب سد الذرائع واتقـاء الشر قبل وقوعه ، وإذا كان الإمام الغزالي يقول ان العزل يجوز خوف كثرة الحرج فجوازه مع تحقيق الحرج على ما جرت به عادة الله في خلقه يكون بالأولى .
٣ - الأمراض التناسلية :
في هذه الحالة أيضاً يجب منع الحمل للاسباب المتقدمة لما جرت به عـادة الله من ان مثل هذه الأمراض تنتقل من الوالدين إلى المولدين بالوراثة .
٤ - ضعف الأولاد السابقين :
الذي يظهر لي في جواب هذه الحالة ان في المسألة تفصيلا ً وذلك لأني أعلم حادثة معينة بين زوجين جاء فيها الولد الأول منها مريضاً بأمراض ثقيلة وبقي كذلك إلى ان مات قبل ان يتم السنة . وقيل في ذلك الوقت - ان السبب هو ان دم والده لم يكن نظيفاً ، أي كان ملوثا بمرض من : الأمراض التناسلية ، لكن الأولاد الذين جاءوا بعده لم يظهر على أحدهم شيء من المرض بل ولدوا ولادة عادية وعاشوا عيشة عادية كغيرهم من الأولاد ، وعلى ذلك يجوز أن تكون الأسباب التي من أجلها جاء الولد الأول مريضا قد زالت بعد ولادته فلا داعي إذن لمنع الحمل خوفا على الذرية المستقبلة ، ويجوز أيضاً أن تكون الأسباب باقية لم تزل ويعلم ذلك من مشاهدة الولادة الثانية ، فإذا كان الأمر كذلك وجب منع الحمل لما يغلب على الظن من أن الولادات المستقبلة ستكون كذلك ، فلمنع الضرر الواجب شرعاً ينبغي منع الحمل .
٥ - حرمان الطفل السابق من غذائه الطبيعي أو اجاعة الام :
لما كان الضرر المذكور في هذه الحالة غير محقق قطعاً لكنه جائز فلا مانع إذن من منع الحمل اتقاء لهذا الضرر المظنون والشريعة تؤيد ذلك .
نثبت هنا ما أورده بعص المجتهدين والعلماء الدينيين في جواز اتخاذ الوسائل لتنظيم الحمل . فقد نشر الاستاذ محمد عوض الاستاذ بجامعـة « القاهرة » ( فؤاد الاول سابقا ) مقالاً في جريدة المصري بتاريخ ١ - ٦ - ١٩٥٣ ورد فيه : ان الاسلام قد عرف تحديد النسل قبـل ان تعرفه اوروبا بمئات السنين .
وقد سبق لفضيلة الاستاذ محمود شلتوت أن نبهني وبعض اصدقائي الى ما جاء في هذا الموضوع في كتاب احياء علوم الدين للغزالي .
إذ يقول العالم المسلم الكبير في باب ( العزل ) : انه مباح سواء أقصد به الاقلال من النسل او المحافظة على جمال المرأة .
وفي سنة 1936 ، أردت ، أنا وبعض الزملاء انشاء جمعية مصرية لتنظيم النسل ، ورأينا قبل انشائها ان نستطلع رأي رجال الدين ، فوجهنا إلى مفتي الديار المصرية حينذاك الشيخ عبد المجيد سليم السؤال الآتي : ما قول فضيلتكم فيما يأتي :
رجل متزوج ورزق بولد واحد ، ويخشى ان هو رزق اولاداً كثيرين أن يقع في حرج من عدم قدرته على تربية الاولاد والعنايـة بهم و أن تسوء صحته بضعف اعصابه عن تحمل واجباتهم ومتاعبهم تسوء صحة زوجه لكثرة ما تحمل وتضع دون ان يمضي بين الحمل والحمل فترة تستريح فيها ، وتسترد قوتها .
فهل له ـ أو لزوجته ـ ان يتخذ بعض الوسائل التي يشير بها الاطباء ليتجنب كثرة النسل بحيث تطول الفترة بين الحمل والحمل ، فتستريح الام ولا يرهق الوالد ؟
فرد فضيلته بما يلي :
رأي شيخ الازهر
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ،
اطلعنا على هذا السؤال ، ونفيد بأن الذي يؤخذ من نصوص فقهاء الحنفية انه يجوز ان تتخذ بعض الوسائل لمنع الحمل على الوجه المبين في السؤال كإنزال الماء خارج رحم المرأة ، أو وضع المرأة شيئاً يسد فم رحمها ليمنع وصول ماء الرجل اليه .. وأصل المذهب انه لا يجوز ذلك للرجل ذلك إلا باذن زوجته ولا للمرأة إلا باذن زوجها ، ولكن المتأخرين أجازوه بدون اذنها .
وبعد ان أورد فضيلته نصوصاً فقهية عديدة قال :
وجملة القول في هذا انه يجوز لكل من المتزوجين برضاء الآخر ان يتخذ من الوسائل ما يمنع وصول الماء الى الرحم منعاً للتوالد .. وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكرنا به .. هذا ما ظهر لنا والله سبحانه وتعالى أعلم .
ولم تكد تصدر هذه الفتوى حتى ذاع ذكرها في مصر ثم تجاوزها الى الأقطار الاوروبية والاميركية ، وكان لجريدة « المصري » الفضل الاول في اذاعتها ، ودهش العالم ان الاسلام دين سمح كريم بماشي تطور الزمن ويعالج المشاكل الاجتماعية برأي متنور سديد .
