إن الإجابة على سؤال مثل هذا يتطلب بادئ ذي بدء التفكير في طبيعة البرامج التي يرغب الفضائيون في مشاهدتها، مفترضين واقع اختلاف لغتهم عن تلك التي نتحدث بها نحن، ونتابع بها برامجنا الخاصة بنا، وعليه، فإن أول ما يمكن التأكيد عليه في هذه الحالة، أن الفضائيين لن يرغبوا بالمحصلة مشاهدة برامج ذات عناصر حوارية، أو برامج مثل “The West Wing” أو برامج واقعية؛ لفقدانها الإثارة التي تناسب طبيعتهم الفضائية، واختلاف اتجاهاتهم عنا نحن المخلوقات البشرية، ومن ثم فإنه على الأرجح أن تكون المسلسلات الكوميدية ذات عنصر الهرج، أو عروض المصارعة الحرة ذات عنصر القوة، من أكثر المواضيع الجذابة بالنسبة لهم.
بعد كل هذه الافتراضات التي تم تقديمها كأرضية صلبة يتم عليها بناء أجوبة علمية مقنعة، يتم عرض سؤال آخر، وهو: هل يا ترى يستطيع الفضائيون في الكواكب البعيدة أو المجرات النائية التقاط إشارات البث التلفزيوني مما يُمكِّنهم بالمحصلة قرصنة البرامج التلفزيونية المدفوع ثمنها، نحو: (صراع العروش) وغيرها، والتي تعرض عبر شبكات التلفزة الأمريكية HBO؟
تبدأ الإجابة عن مثل موضوع كهذا، بتحديد بعض المفاهيم التي تتعلق بإشارات الراديو والتلفزيون، وأول ما يمكن قوله في هذا الصدد، هو: إن العديد من إشارات الراديو والتلفزيون التي نرسلها لا تعبر طبقة الأيونوسفير من الغلاف الجوي للأرض، فإشارات الراديو ذات التردد القصير وما يشابهها، لا تملك القوة الكافية لاختراق الغلاف الجوي العلوي، عل عكس إشارات الراديو ذات ترددالــ FM، وإشارات التلفزيون، فتلك لديها القدرة على اختراق الغلاف الجوي للأرض والسفر في الفضاء بسرعة لا تقل عن سرعة الضوء؛ ولذلك تبدو هذه الإشارات واعدة كطريقة لكسر الجليد بيننا وبين الفضائيين، وبهذا الطريقة يقوم احتمال متابعتهم معناالمسلسل الأمريكي “The Sopranos”.
مع كل محاولات الإجابة السابقة، يبقى الأمر بخصوص تشابه الفضائيين معنا في متابعة البرامج التلفزيونية رهن التفكير، فلا يمكن أن يتخيل بسهولة أن الفضائيين يعيشون حياة تشبه حياتنا، ويجلسون مثلنا أمام شاشة التلفاز بعلبة من الفشار لمتابعة مسلسل ما، مثل: “Friends”، لماذا؟؛ لأنه:
أولًا: إن إشارات التلفزيون الصادرة من الأرض تنتشر في الفضاء في مختلف الاتجاهات، ومن ثم فإنها لن تكون ضمن حزمة إشارات مركزة.
مما يفقدها هذا الانتشار قوتها في الفضاء، وتصبح أضعف بمليارات المرات منها على وجه الأرض وهذا ما يوجب أن يكون لدى الفضائيين تكنولوجيا حساسة جدًا للالتقاط هذه الإشارات.
- المصدر: مجلة بي بي سي.
ثانيًا: إذا ما تم افتراض قدرة الفضائيون على التقاط الإشارات الصادرة من وجه الأرض، فإنه في هذه الحالة يتوجب عليهم التعامل مع مشكلة التشويش التي يسببها إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، وهو إشعاع يشوش على إشارات التلفزيون التي تم التقاطها من قبلهم.
مع هذا كله، لاتزال المحاولات قائمة في البحث عن طبيعة حياة الكائن الفضائي، وهل يتابع بوصفه كائنا يدور في فلك الكون، ما نتابعه نحن المخلوقات البشرية أم لا؟، لقد أقامت ناسا عام 2008 م احتفالًا بمرور خمسون عامًا على إنشائها، وكان ذلك بإرسال أغنية فرقة البيتلز “عبر الكون” نحو نجم القطب (بولاريس – Polaris)، والذي يبعد عن الأرض مسافة 430 سنة ضوئية، وللالتقاط هذه الإشارات، يحتاج الفضائيون إلى هوائي يبلغ عرضه 7 أقدام، أي: (2.1متر)، ويحتاجون إلى هوائي يبلغ عرضه 500 ميل، أي: (805 كيلومتر) لترجمة هذه الإشارات إلى أغنية.
وفي النهاية، إن إمكانية استقبال الكائنات الفضائية لموجات الإشارة التي ترسلها شاشات التلفزة من سطح الأرض تبدو ضعيفة؛ لأن هذا يتطلب منهم البحث عن تكنولوجيا مناسبة، وامتلاك قدرة خاصة على فهم هذه الإشارات، وهو أمر بعيد الوقوع، ولو تم افتراضه حتى.
يجب أن يمتلك الفضائيون تكنولوجيا حساسة جدًا لالتقاط إشارات راديو FM وإشارات التلفزيون.
ويبقى الشك قائمًا بخصوص وجود من يضبط أجهزته للاستماع إلينا، فالكون مكان واسع، وانتفاء ذلك الوجود، أمر يصعب تصديقه.