وادي مكموردو الجاف في أنتارتيكا (القارة الجنوبية، القارة المتجمدة الجنوبية) هو واحد من أشدّ صحاري العالم قسوةً وأكثرهم غرابةً، حيث يحتوي على صف من الوديان عديمة الثلج وأطول نهر في القارة بأسرها وهو نهر الأونيكس Onyx الذي هو أيضاً موطنٌ لشلال بارتفاع خمسة طوابق والذي يفيض بمياه حمراء كالدم على إحدى جوانب نهر جليدي ضخم.
لكي نكتشف السبب وراء صبغة الشلال الغريبة سينبغي أن نتعقّب تاريخه حتى خمسة ملايين سنة مضت حين ارتفعت مستويات البحر وأغرقت شرق أنتارتيكا وفي نفس الوقت تَشكّلت بحيرةً مالحةً.
عبر ملايين السنين استقر الجليد على البحيرة المالحة وكوّنَ أنهارٍ جليديةٍ ضخمةٍ، الأمر الذي قطع الصلة بين البحيرة وبقية القارة وأبقاها على عمق 400 متر.
مع الوقت أصبحت البحيرة القابعة تحت الجليد أكثر ملوحة -أكثر في الملوحة من مياة البحار بثلاثة أضعاف- مما يعني أنه كان من المستحيل أن تتجمد.
كونها منفصلة عن البيئة المجاورة تمامًا، لم تتعرض المياة المالحة التي تُغذّي شلالات أنتارتيكا الدموية لضوء الشمس منذ ملايين السنين وهي خالية تمامًا من الأكسجين.
“هي أيضًا غنيّة بالحديد الذي تم ضخّه في المياه بواسطة كشط الأنهار الجليدية للقاع الصخري أسفل البحيرة”، صَرّحت ناتاشا جيلنج Natasha Geiling من مجلة سميتسونيان Smithsonian Magazine.
“عندما تتسرب مياه البحيرة الموجودة تحت الجليد من خلالِ شقٍ في النهر الجليدي تندفع المياه المالحة إلى أسفل نهر تيلور الجليدي إلى بحيرة بوني في الأسفل، وعندما تتعرض المياه الغنية بالحديد للهواء فهي تصدأ تاركةً بذلك بقع حمراء كالدم في الجليد وهو يهبط.”
ليست المياه دموية الحمرة وعالية الملوحة، شحيحة الأكسجين فقط وغير متعرضة للضوء تمامًا، فيصادف أيضًا أنها موطن لحيوانات برية شديدة الغرابة.
عندما كانت البحيرة تَتَشكّل منذ ملايين السنين دخلت ميكروبات صغيرة إليها ووجدت أنفسها محبوسة حين ازدادت كثافة الأنهار الجليدية واستقرت بالأعلى.
ازدهرت الميكروبات في البحيرة مُذّاك الحين مستمدة الطاقة المُحتاجة من تفكيك الكبريتات -والتي هي مواد موجودة بصورة طبيعية وتحتوي على الكبريت والأكسجين.
“بعد كل هذا، يحدث شيءٌ سحريٌ في غرابتهِ للمنتجات الثانوية”، صرحت جيلنج من مجلة سميتسونيان، “يتفاعل الحديد المتواجد في المياه مع المنتجات لاسترجاع الكبريتات، بإعادة تصنيع الكبريتات بصورة أساسية للميكروبات لكي تفككها إلى أكسجين مراراً وتكراراً.”