يشابه الضباب العضوي في الغلاف الجوي الخاص بقمر زحل « تيتان»، الضباب الذي كان موجودًا في الغلاف الجوّي البدائي للأرض – ذلك الضباب الذي ساعد على مدّ كوكبنا بالحياة – وفقا لدراسة أعدها معهد علم الأحياء الفلكية في ناسا التي صدرت في 6 من تشرين الثاني عام 2006.
أقام العلماء الباحثون محاكاة لكلّ من الظروف الجوية البدائيّة للأرض وتلك الخاصة بتيتان الحالية.
يمكن إيجاد دراستهم «الضباب العضوي في قمر تيتان وفي الأرض بمرحلتها البدائيّة» والتي تصف بحث العلماء، في أعمال الأكاديمية الوطنية للعلوم، والكاتبة الرّئيسيّة لهذه الدراسة هي ميليسا ترينر، باحثة ما بعد الدكتوراه في معهد ناسا لعلوم الأحياء الفلكيّة في جامعة كولورادو في بولدر.
وقال كارل بيلشر، مدير معهد ناسا لعلوم الأحياء الفلكية في مركز أبحاث أميس التابع لوكالة ناسا في موفيت فيلد في كاليف: “إنّه لمن المثير أن نرى أنّ التجارب التي أجريت على الغلاف الجوّي البدائي قد أظهرت الكثير من المواد العضوية. ومن الممكن أن يكون هذا الضباب العضوي الذي أنتج على الأرض في مرحلتها البدائية قد أسهم في تكوين الحياة ودعمها”.
ووفقًا لباحثي هذه الدراسة، فقد ساعدت تجاربهم العلماء على تفسير ما تم رصده بشأن الغلاف الجوي لتيتان في مهمة كاسيني التابعة لوكالة ناسا.
كما وبيَنت هذه التجارب كيف كان من الممكن إنتاج مصدر رئيس للمواد العضوية على الأرض قبل مليارات السنين.
وقد أفاد الباحثون أن الهباء الجوي (Arosol) الذي تم إنتاجه في المختبر يمثل نظير لذلك الضباب الذي تمّ ملاحظته في الغلاف الجوي لتيتان.
كما وقدّر العلماء أن إنتاج الهباء الجوي على الأرض في مراحلها البدائية كان من الممكن أن يكون هو المصدر الأوّلي للمواد العضويّة للسطح.
يقول كريس ماكاي، عالم في مركز أبحاث أميس التابع لوكالة ناسا وأحد الكتّاب المشاركين في الدراسة: “تبيّن هذه الورقة إحدى الطرق التي يمكن أن تساعدنا بها دراسة عوالم أخرى في فهم الأرض ودراستها”.
ويضيف: “تمتلك تيتان طبقة سميكة من الضباب العضوي، وقد بدأ هذا العمل بهدف فهم كيمياء الضباب العضوي الفضائي، ثمّ أدركنا لاحقًا إمكانية تطبيق النهج ذاته على الضباب العضوي البدائيّ للأرض”.
وقال ماكاي: “نأمل أن نكتشف كيف تم إنتاج المواد العضوية وطبيعتها الكيميائيّة”.
وقد أفاد العلماء أنه عندما يسقط ضوء الشمس على غلافًا جوّيًّا مكونًا من الميثان والنيتروجين، كاللذي في تيتان حاليًا، تتشكّل جسيمات الهباء الجوي، وإذا احتوى الغلاف الجوّي على ثاني أكسيد الكربون، كاللذي كان في الغلاف الجوي البدائي للأرض، تتشكل أنواع مختلفة من الهباء الجوي.
وقد استخدم العلماء مصابيح خاصّة تولّد أشعّة ما فوق بنفسجيّة لإنتاج جسيمات في بيئة تحاكي الغلاف الجوّي، وقد درسوا التركيب الكيميائي لهذه الجسيمات وحجمها وشكلها.
ويقول تراينر: “تشبه هذه الجسيمات إلى حدٍّ ما الضباب الدّخاني الموجود في لوس أنجلوس”.
وأضاف: “إنّ الضباب الموجود اليوم على الأرض هو أيضًا نتيجة تفاعل فوتوكيميائي، أي أنّ أشعة الشمس توفر ما يكفي من الطاقة لحدوث التفاعلات الكيميائية في الغلاف الجوي. وقد احتوى الغلاف الجوّي البدائي للأرض على أنواع مختلفة من الغازات الموجودة حاليّاً، لذلك فإنّ التركيب الكيميائي للضباب البدائي مختلف للغاية عن ذاك الموجود في يومنا هذا، وقد كان من الممكن أن يكون هناك أكثر من ذلك بكثير .”