الأجناس الغازية قاتل صامت للتنوع البيولوجي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأجناس الغازية قاتل صامت للتنوع البيولوجي

    الأجناس الغازية قاتل صامت للتنوع البيولوجي


    الأنواع الغازية تشكّل تهديدا خطرا للتنوع البيولوجيو تؤدي دورا رئيسيا في 60 في المئة من حالات انقراض الأجناس.
    الثلاثاء 2023/09/05
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    التهديدات المرتبطة بالغزوات البيولوجية تتقدم بمعدل غير مسبوق

    باريس - أظهر تقرير غير مسبوق لخبراء من عشرات الدول أن أجناسا غريبة غازية أدخلها البشر تنتشر بسرعة متزايدة في جميع أنحاء العالم، ما يتسبب في أضرار جسيمة أثبتت البشرية حتى الآن عجزها نسبيا عن مجابهتها.

    فمن الدبور الآسيوي إلى جراد البحر الأميركي، مرورا بعشبة الرجيد، والأعشاب العقدية اليابانية، والسناجب وحيوانات الراكون… تتكاثر الأنواع الغازية بفعل تسارع وتيرة العولمة أو تغير المناخ، مدمّرة المحاصيل والغابات، وناشرة الأمراض التي تهدد نوعية الحياة على الأرض.

    ولتقويم ومواجهة “حالة الطوارئ الفورية” هذه، نشر خبراء المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات المعني بالتنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، تقريرا غير مسبوق الاثنين، جمّعوا فيه خلاصات أكثر من 13 ألف دراسة أجراها 86 خبيرا دوليا من 49 دولة.

    هناك 37 ألف نوع غريب (أدخلها البشر إلى منطقة ما) في العالم. وأقل من 10 في المئة منها (3515) تُعتبر غازية، وهذا يعني أنّ هناك “دليلا” على “الآثار السلبية، وفي بعض الحالات التي لا يمكن عكسها”، التي تسببها، بحسب هذه اللجنة التي تُقدّم المشورة لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي.

    الأنواع الغازية تؤثر على سبل العيش والأمن الغذائي والحصول على المياه والاقتصاد والصحة

    ومن بين هذه الأجناس المعادية، 6 في المئة هي من النباتات، و22 في المئة من اللا فقاريات، و14 في المئة فقاريات، و11 في المئة ميكروبات.

    وتشكّل الأنواع الغازية تهديدا خطرا للتنوع البيولوجي، فهي تؤدي “دورا رئيسيا” في 60 في المئة من حالات انقراض الأجناس، حتى إنها السبب الوحيد في 16 في المئة من هذه الحالات.

    وتتمثل تأثيراتها الرئيسية في تعطيل النظم البيئية (27 في المئة)، والدخول في منافسة مع الأنواع المحلية (24 في المئة) أو الافتراس (18 في المئة)، بحسب المنبر الحكومي الدولي الذي يحذّر من “التأثيرات المتتالية”.

    وفي مثال ذي رمزية كبيرة في هذا المجال، فإن الحريق الفتاك الذي شهدته أخيرا ماوي بجزيرة هاواي الأميركية كان مدفوعا جزئيا بالنباتات المستوردة لإطعام الماشية، والتي انتشرت في مزارع السكر المهجورة.

    ويؤكد التقرير أن الأنواع الغازية لها أيضا تأثير سلبي على البشر، إذ تؤثر على “سبل العيش والأمن الغذائي والحصول على المياه والاقتصاد والصحة”.

    ويطول تعداد الأضرار في هذا السياق، ومن بينها الغابات الأميركية التي دمرتها ديدان آسيوية قافزة، والأعشاب البحرية التي تأكلها أسماك الأرانب بشراهة في تركيا، والدائرة المفرغة المرتبطة بإدخال سمك الفرخ النيلي إلى بحيرة فيكتوريا وفق ما يظهر في الفيلم الوثائقي “داروينز نايتمير” أي “كابوس داروين”، وأمثلة أخرى كثيرة.


    في عام 2019، قُدّرت التكلفة الإجمالية لهذه الأضرار بنحو 423 مليار دولار، أي ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي للدنمارك أو تايلاند. هذا المبلغ “ربما تمت الاستهانة به إلى حد كبير”، وتضاعف أربع مرات كل عقد منذ عام 1970.

    تُوصف هذه الأجناس الغازية بـ”القاتل الصامت”، من بينها “باتراكوكيتريوم ديندروباتيديس”، وهو فطر مجهري يكسر جلد البرمائيات، أو بـ”السرطان الأخضر” مثل “ميكونيا كالفيسنس”، وهي شجرة مكسيكية تهدد الغابات التاهيتية، أو بـ”آفة”” تحمل أمراضا مثل البعوض النمر. وهي تنتج من الإدخال الطوعي، ولكن أيضا من حوادث بسيطة.

    فالبحر المتوسط مليء بالأسماك والنباتات غير المحلّية، مثل أسماك الأسد أو ما يسمى بالطحالب “القاتلة”، التي نُقلت خلسة في عنابر سفن الشحن من البحر الأحمر عبر قناة السويس.

    وتعد أوروبا والأميركيتان وآسيا الوسطى موطنا لأكبر تجمعات لهذه الآفات. والجزر والشعوب الأصلية التي تعتمد بشكل كبير على الطبيعة معرضة للخطر بشكل خاص.

    وقالت هيلين روي، وهي واحدة من المعدين الثلاثة للتقرير، إن “التهديدات المرتبطة بالغزوات البيولوجية تتقدم بمعدل غير مسبوق” في جميع أنحاء العالم، ومن المؤكد أن الأمور ستزداد سوءا بوتيرة أكبر. وإذا لم يُبذل أي جهد لوقف هذا المسار، تشير تقديرات المنبر إلى أن عدد هذه الأجناس الغازية سيرتفع بنسبة 36 في المئة في عام 2050 مقارنة بعام 2005.

    فهل نحن أمام معركة خاسرة مسبقا؟


    ليس بالضرورة، إذ “إنّ إدارة الغزوات البيولوجية أمر واقعي وقابل للتحقيق، مع فوائد كبيرة للطبيعة والناس”، بحسب تقديرات المنبر الذي يدرج ثلاثة خطوط دفاع: الوقاية، والاستئصال، والاحتواء، فيما الخيار الأول يبقى “الأكثر ربحية”.

    لكن لا يزال يتعين بذل جهود لبلوغ هذا الهدف. وفي الوقت الحالي، يعتمد 17 في المئة فقط من البلدان إستراتيجيات وطنية لمعالجة المشكلة بشكل مباشر، وما يقرب من النصف (45 في المئة) لا يفعل شيئا حيال ذلك.

    ويؤكد أنيبال بوشار، المدير المشارك للتقرير، أن “تكلفة التقاعس عن العمل باهظة حقا”. وتقول هيلين روي من ناحيتها “البشر هم في قلب المشكلة، لكنهم أيضا في قلب الحل”.

    وتحدد اتفاقية كونمينغ – مونتريال، التي اعتمدها المجتمع الدولي في نهاية عام 2022، هدف خفض معدل إدخال الأنواع الغريبة الغازية بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2030.

    ووفقا لآن لاريغودري، الأمينة التنفيذية للمنبر، فإن هذا الالتزام “ضروري، ولكنه طموح للغاية أيضا”. ويقدّم التقرير “الأدلة والأدوات والخيارات اللازمة” لجعله “أكثر قابلية للتنفيذ”.
يعمل...
X