ربما سمعت مؤخراً بهبوط أسعار النفط عالمياً بنسبة تقارب أكثر من 40% منذ الصيف الماضي و قد تكون قد سمعت أيضاً بعض المحللين الإقتصاديين يعزون انخفاض أسعار النفط إلى عدة أسباب من بينها تزايد إنتاج “النفط الصخري” فما هو هذا النفط الصخري؟؟
النفط الصخري هو نفط موجود بشكلٍ صلبٍ ضمن الصخور ، فقبل مئة مليون عام قسّمت مساحة شاسعة من البحر القارة الأميركية الشمالية إلى قسمين غربي و شرقي ، , و مع الزمن انحسر هذا البحر مخلفاً وراءه مساحات مائية داخلية و سهول عشبية خصبة ، الأحياء التي عاشت في العصر الثالث (قبل 66 – 2,5 مليون سنة مضت) في هذه المنطقة تحوّلت إلى أحافير و تعرضها إلى درجات حرارة عالية و ضغط جذبوي كبير حولها إلى نفط ، و لكن تلك الظروف البيئية التي خلقت النفط السائل في باقي مناطق العالم لم تكن نفسها في هذه المنطقة ما أدى لتشكل النفط الصخري الصلب ، النفط الصخري الصلب يمرّ بنفس مراحل تكوّن النفط السائل ما عدا المرحلة الأخيرة التي تحول النفط إلى سائل في باقي مناطق العالم و هي المرحلة التي أخذت شركات الطاقة على عاتقها الآن القيام بها.
استخراج النفط الصخري
صخرة نفطية
إن عملية استخراج النفط الخام من باطن الأرض أسهل كثيراً إذا ما تمت مقارنتها باستخلاص النفط الصخري..
فتحت الأرض يسبب الضغط الناتج عن الغاز في الفجوات التي يتواجد بها النفط يدفع النفط الخام إلى سطح الأرض،و بعد أن يقل ضغط تلك الغازات تبدأ المرحلتين الثانية و الثالثة الاكثر صعوبةً في التنقيب عن النفط حيث تتم أحياناً إضافة الماء من أجل إرخاء النفط المضغوط و الغازات من أجل زيادة الضغط في الفجوات.
و في الكثير من الحالات يتم ترك النفط المتبقي من أجل عمليات التنقيب المستقبلية التي ستتم بواسطة معدات أكثر تطوراً.
إن طريقة استخراج النفط من الصخور هي أصعب عمليات الاستخلاص على الإطلاق،فيجب عندها استخدام أدوات خاصة لاستخراج الصخور النفطية من تحت سطح الأرض أو من سطح الأرض نفسه.
بعد الإنتهاء من الحفريات تمر الصخور النفطية بمرحلة التقطير حيث يتم تعريض الصخور المحفورة إلى “الانحلال الحراري” و تتضمن هذه العملية تعريض الصخور إلى درجة حرارة عالية جداً ما بين 650 إلى 700 فهرنهايت بانعدام الأوكسجين مع وجود إحدى المواد لتكوين تغير كيميائي.
بعد ذلك يسيل الـ kerogen و هو الوقود الأحفوري الموجود في الصخور النفطية و ينفصل عن الصخور.
يمكن تكرير هذا الوقود الأحفوري إلى نفط خام اصطناعي.
عندما يتم استخلاص النفط من فوق سطح الأرض تسمى هذه العملية بالإستخلاص السطحي.
و تكمن المشكلة بأن هذه العملية تضيف خطوتين إضافيتين إلى طريقة الاستخراج التقليدية و التي تتضمن ضخ النفط مباشرة من الأرض،فبالإضافة إلى عملية الاستخراج هنالك عمليات التقطير و التكرير لتحويل الكيروجين إلى نفط خام اصطناعي.
كما أن عملية استخراج النفط الصخري يضعنا أمام أزمة أخلاقية بيئية حيث يلزم برميلين من المياه من أجل تكوين برميل واحد من النفط الخام السائل، و بدون استخدام تكنولوجيا متطورة لمعالجة المياه فأن المياه المستخدمة في العملية ستزيد نسبة الملوحة في المياه المحيطة مسمّمة بذلك المناطق المجاورة.إما بالنسبة للصخور فإن 1.2 أو 1.5 طن منها تكوّن برميلاً واحداً من النفط فقط!
قامت شركة نفط Royal Dutch Shell بالعثور على حل لمشكلة تكرير النفط الخام و أطلقت عليه اسم ICP و فيها يتم ترك الصخور كما هي و لا يتم التنقيب عنها في الموقع،بدلاً من ذلك يتم حفر صخور النفط الخام و هي في الأرض و يتم إنزال مُسخنات إلى باطن الأرض و هذا يؤدي إلى تسخين النفط الخام و تسرب الكيروجين خارج الصخور في غضون سنة أو سنتين ثم يُضخ النفط إلى سطح الأرض مباشرة مما يقلل تكاليف العملية لعدم الحاجة إلى استخراج الصخور النفطية أو إلى ناقلات خاصة للتخلص منها.
و شمل تصميم شركة شيل جدار تجميد freeze wall و هو حاجز يحيط موقع عمل تنقيب النفط الخام حيث يتم فيها ضخ السوائل المبردة إلى الأرض من Hجل تجميد المياه الجوفية لمنع دخولها لموقع العمل و لمنع المواد الثانوية من التسرب مع النفط.
و بسبب العقبات الاقتصادية فليس بالإمكان إنتاج النفط الخام بكميات كبيرة و تجارية حتّى الآن و لأن استخراج النفط بهذه الطريقة أكثر ضررا للبيئة من الطرق التقليدية،و لكن مع تزايدد الطلب على النفط الخام و مع تصاعد أسعار البترول فإن النفط الخام و خاصة المنتج من شركة شيل أصبح مرغوباً.
و الجدير بالذكر أنّ أميركا تملك احتياطياً من النفط الصخري في Green River Formation يقدر بـ 1,5 – 1,8 ترليون برميل و هو ما يساوي احتياطي السعودية من النفط ثلاثة مرات ، و إذا ما درج استثمار النفط الصخري تجارياً ستصبح الولايات المتحدة أكبر احتياطي للنفط في العالم.