ولا أخفي اني كمسلم قد امتلأ صدري فخراً بهذه الفتوى وطبعاً افتخرت بها في المجامع الدولية التي تعالج فيها مشاكل السكان وتنظيم النسل .
ولدي فتوى أخرى من فضيلة الاستاذ المغفور له الشيخ حسن البنـا المرشد الأول للاخوان المسلمين . ولا تختلف في معناها الاجمالي عما تقدم سوى أنها تشير الى ان تحديد النسل كان يمارسه بعض الصحابة ويعـلم النبي ذلك فلا ينهى عنه .
وهكذا يكون تحديد النسل شيئاً قديماً في الاسلام قدم الاسلام نفسه وليس شيئاً ساقته لنا التيارات الغربية .
فاذا كان الاسلام واضحاً صريحاً الى هذا الحد فلماذا يخفيه عن الناس علماء هذا الزمان ؟ !
٠ ٠ ٠
رأي الشيخ احمد ابراهيم بك
استاذ الشريعة بجامعة القاهرة
ونثبت فيما يلي رأي المغفور له الشيخ احمد ابراهيم ( بك ) استاذ الشريعة الاسلامية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة ( فؤاد الأول سابقاً ) ، نشره الدكتور فائق الجوهري في جريدة « المصري ، ايضاً جاء فيه :
ورد بعض الاحاديث الصحيحة المتعددة عند جمهور فقهاء الشريعة الاسلامية أن الزوج إذا عزل عن زوجته ( أي أنزل خارجاً ) باذنها كان جائزاً اما إذا كان العزل بغير اذنها فانه لا يجوز عند الاكثر . وقال الإمـام الشافعي رضي الله عنه : انه يجوز سواء كان باذنها أو بغير اذنها . وهذا هو المعتمد في مذهبه ، وان كان بعض علماء الشافعية يفتي بعدم الجواز إلا إذا كان باذنها . وقال الغزالي في كتاب « احياء العلوم » ما نصه : من الأسباب الداعية إلى العزل ، الخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد ، والاحتراز من الحاجة إلى التعب في الكسب ودخول مداخل السوء وهذا غير منهي عنه وان كان الأفضل هو التوكل على الله » .
١ - منع الحمل مدة كافية بين ولادتين :
منع الحمل لا يعد محرماً شرعاً في هذه الحالة على رأي جماهير فقهاء الشريعة الاسلامية ، ولم يخالف ذلك إلا ابو محمد ، ابن حزم ، أحد علماء
أهل الظاهر ، وقد نصوا انـه يجوز منع الحمل إذا كانت المرأة ترضع ولدها وذلك خوفاً على الرضيع من الارضاع ، وكذلك خوفاً على صحة المرأة ، بل زادوا على ذلك جواز منع الحمل محافظة على جالها رسلامتها . ويؤخذ من هذا ان مدة المنع قد تستغرق مدة الارضاع التي تبلغ سنتين وقد تكون أقل ذلك .
٢ - الأمراض الوراثية الخطيرة وادمان السكر :
لا مانع شرعاً من منع الحمل ابتداء ، بكل الطرق الطبية المخصصة لذلك ، فإذا جرت عادة الله سبحانه وتعالى في بعض الأحوال ان المرأة إذا حملت يأتي المولود ضعيفـاً في بنيته أو سيئاً في نفسه أو في عقلـه واحلامه وكان هذا معلوماً بالاستقراء وبالعادة المستمرة ، فإن منع الحمل في هذه الحالة يكون واجباً وهو من باب سد الذرائع واتقـاء الشر قبل وقوعه ، وإذا كان الإمام الغزالي يقول ان العزل يجوز خوف كثرة الحرج فجوازه مع تحقيق الحرج على ما جرت به عادة الله في خلقه يكون بالأولى .
٣ - الأمراض التناسلية :
في هذه الحالة أيضاً يجب منع الحمل للاسباب المتقدمة لما جرت به عـادة الله من ان مثل هذه الأمراض تنتقل من الوالدين إلى المولدين بالوراثة .
٤ - ضعف الأولاد السابقين :
الذي يظهر لي في جواب هذه الحالة ان في المسألة تفصيلا ً وذلك لأني أعلم حادثة معينة بين زوجين جاء فيها الولد الأول منها مريضاً بأمراض ثقيلة وبقي كذلك إلى ان مات قبل ان يتم السنة . وقيل في ذلك الوقت - ان السبب هو ان دم والده لم يكن نظيفاً ، أي كان ملوثا بمرض من : الأمراض التناسلية ، لكن الأولاد الذين جاءوا بعده لم يظهر على أحدهم شيء من المرض بل ولدوا ولادة عادية وعاشوا عيشة عادية كغيرهم من الأولاد ، وعلى ذلك يجوز أن تكون الأسباب التي من أجلها جاء الولد الأول مريضا قد زالت بعد ولادته فلا داعي إذن لمنع الحمل خوفا على الذرية المستقبلة ، ويجوز أيضاً أن تكون الأسباب باقية لم تزل ويعلم ذلك من مشاهدة الولادة الثانية ، فإذا كان الأمر كذلك وجب منع الحمل لما يغلب على الظن من أن الولادات المستقبلة ستكون كذلك ، فلمنع الضرر الواجب شرعاً ينبغي منع الحمل .
٥ - حرمان الطفل السابق من غذائه الطبيعي أو اجاعة الام :
لما كان الضرر المذكور في هذه الحالة غير محقق قطعاً لكنه جائز فلا مانع إذن من منع الحمل اتقاء لهذا الضرر المظنون والشريعة تؤيد ذلك .
تعليق